هجوم حركة 23 آذار/مارس يثير المخاوف من نشوب حرب إقليمية
أسرة منبر الدفاع الإفريقي
اضطرت المواطنة برودنت كاهيندو وأبناؤها الثلاثة إلى الفرار من منزلهم في شباط/فبراير بسبب المعارك والانفجارات التي تتزايد كل يوم، ووصلوا إلى مخيم عشوائي للمهجَّرين خارج مدينة غوما، لكنهم وجدوا أن حياتهم لا تزال في خطر.
وقالت لمجلة «نيو هيومانيتيريان»: ”ما أشد الحياة تعقيداً هنا، فلا يوجد قماش مشمَّع ولا طعام؛ وإننا لنطلب المساعدة لأن الناس هنا يواجهون خطر الموت من الجوع.“
ظلت غوما، وهي أكبر مدينة في شرقي جمهورية الكونغو الديمقراطية، طيلة سنوات محط أنظار المهجَّرين الباحثين عن الأمان والمساعدات الإنسانية.
فكشفت الأمم المتحدة أن مخيمات المهجَّرين المؤقتة كانت تكتظ بالفعل بنصف مليون ثم زادت أعدادهم بما لا يقل عن 250,000 آخرين في الفترة من منتصف شباط/فبراير إلى منتصف آذار/مارس.
ويطوِّق غوما متمردو حركة 23 آذار/مارس المدعومون من رواندا، وإنما حدثت أزمة التهجير بسبب اشتباكاتهم مع الجيش الكونغولي، ولكن يوشك التهديد الأكبر المتمثل في نشوب حرب إقليمية شاملة أن يحدث على هذه الأراضي.
ويعتقد الكاتب جيسون ستيرنز، مؤسس مجموعة أبحاث الكونغو، أن هذا الصراع قد بدأ بالفعل.
وقال لشبكة «بي بي إس»: ”لا يلبث كل يوم أن يتحول إلى صراع إقليمي؛ فلديك قوات تدخُّل من جنوب إفريقيا وتنزانيا وملاوي، تقاتل إلى حد بعيد قوات رواندية في شرقي الكونغو، ولديك بورونديون يقاتلون قوات رواندية في شرقي الكونغو.“
وتابع قائلاً: ”لا يتحدث أحدٌ عن حرب إقليمية أو يقول إنهم يتقاتلون في شرقي الكونغو، ولكن هذا ما بدأ يحدث إلى حد بعيد، ولذا أعتقد أن الخطر وشيك إذا لم تُحكَّم الدبلوماسية ويُستمع لصوت العقل.“
بدأت حركة 23 آذار/مارس هجومها منذ بداية العام، وذكرت الأمم المتحدة أنها سيطرت على مساحة ”غير مسبوقة“ من الأراضي.
وقالت بعثة حفظ السلام الأممية في الكونغو الديمقراطية، التي تنسحب تدريجياً منها، في مذكرة لموظفيها إن ”الوضع الأمني الحالي يزيد تقلباً مع وصول حركة 23 آذار/مارس إلى الضواحي الشمالية لمدينة ساكي (على بُعد نحو 25 كيلومتراً من غوما).“
وقالت الأمم المتحدة في تقرير صدر يوم 5 نيسان/أبريل:”الأعمال التي قامت بها حركة 23 آذار/مارس مؤخراً تنم عن أنها تنوي السيطرة على غوما، ويمكن أن يصبح ذلك ثاني مرة تحتلها فيها بعد أن سيطرت عليها قليلاً في عام 2012.“
كما أعربت الأمم المتحدة عن قلقها إزاء تزايد التصعيد العسكري في الصراع، إذ أبلغت بعثة حفظ السلام عن طائرات مسيَّرة مسلحة ضربت قواعدها، وتُتهم رواندا بنشر صواريخ أرض جو.
وفي تلك الأثناء، ضغط مجلس الأمن الدولي على رواندا لإنهاء دعمها لميليشيا 23 آذار/مارس التي يقودها التوتسيون، فقد قدَّم خبراء أمميون مستقلون أدلة تكشف أن الحركة تتلقى دعماً مادياً وتدريباً من الجيش الرواندي، إلا أن الرئيس بول كاغامي لا يزال ينفي ضلوع رواندا في ذلك.
وإذ يقع مقر السلطة الكونغولية في كينشاسا على بُعد نحو 2,000 كيلومتر، يقول خبراء أمثال ستيرنز إن المنطقة الشرقية التي أنهكتها الحرب في الكونغو الديمقراطية ظلت عشرات السنين مسرحاً يعج بالتشابكات الإقليمية.
وكتب ستيرنز في مقال لموقع «كونفرسيشن أفريكا» الإخباري نُشر يوم 29 شباط/فبراير: ”تكمن جذور صراع الحركة في أن دولاً أمثال رواندا وأوغندا عازمة على بسط قوتها ونفوذها في شرقي الكونغو الديمقراطية، في حين تبدو الحكومة الكونغولية غير قادرة وغير راغبة في أحيان كثيرة في نشر الاستقرار في أراضيها.“
وذكر السيد يوهان بريوسل، رئيس بعثة منظمة أطباء بلا حدود للإغاثة المتمركزة في غوما، أن توسع مخيمات المهجَّرين المترامية الأطراف حول مشارف غوما يعرِّض الكثير من سكانها للخطر.
وقال لقناة «دويتشه فيله»: ”وصلت المدفعية الآن إلى حدود المخيم، بل إنها دخلته، وأمسى أشبه بالمنطقة العسكرية، وهذا يخيف السكان كثيراً ويهدد وصول المساعدات الإنسانية في المناطق القريبة.“
التعليقات مغلقة.