أسرة ايه دي اف
اثنان من بين كل ثلاثة مواطنين في منطقة جنوب الصحراء الكبرى يعيشون دون كهرباء، وتقع منازل وقرى لا حصر لها في مناطق نائية جداً بحيث يتعذر وصول شبكة الكهرباء إليها.
أمّا فيروس كورونا (كوفيد-19)، فلا يتعذر عليه الوصول إليها.
يعتبر الحصول على الكهرباء خلال أزمة مثل الجائحة العالمية من الأهمية بمكان لتشغيل المستشفيات والعيادات والأجهزة المسخرة لإنقاذ البشر.
ومن ثمّ تعمل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في ربوع منطقة جنوب الصحراء الكبرى لتوصيل الكهرباء للخدمات الحيوية للاستجابة لفيروس كورونا من خلال مبادرتها العملاقة والمتعددة الأطراف والجوانب التي تُسمّى «كهرباء إفريقيا». أطلقت الوكالة المبادرة عام 2013، وتضم ما يزيد على 170 من شركاء القطاعين العام والخاص بهدف مضاعفة توصيل الكهرباء في منطقة جنوب الصحراء الكبرى.
ويقول السيد مارك كاراتو، القائم بأعمال منسق المبادرة، لمنبر الدفاع الإفريقي (إيه دي اف): ”تمكّنا حتى الآن من توصيل الكهرباء إلى ما يربو على 15 مليون منزل يمثلون 74 مليون مواطن أصبحوا يستفيدون الآن من الكهرباء، ولكننا لسنا مجرد صندوق، وإنما نستهدف ما نقوم به بالفعل، ولئن كانت تواجهنا تحديات جسام مثل فيروس كورونا، ولئن كانت الأطراف التي نعمل معها مجرد عيادات صحية ريفية ليس لديها مصدر جيد لجني الإيرادات.“
ولبلوغ تلك الغاية، قامت مبادرة كهرباء إفريقيا بإعادة توجيه ما يزيد على 4.1 ملايين دولار لدعم قطاع الطاقة خارج شبكة الكهرباء، وتقييم أحمال الكهرباء للمستشفيات والعيادات ومرافق الرعاية الحرجة في نيجيريا، ودعم الأجهزة الرقابية والخدمية التي تناضل لمكافحة الجائحة جنوبي القارة السمراء وغربها. وتخطط المبادرة لإعادة توجيه مبالغ أخرى لبرامجها التي تخدم منطقة شرق إفريقيا.
وتحدث كاراتو عن آثار فيروس كورونا على مهام المبادرة قائلاً: ”تغير كل شيء ولم يكد شيء يتغير في الوقت ذاته؛ لأننا نقوم بهذا الأمر منذ عهد طويل، من خلال سعينا إلى زيادة قدرة الشبكة، وتوصيل الكهرباء إلى تلك المنازل سواء أكانت داخل الشبكة أم خارجها، وهو جزء كبير من برنامجنا.“
وأضاف يقول: ”وكل هذا من الأهمية بمكان للمواطنين الآن بقدر ما كان من ذي قبل، ولا يخلو من الصعوبة ذاتها. وعندما تنظر إلى الأنظمة الاقتصادية وهي على وشك الانهيار، فتعلم أن الطاقة هي حجر الأساس — سواء لتحقيق النمو الاقتصادي، أو لتعليم الأطفال في مدارسهم، أو لتشغيل مرافق الرعاية الصحية — فكل هذا يحتاج إلى الطاقة الموثوقة والمجدية اقتصادياً.“
وتجدر الإشارة إلى أن مبادرة كهرباء إفريقيا تمكنت في كلٍ من كينيا وإثيوبيا من توصيل الكهرباء إلى نحو 800 مستشفىً. واستفادت العيادات والأعمال التجارية والمنازل الواقعة في المناطق الريفية من حلول الطاقة خارج شبكة الكهرباء، وذلك عندما تعاونت المبادرة مع الحكومات والأجهزة الرقابية في كلا البلدين لتوفير أنظمة الطاقة الشمسية المنزلية التي باتت خدمة لا غنىً عنها خلال فترات الحظر الصحي العام.
ستنفق المبادرة نسبة كبيرة من مبلغ 4.1 ملايين دولار الذي أعادت توجيهه في دعم جهودها لتوفير حلول الطاقة خارج شبكة الكهرباء.
فيقول السيد آرون ليوبولد، المدير التنفيذي لرابطة مطوّري الشبكات المصغّرة في إفريقيا، لمجلة المنظمة الدولية لهندسة الطاقة: ”تعتبر الشبكات المصغّرة التكنولوجيا التي ستسمح لنا بتوصيل الكهرباء إلى المراكز الصحية المحرومة منها في منطقة جنوب الصحراء الكبرى؛ فثمة خطورة كبيرة تتمثل في تكدس كل مدينة في إفريقيا بسبب فيروس كورونا بالأشخاص الذين يحتاجون إلى رعاية طبية، وكان ينبغي أن يحصلوا على تلك الرعاية في قراهم، ولكن لا تتوفر فيها المرافق المناسبة.“
ثمّ يقول ليوبولد: ”تتصف الشبكات المصغّرة باللامركزية وسيكون لها عظيم الفائدة هذا العام.“
أمّا في نيجيريا، فقد ساعدت الشركات الشريكة لمبادرة كهرباء إفريقيا أربعة مراكز عزل وثلاثة مختبرات حكومية مخصصة لاختبارات الكشف عن الفيروس، وكذلك مرافق الرعاية الصحية الحيوية الأخرى، على توفير الخدمات الأساسية للاستجابة لفيروس كورونا.
وقدمت المبادرة الدعم في أوغندا لطبيب أنشأ وحدة حديثة للرعاية الصحية على جزيرة بوجالا؛ إذ كان الدكتور جيمس موونجي سوبي قد حضر إحدى ورش المبادرة عام 2019 ويتصل الآن بالشبكة المصغّرة بالجزيرة.
ويقول كاراتو: ”يعتبر هذا خير دليل على الاستفادة الحقيقية من مساعداتنا الموجهة، ويعمل هذا الطبيب الآن على مكافحة فيروس كورونا في بقعة من بقاع ريف أوغندا.“
وبالرغم من الخسائر الفادحة التي أحدثتها الجائحة، فيقول كاراتو إنه يشعر بالتفاؤل حيال توفير الكهرباء لخدمات الاستجابة لفيروس كورونا والتعافي منه؛ لأن مبادرة كهرباء إفريقيا إنما خرجت إلى النور لتتعامل مع مثل هذه النوعية من المشكلات.
فيقول: ”لم يشهد أي منا قط شيئاً من هذا القبيل وبهذا الحجم، وإنني أشعر إلى حد ما بالسرور لأننا كنا على أهبة الاستعداد للتصدي لهذه الصدمة المفاجئة التي لم يتوقعها أحد. فقد كنا نعلم أن إفريقيا تعاني من نقص الكهرباء، ويعلم الناس الآن مدى أهمية هذا العمل لا سيما عندما يحتاجون إلى الكهرباء لمساعدة مجتمعاهم على تجاوز مثل هذا التهديد الوجودي، سواء عن طريق تقديم الرعاية الصحية أو لإعادة بناء الاقتصاد بعد زوال الغمة.“
وفي الختام يقول كاراتو: ”بلى، أشعر بالتفاؤل بأننا سنجد الحلول وسنواصل العمل، ولا جرم أننا لن نسلم من مواجهة التحديات، ولكن لا بأس بذلك، فالتحديات هي التي تحفزنا على العمل.“