يظهر المقاتلون المأجورون في ثوب جديد في إفريقيا، تحت ستار الشركات العسكرية الخاصة، مثل مجموعة فاغنر الروسية (الفيلق الإفريقي حالياً)، يتعهدون بنشر الأمن ومكافحة الإرهاب، مقابل المال وامتيازات الموارد الطبيعية، ولا سيما في منطقة الساحل.
يقول السيد آريس راسل في مقال له بموقع «آريس إنتليجنس»: ”لاحت ظاهرة أبعد عن المركزية وأقرب إلى ريادة أعمال تتمثل في ظهور الشركات العسكرية الخاصة المتشددة؛ عبارة عن مقاتلين أجانب مخضرمين يُقدمون تدريباً تكتيكياً وإسناداً ميدانياً واستشارات عملياتية للجماعات الإرهابية، مقابل المال حيناً، ونصرةً للفكر والمذهب أحياناً أخرى.“
يقول السيد آريس راسل في مقال له بموقع «آريس إنتليجنس»: ”لاحت ظاهرة أبعد عن المركزية وأقرب إلى ريادة أعمال تتمثل في ظهور الشركات العسكرية الخاصة المتشددة؛ عبارة عن مقاتلين أجانب مخضرمين يُقدمون تدريباً تكتيكياً وإسناداً ميدانياً واستشارات عملياتية للجماعات المتطرفة، مقابل المال حيناً، ونصرةً للفكر والمذهب أحياناً أخرى.“
وأوضح أن المقاتلين المُدرَّبين والمستشارين يظهرون في صراعات بعيدة عن أوطانهم، وهذا يفسر أسباب ”تزايد التكتيكات التي يتبعها متمردو الشرق الأوسط في إفريقيا وبقاع أخرى.“ وضرب مثلاً على ذلك بالشراكة المبرمة بين الحوثيين اليمنيين وحركة الشباب الصومالية الموالية لتنظيم القاعدة.
وهؤلاء الحوثيون مدعومون من الحرس الثوري الإيراني وحزب الله، ويبسطون نفوذهم خارج الشرق الأوسط ليبلغوا إفريقيا، إذ يبيعون فيها الأسلحة لحركة الشباب وولاية تنظيم الدولة الإسلامية في الصومال (داعش الصومال).
ونوَّه راسل إلى أن الحوثيين خضعوا لتدريب متقدم في إيران ولبنان والعراق، واكتسبوا مهارات مثل تجميع الصواريخ وتنسيق المسيَّرات، وينقلونها إلى الجماعات التي يدعمونها.
وكشفت مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي أن الحوثيين وإيران يكتسبون ”عمقاً استراتيجياً“ بتعضيد علاقاتهم مع هذه الجماعات. وتمادت هذه العلاقات في زعزعة استقرار الصومال، ويحذر محللون من أن نفوذ الحوثيين قد يهدد أيضاً كلاً من جيبوتي وإثيوبيا وكينيا.
وقد ألقى السيد حسن شيخ محمود، رئيس الصومال، باللوم على الحوثيين في انتشار الأسلحة التي أججت عودة الإرهابيين. ويقول راسل إن الكثير من هذه الأسلحة تبيَّن أنها تعود إلى مخزونات إيرانية المنشأ، ”مما يكشف دور طهران غير المباشر، والحاسم، في توسيع قدرات المتشددين خارج منطقة الشرق الأوسط.“
كما كثفت حركة الشباب والقراصنة الصوماليون هجماتها على السفن التجارية في خليج عدن، مما أبعد القوات البحرية الدولية وهيأ الأجواء لتهريب أسلحة الحوثيين. ويقول راسل إن مقاتلين من حركة الشباب توجهوا أيضاً إلى موانئ يسيطر عليها الحوثيون في اليمن للتدريب على نشر المسيرَّات، وتنسيق الصواريخ، و”أساليب الحرب غير المتناظرة التي لم تشهدها منطقة شرق إفريقيا من قبل.“
وفي كانون الثاني/يناير، شنَّ داعش الصومال هجومين ناجحين بالمسيَّرات على قوات الأمن في بونتلاند، وهي منطقة شبه مستقلة في الصومال، وكشف مشروع بيانات مواقع النزاعات المسلحة وأحداثها أن هذه كانت المرة الأولى التي يُبلغ فيها عن استخدام هذا التنظيم الإرهابي للمسيَّرات. وكلٌ من حركة الشباب وداعش الصومال يحصلان على المسيَّرات من الحوثيين.
وقال السيد تيمور خان، رئيس عمليات الخليج في مركز بحوث تسليح الصراعات، لمعهد الدراسات الأمنية: ”ما إن تستخدم إحدى الجماعات الإرهابية تكنولوجيا المسيَّرات هذه، لا تلبث الفكرة أن تنتشر في المنطقة وتستخدمها سائر الجماعات المسلحة، ولئن لم تكن ثمة روابط مباشرة بين هذه وتلك.“
والحوثيون ليسوا الجماعة الوحيدة في الشرق الأوسط التي تُوسِّع عملياتها في القارة، بل يقول خبراءٌ إن شركات عسكرية خاصة متشددة مُدرَّبة في إيران وسوريا تساند أيضاً جهات غير حكومية في إفريقيا، مثلما يحدث في ليبيا والسودان.
فيقول راسل إن صعود الشركات العسكرية الخاصة المتشددة في الشرق الأوسط يعود إلى ظهور «ملحمة تاكتيكال»، وهي جماعة متمركزة في سوريا أسسها مُحاربون أوزبكيون قدامى موالون للقاعدة، تأسست رسمياً في عام 2016، وتعمل في صورة وحدة عمليات خاصة متشددة مستقلة، قدمت نموذجاً تحتذى به جماعات أخرى لتقديم دروس ميدانية للمتمردين.
ونشرت صوراً على وسائل الإعلام الاجتماعي تعرض مدربيها وهم يدربون مقاتلين صينيين من الأويغور ورجالاً من جزر المالديف في سوريا. كما شجعت مؤيديها على التبرع لها بالعملات المشفرة لمساعدتها على التوسع. وقامت جماعات مثل «ألبانيان تاكتيكال» و«مهاجر تاكتيكال» و«يورتوغ تاكتيكال» بإضفاء طابع احترافي على نهج جماعة «ملحمة تاكتيكال».
ويقول راسل: ”تقدم هذه الجماعات قدرات متقدمة، مثل تدريب القناصة، والفنون القتالية، والعمليات الليلية، وعلاج الصدمات، وتكتيكات حرب المسيَّرات.“
وكثيراً ما تتدرب هذه الجماعات بصحبة بعضها البعض وتنشر مقاطع فيديو تعليمية على وسائل الإعلام الاجتماعي تُستخدم أيضاً لنشر دعايتها وتجنيد عناصر جديدة. وتتولى مهام المدربين أو مستشاري العمليات، وينشطون بصورة غير رسمية أو تحت مظلة جماعات مثل «ملحمة». وتكثر الأدلة على أن المقاتلين الأجانب المدربين في العراق وسوريا يتنقلون بين صراعات المتشددين في منطقتي القرن الإفريقي والساحل.
ويقول راسل: ”يحذر المحللون من أن هذه الظاهرة من المحتمل أن تتوسع، إذ تقدم هذه الجماعات نفسها في صورة المحنكين في ساحات القتال والكيانات الجاهزة للتعاقد.“
وقد باتت الشبكات المتشددة أخف حركة بسبب صعود الشركات العسكرية الخاصة المتشددة، فتعقدت استراتيجيات مكافحة الإرهاب التقليدية.
ويقول راسل: ”لن تكتفي مواجهتها بالمراقبة أو الضربات الجوية، بل تتطلب تغيير العقلية، أي العمل بعقلية تراعي سبل الإمداد والتموين الرقمية، والتعاقد الفكري والمذهبي من الباطن، وتسويق المواهب المتشددة.“