رسّامة صومالية تحوّل المرض الأليم إلى فن نبيل
أسرة إيه دي اف
تدافعت المشاعر بين جوانح الشابة نجمة حاشي عندما اكتشفت أنها أُصيبت بفيروس كورونا (كوفيد-19) في نهاية نيسان/أبريل، إلّا مشاعر الحزن والغضب والخوف واليأس تحولت في النهاية إلى أملٍ وعزيمة.
تشتهر نجمة حاشي باسم نجوم، وتعتبر واحدة من أشهر فنانات الصومال الشابات، ولكنها لم تكن تعرف كيف أُصيبت بالمرض الذي يتسبب فيه فيروس كورونا المستجد، إلّا أنها علمت أن السبب في ذلك هو تلك الجموع الغفيرة من الصوماليين الذين يعيشون حياتهم كما هي، ولا يأخذون الجائحة على محمل الجد.
حيث قالت نجوم لوكالة أنباء الأناضول في شهر حزيران/يونيو:”من المؤسف أن ترى الناس يتصرفون على هذا النحو هنا في مقديشو، ولا يلقون بالاً لهذه الجائحة؛ فأنت ترى المطاعم والأماكن التي يلتقي فيها الناس ما تزال مفتوحة، ويتعانق الأصدقاء، ويتصافحون، ويتنزهون معاً. … وترى الأسواق تعج بالناس وهم يبيعون ويشترون الأشياء المختلفة. … وترى الشباب يحتسون القهوة ويجلسون بالقرب من بعضهم البعض.“
وأضافت نجوم تقول: ”بل لا يفكرون في المشكلة التي يتسبب فيها المرض. … وهذا يزعجني أيما ازعاج.“
كانت نجوم تشتغل من قبل في مهنة التمريض، لكنها رأت نجمها يسطع خلال الحظر الصحي العام في مقديشو.
ويرجع ذلك إلى أن واقع التباعد الاجتماعي مكّن نجوم من إيجاد جمهور جديد على وسائل الإعلام الاجتماعي عندما نشرت رسوماتٍ، وأفلاماً كرتونية، ولوحات فنية لكي تنشر رسالة قوية تحث الناس على الالتزام بالإرشادات الصحية، كما استخدمت خاصية البث الحي على إنستجرام باستمرار لتعطي متابعيها دروساً في الرسم ولكي يشاهدوها وهي ترسم أعمالها الفنية.
استرعت نجوم في بادئ الأمر نظر الفريق المعني بإفريقيا في هيئة الإذاعة البريطانية؛ فتحدثوا عنها في مقطع فيديو لتسليط الضوء على طرق تعايش الفنانين المشهورين مع العزل المنزلي والاستفادة من خاصية البث الحي.
ثم أعلن وفد الاتحاد الأوروبي في الصومال، وكانت نجوم قد تعاونت معه من قبل، عن مبادرة تسمّى #فنانون_ضد_كورونا، ودشن الوفد المبادرة يوم 23 حزيران/يونيو وعرض صورة نجوم باعتبارها الفنانة الأولى للمبادرة.
وجاء في بيان السيد نيكولاس بيرلانجا-مارتينيز، سفير الاتحاد الأوروبي لدى الصومال: ”على شباب وفناني الصومال أن يلعبوا دوراً حيوياً في جهود التصدي لفيروس كورونا، لأن هذه الجهود لا تقتصر على مكافحة الفيروس، وإنما تشمل التصدي للمعلومات الزائفة والشائعات ووصمة العار التي تحوم حول من يُصاب بالمرض.“
وأضاف معالي السفير يقول: ”يستطيع الشباب والفنانون بصوتهم وموهبتهم أن ينشروا معلومات حيوية، داخل مجتمعاتهم ووسط محبيهم ومتابعيهم أيضاً، بهدف التواصل مع قاعدة كبيرة من الجماهير للتصدي لهذه الأزمة. وإن الاتحاد الأوروبي ليؤمن بقدراتهم وإمكانياتهم ويسعى إلى رفع أصواتهم من خلال عرض أعمالهم ودعمها.“
تعد نجوم واحدة من المتعافيات من فيروس كورونا في الصومال؛ علماً بأن عدد الحالات المصابة بالفيروس في الصومال وصل حتى 21 تمّوز/يوليو إلى 3,135 حالة، توفي منهم 93 حالة، وتعافى 1,464 آخرين، إلّا أن الصومال الذي يبلغ تعداده نحو 16 مليون نسمة لم يجرِ إلّا 11,900 اختبارٍ؛ وذلك وفقاً لتقارير هيئة المراكز الإفريقية لمكافحة الأمراض والوقاية منها.
وجدير بالذكر أن نجوم نشأت في العاصمة مقديشيو التي تكثر بها الأزمات المختلفة، مما لوّن معظم الصور التي رسمتها تلك الفنانة الشابة عن الصومال وشكّل معظم الأفكار التي كونتها عن وطنها؛ فقد رأت ويلات الحرب والجفاف والنزوح والقحط، وكل هذا تفاقم بسبب الأمية وغياب القيادة.
أمّا الآن فتجد نجوم نفسها مع التزام بلدها بإعادة الإعمار في غمار معركة جديدة.
فتقول في مقطع فيديو بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي في الصومال:”يستطيع الفن أن يلهم الناس، وأستطيع بذلك أن أرسل إليهم رسالة إيجابية؛ لأنني أحاول من خلال فني أن أبذل قصارى جهدي للتواصل مع الناس الذين لا يجيدون التحدث أو الكتابة أو القراءة، وهم الغالبية ههنا، ولكنهم يفهمون عن طريق الصور التي يرونها بأعينهم.“
وأضافت تقول: ”من الأهمية بمكان خلال هذه الجائحة أن نوصل إليهم المعلومات الحقيقية وسط حالة اللبس وسوء الفهم السائدة؛ ولذلك نوعّي الناس عن طريق الفن كيف يمكنهم عدم التسبب في نشر المرض.“
التعليقات مغلقة.