عملية «أفريكا سيبر سيرغ 2» تكافح الجريمة السيبرانية عبر التعاون الدولي
أسرة منبر الدفاع الإفريقي
نجح فريق من محققي الأمن السيبراني الدوليين مؤخراً في اكتشاف ما يزيد على 20,600 موقع إلكتروني مشبوه مرتبط بخسائر مالية تُقدَّر بنحو 40 مليون دولار أمريكي في ربوع إفريقيا.
كانت عملية «أفريكا سيبر سيرغ 2» عملية مشتركة أجراها الإنتربول والأفريبول على مدار أربعة أشهر وشاركت فيها 25 دولة من دول القارة. وبدأت في نيسان/أبريل، وأسفرت بحلول آب/أغسطس عن القبض على 14 شخصاً يقومون بعمليات احتيال إلكتروني في دول مثل الكاميرون وموريشيوس ونيجيريا.
وأعقبت عملية «أفريكا سيبر سيرغ» الأولى التي أُجريت في عام 2022، وكانت كلتا العمليتين تذكِرة بأن سرعة انتشار الإنترنت وتكنولوجيا الهواتف الذكية في إفريقيا قد حدثت، في حالات كثيرة، دون توفير الحماية اللازمة للوقاية من شرور المحتالين الإلكترونيين وسائر العناصر الهدامة، كما ذكر الخبراء.
وقال خبير الأمن السيبراني النيجيري عبد الحكيم عجيجولا لمنبر الدفاع الإفريقي عبر البريد الإلكتروني إن هذا الوضع يتغير، لكنه يتطلب التعاون والثقة بين البلدان الإفريقية وإشراك الأطراف المعنية من القطاع الخاص لتحقيق النجاح على نطاق واسع. يترأس عجيجولا لجنة خطة عمل خارطة الطريق الاستراتيجية لمكتب حماية البيانات النيجيري.
ويقول: ”علينا تغيير المفاهيم الخاطئة لدى قادة الحكومات والمؤسسات الإفريقية بأن الأمن السيبراني ليس مشكلة إفريقية يجب حلها، أضف إلى ذلك سوء الفهم أن زيادة انتشار الإنترنت، دون الثقة القائمة على الأمن السيبراني، لن يؤدي إلى زيادة الاستخدام.“
ومن بين هذه الهجمات التصيد الاحتيالي، وهو عبارة عن هجوم سيبراني يخدع المستخدمين لفتح رسائل البريد الإلكتروني والرسائل النصية التي تطلق العنان لشفرة خبيثة في أنظمة الكمبيوتر والهواتف الذكية الخاصة بهم، وبرامج الفدية التي يستغلها المخترقون لوضع شفرة تغلق نظام الكمبيوتر إلى أن يفتديه صاحبه بالمال.
تطلبت عملية «أفريكا سيبر سيرغ 2» ذلك النوع من التعاون عبر الحدود الذي يؤمن عجيجولا وغيره من خبراء الأمن السيبراني بأهميته، وكان من بين المقبوض عليهم ثلاثة أشخاص في الكاميرون ضالعون في الاحتيال ببيع أعمال فنية بقيمة 850,000 دولار، وقُبض عليهم بفضل تعاون السلطات في ساحل العاج.
وفضلاً عن هؤلاء المقبوض عليهم، فقد قام البرنامج أيضاً بما يلي:
- حذف 185 عنوان إنترنت مرتبط بأنشطة هدامة في غامبيا.
- قاد السلطات الكاميرونية إلى إغلاق موقعين على الإنترنت المظلم.
- قاد السلطات الكينية إلى إغلاق 615 موقعاً إلكترونياً يستضيف برامج خبيثة؛ وهي برامج من المعهود أنها ترتبط بعمليات الاحتيال الإلكتروني مثل التصيد وبرامج الفدية.
وقال السيد يورغن شتوك، الأمين العام للإنتربول، في بيان يعلن نتائج التحقيق: ”لقد أدت عملية «أفريكا سيبر سيرغ 2» إلى رفع كفاءة إدارات مكافحة الجرائم السيبرانية في الدول الأعضاء، فضلاً عن توطيد الشراكات مع الأطراف المعنية الأساسية، مثل فرق الاستجابة لحالات الطوارئ الحاسوبية ومقدمي خدمات الإنترنت؛ وسيساهم ذلك إسهاماً أكبر في الحد من التأثير العالمي للجريمة السيبرانية وحماية مجتمعات المنطقة.“
ساعدت سرعة انتشار الإنترنت في البلدان الإفريقية خلال السنوات الأخيرة، مع ما صاحبها في أحيان كثيرة من غياب وسائل الحماية لمنع النشاط الإجرامي، في تحويل بعض البلدان الإفريقية إلى بؤر لعمليات النصب والاحتيال الإلكتروني والبرامج الخبيثة. وتحدث معظم هذه الأنشطة الإلكترونية الخبيثة في كلٍ من كينيا ونيجيريا وجنوب إفريقيا، وهي دول تتمتع ببعض أعلى مستويات استخدام الإنترنت في القارة.
فقد توصل تقرير صادر عن الجمعية النيجيرية لخبراء الأمن السيبراني هذا العام أن البيئة الرقمية في نيجيريا مبتلاة بضعف الاستجابة للتهديدات الحالية، وتقادم الموارد التكنولوجية، وغياب الشفافية بشأن الهجمات السيبرانية عند حدوثها.
وكشف الإنتربول أن أكثر من 600 مليون إفريقي يستخدمون الإنترنت الآن، ونحو 90٪ منهم لا يلتزمون باحتياطات الأمن السيبراني المناسبة، ويواجه هؤلاء المستخدمون 700 مليون تهديد سيبراني سنوياً.
وأوضحت الجمعية في تقريرها أن الوقاية من الهجمات السيبرانية تتطلب من مستخدمي الإنترنت، سواء أكانوا أفراداً أم مؤسسات مالية أم أجهزة حكومية، أن يكونوا أشد وعياً بالمخاطر التي يشكلها مجرمو الإنترنت عليهم.
ويقول محللو الجمعية في تقريرهم: ”على جميع الأطراف المعنية التعاون لضمان تضافر الجهود لحماية السيادة السيبرانية للبلاد؛ فالأمن السيبراني مسؤولية جماعية.“
وحتى الآن، أنشأت 12 دولة إفريقية أنظمة وطنية للتصدي لقضايا الأمن السيبراني والرد على الهجمات السيبرانية، وصادق أقل من هذا العدد على المعاهدات المخصصة لتناول الجوانب الدولية للجرائم السيبرانية.
وقال المحققون المشاركون في مشروع «أفريكا سيبر سيرغ 2» إن بيئة الإنترنت سريعة التوسع تتطلب من دول القارة بذل المزيد من الجهد لحماية مواطنيها، سواء من خلال الإجراءات الوطنية أو من خلال التعاون عبر الحدود.
وقال السيد جلال شلبا، القائم بأعمال المدير التنفيذي للأفريبول، في بيان: ”مع تزايد أهمية الأنظمة الرقمية وتكنولوجيات المعلومات والاتصالات والذكاء الاصطناعي، فما أحوجنا إلى أن تتعاون الجهات العامة والخاصة لمنع مجرمي الإنترنت من استغلال هذه التقنيات.“
وأضاف قائلاً: ”إن العمليات المنسقة مثل «سيبر سيرغ» ضرورية للتصدي للشبكات الإجرامية وتوفير الحماية اللازمة على مستوى الأفراد والمؤسسات والمجتمعات.“
التعليقات مغلقة.