منذ سبعة أشهر أو يزيد وزامبيا تحاول الوقوف على كل الأضرار والاستجابة اللازمة لتسرب النفايات السامة في منجم تؤول ملكيته لشركة صينية، فتسبب في واحدة من أسوأ الكوارث البيئية في تاريخها.
ومنذ ذلك الحين ومنجم النحاس التابع لشركة «سينو ميتالز ليتش» يحاول التهوين من تلك الكارثة، فأثار غضباً عارماً، بل وأثار مؤخراً رداً حكومياً حازماً. وتؤول ملكية هذا المنجم إلى «المجموعة الصينية لصناعة المعادن اللافلزية» الذي تديره الدولة.
ففي 18 شباط/فبراير، تسرب 50 مليون لتر من نفايات التعدين السامة في نهر موامباشي، على مشارف مدينة تشامبيشي التعدينية، عندما انهار ساتر ترابي غير مطابق للمواصفات لخزان نفايات «سينو ميتالز». وأبلغ المسؤولون عن علامات تلوث على مسافة تتجاوز 100 كيلومتر على نهر كافوي، أهم مجرى مائي في البلاد.
زارت السيدة موتالي نالومانغو، نائب رئيس زامبيا، المنجم والتقت بمسؤولي «سينو ميتالز» يوم 10 أيلول/سبتمبر. وأقرت باستلام مبلغ 580,000 دولار أمريكي وتخصيصه لتعويض الضحايا، لكنها صرَّحت بأن هذا المبلغ ”قد لا يكفي.“
وقالت في بيان على مواقع التواصل الاجتماعي: ”هذه خطوة في المسار الصحيح، ولكن يجب أن يستند التعويض إلى تقييم شامل ومستقل.“

وفي نيسان/أبريل، استعانت «سينو ميتالز» بشركة «دريزيت إنفايرومنتال» الجنوب إفريقية لمكافحة التلوث لتقييم الأضرار. وعندما أبلغت «دريزيت» كلاً من الحكومة الزامبية و«سينو ميتالز» بنتائجها في حزيران/يونيو، طردتها «سينو ميتالز» قبل تاريخ تقديم تقريرها النهائي بيوم واحد.
وقالت الشركة في بيانٍ صادرٍ عنها يوم 29 آب/أغسطس:”في حين أن «سينو ميتالز» أخبرتنا في البداية بتسرب 50,000 طن فقط من النفايات، فقد أشارت أعمال «دريزيت» الميدانية إلى تسرب أكثر من 1.5 مليون طن، وفي البيئة ما يقرب من 900,000 متر مكعب من المخلفات السامة. وتبيَّن أن هذه المواد تحتوي على مستويات خطيرة من السيانيد والزرنيخ والنحاس والزنك والرصاص والكروم والكادميوم وملوثات أخرى تُشكل مخاطر صحية كبيرة وطويلة الأمد، مثل تلف الأعضاء والعيوب الخلقية والسرطان.“
وأفادت مؤسستان تُمثلان الضحايا بأنهما تسعيان إلى الحصول على تسوية مُشتركة بقيمة 420 مليون دولار في صورة تعويضات طارئة من «سينو ميتالز» ، ونحو 90 مليار دولار لعمليات التنظيف والترميم طويلة الأمد.
وفي تموز/يوليو، أمرت الحكومة الزامبية «سينو ميتالز» بتقديم تعويضات مؤقتة لـ 454 مزارعاً عن الأضرار التي لحقت بالماشية والأراضي والمحاصيل. وفي أواخر تموز/يوليو، بدأت «سينو ميتالز» بدفع مبالغ تتراوح من 17 دولاراً إلى 2,000 دولار لكل فرد، وهي مبالغ أقل بكثير من تكلفة الأضرار، حسبما ذكره عاملون في المجتمع المدني المحلي لمنظمة «إنسايد كلايمت نيوز».
واشترطت «سينو ميتالز» على الأهالي أن يوقعوا وثائق قانونية تُقر بأن المبلغ الذي استلموه يُعد ”تسوية كاملة ونهائية لجميع المطالبات المترتبة على أي ضرر أو إصابة أو إزعاج.“
واحتج على ذلك السيد ماليسا باتكاثي، المحامي التي يمثل 47 أسرة طالبت بمبلغ 220 مليون دولار عن تكاليف الانتقال والفحوصات الطبية المستقلة والعلاج، وقال لمنظمة «إنسايد كلايمت نيوز»: ”لم يكن معظمهم على دراية بما يترتب على ما وقَّعوا عليه.“
يعيش نحو 12 مليون زامبي، أي 60% من سكانها، في حوض نهر كافوي ويعتمدون عليه في الصيد والري والصناعة. ويوفر مياه الشرب لنحو 5 ملايين مواطن، منهم سكان العاصمة لوساكا.
وفي الأشهر الأخيرة، أصدرت سفارتان تحذيرات سفر بشأن تلوث المياه والهواء. وأكد تحليل لجودة المياه، نشرته سفارة فنلندا في تموز/يوليو، وجود 24 معدناً ثقيلاً في مجرى موامباشي ونهر كافوي.
وأظهرت التحليلات المستقلة التي أُجريت في ثلاثة مواقع، منها موقع على بُعد 100 كيلومتر تقريباً باتجاه مجرى نهر كافوي بالقرب من بلدة مبونغوي، تركيزات عالية وخطيرة من المعادن الثقيلة، تجاوز 16 منها معايير السلامة التي تنص عليها منظمة الصحة العالمية.
وقالت شركة «دريزيت»: ”ما لم تُزال المخلفات السامة المتبقية وتُحفظ بأمان في منشأة ذات تصميم هندسي محكم، ستظل المجتمعات الواقعة أسفل مجرى النهر معرضة للخطر عشرات السنين.“
وتحدثت نالومانغو بنبرة حازمة حينما التقت بمسؤولي «سينو ميتالز» ، وحذرتهم من أن عملية التحقيق في الأضرار البيئية وخسائرها على الضحايا الزامبيين لم تكتمل بعد، وأن مسائل علاج الضرر البيئي والقصاص لم تُحسم بعد.
وقالت: ”عندما يُسمع صوت استنكار من شعبنا، فإن سلامتهم في المقام الأول، وهذا غير قابل للتفاوض، فإذا ثبت أن الضرر الذي لحق بالأرض وسبل الرزق أوسع نطاقاً وأبقى أثراً مما كنا نظن في البداية، فلا بدَّ حينذاك من الحصول على تعويضات إضافية، وسوف نسعى للحصول عليها.“