Africa Defense Forum
Africa Defense Forum

أرض غير مألوفة

هل تستطيع البنادق المأجورة قلب الكفة في محافظة كابو ديلجادو المستعصية في موزمبيق؟

بقلم‭ ‬سيريل‭ ‬زندا

رسَّخت جماعة‭ ‬متمرِّدة‭ ‬غامضة‭ ‬وعديمة‭ ‬الرحمة‭ ‬في‭ ‬محافظة‭ ‬كابو‭ ‬ديلجادو‭ ‬الواقعة‭ ‬شمالي‭ ‬موزمبيق،‭ ‬وظهر‭ ‬هؤلاء‭ ‬المسلحون‭ ‬المتحالفون‭ ‬مع‭ ‬تنظيم‭ ‬الدولة‭ ‬الإسلامية‭ (‬داعش‭)‬،‭ ‬وشهرتهم‭ ‬‮«‬أنصار‭ ‬السنة‮»‬،‭ ‬في‭ ‬تشرين‭ ‬الأول‭/‬أكتوبر‭ ‬2017،‭ ‬وأججوا‭ ‬أعمال‭ ‬عنف‭ ‬أسفرت‭ ‬عن‭ ‬مقتل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬2‭,‬500‭ ‬مواطن‭ ‬ونزوح‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬700‭,‬000‭ ‬آخرين‭ ‬حتى‭ ‬منتصف‭ ‬آذار‭/‬مارس‭ ‬2021‭.‬

تقع‭ ‬محافظة‭ ‬كابو‭ ‬ديلجادو‭ ‬على‭ ‬الحدود‭ ‬الشمالية‭ ‬لموزمبيق‭ ‬مع‭ ‬تنزانيا،‭ ‬ويقطنها‭ ‬نحو‭ ‬2‭.‬3‭ ‬مليون‭ ‬نسمة،‭ ‬60٪‭ ‬منهم‭ ‬مسلمون،‭ ‬ويسميها‭ ‬السكان‭ ‬المحليون‭ ‬باسم‭ ‬‮«‬كيب‭ ‬المنسيَّة‮»‬‭.‬

استعانت‭ ‬الحكومة‭ ‬الموزمبيقية‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2019‭ ‬بشركات‭ ‬عسكرية‭ ‬خاصة‭ ‬لمساعدتها‭ ‬على‭ ‬مكافحة‭ ‬المتمرِّدين،‭ ‬وحققت‭ ‬نجاحاً‭ ‬متبايناً،‭ ‬فهذه‭ ‬الجماعات‭ ‬مثيرة‭ ‬للجدل‭ ‬وتسلِّط‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬التداعيات‭ ‬المالية‭ ‬وحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬بإسناد‭ ‬مهمة‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬إلى‭ ‬جهات‭ ‬لها‭ ‬مصالحها‭ ‬الخاصة‭.‬

وعلاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬يقول‭ ‬المحللون‭ ‬إنَّ‭ ‬اعتماد‭ ‬موزمبيق‭ ‬على‭ ‬الشركات‭ ‬العسكرية‭ ‬الخاصة‭ ‬عالية‭ ‬التكلفة‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬الشمالية‭ ‬الشرقية‭ ‬بالمحافظة‭ ‬الغنية‭ ‬بالغاز‭ ‬الطبيعي‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬خطوة‭ ‬غير‭ ‬مستدامة‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬الطويل‭.‬

فيقول‭ ‬السيد‭ ‬ليونيل‭ ‬دايك،‭ ‬رئيس‭ ‬مجموعة‭ ‬دايك‭ ‬الاستشارية،‭ ‬وهي‭ ‬شركة‭ ‬عسكرية‭ ‬خاصة‭ ‬من‭ ‬جنوب‭ ‬إفريقيا‭ ‬ساعدت‭ ‬الحكومة‭ ‬على‭ ‬إخماد‭ ‬التمرد‭ ‬في‭ ‬كابو‭ ‬ديلجادو‭: ‬“بات‭ ‬الوضع‭ ‬في‭ ‬غاية‭ ‬الخطورة‭.‬”‭ ‬وقال‭ ‬لموقع‭ ‬‮«‬أفريكا‭ ‬أنأوثورايزد‮»‬‭ ‬في‭ ‬تمّوز‭/‬يوليو‭ ‬2020‭: ‬“إلَّا‭ ‬أنَّ‭ ‬قوات‭ ‬الدفاع‭ ‬الموزمبيقية‭ ‬غير‭ ‬مستعدة‭ ‬وتعاني‭ ‬من‭ ‬نقص‭ ‬الموارد،‭ ‬وعلينا‭ ‬الإسراع‭ ‬بالتحرك‭.‬”

ويحاول‭ ‬الجيش‭ ‬الوطني‭ ‬منذ‭ ‬نهاية‭ ‬عام‭ ‬2017‭ ‬سحق‭ ‬تلك‭ ‬الجماعة‭ ‬المسلحة‭ ‬التي‭ ‬زعزعت‭ ‬استقرار‭ ‬المنطقة‭ ‬التي‭ ‬قصدتها‭ ‬شركات‭ ‬‮«‬إكسون‭ ‬موبيل‮»‬‭ ‬و«توتال‮»‬‭ ‬وشركات‭ ‬طاقة‭ ‬عالمية‭ ‬أخرى‭ ‬للاستفادة‭ ‬من‭ ‬ثروات‭ ‬الغاز‭ ‬الطبيعي‭ ‬التي‭ ‬تبلغ‭ ‬قيمتها‭ ‬60‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬أمريكي‭.‬

هذه السيارة تُركت محطمة على جانب الطريق بعدما نصب مسلحون كميناً لقافلة مدنية في موزمبيق في آذار/مارس 2021. مجموعة دايك الاستشارية/رويترز

جذور‭ ‬التمرد

انطلقت‭ ‬جماعة‭ ‬أنصار‭ ‬السنة‭ ‬في‭ ‬تمردها‭ ‬الهدَّام‭ ‬فيما‭ ‬كانت‭ ‬شركات‭ ‬الغاز‭ ‬تضع‭ ‬حجر‭ ‬الأساس‭ ‬لعملها،‭ ‬ويسميها‭ ‬السكان‭ ‬المحليون‭ ‬‮«‬الشباب‮»‬،‭ ‬ولكن‭ ‬ليست‭ ‬لها‭ ‬أية‭ ‬علاقة‭ ‬بحركة‭ ‬الشباب‭ ‬الموالية‭ ‬لتنظيم‭ ‬القاعدة‭ ‬والمتمركزة‭ ‬في‭ ‬الصومال‭.‬

وفي‭ ‬ظل‭ ‬عدم‭ ‬توافق‭ ‬الآراء‭ ‬حول‭ ‬دوافعها،‭ ‬يتفق‭ ‬المحللون‭ ‬على‭ ‬أنَّ‭ ‬الدين‭ ‬ربما‭ ‬كان‭ ‬بمثابة‭ ‬نقطة‭ ‬تلاقي‭ ‬للقانتين‭ ‬بالفعل‭ ‬على‭ ‬شيوع‭ ‬صور‭ ‬الظلم‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والاقتصادي‭ ‬والسياسي‭ ‬التي‭ ‬ظهرت‭ ‬منذ‭ ‬استقلال‭ ‬موزمبيق‭ ‬عن‭ ‬البرتغال‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1975‭. ‬وقد‭ ‬جعلت‭ ‬هذه‭ ‬الظروف‭ ‬الشباب‭ ‬في‭ ‬الغالب‭ ‬يميلون‭ ‬إلى‭ ‬حركات‭ ‬متطرِّفة‭ ‬كأنصار‭ ‬السنة‭ ‬التي‭ ‬تبشِّر‭ ‬بأنَّ‭ ‬نموذجها‭ ‬الإسلامي‭ ‬سيداوي‭ ‬الفساد‭ ‬وحكم‭ ‬النخب‭.‬

وأفادت‭ ‬هيئة‭ ‬الإذاعة‭ ‬البريطانية‭ ‬أنَّ‭ ‬أحد‭ ‬المتشددين‭ ‬قال‭ ‬في‭ ‬مقطع‭ ‬فيديو‭ ‬نُشر‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2020‭: ‬“نحتل‭ [‬البلدات‭] ‬لنكشف‭ ‬ظلم‭ ‬الحكومة‭ ‬الحالية،‭ ‬فهي‭ ‬تذل‭ ‬الفقراء‭ ‬وتثري‭ ‬أرباب‭ ‬الأعمال‭.‬”

يربط‭ ‬الدكتور‭ ‬إريك‭ ‬مورييه‭ ‬جينود،‭ ‬عالم‭ ‬السياسة‭ ‬الموزمبيقي‭ ‬المولد‭ ‬بجامعة‭ ‬كوينز‭ ‬في‭ ‬بلفاست‭ ‬بأيرلندا‭ ‬الشمالية،‭ ‬التمرد‭ ‬بديناميكيات‭ ‬تاريخية‭ ‬واجتماعية‭ ‬بعينها‭.‬

فيقول‭: ‬“ظهرت‭ ‬الحركة‭ ‬وسط‭ ‬طائفة‭ ‬دينية‭ ‬واجتماعية‭ ‬وعرقية‭ ‬معينة‭ ‬تعرف‭ ‬باسم‭ ‬‮«‬المواني‮»‬،‭ ‬تشعر‭ ‬بأنها‭ ‬تعرَّضت‭ ‬للتهميش‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬عقود‭ ‬من‭ ‬الزمن‭ ‬على‭ ‬إثر‭ ‬الهجرة‭ ‬إلى‭ ‬منطقتهم،‭ ‬وغياب‭ ‬التنمية‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬والنفوذ‭ ‬السياسي‭ ‬لجيرانهم‭.‬”

ويرى‭ ‬الدكتور‭ ‬لورنزو‭ ‬ماكاجنو،‭ ‬الذي‭ ‬أجرى‭ ‬أبحاثاً‭ ‬عن‭ ‬الإسلام‭ ‬في‭ ‬محافظة‭ ‬نامبولا‭ ‬بموزمبيق،‭ ‬أنَّ‭ ‬أعمال‭ ‬العنف‭ ‬على‭ ‬أيدي‭ ‬المتمرِّدين‭ ‬في‭ ‬محافظة‭ ‬كابو‭ ‬ديلجادو‭ ‬المجاورة‭ ‬لنامبولا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬تعبيراً‭ ‬عن‭ ‬توترات‭ ‬التشدد‭ ‬الديني‭ ‬التي‭ ‬اصطبغ‭ ‬بها‭ ‬الإسلام‭ ‬في‭ ‬موزمبيق‭ ‬طيلة‭ ‬عقود‭ ‬من‭ ‬الزمن‭.‬

ويقول‭ ‬ماكاجنو‭ ‬أستاذ‭ ‬الأنثروبولوجيا‭ ‬بجامعة‭ ‬بارانا‭ ‬البرازيلية‭: ‬“وجدت‭ ‬الإسلام‭ ‬في‭ ‬محافظة‭ ‬نامبولا‭ ‬ديناً‭ ‬يدعو‭ ‬إلى‭ ‬التراحم‭ ‬والسلام،‭ ‬لكنني‭ ‬أعلم‭ ‬أنه‭ ‬يتصف‭ ‬كذلك‭ ‬بالتوترات‭ ‬الداخلية‭ ‬ويتعرَّضون‭ ‬الآن‭ ‬لاستقراء‭ ‬التشدد‭ ‬الديني‭ ‬في‭ ‬كابو‭ ‬ديلجادو‭.‬”

ويرى‭ ‬ماكاجنو‭ ‬أنَّ‭ ‬الفقر‭ ‬وقمع‭ ‬الدولة‭ ‬ووجود‭ ‬رأس‭ ‬مال‭ ‬أجنبي‭ ‬في‭ ‬مشاريع‭ ‬الغاز‭ ‬الطبيعي‭ ‬تعجز‭ ‬عن‭ ‬تفسير‭ ‬الانتفاضة‭ ‬المسلحة‭ ‬في‭ ‬كابو‭ ‬ديلجادو،‭ ‬إذ‭ ‬توجد‭ ‬هذه‭ ‬العوامل‭ ‬في‭ ‬بقاع‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬إفريقيا‭ ‬والعالم‭ ‬ولا‭ ‬يوجد‭ ‬بها‭ ‬تشدد‭ ‬ديني‭ ‬مسلح‭.‬

وذكر‭ ‬أنَّ‭ ‬الجماعات‭ ‬المسلحة‭ ‬“تقدم‭ ‬نفسها‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬حركة‭ ‬دينية‭ ‬ولديها‭ ‬أجندة‭ ‬لإنقاذ‭ ‬إسلام‭ ‬يحارب‭ ‬المسلمين‭ ‬الذين‭ ‬يعتبرون‭ ‬مرتدين‭ ‬لتعاونهم‭ ‬مع‭ ‬الدولة‭ ‬العلمانية‭.‬”

حل‭ ‬عسكري

وصفت‭ ‬حكومة‭ ‬الرئيس‭ ‬فيليب‭ ‬نيوسي‭ ‬في‭ ‬مابوتو‭ ‬التمرد‭ ‬المسلح‭ ‬بأنه‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬قطَّاع‭ ‬الطرق‭ ‬ونشرت‭ ‬قوات‭ ‬عسكرية‭ ‬على‭ ‬أمل‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬المسلحين‭ ‬في‭ ‬القريب‭ ‬العاجل،‭ ‬بيد‭ ‬أنَّ‭ ‬هذا‭ ‬التحرك‭ ‬أثبت‭ ‬فشله‭ ‬وعدم‭ ‬جدواه‭.‬

ولم‭ ‬يتفاجأ‭ ‬الباحثون‭ ‬بمرصد‭ ‬البيئة‭ ‬الريفية،‭ ‬وهو‭ ‬عبارة‭ ‬منظمة‭ ‬موزمبيقية‭ ‬غير‭ ‬حكومية،‭ ‬بفشل‭ ‬التحرك‭ ‬العسكري،‭ ‬إذ‭ ‬يقولون‭ ‬إنَّ‭ ‬بعض‭ ‬عناصر‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة‭ ‬يشاطرون‭ ‬المسلحين‭ ‬الشعور‭ ‬بالظلم‭ ‬بسبب‭ ‬معاناتهم‭ ‬كذلك‭ ‬من‭ ‬إهمال‭ ‬الحكومة‭ ‬لهم‭.‬

وذكروا‭ ‬أنَّ‭ ‬المواطنين‭ ‬العاديين‭ ‬كانوا‭ ‬يخشون‭ ‬القوات‭ ‬الحكومية‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬التمرد‭ ‬أكثر‭ ‬ممَّا‭ ‬كانوا‭ ‬يخشون‭ ‬المتمرِّدين‭.‬

ويقول‭ ‬باحثو‭ ‬المرصد‭: ‬“في‭ ‬الواقع‭ ‬يشكو‭ ‬رجال‭ ‬الجيش‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬من‭ ‬تدني‭ ‬رواتبهم‭ ‬ومن‭ ‬مشكلات‭ ‬الإمداد‭ ‬والتموين‭.‬”

كما‭ ‬أثارت‭ ‬التحركات‭ ‬العسكرية‭ ‬غضب‭ ‬المواطنين‭ ‬أنفسهم،‭ ‬إذ‭ ‬ذكر‭ ‬الباحثون‭ ‬أنَّ‭ ‬بعض‭ ‬المواطنين‭ ‬“يشكون‭ ‬من‭ ‬سرقة‭ ‬عناصر‭ ‬الجيش‭ ‬لهم‭ ‬وابتزاز‭ ‬أموالهم،‭ ‬وتشير‭ ‬التقارير‭ ‬الإخبارية‭ ‬ومقاطع‭ ‬الفيديو‭ ‬المنتشرة‭ ‬على‭ ‬الواتساب‭ ‬إلى‭ ‬الشعور‭ ‬العام‭ ‬بأنَّ‭ ‬الجيش‭ ‬لا‭ ‬يحمي‭ ‬المواطنين‭ ‬كما‭ ‬ينبغي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تجنب‭ ‬المواجهة‭ ‬مع‭ ‬المتمرِّدين‭.‬”

يعتبر‭ ‬رجال‭ ‬الجيش‭ ‬والشرطة‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬الموظفين‭ ‬الحكوميين‭ ‬الذين‭ ‬يتقاضون‭ ‬رواتب‭ ‬متدنية‭ ‬في‭ ‬موزمبيق،‭ ‬وقد‭ ‬أثَّر‭ ‬ذلك‭ ‬بشدة،‭ ‬بجانب‭ ‬شح‭ ‬الموارد،‭ ‬على‭ ‬روحهم‭ ‬المعنوية،‭ ‬وخلق‭ ‬ظروفاً‭ ‬ساعدت‭ ‬على‭ ‬شيوع‭ ‬الفساد‭.‬

اللجوء‭ ‬إلى‭ ‬المرتزقة

عندما‭ ‬تبيَّن‭ ‬في‭ ‬منتصف‭ ‬عام‭ ‬2019‭ ‬أنَّ‭ ‬قوات‭ ‬الدفاع‭ ‬الموزمبيقية‭ ‬غير‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬ذلك‭ ‬التمرد،‭ ‬لجأ‭ ‬نيوسي‭ ‬إلى‭ ‬الشركات‭ ‬العسكرية‭ ‬الخاصة‭ ‬لمساعدة‭ ‬البلاد‭.‬

فوصل‭ ‬نحو‭ ‬200‭ ‬مرتزق‭ ‬من‭ ‬مجموعة‭ ‬ڤاغنر‭ ‬إلى‭ ‬كابو‭ ‬ديلجادو‭ ‬في‭ ‬أيلول‭/‬سبتمبر‭ ‬2019‭ ‬سراً،‭ ‬ومجموعة‭ ‬ڤاغنر‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬شركة‭ ‬عسكرية‭ ‬خاصة‭ ‬يديرها‭ ‬رجل‭ ‬الأعمال‭ ‬الروسي‭ ‬يڤغيني‭ ‬بريغوجين‭ ‬المقرَّب‭ ‬من‭ ‬الكرملين،‭ ‬وقد‭ ‬فازت‭ ‬مجموعة‭ ‬ڤاغنر‭ ‬بهذا‭ ‬العقد‭ ‬المربح‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الشركات‭ ‬العسكرية‭ ‬الخاصة‭ ‬بإفريقيا‭ ‬صاحبة‭ ‬الباع‭ ‬الطويل‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬وهذا‭ ‬يسلِّط‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬الغموض‭ ‬الذي‭ ‬يكتنف‭ ‬أمثال‭ ‬هذه‭ ‬العقود‭.‬

وقد‭ ‬كان‭ ‬افتقار‭ ‬ڤاغنر‭ ‬للخبرة‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬مكلفاً،‭ ‬إذ‭ ‬انسحبت‭ ‬بحلول‭ ‬تشرين‭ ‬الثاني‭/‬نوفمبر‭ ‬2019‭ ‬على‭ ‬عجل‭ ‬من‭ ‬كابو‭ ‬ديلجادو‭ ‬بعد‭ ‬تعرضها‭ ‬لخسائر‭ ‬فادحة،‭ ‬كأن‭ ‬قُطعت‭ ‬رؤوس‭ ‬بعض‭ ‬عناصرها‭.‬

وتشجَّع‭ ‬المتمرِّدون‭ ‬بانتصاراتهم‭ ‬على‭ ‬القوات‭ ‬الروسية‭ ‬التي‭ ‬تفوقهم‭ ‬في‭ ‬عتادها‭ ‬ومعداتها،‭ ‬فشنوا‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الهجمات‭ ‬الجريئة‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2020‭.‬

وحمل‭ ‬ذلك‭ ‬الحكومة‭ ‬في‭ ‬نيسان‭/‬أبريل‭ ‬2020‭ ‬على‭ ‬الاستعانة‭ ‬بشركة‭ ‬‮«‬مجموعة‭ ‬دايك‭ ‬الاستشارية‮»‬،‭ ‬ووردت‭ ‬على‭ ‬الفور‭ ‬أنباء‭ ‬بإحراز‭ ‬قدر‭ ‬من‭ ‬النجاح،‭ ‬كقتل‭ ‬129‭ ‬متمرِّداً‭.‬

وقال‭ ‬دايك،‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬على‭ ‬رتبة‭ ‬عقيد‭ ‬في‭ ‬الجيش‭ ‬الزيمبابوي،‭ ‬لموقع‭ ‬‮«‬أفريكا‭ ‬أنأوثورايزد‮»‬‭ ‬في‭ ‬تمّوز‭/‬يوليو‭ ‬2020‭ ‬عندما‭ ‬أسهب‭ ‬في‭ ‬استعراض‭ ‬أنباء‭ ‬التمثيل‭ ‬بالجثث‭ ‬وأكل‭ ‬لحوم‭ ‬البشر‭: ‬“لم‭ ‬أرَ‭ ‬مثيلاً‭ ‬لبعض‭ ‬الفظائع‭ ‬المرتكبة،‭ ‬وقد‭ ‬شهدت‭ ‬عدة‭ ‬حروب،‭ ‬في‭ ‬أماكن‭ ‬شتَّى؛‭ ‬ويتصف‭ ‬هذا‭ ‬العدو،‭ ‬مع‭ ‬همجيته،‭ ‬بالتنظيم‭ ‬والحافزية‭ ‬والتجهيز‭ ‬الجيد،‭ ‬وإذا‭ ‬لم‭ ‬نتفوق‭ ‬عليه،‭ ‬فلسوف‭ ‬يتوسع‭ ‬جنوباً‭ ‬بسرعة‭ ‬وسيكون‭ ‬ذلك‭ ‬طامة‭ ‬كبرى‭ ‬على‭ ‬المنطقة‭ ‬بأسرها‭.‬”

وذكر‭ ‬مسؤول‭ ‬بشركة‭ ‬دايك‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬صدر‭ ‬يوم‭ ‬31‭ ‬آذار‭/‬مارس‭ ‬2021‭ ‬أنَّ‭ ‬موزمبيق‭ ‬لم‭ ‬تفكر‭ ‬في‭ ‬تمديد‭ ‬عقد‭ ‬الشركة،‭ ‬وجاء‭ ‬هذا‭ ‬الإعلان‭ ‬بعد‭ ‬صدور‭ ‬تقرير‭ ‬لمنظمة‭ ‬العفو‭ ‬الدولية‭ ‬اتهم‭ ‬كافة‭ ‬أطراف‭ ‬الصراع‭ ‬بارتكاب‭ ‬انتهاكات‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭.‬

ويُقال‭ ‬أيضاً‭ ‬إنَّ‭ ‬موزمبيق‭ ‬قد‭ ‬استعانت‭ ‬بشركة‭ ‬‮«‬مجموعة‭ ‬باراماونت‮»‬،‭ ‬وهي‭ ‬شركة‭ ‬عالمية‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الطيران‭ ‬والتكنولوجيا‭ ‬بجنوب‭ ‬إفريقيا،‭ ‬ومع‭ ‬أنها‭ ‬لا‭ ‬توفر‭ ‬عناصر‭ ‬مسلحة،‭ ‬فإنها‭ ‬توفر‭ ‬عربات‭ ‬مدرَّعة‭ ‬وطائرات‭ ‬حربية‭ ‬وطائرات‭ ‬مسيَّرة‭ ‬وسفن‭ ‬بحرية‭ ‬وتدريب‭ ‬للطيَّارين‭ ‬وعناصر‭ ‬شرطية‭ ‬للكلاب‭ ‬البوليسية‭ ‬ومشغلي‭ ‬مركبات‭.‬

الملاجئ المؤقتة في مقاطعة ميتوج بكابو ديلجادو تؤوي الفارين من العنف المسلح. وكالة الأنباء الفرنسية/صور غيتي

تكلفة‭ ‬الشركات‭ ‬العسكرية‭ ‬الخاصة

قد‭ ‬لا‭ ‬يُكشف‭ ‬عن‭ ‬تكلفة‭ ‬البنادق‭ ‬المأجورة‭ ‬قط،‭ ‬بيد‭ ‬أنَّ‭ ‬المحللين‭ ‬يقولون‭ ‬إنَّ‭ ‬خدمات‭ ‬الشركات‭ ‬العسكرية‭ ‬الخاصة‭ ‬باهظة‭ ‬التكلفة‭ ‬دائماً‭.‬

كتب‭ ‬الخبير‭ ‬الأمني‭ ‬بين‭ ‬سيمونسون‭ ‬مقالاً‭ ‬لموقع‭ ‬‮«‬رؤى‭ ‬المخاطر‭ ‬العالمية‮»‬‭ ‬جاء‭ ‬فيه‭: ‬“لا‭ ‬ريب‭ ‬أنَّ‭ ‬الاستعانة‭ ‬بالشركات‭ ‬العسكرية‭ ‬الخاصة‭ ‬أمر‭ ‬مثير‭ ‬لجدل‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬كموزمبيق؛‭ ‬ويدل‭ ‬غياب‭ ‬الشفافية‭ ‬على‭ ‬صعوبة‭ ‬تقييم‭ ‬مدى‭ ‬ربحية‭ ‬هذه‭ ‬العقود،‭ ‬ولكن‭ ‬من‭ ‬الواضح‭ ‬أنَّ‭ ‬الاستعانة‭ ‬بالمتعاقدين‭ ‬الخاصين‭ ‬مكلفة،‭ ‬إذ‭ ‬تحصل‭ ‬بعض‭ ‬الشركات‭ ‬العسكرية‭ ‬الخاصة‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يتجاوز‭ ‬رواتب‭ ‬الجيش‭ ‬الأمريكي‭ ‬بنحو‭ ‬أربعة‭ ‬أضعاف‭.‬”

أظهرت‭ ‬البيانات‭ ‬التي‭ ‬كشفت‭ ‬عنه‭ ‬الشركات‭ ‬العسكرية‭ ‬الخاصة‭ ‬الأخرى‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تفز‭ ‬بعقد‭ ‬موزمبيق‭ ‬عندما‭ ‬رسي‭ ‬على‭ ‬مجموعة‭ ‬ڤاغنر‭ ‬أنها‭ ‬كانت‭ ‬تتقاضى‭ ‬آنذاك‭ ‬فواتيراً‭ ‬شهرية‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬25‭,‬000‭ ‬دولار‭ ‬أمريكي‭ ‬لكل‭ ‬متعاقد‭ ‬على‭ ‬الأرض،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬المعدات‭ ‬واعتبارات‭ ‬الإمداد‭ ‬والتموين‭ ‬لأخرى‭.‬

ولئن‭ ‬صحَّت‭ ‬دقة‭ ‬هذه‭ ‬المبالغ،‭ ‬فإنَّ‭ ‬المدفوعات‭ ‬الشهرية‭ ‬لإحدى‭ ‬الشركات‭ ‬العسكرية‭ ‬الخاصة‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تتجاوز‭ ‬بسهولة‭ ‬فاتورة‭ ‬كافة‭ ‬رواتب‭ ‬الجيش‭ ‬الموزمبيقي‭ ‬الذي‭ ‬يبلغ‭ ‬قوامه‭ ‬11‭,‬200‭ ‬فرد،‭ ‬يتقاضى‭ ‬الواحد‭ ‬منهم‭ ‬70‭ ‬دولاراً‭ ‬في‭ ‬المتوسط‭ ‬شهرياً‭.‬

أثارت‭ ‬التكاليف‭ ‬الضخمة‭ ‬للشركات‭ ‬الخاصة‭ ‬تساؤلات‭ ‬حول‭ ‬كيف‭ ‬يمكن‭ ‬لموزمبيق‭ ‬تحمل‭ ‬هذه‭ ‬النفقات‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬الطويل،‭ ‬مع‭ ‬الأخذ‭ ‬في‭ ‬الاعتبار‭ ‬طول‭ ‬أمد‭ ‬تمردات‭ ‬المتشددين‭ ‬كالتي‭ ‬يشنها‭ ‬تنظيم‭ ‬بوكو‭ ‬حرام‭ ‬في‭ ‬غرب‭ ‬إفريقيا‭ ‬وحركة‭ ‬الشباب‭ ‬في‭ ‬الصومال‭.‬

ويرى‭ ‬الدكتور‭ ‬كالتون‭ ‬كاديدو،‭ ‬المحاضر‭ ‬بجامعة‭ ‬جواكيم‭ ‬شيسانو‭ ‬بمابوتو‭ ‬والخبير‭ ‬في‭ ‬شؤون‭ ‬الدفاع‭ ‬والأمن،‭ ‬أنَّ‭ ‬الوضع‭ ‬الحالي‭ ‬يرجع‭ ‬إلى‭ ‬السياسات‭ ‬السابقة‭.‬

فيقول‭: ‬“ضعفت‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة‭ ‬لأسباب‭ ‬سياسية‭ ‬واقتصادية‭ ‬وجيوسياسية‭. ‬فعلى‭ ‬الصعيد‭ ‬السياسي،‭ ‬استعانت‭ ‬أصوات‭ ‬مختلفة،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬المانحين،‭ ‬بحجج‭ ‬ساخرة‭ ‬تستند‭ ‬إلى‭ ‬النظرية‭ ‬الليبرالية‭ ‬لإضعاف‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة‭.‬”

وذكر‭ ‬أنه‭ ‬بات‭ ‬جلياً‭ ‬الآن‭ ‬أنَّ‭ ‬التراجع‭ ‬عن‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬الجيش‭ ‬كان‭ ‬خطأ‭: ‬“ولا‭ ‬ريب‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬تحديث‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة‭ ‬اليوم‭.‬”

يتفق‭ ‬سيمونسون‭ ‬على‭ ‬أنَّ‭ ‬الشركات‭ ‬العسكرية‭ ‬الخاصة‭ ‬تأتي‭ ‬لسد‭ ‬فجوة‭ ‬أمنية‭ ‬ضخمة‭ ‬لا‭ ‬طاقة‭ ‬للقوات‭ ‬الموزمبيقية‭ ‬بسدها‭.‬

فيقول‭: ‬“لا‭ ‬شك‭ ‬أنَّ‭ ‬مواطن‭ ‬القصور‭ ‬العملياتية‭ ‬داخل‭ ‬قوات‭ ‬الأمن‭ ‬الموزمبيقية‭ ‬تسببت‭ ‬في‭ ‬الاستعانة‭ ‬بما‭ ‬لا‭ ‬مناص‭ ‬منه‭: ‬أي‭ ‬التعويل‭ ‬على‭ ‬المتعاقدين‭ ‬الخاصين‭. ‬في‭ ‬المقام‭ ‬الأول،‭ ‬دائمًا‭ ‬ما‭ ‬يكون‭ ‬شيء‭ ‬أفضل‭ ‬من‭ ‬لا‭ ‬شيء،‭ ‬وفي‭ ‬هذه‭ ‬الحالة،‭ ‬حالت‭ ‬الاستعانة‭ ‬بالشركات‭ ‬العسكرية‭ ‬الخاصة‭ ‬دون‭ ‬تفاقم‭ ‬وضع‭ ‬شديد‭ ‬الخطورة‭. ‬وتكمن‭ ‬الحقيقة‭ ‬المؤسفة‭ ‬في‭ ‬أنَّ‭ ‬الحرب‭ ‬تجارة‭ ‬كبيرة،‭ ‬وحيثما‭ ‬يوجد‭ ‬صراع،‭ ‬يوجد‭ ‬متعاقدون‭ ‬عسكريون‭ ‬خاصون‭ ‬يلهثون‭ ‬وراء‭ ‬الأرباح‭.‬”

متمرِّدون أحرقوا هذا المنزل في قرية ألديا دا باز الواقعة خارج ماكوميا بموزمبيق. وكالة الأنباء الفرنسية/صور غيتي

حلول‭ ‬غير‭ ‬عسكرية

في‭ ‬حين‭ ‬يسعى‭ ‬نيوسي‭ ‬وحكومته‭ ‬لإيجاد‭ ‬حلول‭ ‬عسكرية‭ ‬لمواجهة‭ ‬الجماعة‭ ‬المتمرِّدة،‭ ‬ينصح‭ ‬المحللون‭ ‬بضرورة‭ ‬الاستعانة‭ ‬بالسبل‭ ‬غير‭ ‬العسكرية‭ ‬لإنهاء‭ ‬الصراع‭.‬

فيقول‭ ‬مورييه‭ ‬جينود‭: ‬“عليهم‭ ‬الانخراط‭ ‬في‭ ‬حوار‭ ‬بنَّاء‭ ‬حول‭ ‬قضايا‭ ‬ملكية‭ ‬الأراضي،‭ ‬والبدء‭ ‬في‭ ‬معالجة‭ ‬التوترات‭ ‬الطائفية،‭ ‬وتجنب‭ ‬إزعاج‭ ‬المسلمين‭ ‬خلال‭ ‬عملياتهم‭ ‬الأمنية،‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬أرادوا‭ ‬الحيلولة‭ ‬دون‭ ‬استغلال‭ ‬المقاتلين‭ ‬الإسلاميين‭ ‬للمظالم‭ ‬المحلية‭ ‬والتوسع‭ ‬في‭ ‬بسط‭ ‬نفوذهم‭ ‬على‭ ‬الأرض‭.‬”

ونصح‭ ‬كاديدو‭ ‬الحكومة‭ ‬بأهمية‭ ‬معالجة‭ ‬القضايا‭ ‬التي‭ ‬تؤجج‭ ‬الشعور‭ ‬بالقنوط‭ ‬بين‭ ‬المواطنين،‭ ‬وينبغي‭ ‬لها‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬التنمية‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬المحلي‭ ‬وإيلاء‭ ‬اهتمام‭ ‬كبير‭ ‬بتزايد‭ ‬أعداد‭ ‬الشباب‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬المتضرِّرة‭ ‬من‭ ‬الجماعة‭ ‬المتمرِّدة‭.‬

استعرت‭ ‬نيران‭ ‬الحرب‭ ‬الأهلية‭ ‬الموزمبيقية‭ ‬عقب‭ ‬الاستقلال‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬1977‭ ‬وحتى‭ ‬عام‭ ‬1992‭ ‬بين‭ ‬جبهة‭ ‬تحرير‭ ‬موزمبيق،‭ ‬وهي‭ ‬جبهة‭ ‬ماركسية‭ ‬لينينية‭ ‬كنت‭ ‬تتولَّى‭ ‬حكم‭ ‬البلاد،‭ ‬والمقاومة‭ ‬الوطنية‭ ‬الموزمبيقية،‭ ‬وهي‭ ‬قوات‭ ‬متمرِّدة،‭ ‬ولم‭ ‬تضع‭ ‬الحرب‭ ‬أوزارها‭ ‬إلَّا‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬المفاوضات‭. ‬وهذا‭ ‬يثير‭ ‬تخوفات‭ ‬جدية‭ ‬حول‭ ‬إمكانية‭ ‬إنهاء‭ ‬الصراع‭ ‬الراهن‭ ‬عبر‭ ‬السبل‭ ‬العسكرية‭ ‬البحتة‭.‬

ويحذِّر‭ ‬الباحثون‭ ‬بمرصد‭ ‬البيئة‭ ‬الريفية‭ ‬بقولهم‭: ‬“لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يقتصر‭ ‬الحل‭ ‬على‭ ‬الخيار‭ ‬العسكري؛‭ ‬لأنه‭ ‬يكاد‭ ‬يستحيل‭ ‬الانتصار‭ ‬على‭ ‬حركة‭ ‬تشن‭ ‬حرب‭ ‬عصابات‭ ‬في‭ ‬سيناريو‭ ‬يعتريه‭ ‬الفقر‭ ‬وعدم‭ ‬المساواة‭ ‬وتوترات‭ ‬تاريخية‭ ‬عميقة‭.‬”‭ ‬وأضافوا‭ ‬أنَّ‭ ‬قوات‭ ‬الأمن‭ ‬الخاصة‭ ‬لا‭ ‬تفهم‭ ‬الديناميكيات‭ ‬المحلية‭ ‬أو‭ ‬التضاريس‭ ‬التي‭ ‬تكثر‭ ‬بها‭ ‬الغابات،‭ ‬وتتصف‭ ‬بالتعقيد‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬يحظى‭ ‬فيها‭ ‬المتمرِّدون‭ ‬بقدر‭ ‬من‭ ‬الدعم‭ ‬المحلي‭.‬

بشائر‭ ‬المساعدات‭ ‬الخارجية‭ ‬تهل

لم‭ ‬يفلح‭ ‬عداء‭ ‬حكومة‭ ‬موزمبيق‭ ‬للأجانب‭ ‬منذ‭ ‬أمد‭ ‬طويل‭ ‬في‭ ‬اجتذاب‭ ‬المساعدات‭ ‬الخارجية،‭ ‬واتُهمت‭ ‬بقمع‭ ‬صحفيين‭ ‬وأطقم‭ ‬مساعدات‭ ‬وصناع‭ ‬رأي،‭ ‬ساهم‭ ‬بعضهم‭ ‬في‭ ‬إلقاء‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬الفظائع‭ ‬التي‭ ‬وقعت‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الصراع‭.‬

بيد‭ ‬أنَّ‭ ‬استمرار‭ ‬التمرد‭ ‬حدا‭ ‬ببعض‭ ‬بلدان‭ ‬المنطقة‭ ‬وخارجها‭ ‬إلى‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬أشكال‭ ‬المساعدة،‭ ‬إذ‭ ‬عرضت‭ ‬تنزانيا‭ ‬بنهاية‭ ‬عام‭ ‬2020‭ ‬إجراء‭ ‬عمليات‭ ‬عسكرية‭ ‬مشتركة‭ ‬على‭ ‬طول‭ ‬حدودهما‭ ‬المشتركة،‭ ‬وعرضت‭ ‬البرتغال‭ ‬تدريب‭ ‬عناصر‭ ‬الجيش‭ ‬الموزمبيقي‭.‬

وأفادت‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬نيويورك‭ ‬تايمز‮»‬‭ ‬أنَّ‭ ‬عشرات‭ ‬من‭ ‬عناصر‭ ‬القوات‭ ‬الخاصة‭ ‬الأمريكية‭ ‬بدأت‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬ربيع‭ ‬عام‭ ‬2021‭ ‬في‭ ‬برنامج‭ ‬يستغرق‭ ‬شهرين‭ ‬كاملين‭ ‬لتدريب‭ ‬مشاة‭ ‬البحرية‭ ‬الموزمبيقية‭ ‬على‭ ‬أساسيات‭ ‬المهارات‭ ‬العسكرية‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تؤدي‭ ‬إلى‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬المساعدة،‭ ‬كالتخطيط‭ ‬والإمداد‭ ‬والتموين‭ ‬والعناية‭ ‬بإصابات‭ ‬القتال،‭ ‬كما‭ ‬ستفكر‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬تقديم‭ ‬مساعدات‭ ‬استخباراتية‭.‬

وكشف‭ ‬موقع‭ ‬‮«‬آي‭ ‬ويتنس‭ ‬نيوز‮»‬‭ ‬بجنوب‭ ‬إفريقيا‭ ‬أنَّ‭ ‬قوات‭ ‬الدفاع‭ ‬الوطني‭ ‬لجنوب‭ ‬إفريقيا‭ ‬أرسلت‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬عناصرها‭ ‬في‭ ‬نيسان‭/‬أبريل‭ ‬2021‭ ‬لتقديم‭ ‬دعم‭ ‬الإمداد‭ ‬والتموين‭ ‬لمواطني‭ ‬جنوب‭ ‬إفريقيا‭ ‬الراغبين‭ ‬في‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬ديارهم‭.‬

وذكرت‭ ‬وكالة‭ ‬أنباء‭ ‬‮«‬رويترز‮»‬‭ ‬أنَّ‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬أعلن‭ ‬في‭ ‬مطلع‭ ‬أيَّار‭/‬مايو‭ ‬أنه‭ ‬سيفكر‭ ‬في‭ ‬إرسال‭ ‬بعثة‭ ‬للتدريب‭ ‬العسكري‭ ‬في‭ ‬موزمبيق‭.‬

وبعد‭ ‬أشهر‭ ‬من‭ ‬المداولات‭ ‬وتقليب‭ ‬الرأي،‭ ‬وافقت‭ ‬مجموعة‭ ‬تنمية‭ ‬الجنوب‭ ‬الإفريقي‭ (‬السادك‭) ‬التي‭ ‬تضم‭ ‬16‭ ‬دولة‭ ‬يوم‭ ‬23‭ ‬حزيران‭/‬يونيو‭ ‬2021‭ ‬على‭ ‬إرسال‭ ‬قوتها‭ ‬الاحتياطية‭ ‬الإقليمية‭ ‬للمساهمة‭ ‬في‭ ‬مكافحة‭ ‬الإرهاب‭ ‬في‭ ‬موزمبيق،‭ ‬ولم‭ ‬يورد‭ ‬المسؤولون‭ ‬أية‭ ‬تفاصيل‭ ‬عن‭ ‬أعداد‭ ‬القوات‭ ‬أو‭ ‬جداول‭ ‬تحركها‭ ‬أو‭ ‬أدوار‭ ‬عناصرها‭.‬

وقالت‭ ‬السيدة‭ ‬ليزل‭ ‬لوو‭ ‬ڤودران،‭ ‬الباحثة‭ ‬بمعهد‭ ‬الدراسات‭ ‬الأمنية،‭ ‬لوكالة‭ ‬‮«‬رويترز‮»‬‭: ‬“ما‭ ‬هذه‭ ‬إلَّا‭ ‬الخطوة‭ ‬الأولى‭ ‬نحو‭ ‬حل‭ ‬أوسع،‭ ‬إذ‭ ‬تعد‭ ‬هذه‭ ‬هي‭ ‬المرة‭ ‬الأولى‭ ‬التي‭.. ‬تحتشد‭ ‬فيها‭ ‬القوة‭ ‬الاحتياطية‭ ‬للسادك‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬لمكافحة‭ ‬الإرهاب‭ ‬لا‭ ‬تقع‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬حفظ‭ ‬السلام،‭ ‬فالموقف‭ ‬شديد‭ ‬التعقيد‭.‬”‭ 


نبذة‭ ‬عن‭ ‬المؤلف‭:‬

السيد‭ ‬سيريل‭ ‬زندا‭ ‬صحفي‭ ‬مقيم‭ ‬في‭ ‬هراري‭ ‬بزيمبابوي،

وظهرت‭ ‬أعماله‭ ‬في‭ ‬منصة‭ ‬افير‭ ‬بلانتب،‭ ‬ومجلة‭ ‬اتي‭ ‬آر‭ ‬تي‭ ‬وورلدب،‭ ‬ومجلة‭ ‬انيو‭ ‬إنترناشيوناليستب،‭ ‬ومجلة‭ ‬اتوارد‭ ‬فريدَمب،‭ ‬وموقع‭ ‬اسيديڤ‭.‬نتب‭.‬

التعليقات مغلقة.