السيادة على المحك؟ النوّاب النيجيري يحقق في القروض الصينية
أسرة ايه دي اف
علت الأصوات واشتد الغضب في إحدى الجلسات الأخيرة للجمعية الوطنية النيجيرية.
ولكن ما السبب وراء ذلك؟ التحقيق في القروض التي حصلت عليها نيجيريا من الصين منذ عام 2000 وما إذا كانت سيادة نيجيريا على المحك في حال تخلّفت عن سدادها.
طالما تعرضت الصين إلى الاتهام باستخدام ”دبلوماسية فخ الديون“ التي تقوم من خلالها بإثقال كاهل دولة نامية بالديون بهدف الحصول منها على تنازلات أخرى بعد ذلك، وقد أصبحت تلك القضية واحدة من القضايا الملحة وأحدثت حالة من القلق الاقتصادي واسع النطاق في نيجيريا صاحبة أكبر اقتصاد في القارة؛ بسبب معاناتها من تداعيات جائحة فيروس كورونا (كوفيد-19) وتراجع أسعار النفط بشدة في الوقت ذاته.
فقد أثارت مراجعة ميزانية نيجيريا لعام 2020 موجة من الغضب الشعبي على خلفية الديون لأن خدمة القروض سوف تستأثر بنحو 27% من المخصصات المالية، في حين تتوقع الدولة انخفاض عائداتها من النفط بنحو 40% بسبب تراجع الطلب العالمي، ويمثل إنتاج النفط وحده نحو 70% من دخل نيجيريا.
وتأتي الصين على رأس البلدان والمؤسسات الأجنبية المقرضة لنيجيريا بنحو 3.1 مليار دولار، أي ما يعادل 11.28% من إجمالي دينها الخارجي، وذلك وفقاً لمكتب إدارة الديون بنيجيريا.
وقد أمر مجلس النوّاب بفتح تحقيق في ملف القروض الصينية في أيّار/مايو، مما وضع الكثير من مسؤولي الوزارة تحت المجهر.
وقد اشتد الغضب يوم 17 آب/أغسطس عندما استجوب أعضاء المجلس السيد روتيمي أماتشي، وزير النقل، حول ملايين الدولارات من القروض التي حصلت عليها البلاد من بنك الصين للاستيراد والتصدير المملوك للدولة.
وكشفت صحيفة «بريميام تايمز» النيجيرية أن أماتشي نصح اللجنة بأن ”تتجاهل الأمر “وإلّا ستخاطر بخسارة القروض الصينية التي تساهم في إنشاء الكثير من مشروعات البنية التحتية؛ وقد أثارت نبرة التهديد هذه لوقف التحقيق موجة من الغضب استمرت على مدار عدة جلسات للجمعية.
وانتقد الخبير الاقتصادي النيجري البارز كينجلسي موغالو اقصاء النقاشات العامة وطالب بالشفافية.
وقال على تويتر: ”لا توجد مناقصة تنافسية للمشروعات التي مولتها القروض الصينية، فقد تمت ترسية مشروعات مثل خطوط السكك الحديد ومحطات المطارات على شركات صينية، وتُستورد لوازمها من الصين، وتأتي العمالة من الصين.“
وأضاف يقول: ”هذه سرقة، وليست قرضاً، بل أسوأ من ذلك بكثير؛ إذ تدعم نيجيريا استراتيجية الصين للتصدير في ضوء التمويل الذي يقوم به بنك الصين للاستيراد والتصدير.“
هذا، وقد تجلّى غياب الشفافية في القروض الصينية عندما كشفت صحيفة «ذا صن» عن صياغة عقد بقيمة 500 مليون دولار عام 2018 لتمويل مشروع خط سكك حديد باللغة الصينية، في حين أن اللغة الإنجليزية هي اللغة الرسمية لنيجيريا لا سيما في المعاملات التجارية.
ومع خروج تفاصيل ذلك العقد إلى النور، أثار بند بعينه اهتماماً خاصاً وسط المسؤولين المنتخبين ووسائل الإعلام وجموع المواطنين؛ إذ ينص على ما يلي: ”يتنازل المقترض بشكل لا رجعة فيه عن أي حصانة على أساس السيادة أو غيرها لنفسه أو لممتلكاته فيما يتعلق بأي تحكيم …“
وقد وجّه أحد المشرّعين اللوم إلى أماتشي على الموافقة على أن تكون هونج كونج التي تسيطر عليها الصين هي مركز التحكيم لفض النزاعات المتعلقة بالقروض.
بيد أن أماتشي حوّل اللوم إلى الإدارة السابقة لنيجيريا.
حيث أفادت صحيفة «فانجارد» أنه قال: ”تعتبر هذه بنود موحدة عليك الموافقة عليها قبل الحصول على القرض؛ وقد حصلت نيجيريا على 80% من هذه القروض قبل أن نتولى منصبنا.“
إلّا أن السيد أوساي نيكولاس أوساي، رئيس اللجنة البرلمانية المكلفة بإجراء التحقيق، رفض مزاعم أماتشي بشدة، وقال إن بنود الحصانة تتصف بالغموض والإبهام.
ونقلت صحيفة «فانجارد» قوله: ”جرى العرف على أن تنص معظم اتفاقيات القروض الدولية على ’ضمان سيادي‘ ومركز دولي محايد للتحكيم، مما يناقض التنازل عن سيادتنا الوطنية بهذه الطريقة الشاملة؛ لا سيما عند التعامل مع بلدان مثل الصين التي تشتهر بأنها تفرض سيطرتها المطلقة على مؤسساتها وشركاتها.“
وفي حوار مع قناة «تشانلز تليفيجن» النيجيرية، أعرب الدكتور بونجو آدي، مدير مركز تنظيم سياسات البنية التحتية وتطويرها بكلية الأعمال بلاجوس، عن بواعث قلقه بشأن زيادة اعتماد نيجيريا على القروض الصينية.
فيقول: ”بالنظر إلى الـ 64 دولة التي تحتضن مشروعات مبادرة الحزام والطريق الصينية، نجد أن 20 دولة تعرضت لأزمة اقتصادية، وثماني على وشك فقد القدرة على تحمل ديونها السيادية إذا أقدمت على الإقراض من جديد؛ فقد شاهدنا هذه الحلقة الصينية وعلينا الاحتياط منها.“
ومضى الدكتور بونجو آدي يقول: ”ما يحدث عادةً أن الصين ستبدأ في الاستيلاء على أصول البنية التحتية؛ إذ يتبنى الصينيون نهجاً استراتيجياً يتمثل في ربط القروض بمشروعات البنية التحتية، وذلك بنية امتلاك أصول البنية التحتية لأنها تعتبر الضمان في حالة التخلف عن سداد القروض.“
التعليقات مغلقة.