Africa Defense Forum
Africa Defense Forum

المرتزقة لا يبارحون إفريقيا الوسطى التي مزَّقتها الحروب

المقاتلون الأجانب يستفيدون من حالة الفوضى لإثراء أنفسهم

أسرة‭ ‬منبر‭ ‬الدفاع‭ ‬الإفريقي

يرتبط‭ ‬المرتزقة‭ ‬الروس‭ ‬بانتهاكات‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬وحاولوا‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬حالة‭ ‬الفوضى‭ ‬التي‭ ‬تشهدها‭ ‬جمهورية‭ ‬إفريقيا‭ ‬الوسطى‭ ‬التي‭ ‬تعتبر‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬أفقر‭ ‬بلدان‭ ‬العالم‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬غناها‭ ‬بالموارد‭ ‬الطبيعية‭.‬

ففي‭ ‬آذار‭/‬مارس‭ ‬2021،‭ ‬زعمت‭ ‬لجنة‭ ‬من‭ ‬الخبراء‭ ‬الحقوقيين‭ ‬المستقلين‭ ‬عينتها‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬أنَّ‭ ‬تجنيد‭ ‬إفريقيا‭ ‬الوسطى‭ ‬واستخدام‭ ‬“متعاقدين‭ ‬عسكريين‭ ‬وأمنيين‭ ‬أجانب‭ ‬خاصين”‭ ‬من‭ ‬روسيا‭ ‬والسودان‭ ‬يزيد‭ ‬من‭ ‬مخاطر‭ ‬وقوع‭ ‬انتهاكات‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬على‭ ‬نطاق‭ ‬واسع‭.‬

وفي‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته،‭ ‬كان‭ ‬رئيس‭ ‬البلاد‭ ‬يستعين‭ ‬بالمرتزقة‭ ‬الروس‭ ‬لحراسته،‭ ‬والمرتزقة‭ ‬الروس‭ ‬على‭ ‬تواصل‭ ‬مع‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬قوات‭ ‬حفظ‭ ‬السلام‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬بعثة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬المتكاملة‭ ‬المتعددة‭ ‬الأبعاد‭ ‬لتحقيق‭ ‬الاستقرار‭ ‬في‭ ‬إفريقيا‭ ‬الوسطى‭ (‬المينوسكا‭) ‬وقوامها‭ ‬15‭,‬000‭ ‬جندي‭. ‬

وأفادت‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬أنَّ‭ ‬الخبراء‭ ‬الحقوقيين‭ ‬ذكروا‭ ‬أنَّ‭ ‬هذه‭ ‬العناصر‭ ‬المسلحة‭ ‬الخاصة‭ ‬ترتبط‭ ‬بأنباء‭ ‬عن‭ ‬ارتكاب‭ ‬“عمليات‭ ‬إعدام‭ ‬جماعي‭ ‬بإجراءات‭ ‬صورية،‭ ‬واعتقالات‭ ‬تعسفية،‭ ‬وتعذيب‭ ‬خلال‭ ‬الاستجواب،‭ ‬وحالات‭ ‬اختفاء‭ ‬قسري،‭ ‬وتهجير‭ ‬قسري‭ ‬للسكان‭ ‬المدنيين،‭ ‬واستهداف‭ ‬عشوائي‭ ‬لمنشآت‭ ‬مدنية،‭ ‬وانتهاكات‭ ‬للحق‭ ‬في‭ ‬الصحة،‭ ‬وهجمات‭ ‬متزايدة‭ ‬على‭ ‬مقدمي‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية‭.‬”

عنصر من جيش إفريقيا الوسطى يقف بالقرب من كاتدرائية بنجاسو؛ إذ هاجم مئات من المتمرِّدين بنجاسو في كانون الثاني/يناير 2021، ممَّا أسفر عن فرار عشرات الآلاف من المواطنين. وكالة الأنباء الفرنسية/صور غيتي

وأخبر‭ ‬مسؤول‭ ‬حكومي‭ ‬سابق‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬نيويورك‭ ‬تايمز‮»‬‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2019‭ ‬أنَّ‭ ‬المرتزقة‭ ‬الروس‭ ‬سيَّروا‭ ‬طائرات‭ ‬خاصة‭ ‬بالقرب‭ ‬من‭ ‬موقع‭ ‬تابع‭ ‬لإفريقيا‭ ‬الوسطى‭ ‬كانوا‭ ‬يدرِّبون‭ ‬فيه‭ ‬عناصر‭ ‬مسلحة‭ ‬محلية،‭ ‬وذكرت‭ ‬الصحيفة‭ ‬أنهم‭ ‬حمَّلوا‭ ‬الطائرات‭ ‬بالماس‭: ‬“كان‭ ‬المتعاقدون‭ ‬الروس‭ ‬كذلك‭ ‬يستخرجون‭ ‬الماس‭ ‬بالقرب‭ ‬من‭ ‬الحدود‭ ‬مع‭ ‬السودان،‭ ‬نقلاً‭ ‬عن‭ ‬مسؤولين‭ ‬محليين‭ ‬وأمراء‭ ‬حرب‭.‬”

تاريخ‭ ‬حافل‭ ‬بالتمرد

قلما‭ ‬نعمت‭ ‬إفريقيا‭ ‬الوسطى‭ ‬بالاستقرار‭ ‬منذ‭ ‬استقلالها‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1960،‭ ‬وإنما‭ ‬شهدت‭ ‬حالة‭ ‬فتنة‭ ‬مستمرة‭ ‬منذ‭ ‬سيطرة‭ ‬المتمردين‭ ‬على‭ ‬العاصمة‭ ‬في‭ ‬آذار‭/‬مارس‭ ‬2013،‭ ‬وقد‭ ‬أجبر‭ ‬قتال‭ ‬المتمردين‭ ‬في‭ ‬البلاد‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬ربع‭ ‬سكانها‭ ‬الذين‭ ‬يبلغ‭ ‬تعدادهم‭ ‬4‭.‬5‭ ‬ملايين‭ ‬نسمة‭ ‬على‭ ‬الفرار‭ ‬من‭ ‬منازلهم،‭ ‬وتفرض‭ ‬الميليشيات‭ ‬المتناحرة‭ ‬سيطرتها‭ ‬على‭ ‬معظم‭ ‬بقاعها‭.‬

وقد‭ ‬انتخب‭ ‬المواطنون‭ ‬السيد‭ ‬فوستين‭ ‬أرشانج‭ ‬تواديرا،‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الأسبق،‭ ‬لرئاسة‭ ‬البلاد‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2016،‭ ‬وأعادوا‭ ‬اختياره‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬عام‭ ‬2020‭ ‬في‭ ‬انتخابات‭ ‬لم‭ ‬تتمكن‭ ‬طائفة‭ ‬من‭ ‬مواطني‭ ‬إفريقيا‭ ‬الوسطى‭ ‬من‭ ‬المشاركة‭ ‬فيها‭ ‬جرَّاء‭ ‬أعمال‭ ‬العنف،‭ ‬إذ‭ ‬أُغلق‭ ‬نحو‭ ‬14٪‭ ‬من‭ ‬مراكز‭ ‬الاقتراع‭ ‬بالبلاد‭ ‬وعددها‭ ‬800‭ ‬مركز‭. ‬

وخلال‭ ‬الأسابيع‭ ‬التي‭ ‬سبقت‭ ‬انتخابات‭ ‬عام‭ ‬2020،‭ ‬تحدَّث‭ ‬خبراء‭ ‬أمميون‭ ‬مكلَّفون‭ ‬بمراقبة‭ ‬حظر‭ ‬الأسلحة‭ ‬في‭ ‬إفريقيا‭ ‬الوسطى‭ ‬عن‭ ‬“تدفق‭ ‬المقاتلين‭ ‬الأجانب”‭ ‬إلى‭ ‬البلاد،‭ ‬وتحدَّث‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬عن‭ ‬تأجج‭ ‬سلسلة‭ ‬من‭ ‬الاشتباكات‭ ‬“بوصول‭ ‬مقاتلين‭ ‬أجانب‭ ‬وأسلحة،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬من‭ ‬السودان‭.‬”

وأجبرت‭ ‬أعمال‭ ‬العنف‭ ‬التي‭ ‬وقعت‭ ‬خلال‭ ‬فترة‭ ‬الانتخابات‭ ‬120‭,‬000‭ ‬مواطن‭ ‬على‭ ‬الفرار‭ ‬للنجاة‭ ‬بأنفسهم،‭ ‬واضطر‭ ‬نصفهم‭ ‬إلى‭ ‬اللجوء‭ ‬إلى‭ ‬دول‭ ‬الجوار‭.‬

وقد‭ ‬وافق‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬الدولي‭ ‬على‭ ‬دعم‭ ‬صفوف‭ ‬بعثة‭ ‬المينوسكا‭ ‬بنحو‭ ‬3‭,‬700‭ ‬من‭ ‬عناصر‭ ‬الجيش‭ ‬والشرطة‭ ‬في‭ ‬آذار‭/‬مارس‭ ‬2021‭ ‬للمساهمة‭ ‬في‭ ‬إنقاذ‭ ‬الوضع‭ ‬الأمني‭ ‬المتدهور‭. ‬ورفع‭ ‬قرار‭ ‬للمجلس‭ ‬سقف‭ ‬أعداد‭ ‬عناصر‭ ‬الجيش‭ ‬إلى‭ ‬14‭,‬400‭ ‬عنصر‭ ‬والشرطة‭ ‬إلى‭ ‬3‭,‬020‭ ‬عنصر،‭ ‬وقد‭ ‬وافق‭ ‬أعضاء‭ ‬المجلس‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬القرار‭ ‬بأغلبية‭ ‬14‭ ‬صوتاً‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬امتنعت‭ ‬روسيا‭ ‬عن‭ ‬التصويت‭.‬

قد‭ ‬تثبت‭ ‬الانتخابات‭ ‬التي‭ ‬أُجريت‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬عام‭ ‬2020‭ ‬أنها‭ ‬لحظة‭ ‬محورية‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬إفريقيا‭ ‬الوسطى،‭ ‬فقد‭ ‬جنَّدت‭ ‬قبل‭ ‬الانتخابات‭ ‬ببضعة‭ ‬أشهر‭ ‬نحو‭ ‬1‭,‬500‭ ‬عنصر‭ ‬شرطي‭ ‬جديد‭ ‬في‭ ‬قوات‭ ‬الأمن‭ ‬الداخلي؛‭ ‬بواقع‭ ‬800‭ ‬من‭ ‬طلبة‭ ‬الشرطة‭ ‬و550‭ ‬من‭ ‬طلبة‭ ‬الدرك،‭ ‬بينهم‭ ‬138‭ ‬امرأة‭. ‬وراحت‭ ‬الجماعات‭ ‬المتمرِّدة‭ ‬خلال‭ ‬الأسابيع‭ ‬التي‭ ‬سبقت‭ ‬الانتخابات‭ ‬تهاجم‭ ‬قوات‭ ‬الأمن‭ ‬في‭ ‬البلاد،‭ ‬وذكرت‭ ‬مجلة‭ ‬‮«‬فورين‭ ‬بوليسي‮»‬‭ ‬أنَّ‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬تفاجأ‭ ‬بانتشار‭ ‬الأخبار‭ ‬التي‭ ‬تتحدث‭ ‬عن‭ ‬سقوط‭ ‬بلدة‭ ‬تلو‭ ‬الأخرى‭ ‬في‭ ‬أيدي‭ ‬الجماعات‭ ‬المتمرِّدة‭. ‬

فتاتان تجريان بين ملاجئ مؤقتة في قرية بإفريقيا الوسطى؛ إذ نزح ما يقدَّر بنحو 240,000 مواطن بسبب هجمات المتمرِّدين في منتصف كانون الأول/ديسمبر 2020.
آسوشييتد بريس

وقالت‭ ‬المجلة‭: ‬“في‭ ‬غضون‭ ‬أيام‭ ‬أرسلت‭ ‬روسيا‭ ‬300‭ ‬’مستشار‭ ‬عسكري‘‭ ‬إلى‭ ‬بانجي،‭ ‬ثمَّ‭ ‬أردفتهم‭ ‬بالمزيد‭ ‬من‭ ‬القوات‭ ‬والمروحيات،‭ ‬ونشرت‭ ‬رواندا‭ ‬مئات‭ ‬القوات‭ ‬‘غير‭ ‬المقيَّدة’‭ ‬بقواعد‭ ‬العمل‭ ‬العسكري‭ ‬الأممية،‭ ‬وتلقَّت‭ ‬بعثة‭ ‬المينوسكا‭ ‬تعزيزات،‭ ‬منها‭ ‬300‭ ‬عنصر‭ (‬من‭ ‬قوات‭ ‬حفظ‭ ‬السلام‭ ‬الرواندية‭ ‬التابعة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭) ‬المتمركزة‭ ‬في‭ ‬جنوب‭ ‬السودان‭.‬”

وساهمت‭ ‬القوة‭ ‬البشرية‭ ‬الإضافية‭ ‬في‭ ‬استعادة‭ ‬النظام‭ ‬في‭ ‬معظم‭ ‬البلدات،‭ ‬فاستعادت‭ ‬بعثة‭ ‬المينوسكا‭ ‬بلدة‭ ‬بامباري،‭ ‬وفقدت‭ ‬ثلاثة‭ ‬من‭ ‬قوات‭ ‬حفظ‭ ‬السلام‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬العملية،‭ ‬ونجحت‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة‭ ‬لإفريقيا‭ ‬الوسطى،‭ ‬بجانب‭ ‬القوات‭ ‬الرواندية‭ ‬والعناصر‭ ‬التابعة‭ ‬لإحدى‭ ‬شركات‭ ‬المرتزقة‭ ‬الروسية‭ ‬الخاصة،‭ ‬في‭ ‬استعادة‭ ‬بلدات‭ ‬بوالي‭ ‬وبوسيمبيلي‭ ‬ومبايكي‭.‬

وفي‭ ‬عام‭ ‬2021،‭ ‬كتبت‭ ‬مجلة‭ ‬‮«‬فورين‭ ‬بوليسي‮»‬‭ ‬تقول‭: ‬“يجد‭ ‬المواطنون‭ ‬العاديون‭ ‬أنفسهم‭ ‬في‭ ‬خطر‭ ‬أكبر‭ ‬مع‭ ‬تأرجح‭ ‬ميزان‭ ‬القوى‭ ‬الحساس‭ ‬بين‭ ‬الشخصيات‭ ‬السياسية‭ ‬المحلية‭ ‬والعناصر‭ ‬الدولية‭ ‬والجماعات‭ ‬المسلحة‭.‬”

وقالت‭ ‬السيدة‭ ‬ڤيولا‭ ‬جوليانو‭ ‬التي‭ ‬تعمل‭ ‬بمركز‭ ‬المدنيين‭ ‬في‭ ‬الصراعات‭ ‬للمجلة‭: ‬“ثمة‭ ‬قوتان‭ ‬دفاع‭.‬”‭ ‬واستدركت‭ ‬قائلة‭: ‬“أمَّا‭ ‬الأولى،‭ ‬فهي‭ ‬الحرس‭ ‬الرئاسي‭ ‬الذي‭ ‬يتمتع‭ ‬بإمكانية‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬المعدات‭ ‬والوسائل؛‭ ‬وأمَّا‭ ‬الثانية،‭ ‬فهي‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة‭ ‬لإفريقيا‭ ‬الوسطى‭ ‬‘العادية’‭ ‬المنتشرة‭ ‬خارج‭ ‬بانجي‭ ‬في‭ ‬ظروف‭ ‬يُرثى‭ ‬لها،‭ ‬فلا‭ ‬وقود‭ ‬لإجراء‭ ‬الدوريات‭ ‬الأمنية،‭ ‬ولا‭ ‬رواتب‭ ‬لمدة‭ ‬أشهر،‭ ‬والتناوب‭ ‬كثيراً‭ ‬ما‭ ‬يتأخر‭.‬”

تجارة‭ ‬في‭ ‬إفريقيا

يأتي‭ ‬اهتمام‭ ‬روسيا‭ ‬بإفريقيا‭ ‬الوسطى‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬استراتيجية‭ ‬أكبر؛‭ ‬وهي‭ ‬بيع‭ ‬أسلحتها‭ ‬وتوسيع‭ ‬نفوذها‭ ‬في‭ ‬ربوع‭ ‬إفريقيا‭. ‬فروسيا‭ ‬تمد‭ ‬القارة‭ ‬بما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬نصف‭ ‬صادرات‭ ‬الأسلحة‭ ‬العالمية‭ ‬إليها‭. ‬

وعلى‭ ‬إثر‭ ‬عدم‭ ‬الاستقرار‭ ‬السياسي‭ ‬وانتهاكات‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬فرضت‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬حظراً‭ ‬على‭ ‬الأسلحة‭ ‬على‭ ‬إفريقيا‭ ‬الوسطى‭ ‬وقواتها‭ ‬المسلحة‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2013،‭ ‬لكن‭ ‬روسيا‭ ‬حصلت‭ ‬في‭ ‬كانون‭ ‬الأول‭/‬ديسمبر‭ ‬2017‭ ‬على‭ ‬إعفاء‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬القرار‭ ‬وأمدَّتها‭ ‬بالأسلحة‭ ‬والتدريب‭.‬

السيد فوستين أرشانج تواديرا، رئيس إفريقيا الوسطى، يحيي أنصاره عند وصوله إلى تجمع انتخابي، برفقة حرسه الرئاسي ومتعاقدي الأمن الروس وقوات حفظ السلام الرواندية التابعة للأمم المتحدة في كانون الأول/ديسمبر 2020. وكالة الأنباء الفرنسية/صور غيتي

واستغلَّت‭ ‬روسيا‭ ‬هذا‭ ‬الوضع‭ ‬منذ‭ ‬ذلك‭ ‬الحين‭ ‬كفرصة‭ ‬لأداء‭ ‬دور‭ ‬أكبر‭ ‬في‭ ‬أمن‭ ‬إفريقيا‭ ‬الوسطى‭ ‬وشؤونها‭ ‬الحكومية‭ ‬الأخرى،‭ ‬وأفاد‭ ‬معهد‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬للسلام‭ ‬أنَّ‭ ‬روسيا‭ ‬تمتلك‭ ‬“مدخلاً‭ ‬مباشراً”‭ ‬لحكومة‭ ‬إفريقيا‭ ‬الوسطى‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ڤاليري‭ ‬زخاروڤ،‭ ‬وهو‭ ‬ضابط‭ ‬سابق‭ ‬بالمخابرات‭ ‬الروسية،‭ ‬وكان‭ ‬يشغل‭ ‬منصب‭ ‬مستشار‭ ‬تواديرا‭ ‬للأمن‭ ‬القومي‭.‬

وسافر‭ ‬تواديرا‭ ‬إلى‭ ‬روسيا‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2019‭ ‬للمشاركة‭ ‬في‭ ‬مؤتمر‭ ‬القمة‭ ‬الروسية‭ ‬الإفريقية‭ ‬الأولى‭ ‬التي‭ ‬شاركت‭ ‬فيها‭ ‬مئات‭ ‬القيادات‭ ‬الإفريقية،‭ ‬وذكر‭ ‬المعهد‭ ‬أنَّ‭ ‬هذا‭ ‬المؤتمر‭ ‬كان‭ ‬يهدف‭ ‬إلى‭ ‬“تسليط‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬نفوذ‭ ‬روسيا‭ ‬المتزايد‭ ‬في‭ ‬القارة‭ ‬وتأمينه‭.‬”

وتفيد‭ ‬الأنباء‭ ‬أنَّ‭ ‬تواديرا‭ ‬طلب‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬شحنات‭ ‬الأسلحة‭ ‬الروسية‭ ‬عقب‭ ‬لقائه‭ ‬بالرئيس‭ ‬الروسي‭ ‬فلاديمير‭ ‬بوتين،‭ ‬كما‭ ‬صرَّح‭ ‬أنه‭ ‬سيفكر‭ ‬في‭ ‬استضافة‭ ‬بلاده‭ ‬لقاعدة‭ ‬عسكرية‭ ‬روسية‭.‬

كتب‭ ‬الباحث‭ ‬كيران‭ ‬جوديسون‭ ‬في‭ ‬دراسة‭ ‬بعنوان‭ ‬‮«‬روسيا‭ ‬في‭ ‬إفريقيا‭ ‬الوسطى‭: ‬الاستغلال‭ ‬تحت‭ ‬ستار‭ ‬التدخل‮»‬‭ ‬يقول‭: ‬“توفر‭ ‬العناصر‭ ‬الروسية‭ ‬في‭ ‬إفريقيا‭ ‬الوسطى،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬وجود‭ ‬قوات‭ ‬إضافية‭ ‬في‭ ‬السودان‭ ‬في‭ ‬الجوار،‭ ‬عناصر‭ ‬حكومية‭ ‬لتوجيه‭ ‬دفة‭ ‬الأحداث‭ ‬لصالح‭ ‬روسيا‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬الخاضعة‭ ‬لسيطرة‭ ‬المتمرِّدين‭ ‬والغنية‭ ‬بمواردها‭ ‬الطبيعية‭ ‬النفيسة‭.‬”‭ ‬واستدرك‭ ‬جوديسون‭ ‬قائلاً‭: ‬“ويتعزز‭ ‬أثر‭ ‬التحكم‭ ‬في‭ ‬موارد‭ ‬إفريقيا‭ ‬الوسطى‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬وصول‭ ‬روسيا‭ ‬إلى‭ ‬الموانئ‭ ‬البحرية‭ ‬بالسودان،‭ ‬وتوفر‭ ‬الأسلحة‭ ‬الروسية‭ ‬والعناصر‭ ‬الروسية‭ ‬القائمة‭ ‬بأعمال‭ ‬التدريب‭ ‬وتحظى‭ ‬بموافقة‭ ‬دولية‭ ‬الوسائل‭ ‬التي‭ ‬تكفل‭ ‬لروسيا‭ ‬استغلال‭ ‬الصراع‭ ‬في‭ ‬إفريقيا‭ ‬الوسطى‭.‬”

تدخل‭ ‬مجموعة‭ ‬ڤاغنر‭ ‬

تعد‭ ‬مجموعة‭ ‬ڤاغنر‭ ‬من‭ ‬العناصر‭ ‬الروسية‭ ‬المتواجدة‭ ‬في‭ ‬إفريقيا‭ ‬الوسطى،‭ ‬وهي‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬شركة‭ ‬عسكرية‭ ‬روسية‭ ‬خاصة‭ ‬يسيطر‭ ‬عليها‭ ‬يڤغيني‭ ‬بريغوجين‭ ‬حليف‭ ‬بوتين،‭ ‬ويُعتقد‭ ‬أنها‭ ‬ذراع‭ ‬خفي‭ ‬للجيش‭ ‬الروسي،‭ ‬وتمنح‭ ‬روسيا‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬إنكار‭ ‬انخراطها‭ ‬في‭ ‬شؤون‭ ‬البلدان‭ ‬الأخرى،‭ ‬وتدخلت‭ ‬المجموعة‭ ‬في‭ ‬شؤون‭ ‬بلدان‭ ‬في‭ ‬أرجاء‭ ‬إفريقيا‭ ‬وبقاع‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬العالم‭ ‬وعملت‭ ‬فيما‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬عن‭ ‬20‭ ‬دولة‭ ‬إفريقية‭. ‬

وتعمل‭ ‬مجموعة‭ ‬ڤاغنر‭ ‬كإحدى‭ ‬جهات‭ ‬توفير‭ ‬الأمن‭ ‬في‭ ‬إفريقيا‭ ‬الوسطى‭ ‬وتلعب‭ ‬دوراً‭ ‬محورياً‭ ‬في‭ ‬تدريب‭ ‬الحرس‭ ‬الرئاسي‭ ‬والجيش،‭ ‬ويتمركز‭ ‬نفر‭ ‬من‭ ‬مرتزقة‭ ‬المجموعة‭ ‬في‭ ‬‮«‬قصر‭ ‬بيريجو‮»‬،‭ ‬وقد‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬القصر‭ ‬في‭ ‬سبعينيات‭ ‬القرن‭ ‬العشرين‭ ‬مقراً‭ ‬لجان‭ ‬بيدل‭ ‬بوكاسا‭ ‬الذي‭ ‬نصَّب‭ ‬نفسه‭ ‬إمبراطوراً‭ ‬للبلاد‭ ‬آنذاك،‭ ‬ثمَّ‭ ‬تحوَّل‭ ‬الآن‭ ‬إلى‭ ‬قاعدة‭ ‬عسكرية‭.‬

وتقول‭ ‬‮«‬فورين‭ ‬بوليسي‮»‬‭: ‬“يرفع‭ ‬المتعاقدون‭ ‬العسكريون‭ ‬الخاصون‭ ‬كمجموعة‭ ‬ڤاغنر،‭ ‬التي‭ ‬يجري‭ ‬تمويلها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬امتيازات‭ ‬التعدين‭ ‬المحلية،‭ ‬علماً‭ ‬روسياً‭ ‬في‭ ‬إفريقيا‭.‬”‭ ‬وأضافت‭ ‬أنَّ‭ ‬إفريقيا‭ ‬الوسطى‭ ‬“تتلقَّى،‭ ‬بدورها،‭ ‬مساعدات‭ ‬عملية‭ ‬لقواتها‭ ‬المسلحة‭ ‬لا‭ ‬ترغب‭ ‬أي‭ ‬دولة‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬تقديمها‭.‬”

قوات حفظ السلام الأممية وأفراد الأمن الخاص يؤمنون قافلة السيد فوستين أرشانج تواديرا، رئيس إفريقيا الوسطى، خلال الانتخابات التشريعية التي أُجريت في آذار/مارس 2021. وكالة الأنباء الفرنسية/صور غيتي

وتحدَّث‭ ‬موقع‭ ‬‮«‬تقرير‭ ‬قوات‭ ‬العمليات‭ ‬الخاصة‮»‬‭ ‬الإخباري‭ ‬العسكري‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2020‭ ‬عن‭ ‬وجود‭ ‬180‭ ‬مدرِّباً‭ ‬عسكرياً‭ ‬“رسمياً”‭ ‬روسياً‭ ‬متمركزين‭ ‬في‭ ‬إفريقيا‭ ‬الوسطى،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬ما‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬1‭,‬000‭ ‬متعاقد‭ ‬“مدني”‭ ‬روسي‭ ‬تابعين‭ ‬لمجموعة‭ ‬ڤاغنر‭ ‬في‭ ‬البلاد‭. ‬

ضرورة‭ ‬الإصلاح

تعتبر‭ ‬الجماعات‭ ‬المتمرِّدة‭ ‬المسلحة‭ ‬من‭ ‬أبرز‭ ‬مسببات‭ ‬عدم‭ ‬الاستقرار‭ ‬في‭ ‬إفريقيا‭ ‬الوسطى،‭ ‬فقد‭ ‬أجبرت‭ ‬المواطنين‭ ‬على‭ ‬ترك‭ ‬منازلهم،‭ ‬وعرقلت‭ ‬طرق‭ ‬التجارة،‭ ‬وأوقفت‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية،‭ ‬وقد‭ ‬كان‭ ‬يوجد‭ ‬ثلاث‭ ‬جماعات‭ ‬مسلحة‭ ‬رئيسية‭ ‬معترف‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬إفريقيا‭ ‬الوسطى‭ ‬قبل‭ ‬نشر‭ ‬بعثة‭ ‬المينوسكا،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أمست‭ ‬اليوم‭ ‬14‭ ‬جماعة‭. ‬

وتمر‭ ‬الدولة‭ ‬بأزمة‭ ‬وتطلب‭ ‬مساعدات‭ ‬خارجية،‭ ‬وذكرت‭ ‬‮«‬فورين‭ ‬بوليسي‮»‬‭ ‬أنها‭ ‬لم‭ ‬تتلقَ‭ ‬إلَّا‭ ‬نسبة‭ %‬65‭ ‬من‭ ‬احتياجاتها‭ ‬التمويلية‭ ‬خلال‭ ‬عام‭ ‬2020‭ ‬ونسبة‭ %‬51‭ ‬من‭ ‬احتياجاتها‭ ‬التمويلية‭ ‬اللازمة‭ ‬لمكافحة‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭ (‬كوفيد‭- ‬19‭).‬

وفيما‭ ‬تحاول‭ ‬الدولة‭ ‬إعادة‭ ‬بناء‭ ‬قواتها‭ ‬المسلحة‭ ‬والشروع‭ ‬في‭ ‬إصلاح‭ ‬قطاع‭ ‬الأمن،‭ ‬يشير‭ ‬مراقبون‭ ‬إلى‭ ‬أنَّ‭ ‬المرتزقة‭ ‬المتواجدين‭ ‬بها‭ ‬يعتبرون‭ ‬حجر‭ ‬عثرة،‭ ‬لا‭ ‬يداً‭ ‬للعون‭. ‬وتقول‭ ‬‮«‬فورين‭ ‬بوليسي‮»‬‭: ‬“ليست‭ ‬إفريقيا‭ ‬الوسطى‭ ‬مجرد‭ ‬“فراغ‭ ‬أمني”‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬والواقع‭ ‬أنَّ‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬مصادر‭ ‬عدم‭ ‬الاستقرار‭ ‬فيها‭ ‬تأتي‭ ‬من‭ ‬خارج‭ ‬حدودها،‭ ‬بيد‭ ‬أنَّ‭ ‬تزايد‭ ‬اصطباغ‭ ‬الصراع‭ ‬بصبغة‭ ‬دولية،‭ ‬والتركيز‭ ‬على‭ ‬الحلول‭ ‬العسكرية،‭ ‬لن‭ ‬تنفك‭ ‬عن‭ ‬حجب‭ ‬الجذور‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬لانعدام‭ ‬الأمن‭ ‬فيها‭.‬”‭  ‬‬

التعليقات مغلقة.