أسرة منبر الدفاع الإفريقي
فيما يواصل فريق التحقيق التابع لمنظمة الصحة العالمية البحث عن منشأ فيروس كورونا (كوفيد-19)، يركز أعضاء الفريق على مصدر محتمل: مزارع الحياة البرية في جنوب الصين.
فقد انتهى المحقق بيتر دازاك، عالم الحيوان والخبير في انتقال الأمراض من الحيوان إلى الإنسان، إلى هذا الرأي خلال مقابلة مع إذاعة «ناشيونال بابليك راديو» الأمريكية.
وقال دازاك: ”أعتقد أنَّ فيروس «سارس-كوڤ-2» انتقل للبشر لأول مرة في جنوب الصين؛ فهكذا يبدو الأمر إلينا.“
والسارس-كوڤ-2 هو الاسم العلمي لفيروس كورونا المستجد (كوفيد-19).
تعيش خفافيش حدوة الحصان في مقاطعة يونان الواقعة جنوبي الصين، وتحمل هذه الخفافيش فيروس كورونا يشبه الفيروس الذي يتسبب في كوفيد-19 بنسبة 96%، وتستخدم هذه الخفافيش في بعض تركيبات الطب الصيني التقليدي، ويمكن أن يتسبب التعامل معها في انتشار المرض.
وتذهب إحدى الفرضيات حول فيروس كورونا إلى أنه انتقل من الخفافيش إلى البشر عبر عائل وسيط، وقد كان الباعة في سوق هوانان في أثناء تفشِّي الفيروس في نهاية عام 2019 يبيعون غرير النمس [غرير ابن مقرض] وفئران الخيزران والأرانب، ويمكن لفيروس كورونا أن يصيب كل تلك الحيوانات.
وهكذا فإنَّ إمكانية تسبب الحياة البرية المستأنسة في نشر فيروس كورونا دفعت الحكومة الصينية إلى إغلاق هذا القطاع بعد بداية تفشِّي الفيروس بوقت قصير وأمرت المزارعين بالتخلص من الحيوانات التي كانوا يربونها لبيعها في الأسواق.
وكانت الصين قد شرعت في تشجيع مواطنيها من سكان المناطق الريفية على تربية الحيوانات البرية في أواخر سبعينيات القرن العشرين للحد من الفقر في البلاد، واتصفت خطتها ببساطتها: فما كان على المزارعين إلَّا الذهاب إلى البراري، واصطياد الحيوانات البرية، وتربيتها كما لو كانت أبقاراً أو خنازيراً، ثمَّ بيع لحومها أو فرائها أو لاستخدامها في الطب الصيني.
وإبان ظهور فيروس كورونا، كانت قيمة قطاع تربية الحياة البرية تبلغ 74 مليار دولار أمريكي ويشتغل به أكثر من 14 مليون مواطن في أرجاء الصين.
وتشتمل تربية الحياة البرية على الخفافيش وقطط الزباد والغزلان فضلاً عن كلاب الراكون وآكل النمل الحرشفي والنيص [الشبيه بالقنفذ] والأفاعي، ويُباع الكثير على أنها من الأطعمة الغريبة في الأسواق كالأسواق الموجودة بمدينة ووهان، حيث تختلط مع الخفافيش وغيرها من المصادر المحتملة لظهور المرض.
وقد اكتشف العلماء أنَّ قطط الزباد كانت من الأنواع الوسيطة التي سمحت بانتقال السارس عام 2002 من خفافيش حدوة الحصان إلى البشر في مقاطعة جوانجدونج الواقعة جنوبي الصين، وصدر حظر على بيع قطط الزباد عام 2003 لم يستمر إلَّا لفترة قصيرة.
ولا يسري الحظر الصيني على تربية الحيوانات البرية إلَّا على الحيوانات التي تُباع كطعام، ولا يسري على الحيوانات التي تُربى كحيوانات أليفة أو لاستخدامات أخرى كالطب الصيني، واستثنى ذلك المزارع التي تربى النمور والدببة وحتى وحيد القرن للحصول على أعضاء من أجسادها لاستخدامها في الطب الصيني.
وتقول السلطات الصينية إنَّ تربية مثل هذه المخلوقات تعزز الحفاظ عليها وتقلل من الصيد الجائر لأقاربها البرية – وهي أقاويل يكذبها المدافعون عن الحياة البرية كالسيد ألان ثورنتون، رئيس وكالة التحقيقات البيئية غير الربحية.
إذ يرى ثورنتون أنَّ تربية الحياة البرية يؤدي في الواقع إلى زيادة الصيد الجائر؛ لأنَّ زبائن الطب الصيني يرون أنَّ المنتجات المرتبطة بالحيوانات البرية أقوى من الأنواع المستأنسة.
وقد أعادت التعديلات المتعلقة بالجائحة في قانون حماية الحياة البرية بالصين تصنيف بعض الحيوانات البرية المستأنسة ضمن الماشية، واستثنتها بذلك من الحظر، ومنها كلاب الراكون التي تُربى من أجل فرائها ولكنها قادرة أيضاً على نقل فيروس كورونا.
وتعليقاً على خبر صحفي حول تزايد عدد مصممي الأزياء الصينيين والغربيين الذين يمتنعون عن استخدام الفراء في ملابسهم، رد دازاك على تويتر يقول: ”تعد هذه تطورات واعدة – فتجارة الفراء داخل الصين وخارجها تشمل كلاب الراكون التي تُربى في المزارع ويمكن أن تكون مصابة بفيروس «سارس-كوڤ» أو «سارس-كوڤ-2»، وسيعود ذلك بالخير على التنوع البيولوجي وعلى صحتنا!“