أسرة منبر الدفاع الإفريقي
يكثر العمل الدبلوماسي الهندي في القارة، وأمسى الدفاع من أبرز مجالات التعاون.
فقد زار السيد ناريندرا مودي، رئيس وزراء الهند، نيجيريا في تشرين الثاني/نوفمبر 2024، وهي أول مرة يزورها رئيس وزراء الهند منذ 17 سنة، وتعهد مودي والسيد بولا تينوبو، رئيس نيجيريا، أثناء الزيارة بتكثيف التعاون في مجالات مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية والأمن البحري.
ويكمن الهدف من ذلك في مساعدة البلدين على التصدي لخطر التهديدات المتنامية في المحيط الهندي وخليج غينيا، والعلاقة بين البلدين عريقة، إذ شاركت كلتا البحريتين في 47 جولة من تمرين الشراكة البحرية، وهو مناورة تستضيفها الهند في غرب المحيط الهندي.
وخلع تينوبو على مودي شرف «القائد الأعظم لوسام النيجر»، وهو ثاني أعلى وسام وطني في نيجيريا، ووصفه بأنه ”من أشد الناس حرصاً على القيم والمعايير الديمقراطية.“
وقال في تقرير لوكالة أنباء «دويتشه فيله»: ”تثمن نيجيريا علاقتها الممتازة مع الهند وستعمل على الارتقاء بها بما يعود بالخير على بلدينا الصديقين.“
هدأت رياح القرصنة في غرب إفريقيا بضعة سنوات، ثم ارتفعت في عام 2023، بوقوع 22 حادثة في خليج غينيا، وأفاد المكتب البحري الدولي أن 12 حادثة قرصنة أو سطو مسلح وقعت في الخليج في أول تسعة أشهر من عام 2024.
ونجحت البحرية الهندية في إنهاء بعض الهجمات التي شنها قراصنة صوماليون، فأنقذت في آذار/مارس 2024 طاقم السفينة «إم في روين» التي ترفع علم مالطا بعد أن اُختطفت قبالة سواحل الصومال في كانون الأول/ديسمبر 2023. وألقت القبض على 35 قرصاناً وتوجهت بهم إلى مومباي لمحاكمتهم.
جعلت نيودلهي نفسها من أبرز الشركاء الأمنيين في إفريقيا في عام 2015، وذلك حين أطلق مودي سياسة بلاده المسماة «الأمن والنمو للجميع في المنطقة». وساهمت الهند بقوات في العديد من بعثات الأمم المتحدة لحفظ السلام في القارة، كالبعثات المنتشرة في كلٍ من أنغولا وإريتريا وإثيوبيا ورواندا والصومال.
واهتم قدر كبير من جهودها العسكرية في إفريقيا (وفيها 3 ملايين هندي) على مساعدة شركائها على تحقيق الاكتفاء الذاتي في صيانة المعدات العسكرية ومرافق الأرصفة والزوارق والأسلحة والطائرات.
وتقول المحللة طيبة ريحان في مجلة «مودرن دبلوماسي»: ”مشاركة الهند على صعيد الدفاع في إفريقيا عبارة عن مهمة استراتيجية تجمع بين المصالح الاستراتيجية والمخاوف المتعلقة بالأمن البحري والعلاقات التاريخية، وبات السعي وراء الهيمنة الإقليمية ومناطحة اللاعبين العالميين، وخاصة الصين، من ركائز وضع استراتيجيات بحرية واسعة وتعزيز الوجود في المحيط الهندي.“
وأنشأت حكومة مودي محطات مراقبة في شمال مدغشقر وموريشيوس وسيشيل لتتبع النشاط البحري ونشر الأمن في غرب المحيط الهندي، ويشمل ذلك خليج عدن وقناة موزمبيق. وتقع السواحل الشرقية لإفريقيا في محيط الأمن الهندي، وهذا ما دفع الهند إلى توطيد علاقاتها مع كينيا وموزمبيق وتنزانيا.
وتوفر نيودلهي لشركائها الأفارقة المدرعات والمروحيات القتالية وزوارق الدوريات البحرية ومعدات أخرى. وموريشيوس وموزمبيق وسيشيل من أكبر مَن يشترون الأسلحة هندية الصنع.
وشاركت الهند في إنشاء أكاديميات للدفاع في إثيوبيا ونيجيريا وتنزانيا، ومركز تدريب عسكري في أوغندا، وزار مدربون من الجيش الهندي كلاً من بوتسوانا وليسوتو وموريشيوس وناميبيا وسيشيل وتنزانيا وأوغندا وزامبيا،
واستضافت الهند في آذار/مارس 2023 أول اجتماع لقادة جيوش الهند وإفريقيا، واستضافت النسخة الثانية من تمرين التدريب الميداني الإفريقي الهندي في بوني بالهند. وانتهت في ذلك العام من إنشاء مهبط طائرات كبير ورصيف بحري على جزر أغاليغا الصغيرة في موريشيوس. ويمكن لهذه المرافق أن تستقبل طائرات مراقبة من طراز «بوينغ بي-8 آي» وطائرات حربية مضادة للغواصات تابعة للقوات المسلحة الهندية.
كما ستمكِّن مرافق أغاليغا من تسيير دوريات بحرية في قناة موزمبيق، وسيسمح موقعها المميز للبحرية الهندية بمراقبة طرق الشحن حول دول جنوب إفريقيا.
وأثناء زيارة مودي إلى نيجيريا في تشرين الثاني/نوفمبر، ناقش هو وتينوبو أيضاً قضايا الرعاية الصحية والطاقة والأمن الغذائي والتكنولوجيا والتجارة والتنمية الاقتصادية.
وقال مودي في تقرير دويتشه فيله: ”وسنواصل معاً الاهتمام بأولويات الجنوب العالمي على الساحة الدولية، وسننجح أيضاً في ذلك بفضل جهودنا المشتركة.“