يعمل الجيش الغاني على تعزيز وجوده في الشمال، حيث يتجه السكان جنوباً بسبب اشتداد خطر الهجمات الإرهابية القادمة من بوركينا فاسو.
فقد نشر مؤخراً 400 جندي في بلدة باوكو الشمالية بسبب مرارة العنف العرقي الدائر بين قبيلتي كوساسي ومامبروسي. وقد أججت الجماعات الإرهابية البوركينابية، مثل جماعة نصرة الإسلام والمسلمين، وتلك الموالية لتنظيم داعش، القتال في السنوات الأخيرة بتهريب الأسلحة إلى المنطقة عن طريق شبكات غير مشروعة.
حذَّر الدكتور بافور أغيمان دواه، الخبير في شؤون الحكم بمؤسسة جون كوفور، من أن الصراعات الدائرة في شمال غانا قد تفتح ثغرة يترقبها الإرهابيون.
وقال لمجلة «أفريكا ريبورت»: ”يمكن لهؤلاء المتطرفين التسلل إلى الصراعات الدائرة بين القبائل في الشمال وتحويلها إلى حرب أخرى، فإذا لم يكن جيشنا على أعلى مستويات التجهيز، وإذا لم تُحل مشكلة باوكو، فإننا نخاطر بفتح ثغرة للتسلل.“
ومع أن غانا لم تتعرَّض لأيٍ من الهجمات الإرهابية الكبرى، فقد ورد أن الإرهابيين المتمركزين في بوركينا فاسو يحولون شمال غانا إلى قاعدة إمداد وتموين لشن هجمات على مناطق أخرى، كما يجعلون من شمال غانا قاعدة طبية لعلاج المقاتلين المصابين. ويقول محللون إن الجماعات الإرهابية تدخل أيضاً سوق الماشية غير المشروعة في شمال غانا.
وأعلنت غانا في تموز/يوليو عن أنها تعتزم إنشاء المزيد من قواعد العمليات الأمامية في منطقتي الشرق العليا والغرب العليا المتاخمتين لبوركينا فاسو. وتستخدم الجيوش قواعد العمليات الأمامية لدعم العمليات الاستراتيجية والتكتيكية. وكثيراً ما تتفوق على القواعد الرئيسية في قربها من الجبهات. كما أعلنت القوات الجوية الغانية عن إنشاء قاعدة جوية تكتيكية في جوغبوي، غايتها إسناد القوات العاملة على الحدود الشمالية.
وقال العقيد متقاعد فيستوس أبواغي، وهو مستشار أمني، لمجلة «أفريكا ريبورت»: ”وسَّعنا نطاق وجودنا العسكري شمال تامالي قليلاً، وذُرع عناصر المخابرات داخل المجتمعات المحلية، يعملون بحواسهم الطبيعية وأعينهم وآذانهم.“
وقامت القوات المسلحة الغانية في مطلع أيلول/سبتمبر بدوريات في بلدتي بونغو وسو، الواقعتين في منطقة الشرق العليا، لردع تسلل الإرهابيين، ومراقبة الأنشطة المدنية، واكتشاف الخلايا النائمة المحتملة ومعسكرات الإرهابيين. وحثَّ العميد وورلانيو أغبيبو، وهو من رجال القوات المسلحة الغانية، أهالي المنطقة على مراقبة الغرباء المتسللين إليهم والأنشطة المشبوهة والإبلاغ عنها، وطالبهم بتقديم معلومات دقيقة للجيش.
وتحذِّر السيدة بيفرلي أوتشينغ، المحللة الأولى في شركة «كونترول ريسكس»، من أن الوجود العسكري وحده لا يكفي للتصدي لتنامي خطر الإرهاب في شمال غانا.
وقالت للمجلة: ”قد يفضي الانتشار العسكري المكثف في المنطقة الشمالية إلى نتائج عكسية، إذ لا يحل بعض القضايا التي يمكن أن تؤدي إلى اضطرابات مدنية، سواءً كانت نقص فرص العمل، أو التعدين غير القانوني [الغلامسي]، أو التهميش.“
وشددت على أهمية المشاركة المجتمعية، وعسى أن تفكر السلطات في إشراك الشباب والرموز الثقافية ورجال الدين للتصدي لأنشطة المتشددين وتسللهم. وأوضحت أن هذه الأساليب أتت ثمارها في ساحل العاج، إذ يقوم المحافظون فيها بفحص اللاجئين الوافدين إليهم وتسجيل العائلات المهجَّرة لمنع المتشددين من التسلل إليهم.
ويتفق العقيد أبواغي مع الرأي القائل بأن التصدي لانتشار الجماعات الإرهابية يتطلب جهداً شاملاً.
وقال لمجلة «أفريكا ريبورت»: ”التنمية ركيزة من ركائز هذا الجهد؛ لأن الناس إذا تخلصوا من مظالمهم، فسيكونون أبعد عن الانضمام إلى صفوف الإرهابيين.“
وقد جعل السيد جون ماهاما، رئيس غانا، الدبلوماسية الإقليمية من أولوياته، وعيَّن السيد لاري غبيفلو لارتي، وهو من ضباط الجيش المتقاعدين، مبعوثاً إلى تحالف دول الساحل، وهو التكتل الذي شكله العسكر في بوركينا فاسو ومالي والنيجر.
وقال الدكتور فلاديمير أنطوي دانسو، الباحث في العلاقات الدولية، لمجلة «أفريكا ريبورت»: ”باتت الدبلوماسية السبيل الوحيد الذي يمكن أن نسلكه، فسواءً أعجبتك الأنظمة أم لا، فعليك التعاون؛ فلا بدَّ لنا من تبادل المعلومات الاستخبارية، والتعاون العسكري، ومساندة بعضنا البعض.“
وفي منتصف أيلول/سبتمبر، اجتمع مسؤولون من غانا وبوركينا فاسو لمناقشة الإدارة المشتركة للحدود. وصرَّح السيد يوسف سليمانا، نائب وزير الأراضي والموارد الطبيعية في غانا، بأن البلدين ملتزمان بتعزيز الاستقرار والازدهار على حدودهما المشتركة بطول 583 كيلومتراً.
وتحدث السيد مامودو تابيلي، المنسق الإقليمي لغرب إفريقيا في الوكالة الألمانية للتعاون الدولي – برنامج الحدود التابع للاتحاد الإفريقي، عن أهمية منع الصراعات وتحسين الحكم والتماسك الاجتماعي والتنمية الاقتصادية للمناطق الحدودية.
وأضاف في تقريرٍ صادرٍ عن موقع «غرافيك أونلاين» الغاني: ”ما عاد التعاون عبر الحدود مجرد ضرورة، بل استراتيجية أساسية لمواجهة التحديات المشتركة، مثل انعدام الأمن وتغير المناخ والتخلف الاقتصادي. وتكمن غاية هذا الاجتماع في تسليحنا بالأدوات اللازمة لتحقيق ذلك.“