تبحث بلدان القارة منذ سنوات عن سبل لتأمين حدودها التي يسهل اختراقها ممَّن يُهرِّبون الأسلحة والمخدرات والبشر من دولة لأخرى، ويتزايد عدد الخبراء الذين يعتقدون أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يساعد رجال الأمن على حل تلك المشكلات.
قال الدكتور مايكل مسياباتو، رئيس هيئة إدارة الحدود بجنوب إفريقيا، في بيان مُصوَّر مؤخراً: ”أمست مسألة الذكاء الاصطناعي شديدة الأهمية، لا سيما فيما يتعلق بالتعامل مع المخاطر وتعزيز الإدارة الفعَّالة للحدود.“
لحقت جنوب إفريقيا بركب إثيوبيا وكينيا والسودان وتونس في تسخير التكنولوجيا المتقدمة، مثل الذكاء الاصطناعي والمسيَّرات، لتعزيز أمن الحدود.
وتشمل النقلة التكنولوجية الأخيرة في جنوب إفريقيا أربع مسيَّرات رباعية المراوح (كوادكوبتر) لمراقبة المعابر الحدودية، ومنها المواقع المعروفة بالهجرة غير الشرعية. تعمل المسيَّرات ليلاً ونهاراً بكاميرات بالأشعة تحت الحمراء لتتبع عابري الحدود ليلاً، وهي مزودة بأجهزة لتحديد المدى بالليزر، تحدد موقع مَن تسول لهم أنفسهم عبور الحدود.
وذكر السيد كيثوري كينديكي، نائب رئيس كينيا، أن الاستفادة من الذكاء الاصطناعي مع سائر الإمكانيات المستخدمة في تأمين الحدود يسمح لأفراد الأمن بتحليل كميات هائلة من البيانات التي تُجمع عند المعابر الحدودية للتنبؤ بالتهديدات المحتملة وحُسن الانتفاع بقوات الأمن.
وألقى كلمة أمام ملتقىً إقليمي عن أمن الحدود في عام 2024، وكان حينها يشغل منصب وزير داخلية كينيا، قال فيها إن للذكاء الاصطناعي دوراً مهماً في حماية الحدود في المستقبل.
وقال للفيف من خبراء الأمن من إثيوبيا والصومال وجنوب السودان وتنزانيا وأوغندا: ”لا غنى عن التكنولوجيا، وخاصة التكنولوجيا الرقمية، لمراقبة الحدود وإدارتها في المستقبل؛ ذلك لأن مراقبة الحدود في المستقبل ستعتمد على البيانات.“
ونوَّه إلى أن 27 من أصل 47 محافظة في كينيا تعاني من مشكلات في أمن الحدود، وأن هذه المشكلات جعلت من كينيا معبراً للاتجار بالمخدرات والبشر، ناهيك عن الإرهاب وأشكال أخرى من الجريمة العابرة للحدود الوطنية.
وقال: ”حرصت الحكومة على تأمين حدودنا لما فيه الخير لكينيا ودول الجوار، فاستثمرت أموالاً طائلة في تزويد الأجهزة الأمنية بأحدث التقنيات والموارد، إذ ستتصدى لتهديدات أمنية مُعقَّدة كالإرهاب والاتجار بالبشر وتجارة المخدرات.“
برهنت كينيا على أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يُستغل في تأمين حدودها بعد هجوم حركة الشباب على فندق «دوسيت دي 2» في نيروبي في عام 2019، فقد كشفت الشبكة العالمية للتطرف والتكنولوجيا أن السلطات الكينية استخدمته لدراسة اتصالات حركة الشباب وتفاعلاتها على وسائل الإعلام الاجتماعي، فنجحت في تحديد مواقع عملائها، والتنبؤ بأفعالهم، ومنع الهجمات المستقبلية.
ويُبرز هذا السيناريو دور الذكاء الاصطناعي في إثراء الوعي بتوفير معلومات استخبارية ربما تغفلها الطرق التقليدية.
يوصي خبراء اللجنة رفيعة المستوى المعنية بالتقنيات الناشئة التابع للاتحاد الإفريقي باستخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل صور عبور الحدود لحظة بلحظة، ثم تخزينها بأمان لدراستها مستقبلاً وتبادلها بين المؤسسات والدول.
ويقولون في تدوينة نشروها في عام 2021: ”وهكذا، يُمكن لهذه التكنولوجيا الرقمية أن تعين البلدان الإفريقية على إدارة حدودها أحسن مما تديرها للتصدي للجرائم التي يمكن ارتكابها، كما أن الأخذ بمثل هذه التدابير يمكن أن ينشر السلام والاستقرار في جنبات القارة الإفريقية.“
أوضح محللون في الشبكة العالمية للتطرف والتكنولوجيا أن استخدام تكنولوجيا التعرف على الوجه على طول الحدود بين كينيا والصومال يمكن أن يتفوق على المحللين البشريين في الكشف عن أنشطة حركة الشباب وأنماطها.
ويقولون في تقرير لهم: ”يمكن لاستخدام تكنولوجيا التعرف على الوجه في نقاط التفتيش أن يساعد على تحديد الإرهابيين المعروفين أو الأفراد محل الاهتمام، فتسهل الاستجابات المستندة إلى معلومات موثوقة.“
ويرى كينديكي أن مستقبل أمن الحدود في البلدان الإفريقية سيكون مرهوناً بالبيانات التي تُجمع عند المعابر الحدودية وتحليلها وحمايتها.
وقال في ملتقى أمن الحدود الذي عُقد في عام 2024: ”لا غنى عن التكنولوجيا، وخاصة التكنولوجيا الرقمية، لمراقبة الحدود وإدارتها في المستقبل، فتأمين أراضيكم سيتوقف على البيانات التي بين أيديكم، وبدونها فلا قيمة لما معكم من عدد وعتاد.“