أسرة منبر الدفاع الإفريقي
تَقدَّم أحد أفراد قوات الدفاع الكينية إلى مدخل «مستشفى مقاطعة آرتشرز بوست الفرعي» ونادى على رقم 113، فنهضت أم شابة تحمل صغيرها على ظهرها، واقتربت من خيمة خارج المستشفى.
بدا عليها أنها مترددة في العلاج على أيدي مسعفين في الجيشين الكيني والأمريكي، ولكن علا ثغرها ابتسامة وهم يستقبلونها، وكانت واحدة من مئات الكينيين، من أهالي القرى النائية والقبائل البدوية، الذين عولجوا في تمرين «الوفاق المبرر» لعام 2025.
قال الملازم ثانٍ الدكتور كيفن كاماتا، وهو طبيب مجند في كتيبة كينيا رايفلز/21 بقوات الدفاع الكينية: ”كان الغرض من هذا التمرين هو تقديم حملة طبية للمجتمعات المحلية، وسعُد الأهالي بهذا التمرين بشدة.“
يُعد تمرين «الوفاق المبرر» أكبر تمرين عسكري تجريه القيادة العسكرية الأمريكية لقارة إفريقيا في شرق إفريقيا، وأُقيم تحت قيادة قوة مهام جنوب أوروبا-إفريقيا التابعة للجيش الأمريكي (سيتاف-إفريقيا) في الفترة من 10 إلى 21 شباط/فبراير في كلٍ من جيبوتي وكينيا وتنزانيا.
وعالجت الحملة الطبية المشتركة مشكلات مثل التهابات الجهاز التنفسي العلوي، وأمراض الجهاز الهضمي، والتهابات المسالك البولية، وآلام الجهاز العضلي الهيكلي. وانضم إلى مسعفي الجيشين الأمريكي والكيني أطباءٌ من المستشفيات المدنية.
وقال الدكتور جون لينكولات، مدير «مستشفى مقاطعة آرتشرز بوست الفرعي»: ”هذه معونة من الله؛ فهؤلاء فقراء لا طاقة لهم بتكاليف الرعاية الطبية، وكلما قدِم الجيشان الأمريكي والكيني إلى هنا، يستفيد الناس من العلاج الطبي المجاني.“

تدرب في تمرين «الوفاق المبرر» جنودٌ من أكثر من 15 دولة على مواقف ساحة المعركة، وتضمن أيضاً تقديم خدمات للأهالي، مثل حملة لتقديم الرعاية البيطرية للماشية.
وقال العميد ويليام كامويرو قائد اللواء الثاني ومدير التمارين في قوات الدفاع الكينية: ”إنه لشرف عظيم أن أشارك في تمرين «الوفاق المبرر» لعام 2025، ونحن نقدر كثيراً الولايات المتحدة لشراكتها في التدريب وتبادل المعرفة والمهارات، فالتدريب على تكتيكات الفرق الصغيرة، والرؤية والرَّصد، وكذلك المسعفين القتاليين سيسهم في تحقيق التعاون السلس والإسناد الفعال في المهام والواجبات المشتركة في المستقبل.“
يهدف ما حدث في التمرين من تكاتف وتآزر إلى رفع مستوى التأهب والاستعداد، وتكثيف التعاون، وتسليح المشاركين بالمهارات اللازمة للحفاظ على السلام والأمن في شرق إفريقيا وخارجها.
وقال المقدم جيسون بورتر، نائب رئيس التمارين في قوة سيتاف-إفريقيا، في بيان صحفي: ”إن تمرين «الوفاق المبرر» تمرينٌ بالغ الأهمية، يجمع شركاءنا لتعزيز الأمن والاستقرار في شرق إفريقيا، فبفضل التدريب المشترك والتعاون نعزز قدرتنا على العمل معاً بفعالية عند التصدي للتحديات الناشئة.“
وكان من المشاركين هذا العام أفراد من الجيش الوطني الصومالي ونخبة جنوده من قوات دنب الخاصة، إذ تنتشر هذه القوات على الجبهة في المعركة التي يخوضها الصومال منذ نحو عقدين من الزمان للقضاء على حركة الشباب.
وقال الرقيب مبارك عبدي محمد، من الجيش الوطني الصومالي: ”أتيت إلى هنا لأعمل من أجل بلدي ولأكون عوناً لشعبي.“
وتدربت القوات الصومالية مع أفراد من الفريق القتالي باللواء المُجَوقل/173 التابع للجيش الأمريكي لصقل الكفاءة التكتيكية وتطوير مهارات القيادة وتحسين التنسيق العملياتي المشترك. وكان تعزيز القدرة على تنفيذ عمليات دقيقة والتعامل مع التهديدات الأمنية من أبرز محاور التمرين، فوفرت التمارين المشتركة فرصاً لتبادل الممارسات المثلى وتحسين فعاليتها في البيئات المعقدة.
وقد شهد الرقيب حسين ضاهر محمد، من الجيش الوطني الصومالي، ما لحق بالمجتمعات الصومالية من خراب ودمار على يد حركة الشباب.
وقال: ”حركة الشباب حركة إرهابية، فلا يعرفون معنى الأخوة، ولا يكفون عن قتل المدنيين، وقد دمَّر الإرهاب بلدنا، ولهذا السبب أنا هنا؛ لأكسر شوكة عدو بلدي.“
وتخلل تمرين «الوفاق المبرر» تدريبات أخرى مثل العمليات الحضرية وتكتيكات المناورة المشتركة وتنسيق قوات الأمن.
وقال ضاهر: ”لا يبخلون علينا [يقصد الولايات المتحدة] أبداً بوقتهم الثمين؛ وهذا من شيم الكرام.“
وترأس الفريق أول جون أوميندا، نائب قائد قوات الدفاع الكينية، ختام تمرين «الوفاق المبرر» لعام 2025 في مركز عمليات مكافحة التمرد والإرهاب ونشر الاستقرار في نانيوكي.
وقال: ”سيأتي الوقت الذي يتوجب عليك فيه أن تستغل المهارات التي تعلمتها هنا، فلا بدَّ أن تتذكر جميع الدروس المستفادة في هذا التمرين.“