المراقبون يحذرون من خطر التعليم العسكري المهني الصيني على العلاقات المدنية العسكرية
أسرة منبر الدفاع الإفريقي
قام أسياس أفورقي، رئيس إريتريا، بزيارة رسمية إلى بكين في أيَّار/مايو، استرجع فيها ذكريات رحلة قام بها منذ أكثر من 50 عاماً، تدرب فيها على تكتيكات حرب العصابات في جمهورية الصين الشعبية.
وأسياس واحدٌ من اثنين من القادة الأفارقة الحاليين اللذين شاركا في برنامج التعليم العسكري المهني الصيني؛ والثاني هو إمرسون منانجاجوا رئيس زيمبابوي. يستهدف هذا النظام القيادة العسكرية للقارة لحضور تدريب يؤكد على فلسفة الحزب الشيوعي الصيني التي مفادها أن «الحزب يسيطر على البندقية».
وتروج هذه الفلسفة لفكرة مفادها أن جيش الدولة ينبغي أن يكون موالياً لحكامها أولاً لا للوطن أو الدستور، وهذه الفلسفة تتعارض مع الحكم الراسخ في بلدان إفريقية عدة.
وكتب السيد بول نانتوليا، الباحث المشارك في مركز إفريقيا للدراسات الاستراتيجية، يقول: ”مخاطر نشر هذا النموذج واضحة جلية، خاصة في ظل تراجع الديمقراطية في إفريقيا في العقد الماضي.“
وقبل بعض القادة الأفارقة عرض الصين بما تسميه «العمل السياسي العسكري» من خلال التدريب في الأكاديميات العسكرية والمؤسسات الأخرى في ربوع الصين. وفعلوا ما فعلوا مع أن ما يقرب من 70% من الأفارقة الذين شاركوا في استطلاع رأي أُجري في 34 دولة قالوا لشبكة «أفروباروميتر» إنهم يريدون حكماً أكثر ديمقراطيةً وأقل استبداداً في إفريقيا.
ولكن يمكن أن تصعب مقاومة العرض الذي تقدمه الصين، إذ تقدم 100,000 منحة دراسية كل ثلاث سنوات، ما يصل إلى 6,000 منها مخصصة للتعليم العسكري، وبقيتها مخصصٌ للقيادات المجتمعية وتدريب الشرطة والدراسة الأكاديمية.
وقال نانتوليا: ”لا تزال الكثير من الأحزاب الحاكمة تشعر بجاذبية نموذج جيش الحزب، ولا سيما الأحزاب التي تركز على بقاء النظام.“
أوضح الخبراء أن الانقلابات أو أي تدخل آخر في العملية الديمقراطية يمكن أن تحدث عندما يعرّف الجيش نفسه بأنه يخدم الجيش زعيماً أو حزباً معيناً عوضاً عن خدمة الدستور.
فقالت السيدة جينابا جاغني، سفيرة غامبيا لدى الاتحاد الإفريقي، في ندوة عُقدت مؤخراً حول الانقلابات الإفريقية، برعاية معهد الدراسات الأمنية: ”تسلل جيوشنا غير المبرر إلى حياتنا الديمقراطية مثيرٌ للقلق.“
وفي حين تهدف دورات التعليم العسكري المهني إلى توطيد العلاقات بين الصين والبلدان الإفريقية، أفاد مشاركون أن الأفارقة الذين يدرسون في جامعة الدفاع الوطني التابعة لجيش التحرير الشعبي معزولون عن نظرائهم الصينيين ولا يتمكنون من طرح أية أسئلة على معلميهم الصينيين أو انتقادهم.
خطت الصين خطوة متقدمة في عام 2022 بافتتاح مدرسة مواليمو جوليوس نيريري للقيادة في كيباها بتنزانيا، وهي عبارة عن مشروع مشترك مع أعضاء حركات التحرير السابقة للجنوب الإفريقي، وتضغط على قادة تلك الأحزاب للأخذ بنموذج الحكم الصيني.
وأوضح عالم الاجتماع ماسيمو إنتروفيني، في مقال لمجلة «بيتر وينتر» الإلكترونية، المعنية بنشر الحرية الدينية وحقوق الإنسان، أن المدربين الصينيين يؤكدون على أن الأحزاب الحاكمة ينبغي أن تتخذ إجراءات للبقاء في الحكم لعقودٍ قادمةٍ.
ويقول الخبراء إن مدرسة تنزانيا يمكن أن تشجع الاتجاهات المناهضة للديمقراطية التي ظهرت بالفعل في بعض الدول المشاركة.
وكتب نانتوليا في مقال آخر للمجلس يقول: ”مع أنهم جميعاً يلتزمون ظاهرياً بأنظمة سياسية متعددة الأحزاب، فإن الكثير منهم لا يتهاونون مع المعارضة وأسرفوا في خنق أحزاب المعارضة والتضييق عليها وحتى تفكيكها.“
وإذ لا تزال الصين تنشر فلسفتها العسكرية والسياسية في جنبات إفريقيا، فإنها تصطدم بالشعوب التي تعارض حكم الحزب الواحد بنسبة 77% إلى 23%، كما ورد في استطلاع أفروباروميتر.
ويقول نانتوليا: ”لا يزال هذا التدريب وما يفعله من تشجيع الدول على العمل بنموذج جيش الحزب مصدر قلق، ولا سيما داخل المجتمع المدني؛ وفي ضوء الإرث المأساوي للحكم العسكري في إفريقيا، حريٌ بالبلدان الإفريقية أن تحرص على الالتزام بالمعايير الإفريقية الراسخة للتدريب العسكري والإدارة العسكرية.“
التعليقات مغلقة.