Africa Defense Forum
Africa Defense Forum

العمال التونسيون يعيشون في مصنع لإنتاج مستلزمات الوقاية من الجائحة

أسرةايه‭ ‬دي‭ ‬اف

عندما‭ ‬ضربت‭ ‬جائحة‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭ (‬كوفيد‭-‬19‭) ‬تونس،‭ ‬قرر‭ ‬ما‭ ‬يزيد‭ ‬على‭ ‬100‭ ‬عامل‭ ‬وعاملة‭ ‬في‭ ‬مصنع‭ ‬ينتج‭ ‬المستلزمات‭ ‬الوقائية‭ ‬للأطقم‭ ‬الطبية‭ ‬عزل‭ ‬أنفسهم‭ ‬للعمل‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬الساعة‭ ‬لإنتاج‭ ‬هذه‭ ‬المستلزمات‭ ‬شديدة‭ ‬الأهمية‭.‬

أصبح‭ ‬مصنع‭ ‬‮«‬كونسومد‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬تبلغ‭ ‬مساحته‭ ‬5‭,‬000‭ ‬متر‭ ‬مربع‭ ‬واحداً‭ ‬من‭ ‬أبرز‭ ‬المصانع‭ ‬التونسية‭ ‬التي‭ ‬تنتج‭ ‬هذه‭ ‬المستلزمات‭ ‬منذ‭ ‬افتتاحه‭ ‬من‭ ‬عشرة‭ ‬أعوام‭ ‬في‭ ‬ريف‭ ‬القيروان‭.‬

وقال‭ ‬الدكتور‭ ‬حمزة‭ ‬العلويني،‭ ‬مدير‭ ‬المصنع،‭ ‬للوكالة‭ ‬الأمريكية‭ ‬للتنمية‭ ‬الدولية‭ ‬مؤخراً‭: ‬”بقينا‭ ‬لمدة‭ ‬43‭ ‬يوماً‭ ‬متواصلين‭ ‬في‭ ‬المصنع‭ ‬ولم‭ ‬نخرج‭ ‬منه،‭ ‬إذ‭ ‬كان‭ ‬علينا‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬تسليم‭ ‬الطلبات‭ ‬المتزايدة‭ ‬في‭ ‬موعدها،‭ ‬وكنا‭ ‬قد‭ ‬اعتدنا‭ ‬على‭ ‬سد‭ ‬احتياجات‭ ‬المستشفيات،‭ ‬لكننا‭ ‬بدأنا‭ ‬نتلقى‭ ‬خلال‭ ‬أزمة‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭ ‬طلبات‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬قطاعات‭ ‬مختلفة،‭ ‬كالجيش،‭ ‬ووزارة‭ ‬الداخلية،‭ ‬والديوان‭ ‬الوطني‭ ‬للحماية‭ ‬المدنية،‭ ‬وكل‭ ‬من‭ ‬يخالطون‭ ‬المصابين‭ ‬بطريقة‭ ‬مباشرة‭.‬“‭ ‬

وأضاف‭ ‬العلويني‭ ‬يقول‭: ‬”تعيّن‭ ‬علينا‭ ‬العمل‭ ‬بلا‭ ‬توقف‭ ‬لكي‭ ‬نضمن‭ ‬حماية‭ ‬كل‭ ‬هؤلاء‭ ‬الأشخاص‭.‬“

وتجدر‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الطلب‭ ‬العالمي‭ ‬على‭ ‬المواد‭ ‬اللازمة‭ ‬لإنتاج‭ ‬البدلات‭ ‬والسترات‭ ‬الواقية‭ ‬وأغطية‭ ‬الرأس‭ ‬والأحذية‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬زيادة‭ ‬الأسعار؛‭ ‬ولذلك‭ ‬كان‭ ‬مصنع‭ ‬‮«‬كونسومد‮»‬‭ ‬يواجه‭ ‬صعوبة‭ ‬في‭ ‬مواصلة‭ ‬الإنتاج‭.‬

وههنا‭ ‬بادرت‭ ‬الوكالة‭ ‬الأمريكية‭ ‬للتنمية‭ ‬الدولية‭ ‬بتقديم‭ ‬منحة‭ ‬لمصنع‭ ‬‮«‬كونسومد‮»‬‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬برنامج‭ ‬‮«‬تونس‭ ‬جوبز‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬يعني‭ ‬اختصاراً‭ ‬الوظائف‭ ‬والفرص‭ ‬ونجاح‭ ‬الأعمال‭ ‬بتونس‭.‬

وصرّح‭ ‬العلويني‭ ‬أن‭ ‬المنحة‭ ‬سمحت‭ ‬للمصنع‭ ‬بمواصلة‭ ‬الإنتاج‭ ‬”مما‭ ‬جنبنا‭ ‬استيراد‭ ‬المنتجات‭ ‬التي‭ ‬يمكننا‭ ‬تصنيعها‭ ‬هنا‭ ‬في‭ ‬تونس‭.‬“

كما‭ ‬اعتمدت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬منحة‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬برنامج‭ ‬‮«‬تونس‭ ‬جوبز‮»‬‭ ‬لشركة‭ ‬‮«‬ميديكا‭-‬هيتيكس‮»‬‭ ‬بالقيروان،‭ ‬حيث‭ ‬يجري‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الشركة‭ ‬على‭ ‬قدم‭ ‬وساق،‭ ‬ويتحرى‭ ‬العاملون‭ ‬والعاملات‭ ‬الدقة‭ ‬في‭ ‬قياس‭ ‬وقص‭ ‬أمتار‭ ‬من‭ ‬الأقمشة‭ ‬الزرقاء‭ ‬بعد‭ ‬سحبها‭ ‬من‭ ‬بكرات‭ ‬كبيرة‭. ‬ويتولى‭ ‬آخرون‭ ‬مهمة‭ ‬تخييط‭ ‬هذه‭ ‬الأقمشة‭ ‬لتصنيع‭ ‬باقة‭ ‬من‭ ‬المنتجات‭ ‬لوقاية‭ ‬العاملين‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬الطبي‭ ‬والمتضررين‭ ‬من‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭.‬

وقد‭ ‬أُنشئت‭ ‬شركة‭ ‬‮«‬ميديكا‭-‬هيتيكس‮»‬‭ ‬عام‭ ‬2016،‭ ‬وتتخصص‭ ‬في‭ ‬إنتاج‭ ‬الستائر‭ ‬الجراحية‭ ‬والمناديل‭ ‬الطبية‭ ‬المبللة‭ ‬ذات‭ ‬الاستخدام‭ ‬الواحد،‭ ‬والمناديل‭ ‬الطبية‭ ‬المبللة‭ ‬المستخدمة‭ ‬في‭ ‬غرف‭ ‬العمليات،‭ ‬إلّا‭ ‬أن‭ ‬الجائحة‭ ‬حفزّت‭ ‬الشركة‭ ‬على‭ ‬إنتاج‭ ‬البدلات‭ ‬الطبية‭ ‬لمرضى‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭ ‬وزائري‭ ‬المستشفيات‭ ‬الآخرين‭.‬

وقال‭ ‬الدكتور‭ ‬منتصر‭ ‬بن‭ ‬مدب،‭ ‬كبير‭ ‬الصيادلة‭ ‬والمدير‭ ‬العام‭ ‬للشركة،‭ ‬لأسرة‭ ‬الوكالة‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬تونس‭: ‬”أضفنا‭ ‬أيضاً‭ ‬بدلات‭ ‬طبية،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬للأطباء‭ ‬وسائر‭ ‬الطاقم‭ ‬الطبي‭.‬“‭ ‬ومع‭ ‬أن‭ ‬الطلب‭ ‬تزايد‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬المنتجات،‭ ‬فقد‭ ‬ارتفعت‭ ‬أيضاً‭ ‬تكلفة‭ ‬المواد‭ ‬اللازمة‭ ‬لإنتاجها؛‭ ‬إلّا‭ ‬أن‭ ‬الشركة‭ ‬تمكنت‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬منحة‭ ‬‮«‬تونس‭ ‬جوبز‮»‬‭ ‬من‭ ‬شراء‭ ‬المواد‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تنقصها‭ ‬وزيادة‭ ‬العمالة‭ ‬بها‭ ‬من‭ ‬80‭ ‬إلى‭ ‬120‭ ‬عامل‭ ‬وعاملة‭.‬

وقال‭ ‬مدب‭: ‬”تمكنا‭ ‬خلال‭ ‬هذه‭ ‬المدة‭ ‬الزمنية‭ ‬القصيرة‭ ‬من‭ ‬زيادة‭ ‬عدد‭ ‬عملائنا،‭ ‬مثل‭ ‬الجمعيات‭ ‬الخيرية‭ ‬التي‭ ‬تساعد‭ ‬الشعب‭ ‬التونسي‭ ‬خلال‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا،‭ ‬ونعتقد‭ ‬أيضاً‭ ‬أننا‭ ‬مستعدون‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬حدوث‭ ‬موجة‭ ‬ثانية“‭ ‬من‭ ‬الفيروس‭.‬

وتشمل‭ ‬المساهمات‭ ‬الأمريكية‭ ‬الأخرى‭ ‬لتونس‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالفيروس‭ ‬التبرّع‭ ‬بلوازم‭ ‬النظافة‭ ‬لعمال‭ ‬النظافة‭ ‬وحرّاس‭ ‬المباني‭ ‬فيما‭ ‬يقارب‭ ‬نصف‭ ‬بلديات‭ ‬تونس‭ ‬التي‭ ‬يبلغ‭ ‬عددها‭ ‬350‭ ‬بلدية،‭ ‬وشراء‭ ‬ما‭ ‬يزيد‭ ‬على‭ ‬3‭ ‬ملايين‭ ‬لتر‭ ‬من‭ ‬المنظفات‭ ‬والمطهرات،‭ ‬وتوفير‭ ‬أدوات‭ ‬ومواد‭ ‬نظافة‭ ‬بقيمة‭ ‬1‭.‬5‭ ‬مليون‭ ‬دولار،‭ ‬مما‭ ‬سمح‭ ‬للمستشفيات‭ ‬بالتعامل‭ ‬مع‭ ‬المصابين‭ ‬بأمان‭.‬

كما‭ ‬ساهمت‭ ‬السفارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬في‭ ‬تدشين‭ ‬منصة‭ ‬‮«‬صحتي‮»‬‭ ‬www.sa7ti.tn،‭ ‬وهي‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬منصة‭ ‬إلكترونية‭ ‬مجانية‭ ‬تتولى‭ ‬تدريب‭ ‬أطقم‭ ‬الرعاية‭ ‬الصحية‭ ‬على‭ ‬حماية‭ ‬أنفسهم‭ ‬خلال‭ ‬رعايتهم‭ ‬لمرضى‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭.‬

هذا،‭ ‬وقد‭ ‬سجّلت‭ ‬تونس‭ ‬أول‭ ‬إصابة‭ ‬بفيروس‭ ‬كورونا‭ ‬في‭ ‬مطلع‭ ‬آذار‭/‬مارس،‭ ‬وكان‭ ‬المريض‭ ‬مواطناً‭ ‬تونسياً‭ ‬كان‭ ‬قد‭ ‬سافر‭ ‬مؤخراً‭ ‬إلى‭ ‬إيطاليا،‭ ‬وأصاب‭ ‬الفيروس‭ ‬منذ‭ ‬ذلك‭ ‬الحين‭ ‬ما‭ ‬يزيد‭ ‬على‭ ‬1‭,‬600‭ ‬تونسي‭ ‬وأودى‭ ‬بحياة‭ ‬ما‭ ‬يزيد‭ ‬على‭ ‬50‭ ‬منهم‭.‬

التعليقات مغلقة.