عيون قوات حفظ السلام في السماء تحت المجهر بواسطة ADF آخر تحديث فبراير 15, 2018 شارك جمهورية الكونغو الديمقراطية بمثابة حقل تجارب لاستخدام المراقبة الجوية بدون طيار أسرة ايه دي اف رواندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية، طريقًا تجاريًا نشطًا؛ إذ يحمل التجار البضائع على الزوارق العادية والبخارية والعبارات. ويمثل هذا الطريق ممرًا حيويًا للتجارة المحلية، غير أن جميع الأطراف المعنية تعرف المخاطر الكامنة هناك، فالبحيرة لا تنعم بالهدوء دائمًا ولا تتمتع جميع القوارب بالمتانة اللازمة. في 5 مايو 2014، انقلب أحد القوارب المعروفة محليًا باسم “canot rapide” بفعل الرياح القوية، وكان على متنه ما يقارب 24 شخصًا – أكثرهم لا يرتدي سترات النجاة – سقطوا جميعًا في المياه المتلاطمة. ويعد هذا الحادث الثالث من نوعه في البحيرة في غضون شهر. وعادة ما تؤدي هذه الحوادث إلى موت محقق. إلا أنه في هذا اليوم كانت هناك فرقتان تابعتان لبعثة منظمة الامم المتحدة لتحقيق الاستقرار في الكونغو الديمقراطية (المونوسكو) تقومان بمناورات عسكرية بالقرب من هذه المنطقة، وقام فريق نظم الطائرات بدون طيار التابع للبعثة والسرية النهرية الأوروغوية بالتنسيق بين القوارب السريعة الصغيرة والطائرات المحلقة. عندما ورد نداء استغاثة، أقلعت طائرة بدون طيار لمسح المياه، وسرعان ما حدد الطيارون عن بعد موقع السفينة الغارقة، وقام فريق نظم الطائرات بدون طيار بنقل الإحداثيات إلى قوارب الدوريات، فوصل رجال الإنقاذ في غضون 15 دقيقة وسحبوا 14 شخصًا من البحيرة. ليس الغرض الأمثل من الطائرات بدون طيار هو المساهمة في عمليات البحث والإنقاذ كما في حالتنا هذه، لكن ذلك يسهم في توضيح سبب التوسع في استخدام الطائرات في بعثات حفظ السلام. وفي هذا الصدد يقول نائب الأمين العام لعمليات حفظ السلام للأمم المتحدة، هيرفيه لادسوس: “إن الطائرات بدون طيار تؤدي دورًا أفضل في حماية المدنيين لأنها توفر صورًا فعلية للمواقف أثناء حدوثها في الواقع، ومن ثم فإنه يمكنك التصرف بسرعة أكبر واتخاذ إجراءات أكثر حسمًا”. مساعدة من أعلى صارت بعثة المونوسكو أول بعثة حفظ السلام تستخدم الطائرات بدون طيار في عام 2013 عندما تسلمت خمس طائرات من فئة سيليكس أي اس فالكو الإيطالية، وتبلغ المسافة بين جناحي تلك الطائرات 7 أمتار وبإمكانها أن تطير لمدة 14 ساعة بسرعة 150 كيلومترًا. كما يمكن تشغيلها عن بعد من قبل طيارين في محطات مراقبة أرضية بدون تسليح. طليت هذه الطائرة باللون الأبيض الناصع وكتب عليها حرفي “UN” (الأمم المتحدة)، وهي مزودة بكاميرات للتصوير الليلي مع التكنولوجيا الكهربائية الضوئية والأشعة الحرارية تحت الحمراء، ويمكنها اكتشاف حرارة الأجسام من وراء السحاب الثقال أو الغابات الكثيفة. وقال المقدم توني كيربي المدير السابق لنظم الطائرات بدون طيار لدى بعثة المونوسكو أن هذه الطائرات مثالية لمعظم المهام الأكثر “كآبة وقذارة وخطورة” في مهام حفظ السلام. وذكر كيربي قائلاً “أثبتت نظم الطائرات بدون طيار جدواها في حل مجموعة من المشكلات المستعصية، لأنها توفر الوقت والطاقة والمال وتجعل القوات البرية تركز على الأمور المهمة مع تجنب الانتشارات غير الضرورية في مواقف قد تنطوي على خطورة”. وتمثل بعثة جمهورية الكونغو الديمقراطية ميدانًا مثاليًا لتجربة المراقبة الجوية بدون طيار، حيث كانت البعثة مكلفة بإرساء السلام في بلد تبلغ مساحته ما يقرب من مليون كيلومتر مربع منها 2250 كيلومتر فقط من الطرق المعبدة. وفي البداية كانت الطائرات بدون طيار تتمركز في غوما في إقليم شمال كيفو المضطرب الذي تتناحر فيه ميليشيات متعددة بغرض فرض السيطرة، وتشمل هذه الميليشيات القوات الديمقراطية لتحرير رواندا التي تضم متطرفين من طائفة الهوتو الذين نفذوا إبادة جماعية في رواندا؛ وجماعة 23 مارس المتمردة التي تضم جنودًا كونغوليين سابقين؛ وجبهة التحالف الديمقراطي التي تضم متطرفين إسلاميين. إن رصد هذه المنطقة أمر عسير للغاية، كما أن الاستجابة لنداءات الاستغاثة تكاد تكون مستحيلة، وكثيرًا ما تصل قوات حفظ السلام إلى قرى بعد أن تصير رمادًا. كان برنامج الطائرات بدون طيار قد حقق بعض النجاحات في بداياته. وفي الفترة ما بين مايو 2014 ويناير 2015، سلم 438 عضوًا من أفراد القوات الديمقراطية لتحرير رواندا أنفسهم لقوات الأمم المتحدة والقوات الكونغولية، وعزا قادة المونوسكو ذلك إلى اعتقاد المسلحين أن قوات حفظ السلام قد اكتسبت ميزة تكتيكية بفعل المراقبة الجوية، كما أن الطائرات تطير “دون كتم للصوت”، حتى يسمع صوت أزيزها المزعج من الأرض فيدب الخوف في قلوب الميليشيات. وفي هذا الصدد قال مارتن كوبلر، الرئيس السابق للمونوسكو: “إن لهذه الطائرات تأثير نفسي أيضًا، فالكل يعرف أنها تحلق في سماء المنطقة”. طائرة من فئة سيليكس أي اس فالكو الإيطالية تقف في إحدى الحظائر في غوما بجمهورية الكونغو الديمقراطية. وتبلغ المسافة بين جناحي الطائرات بدون طيار 7 أمتار وبإمكانها أن تطير لمدة 14 ساعة بسرعة 150 كيلومترًا.وكالة الأنباء الفرنسية/غيتي إيمجيز استعانت المونوسكو أيضًا بالطائرات بدون طيار في تعقب عمليات التعدين غير المشروعة والتهريب غير المشروع للأسلحة، وظروف الطرق والنازحين. ولعل الأهم من ذلك أن الطائرات بدون طيار التابعة لبعثة المونوسكو كان يصحبها لواء التدخل التابع للقوة الذي يضم حوالي 3,000 شخص ويمثل واحدة من أكثر المحاولات العسكرية عدوانية ونشاطًا في تاريخ الأمم المتحدة. إن إضافة الطائرات بدون طيار قد أتاحت للقادة مراقبة الجماعات المتمردة في المناطق النائية وترتيب الاستجابة السريعة من قبل اللواء حال تعرض المدنيين لأي تهديدات. وأفاد قادة اللواء أنهم بعد تحديد موقع العدو على الأرض، يستدعون الطائرات بدون طيار لأجل “التحقق من الهدف” للتأكد من أن العدو بعيد عن المنطقة المدنية، وإذا أكدت الطائرات الهدف، فإنهم في اللواء يستدعون طائرات هليكوبتر هجومية أو قوات برية. إن هذه العيون التي نبصر بها من السماء تساعدنا على تقليل وفيات المدنيين. وأضاف لادسوس قائلًا: “لقد حصلنا على الكثير من المعلومات حول ما يجري على أرض الواقع، فصار بإمكاننا أن نرى المجموعات أثناء تجولها، وصرنا الآن نعرف ما يحدث على أرض الواقع، وكيفية تخفيف آثاره أو التدخل الاستباقي”. السرعة والمرونة هناك توسع في استخدام الطائرات بدون طيار في أفريقيا، والمتوقع أن يزداد هذا التوسع. تجدر الاشارة إلى أن الجزائر وبوتسوانا ونيجيريا وجنوب أفريقيا من بين الدول التي تستخدم طائرات بدون طيار للمراقبة في جيوشها الوطنية. كما تستخدم بعثة الأمم المتحدة في مالي الطائرات بدون طيار في جانبها الشمالي الشاسع والمحفوف بالمخاطر، وكذلك تستخدم بعثة الأمم المتحدة في جمهورية أفريقيا الوسطى تلك الطائرات في مراقبة نشاط المتمردين وفي تحذير المدنيين من الهجمات المحتملة. وترى قوات حفظ السلام في هذه الأدوات مضاعف للقوة منخفض التكلفة. فعلى سبيل المثال تدفع الأمم المتحدة لشركة سيليكس 13 مليون دولار سنويًا لتشغيل الطائرات بدون طيار في بعثة المونوسكو. وعلى الرغم من أن هذا قد يبدو مكلفًا، إلا أنه لا يمثل سوى جزء ضئيل من الميزانية السنوية للبعثة التي تبلغ 1.2 مليار دولار. كان الدكتور رالف روتي، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة آخن بألمانيا، قد درس استخدام الطائرات بدون طيار في أفريقيا، وصرح للمنبر أن الطائرات بدون طيار تعطي لقوات حفظ السلام ميزتين عسكريتين رئيسيتين هما: أولًا، أنها تتيح وعيًا ميدانيًا أفضل بتحركات العدو وتجمعاته. وثانيًا، أنها تقمع نشاط العدو في مناطق معينة، وقد تردع مقاتلي العدو أو تضعف معنوياتهم. وأضاف أن سر نجاح قوات حفظ السلام يكمن في ترجمة البيانات التي تجمعها الطائرات بدون طيار إلى عمل على أرض الواقع. قوات حفظ السلام في المونوسكو تدخل مجمعها في كينشاسا، وكانت المونوسكو أول بعثة من بعثات الأمم المتحدة تستخدم طائرات بدون طيار.رويترز واستطرد روتي قائلًا “لا بد من تحليل البيانات التي يجري الحصول عليها على نحو فعال وسريع، وتترجم إلى رد فعل مرن وسريع من طرف القوات البرية أو الجوية، عبر قوات ذات قدرة عالية على التنقل والانتشار في الجو أو طائرات هليكوبتر هجومية، ومن ثم يلزم أن تكون لديك قدرات تحليلية وكذلك قوات قتالية متاحة للاستفادة من الوعي الميداني المتميز، وبالتأكيد سمات الإرادة السياسية والقيادية العسكرية للعمل بعزم وإصرار”. لقد شكل هذا تحديًا في جمهورية الكونغو الديمقراطية، فعلى الرغم من أن سيليكس قد أرسلت 10 متعاقدين لصيانة وتشغيل الطائرات بدون طيار، إلا أن الأمم المتحدة لم يكن لديها عدد كاف من المتخصصين في تحليل الصور. ويشير تقرير صادر عن مراجعة الدفاع الأفريقي (African Defence Review) أن الصور التي كانت تلتقطها الطائرات بدون طيار لم يكن يراجعها سوى حوالي 15 شخصًا وهم من يوصون بالإجراءات. لقطات جوية صادرة عن الأمم المتحدة تظهر سفينة انقلبت في بحيرة كيفو بتاريخ 5 مايو 2014، وتمكنت فرق الاستجابة من إنقاذ 14 شخصًا كانوا على متنها، ويعود الفضل في ذلك إلى المعلومات التي جمعت باستخدام برنامج نظم الطائرة بدون طيار التابعة للأمم المتحدة.الأمم المتحدة وأضاف المقدم مات وايت في حديثه مع مراجعة الدفاع الأفريقي: “إنها رائعة، لكنها أيضًا محبطة، فأنت تعرف أنه بإمكانك أن تفعل المزيد”، ترأس وايت وهو ضابط مدفعية بريطاني، عمليات الطائرات بدون طيار في المونوسكو حتى أكتوبر 2015. ووفقًا لتقرير مراجعة الدفاع الأفريقي فإن البعثة عانت من إخفاقات أخرى، فبسبب القيود اللوجستية وتلك المتعلقة بالقوى العاملة، فلا يمكن إطلاق سوى طائرة واحدة من الطائرات الخمسة في المرة الواحدة. كما أن تلك الطائرات لا يمكنها التحليق أثناء سوء الاحوال الجوية، الأمر الذي أحبط موظفي الأمم المتحدة الذين لم يطلبوا سوى المساعدة فطلب منهم الانتظار. وفي عام 2014، تحطمت إحدى الطائرات أثناء هبوطها في غوما واحتاجت إلى إصلاحات كبيرة. الفهم الصائب بينما أصبح استخدام الطيارات بدون طيار في عمليات حفظ السلام والعمليات العسكرية الأخرى أكثر شيوعًا في أفريقيا، أشار روتي أنه لا بد من اكتساب فهم أفضل لأهمية نظم المراقبة الجوية وأوجه القصور فيها وقد عرض عدة مبادئ توجيهية: قاعدة للأمم المتحدة بالقرب من قرية كيبومبا في شمال كيفو بجمهورية الكونغو الديمقراطية. وقد استخدمت الأمم المتحدة طائرات بدون طيار لمراقبة نشاط المتمردين في شمال كيفو.وكالة الأنباء الفرنسية/غيتي إيمجيز إدارة التوقعات: لقد بث الإعلان عن مشاركة الطائرات بدون طيار في بعثة حفظ السلام الكثير من الأمل في قلوب المدنيين. وهم قد يتوقعون أن توقف هذه الطائرات كل الهجمات أو أن تستخدم في مهام لا تندرج تحت مسؤوليات البعثة، وإن لم تتحقق هذه الآمال، فإن هذا قد يولد غضبًا تجاه قوات حفظ السلام. ولذلك قال روتي أنه من الأهمية بمكان أن نوضح للجمهور أوجه قصور هذه الطائرات وكيفية استخدامها، فالشفافية لا غنى عنها. الطائرات ليست بديلة عن الجنود: يبدو مغريًا النظر للطائرات بدون طيار على أنها بديلاً للقوات التقليدية، لكن الأمر ليس كذلك، فتلك الطائرات لن تفيد إلا إذا استغللنا الوعي الميداني الذي توفره لنا في الإسراع بحركة القوات التقليدية وزيادة فعاليتها. الحوار بخصوص البيانات: يحتاج المدنيون وممثلوهم المنتخبون إلى توضيح كيفية استخدام الطائرات بدون طيار وكيفية إدارة البيانات التي تجمعها تلك الطائرات. وقد يقتضي ذلك صياغة سياسة وطنية أو إقليمية أو قارية بشأن استخدام الطائرات بدون طيار. وهناك حاجة لإجراء محادثات مفتوحة حول هذا الموضوع. ويتعين على المنظمات الكبرى مثل الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي أن تقرر ما إذا كانت المعلومات المتزايدة التي توفرها تلك الطائرات تضع على كاهل تلك المنظمات مسؤوليات جديدة للتدخل في المزيد من الأحداث الإنسانية مثل حادث قارب بحيرة كيفو. كما أن تحسين الدراية بالموقف الميداني سيزيد من تعقيد القرارات المتعلقة باستخدام القوة واختيار الأهداف. طائرة بدون طيار تلتقط صورًا أعلى قرية بالقرب من غوما في جمهورية الكونغو الديمقراطية.الأمم المتحدة مراعاة الفجوة بين المدنيين والعسكريين: قال روتي أنه يخشى أن يؤدي احتكار الوحدات المتميزة في القوات المسلحة الوطنية أو قوات حفظ السلام الأجنبية للطائرات بدون طيار سوف تزيد من الفجوة بين المدنيين والعسكريين. وعلاوة على ذلك، قد يتسبب نشر الطائرات بدون طيار بين بعثات حفظ السلام رفيعة المستوى في إحياء سباق تسلح بين الدول أو حتى بين الأفرع العسكرية في البلد الواحد. وقد فقد بعض المدنيين في جمهورية الكونغو الديمقراطية بالفعل الثقة في الطائرات بدون طيار، ورفضت بعض وكالات الإغاثة عروض المساعدات من المونوسكو تجنبًا للربط بينها وبين البرنامج، وقد نوه روتي إلى ضرورة معالجة ذلك. وفي نهاية المطاف، كان الدرس الذي استفدناه من السنوات الأولى لاستخدام الطائرات بدون طيار في جمهورية الكونغو الديمقراطية هو أن المعلومات التي توفرها لنا الطائرات لن تكون مفيدة إلا إذا اتخذنا إجراءات بناءً عليها، ويرى قادة المونوسكو أن النتائج الأولية كانت إيجابية. وقال لادسوس: “إذا كنا لا نسمع ولا نرى، فكيف يمكننا أن نؤدي مهام أعمالنا؟ إن الأمر لا يتطلب سوى امتلاك الأدوات المناسبة”.
التعليقات مغلقة.