كان كريغ شولتو دوغلاس يبحث عن أنثى وحيد قرن أبيض وصغيرها، وصارا هدفاً سهلاً بعد أن انفصل سوار الأم الذكي عن ساقها، وهما من فصيلة شبه مهددة بالانقراض، يشتد الطلب على قرونها في الطب الصيني التقليدي.
يعمل شولتو دوغلاس مديراً بيئياً في «محمية كواندوي الطبيعية» في محافظة كاب الشرقية بجنوب إفريقيا، وشغله الشاغل هو حماية وحيد القرن الأسود والأبيض، والصيد الجائر أدهى بلاء على الاثنين.
وقال في مقطع فيديو نُشر في عام 2024: ”إن الوضع أسوأ ما يكون، ومن أسباب ذلك أننا نتعامل مع نوع مختلف من الصيادين الجائرين؛ فلا يأتون وهم مستعدين لقتل وحيد قرن واحد أو اثنين فحسب، بل ويعملون بخطة ممنهجة لتدمير مناطق برمتها.“
كشفت المؤسسة الدولية لوحيد القرن أن الصيادين الجائرين قتلوا ما يُقدَّر بنحو 420 وحيد قرن في جنوب إفريقيا وحدها في عام 2024، وذكر برنامج «إير شيبرد» الذي يستعين بالمسيَّرات لحماية وحيد القرن الإفريقي أن صيد وحيد القرن في جنوب إفريقيا ارتفع بنسبة 9,000% بين عامي 2007 و2022، وذلك بسبب أسواق الطب الصيني، إذ يصل سعر الكيلوغرام الواحد من قرون وحيد القرن فيها إلى 400,000 دولار أمريكي.
وبعد سنوات من النضال لحماية وحيد القرن من عصابات الصيد الجائر المتطورة، يعتقد شولتو دوغلاس أن المسيَّرات والأطواق الذكية إنما تُحدِث ثورة في الحفاظ على الحياة البرية، إذ يستخدم فريقه كليهما في إطار نظام متكامل لحماية وحيد القرن.
وأوضح قائلاً: ”[الطوق الذكي] ليس مجرد جهاز تتبع بنظام تحديد المواقع العالمي (جي بي إس)، ففيه ذكاء اصطناعي مع خوارزمية تعلم آلي تتعلم السلوك المعهود لكل وحيد قرن، وحينما تُرصد بيانات غير طبيعية عن هذا السلوك المعهود، فإذا بها تعطينا تنبيهاً بظهور سلوك غير طبيعي.“
ثم يَصدُر الأمر للمسيَّرات.
وقال: ”فتطير تلقائياً إلى ذلك الموقع، وتنقل لنا صورة مباشرة عما يحدث، وربما يكون الحيوان قد سقط، ولكن لا يزال صيادوه هناك. … وسواء أكان حادث صيد جائر أم إصابة، فإنها تسمح لنا بتوجيه رجالنا وتأمينهم على الأرض.“
أمست قرون وحيد القرن أغلى من عاج الفيلة ومن الذهب في الأسواق السوداء العالمية، ولكن كشفت الدراسات العلمية أن مسحوق قرون وحيد القرن المستخدم في منتجات الطب الصيني يخلو من أي قيمة طبية، غير أن الطلب عليه يؤجج وباء الصيد الجائر.
وقال السيد كروفورد ألان، المتحدث باسم مشروع تكنولوجيا الجريمة التابع للصندوق العالمي للحياة البرية، في تدوينة منشورة في عام 2024: ”أمسى «متنزه كروغر الوطني» في جنوب إفريقيا معقلاً للصيادين الجائرين، ففيه 12 عصابة في كل وقت وحين، فهو منطقة حرب.“
وذكر السيد مارك غرين، الرئيس الفخري لمركز ويلسون، أن المسيَّرات تسمح لحراس المتنزه والباحثين بمراقبة مناطق أوسع بكثير،
وكتب في تدوينة منشورة في الأول من نيسان/أبريل:”ليست المسيَّرات كالدوريات البرية التي تسير وسط الأدغال، فلا توقفها التضاريس الوعرة ولا تبطئها، وإذ يتزايد عدد المسيَّرات المجهزة بكاميرات تعمل بالأشعة تحت الحمراء، صاروا أقدر على مراقبة وحيد القرن، والصيادين الجائرين، في الظلام، ففيه يكثر الصيد الجائر.“
ساعدت المسيَّرات القائمين على «متنزه كروغر الوطني» على اكتشاف الصيادين الجائرين، فقد لاحظ الحراس مؤخراً 55 دخيلاً في شهر واحد، وذلك بمراقبة مسار يسلكه الصيادون لدخول المتنزه، فقلَّ الصيد الجائر، وقلت الهجمات على الحيوانات، وقلت الحوادث التي يتأذى فيها كوادر المتنزه.
روى السيد داميان ماندر، المؤسس والرئيس التنفيذي للمؤسسة الدولية لمكافحة الصيد الجائر، قصة نجاح إفريقية، بطلتها إحدى المسيَّرات، إذ حددت بقايا جمر كان مشتعلاً في نار مخيم أقامه صيادون جائرون بعد الفجر في أحد الأيام،
وقال في تدوينة لشركة «إيربورن تاكتيكال أدفانتيدج»: ”تُرى ما المدة التي كنا سنقضيها لتحديد موقع هذا المخيم الخفي عن الأنظار بدون المسيَّرة، فقد انتهت قبل أسبوع غارة مماثلة بتبادل لإطلاق النار، فأُصيب حارس برصاصة في كتفه، وفرَّ صياد جريح عائداً إلى تنزانيا.“
وبعد أن رأى شولتو دوغلاس بعينيه فوائد الأطواق الذكية والمسيَّرات التي تعمل بالذكاء الاصطناعي في مكافحة الصيادين الجائرين، يشعر الآن بالأمل في الحفاظ على الحياة البرية في القارة.
وقال: ”تواجه جميع المحميات في إفريقيا المشكلة ذاتها، فقد أمضينا سنوات ونحن نحاول أن نجد نظاماً فعالاً، ونعتقد أننا وجدناه.“