برنامج ذكاء اصطناعي تونسي ينذر من سلالات كورونا الضارة مبكراً
أسرة منبر الدفاع الإفريقي
يأتي برنامج ذكاء اصطناعي من تصميم شركة تكنولوجيا تونسية في إطار مشروع جديد للتعرف على سلالات فيروس كورونا (كوفيد-19) القاتلة قبل انتشارها.
فقد تأسست شركة «إنستاديب» في تونس في عام 2014 بمبلغ 2,000 دولار أمريكي فحسب بهدف ابتكار الجيل التالي من برامج الذكاء الاصطناعي لتصنيع الإلكترونيات وخدمات الإمداد والتموين والتكنولوجيا الحيوية، وتعاونت مع شركة «بيونتيك» الألمانية في مطلع عام 2021 لابتكار برنامج ذكاء اصطناعي للتنبؤ بالسلالات الجديدة الخطيرة، وتصفان البرنامج على أنه نظام إنذار مبكر.
وقال المهندس كريم بقير، المؤسس المشارك لشركة «إنستاديب» ومديرها التنفيذي، في بيان: ”يمكن لأول مرة اكتشاف سلالات عالية الخطورة على الفور، مما قد يوفر شهوراً من الوقت الثمين؛ ويسعدنا أن نجعل عملنا البحثي متاحاً للجميع، والأهم أننا نتطلع إلى استمرار تأثيره الواقعي.“
جمعت «إنستاديب» عقب إعلانها في مطلع كانون الثاني/يناير 100 مليون دولار من المستثمرين؛ ومن بينهم «بيونتيك» و«جوجل» وشركة السكك الحديد الألمانية «دويتشه بان». ولدى «إنستاديب» باحثون ومهندسون في نيجيريا وجنوب إفريقيا وتونس فضلاً عن بريطانيا وفرنسا والإمارات.
يعمل برنامج الذكاء الاصطناعي على مراجعة عينات كورونا المرفوعة إلى قاعدة بيانات عالمية تفهرس التسلسلات الجينية للفيروس خلال انتشاره حول العالم.
ويبحث البرنامج عن التغيرات المهمة الحادثة في البروتينات الشوكية؛ وهي عبارة عن «المفاتيح» التي يستخدمها الفيروس لاقتحام الخلايا التي يتكاثر فيها. كما تعد البروتينات الشوكية ركيزة من الركائز التي يعتمد عليها جهاز المناعة للتعرف على الفيروس وتحييده.
وتستطيع الطفرات الحادثة في البروتينات الشوكية مساعدة الفيروس على تجاوز دفاعات جهاز المناعة.
وذكر بقير أنَّ هذا السيل من عينات كورونا التي تنهال على قاعدة البيانات العالمية تتجاوز قدرة الخبراء من البشر على تحليلها بسرعة.
فيقول: ”يجري حالياً اكتشاف أكثر من 10,000 تسلسل لسلالات جديدة كل أسبوع، ولا يستطيع الخبراء من البشر التعامل مع بيانات معقدة بهذا الحجم.“
تتطور السلالات بشكل طبيعي على إثر تكاثر الفيروس داخل الخلايا، وتشكل كل إصابة فرصة جديدة للفيروس لتكوين سلالة يمكنها الهروب من جهاز المناعة؛ ومعظم السلالات غير ضارة، ولكن توجد سلالات أخرى، كسلالة «دلتا»، تستطيع أن تودي بحياة البشر في ربوع العالم.
وقد اكتشف العلماء مؤخراً سلالتين على الأقل في جنوب إفريقيا؛ وهما سلالتا «سي.2.1» و«أوميكرون» اللتان تحتويان على أعلى عدد من الطفرات الجينية المسجلة حتى الآن. ويقول العلماء إنَّ تلك الطفرات من المحتمل أنها حدثت على إثر طول الفترة التي ربما استغرقها إنسان يعاني من ضعف في جهاز المناعة لمقاومة الفيروس.
وفيما نجحت الفرق في ابتكار البرنامج خلال الفترة من أيلول/سبتمبر 2020 وحتى تشرين الثاني/نوفمبر 2021، فقد تمكن برنامج «إنستاديب» من التعرف على جميع السلالات الرئيسية المنتشرة في العالم، وعددها 13 سلالة، وأنذر من قدرتها على إيذاء البشر، باستثناء سلالة واحدة، وذلك قبل أسابيع أو أشهر من قيام منظمة الصحة العالمية بدق جرس الإنذار بشأنها. ووصف البرنامج سلالة «ألفا» بأنها من السلالات المثيرة للقلق بعد مراجعة 25 عينة، وتوصلت منظمة الصحة لنفس التقييم بعد دراسة نحو 1,600 عينة.
أمَّا السلالة الوحيدة التي لم يرصدها نظام الإنذار المبكر الخاص بشركة «إنستاديب»، فهي سلالة «دلتا» التي اكتشفها العلماء لأول مرة في الهند. وأشار بقير في ورقة بحثية منشورة على منصة «بيوأركايڤ» إلى أنَّ قدرة الهند محدودة على إجراء فحوصات التسلسل الجينومي للفيروس، كما أنها تفرض قيوداً على نشر البيانات البيولوجية؛ لذا فإنَّ قاعدة البيانات العالمية تفتقر إلى بيانات كافية عن سلالة «دلتا» حتى يتمكن برنامج الذكاء الاصطناعي من القيام بوظيفته.
وذكرت شركة «بيونتيك» أنَّ البرنامج يستطيع عند توفر البيانات الكافية التعرف على السلالة التي يمكنها تهديد حياة البشر في غضون يوم واحد من فحص العينة، وقد أنذر من سلالة «أوميكرون» في نفس اليوم الذي درسها فيه.
وقال الدكتور أوغور شاهين، المؤسس المشارك لشركة «بيونتيك» ومديرها التنفيذي: ”يمكن أن يكون الإنذار المبكر من السلالات القادرة على تشكيل خطورة كبيرة أداة فعالة لتنبيه الباحثين ومبتكري اللقاحات والسلطات الصحية وواضعي السياسات؛ وبالتالي توفير متسع من الوقت للتصدِّي للسلالات الجديدة المثيرة للقلق.“
التعليقات مغلقة.