إن سكان جنوب زامبيا وشرقها هم أشد من يتجرَّع مرارة الجفاف الشديد الذي يصيبهم منذ ما يقرب من عامين، وكانوا في أشد الحاجة إلى الإغاثة التي وصلتهم على متن الطائرات العسكرية المحملة بأكياس من الذرة وزنها 50 كيلوغراماً.
أعلنت زامبيا حالة طوارئ وطنية في عام 2024، إلا أن استمرار نقص الغذاء وندرة المياه دفع مجموعة تنمية الجنوب الإفريقي (السادك) إلى التدخل في الوقت المناسب بتمرين «بلو لوغواشو»، وهو تمرين لتقديم المساعدات الإنسانية والاستجابة للكوارث على مدار 19 يوماً، بمشاركة ما يقرب من 1,000 جندي من القوات الجوية في المنطقة بصحبة القوات الزامبية.
قال العقيد موتالي كاسوما، مدير العلاقات العامة في القوات الجوية الزامبية، لمنبر الدفاع الإفريقي: ”ليس تمريناً لهؤلاء الناس، بل واقع فعلي، فهو حالة واقعية ومساعدة حقيقية من الحكومة، فهذا أشد جفاف يصيبنا منذ نحو أربعة عقود.“
قامت قوات السادك الجوية وجنودٌ من الجيش الزامبي وعناصرٌ من جهاز الخدمة الوطنية الزامبية بتوصيل 450 طناً من الذرة إلى المناطق المتضررة من الجفاف، منها غويمبي، وإيتيزي تيزي، وليفينغستون، ومامبا، ومولوبيزي، ومواندي، وناموالا، وسينازونغوي.
وقد بدأت فعاليات تمرين «بلو لوغواشو» يوم 8 أيلول/سبتمبر بتدريب على مركز القيادة في العاصمة لوساكا، وذلك لتخطيط وتنسيق سبل الإمداد والتموين للجسر الجوي من لوساكا إلى قواعد ليفينغستون ومامبا وناموالا. ونجحت التدريبات الميدانية التي أُجريت في الفترة من 18 إلى 25 أيلول/سبتمبر في إيصال الإمدادات.
وزار الفريق أوسكار نيوني، قائد القوات الجوية الزامبية، ناموالا يوم 21 أيلول/سبتمبر، وتفقد المدرج الذي تهالك بمرور الوقت، إذ يعبره المدنيون والماشية مراراً وتكراراً بحثاً عن المياه النظيفة.

القوات الجوية الزامبية
وفي إطار تمرين «بلو لوغواشو»، حفر المهندسون العسكريون بئرين وجهزوهما بمضخات يدوية، وأعادوا رصف مهبط الطائرات وتوسيعه، فتمكنت الطائرات ثابتة الجناحين من الهبوط وتوزيع المساعدات الإنسانية.
وقال نيوني في مقطع فيديو بثته القوات الجوية الزامبية:”كان المدرج في حالة سيئة، وكان يتعرض للتعدي، فوضعنا سياجاً حوله، وبما أن المياه أمست خارج محيط المطار، نأمل أن يكون متاحاً لسائر الطائرات في المستقبل.“
ووقف عشرات الأطفال وسكان ناموالا يشاهدون أعمال البنية التحتية، وتجمعوا حول إحدى المضخات ليشاهدوا نيوني وهو يشرح طريقة استخدامها، وحثَّ أفراد المجتمع على الحفاظ على هذه المرافق بعد تطويرها.
وقال أحد السكان للقوات الجوية الزامبية: ”لقد عاد هذا المطار إلى الحياة، وما أسعدنا بأن نرى القوات الجوية تقوم بهذا العمل على الأرض.“
اهتمت التدريبات الميدانية في تمرين «بلو لوغواشو» بتوصيل إمدادات الإغاثة، لكنها تضمنت أيضاً عنصراً من عناصر الحرب غير المتناظرة، إذ قامت القوات الجوية والبرية بإجراء محاكاة لتوصيل المساعدات الإنسانية في إحدى مناطق الصراع.
وقال كاسوما: ”نحاول أن نضفي الواقعية على التمرين، بمعنى أنه حينما تواجه مواقف تتطلب توزيع إمدادات الإغاثة، فلا يسير ذلك دائماً بسلاسة؛ بل تواجه أحياناً بعض العناصر المارقة مثل المتمردين أو الإرهابيين، فعليك أن تعرف كيفية التصرف عند مواجهة مثل هذه المواقف.“
وأوضح نيوني أن تمرين «بلو لوغواشو» يُعد أول تمرين في تمارين «بلو»، التي تجريها السادك منذ عام 1997، يتضمن تدريباً على الحرب غير المتناظرة. وقال أثناء حفل الافتتاح في لوساكا: ”يتوجب على القوات الجوية المشاركة أن تتدرب على الواقع، لا أن تكتفي بالجوانب النظرية.“
شارك المقدم فريدريك مولوندا، نائب قائد القوات الخاصة الزامبية، ووحدته في سيناريو حاول فيه المتمردون عرقلة الجهود الإنسانية التي تقوم بها قوات السادك الجوية.

وقال في مقطع فيديو نشرته القوات الجوية الزامبية يوم 20 أيلول/سبتمبر: ”تتصف التحديات الأمنية العابرة للحدود الوطنية في معظم الأحوال بأنها غير تقليدية، فلا بدَّ لنا إذن من هذا التكاتف المستمر، فالتدريب المشترك هو السبيل الأمثل، وهو نهجٌ متعددٌ الجنسيات كهذا. والتمارين مثل «بلو لوغواشو» لا تعزز الجاهزية العسكرية فحسب، بل وتبني أواصر الوحدة والصمود في مواجهة التحديات الأمنية المشتركة في ربوع منطقة السادك. “
وكانت الحملة الطبية من فعاليات التدريبات الميدانية، إذ شاركت إدارة الخدمات الطبية الجوية الزامبية مع قوات السادك الجوية والجيش الزامبي في نشر وتوفير الكوادر الطبية لوحدة طبية متنقلة من المستوى الأول في قرية مامبا الواقعة في مقاطعة سينازونغوي. فأجروا التصوير الإشعاعي وقدموا الأدوية ورعاية الأسنان والعيون لأهالي منطقتي سياتويندا وسياساوا في جنوب زامبيا.
وإجمالاً، أعرب نيوني عن سعادته بتمرين «بلو لوغواشو»، وهو أول تمرين من سلسلة تمارين «بلو» التي تجريها السادك تستضيفه زامبيا منذ أن استضافت تمرين «بلو آنجل» في عام 2003. وأعرب عن امتنانه للمساهمات البشرية وسبل الإمداد والتموين التي وفرتها الدول الأعضاء في السادك، ووصف هذا التعاون بأنه ”حجر الأسالس لمنظومة الأمن الإقليمي للسادك.“
وقال: ”إن تمرين «بلو لوغواشو» ليس مجرد تمرين عسكري، بل دليلٌ عملي على التزام لجنة الطيران الدائمة في السادك تجاه الإنسانية. فالتوافق العملياتي يتطلب التدريب المشترك للتوصل إلى أفكار موحدة وتحديث إجراءات العمل القياسية لقوات السادك الجوية.“