يعمل المغرب على ترقية استراتيجية الاستخبارات التي يعمل بها وعيناه على المستقبل في ظل التهديدات الأمنية سريعة التطور.
عكف تقريرٌ جديدٌ صادرٌ عن معهد روك للدراسات الجيوسياسية والأمنية على دراسة الخطر المتزايد الناجم عن الذكاء الاصطناعي والجماعات الإرهابية، ويوصي باتباع نهج متعدد المسارات لمواجهة هذه التهديدات مع حماية حقوق الإنسان في المملكة.
ذكر السيد كمال اكريديس، صاحب التقرير ومؤسس معهد روك في عام 2024، أن أجهزة الاستخبارات المغربية لا تسلم من تهديدات متعددة الأبعاد؛ وكلمة «روك» عبارة عن اختصار لكلمات «البحوث والملاحظة والمعرفة النقدية» بالإنجليزية.
ونوَّه في تقريره، الذي يُمكن الاطلاع عليه على صفحة معهد روك على لينكد إن وموقعه الإلكتروني، إلى أن تلك التهديدات متعددة الأبعاد عبارة عن تهديدات مادية ورقمية ومعلوماتية ومالية.
وقال: ”يتطلب هذا التقارب إعادة النظر في كلٍ من القدرات العملياتية والإطار القانوني الذي يحكمها.“
نجح المغرب بين عامي 2002 و2022 في تفكيك أكثر من 2,000 عملية إرهابية، وصبت أجهزة الاستخبارات الأجنبية والمحلية في البلاد معظم اهتمامها على التهديدات المادية، لكنها باتت أمام سيل متزايد من التهديدات الرقمية، كالهجمات السيبرانية التي تستهدف البنية التحتية الحيوية، والتجسس الاقتصادي، والتزييف العميق لهوية الشخصيات السياسية.
فيقول اكريديس: ”باتت التهديدات منذ العقد الأول من القرن الحادي والعشرين أكثر تعقيداً وسرعة وعابرة للحدود الوطنية، وتقتضي تكيفاً دائماً، ويجب أن تتواكب الاستخبارات مع تطور التكنولوجيا والتهديدات في العالم المترابط الذي نعيش فيه.“
وحثَّ المغرب على المضي في تحديث أساليبه الاستخبارية والإطار القانوني الذي يحكمها لمواكبة تلك التهديدات المتطورة. وسيقوم ذلك على الهيكل القانوني لمكافحة الإرهاب الذي وضعه المغرب بعد الهجوم الإرهابي الذي استهدف المركز اليهودي في الدار البيضاء في عام 2003، وأسفر عن سقوط 45 قتيلاً ومئات الجرحى.
أفضى هجوم الدار البيضاء عن صدور القانون رقم 03-03، وهو القانون الأساسي لمكافحة الإرهاب في المغرب، إذ يُجرِّم الترويج للإرهاب أو التحريض عليه بأساليب شتى، مثل الخطب العامة والكتابات المنشورة والمحتوى الإلكتروني، كما يحظر التواطؤ في الأعمال الإرهابية.
وسنَّ المغرب في السنوات التالية قوانين جديدة تسمح بمراقبة المعاملات الإلكترونية وخطوات لحماية الخصوصية والمعلومات الشخصية على الإنترنت. كما تعرَّض لهجمات أخرى، مثل تفجير سوق في مراكش في عام 2011، أودى بحياة 14 شخصاً.
وتشمل توصيات اكريديس الاستعانة بالذكاء الاصطناعي في غربلة كميات هائلة من المعلومات العامة عبر الإنترنت لاكتشاف التهديدات الأمنية المحتملة.
لكنه نوَّه إلى أن الذكاء الاصطناعي سلاحٌ ذو حدين، إذ يسهُل على الإرهابيين استخدامه ضد المجتمع المغربي بالتزييف العميق وحملات التضليل والهجمات السيبرانية التي تطال الأفراد والمؤسسات.
ومن التوصيات الأخرى التي نادى بها:
- اعتماد إطار قانوني لجمع المعلومات الاستخبارية، يوضح الأغراض المشروعة للمعلومات المُجمَّعة، وأساليب جمعها، والسلطة التي تتحكم فيها.
- تحديث القانون الجنائي لينص على سلسلة حيازة رقمية لتجنب الطعن في الأدلة في قضايا الجريمة العابرة للحدود الوطنية.
- وضع إرشادات لقطاعات البنية التحتية الحيوية، مثل الطاقة والنقل والصحة والمالية، وتنظيم تدريبات سنوية على التهديدات السيبرانية بمشاركة أجهزة الاستخبارات.
ويقول في تقريره: ”لا يلبي هذا التحديث المتطلبات التقنية أو الدبلوماسية فحسب، بل ويُمثل استثماراً استراتيجياً في شرعية المغرب ومصداقيته وقدرته على الصمود.“
وأوضح أن أجهزة الاستخبارات المغربية تقع في صميم خطة البلاد لمواجهة التهديدات المتطورة في عام 2030 وما بعده، وأضاف قائلاً: ”يكمن التحدي في الالتزام بأعلى مستويات الكفاءة العملياتية مع العمل ضمن إطار قانوني متطور يضمن الحقوق الأساسية والثقة الوطنية.“