القدرة على الاستجابة تحت المجهر بواسطة ADF آخر تحديث نوفمبر 16, 2017 شارك لكي تتمكن القوات المسلحة من التدخل في الأزمات وإدامة البعثات، فيجب عليها أن تجعل اللوجستيات من ضمن أولوياتها العقيد أودواك أودواكا القوات الجوية الأمريكية تُعدّ المشاركة الفعالة للدول الأفريقية في عمليات حفظ السلام من ضمن التطورات الهامة في فترة ما بعد الحرب الباردة. ومن بين الأفراد البالغ عددهم 105078 الذين تم نشرهم دعمًا لبعثات حفظ السلام التسع التابعة للأمم المتحدة في أفريقيا، فإن أكثر من نصفهم من الأفارقة النظاميين. وتضم إثيوبيا ونيجيريا وجنوب أفريقيا أكبر القوات من بين 38 دولة أفريقية تساهم بأفراد حفظ سلام. وحتى الدول التي دمرتها الحرب، مثل سيراليون، تقوم الآن بنشر أفراد قوات حفظ سلام. برغم أن معظم البلدان الأفريقية توفر قواتٍ عسكرية للعمليات التي تتم تحت قيادة الأمم المتحدة وأفريقيا، إلا أنها لا تزال تعتمد بشكل كبير على الشركاء الخارجيين في مجال التعبئة والاستدامة اللوجستية. تشكل الطلبات الثنائية للحصول على الدعم جزءًا من الدورة السنوية للتخطيط والبرمجة أو جزءًا من المشاركة التي تتعهد بها الدول في البعثات. وتشمل تلك الطلبات حركة النقل الجوي للقوات والمركبات، وأعمال الهندسة والإمكانات الطبية. وتستمر هذه الاعتمادية المزمنة على الرغم من المساعدات الخارجية التي قدمها شركاء دوليون على مدار أكثر من عقدين. كما أنها لا تزال قائمة على الرغم من وجود الكثير من المؤشرات على أن القادة الأفارقة يريدون حقًا تنمية قدرتهم اللوجستية. قوات سنغالية داعمة لإحدى بعثات الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (الإيكواس) تحرس مبنى المجلس التشريعي في بانجول، في غامبيا.وكالة فرانس برس/وكالة غيتي إيميجيز هناك بضعة عوامل أدت إلى عرقلة تنمية القدرة اللوجستية في القارة السمراء. إحداها هي الإرادة السياسية. فلفترة طويلة، لم تكن الحكومات تضع الاستثمار في اللوجستيات العسكرية ضمن أولوياتها. ويرجع ذلك جزئيًا إلى صعوبة إيجاد سرد واضح ومقنع يبرر إنفاق الأموال لزيادة استخدام المعدات الحالية والعمل على استدامتها. فمن الأسهل إقناع رجال السياسة بإنفاق الأموال على شراء معدات جديدة. ويعد الفساد وانعدام الكفاءة العسكرية من ضمن العوامل الأخرى. ففي الثقافات التي تنتشر فيها المحسوبية ومحاباة الأقارب، تشيع فيها العقود أحادية المصدر التي يتم منحها عبر علاقات شخصية. ويؤدي ذلك إلى مدفوعات زائدة تتجاوز المستحقات، وأحيانًا إلى الحصول على نتائج دون المستوى. ويؤثر الفساد على الإمداد بالمعدات والأسلحة وسداد الأموال الخاصة بالوحدات التي تكون على الجبهة. فذلك يؤدي إلى ابتعاد الأموال بعيدًا عن التحسينات اللوجستية وجعل المتبرعين ودافعي الضرائب أقل إصرارًا على تمويل الجهود العسكرية. من العوامل الرئيسية المقيدة الأخرى نقص البنية التحتية الموثوق بها في عدة مناطق بأفريقيا. حيث إن كلاً من الطرق والسكك الحديدية والمطارات والموانئ والاتصالات والكهرباء والمياه ومرافق الصرف الصحي تعاني من قلة الإمدادات. ويُعدّ النقل البري هو الطريقة المفضلة للتوزيع داخل قارة أفريقيا ويمثل 90 بالمائة من النقل بين المناطق الحضرية. وللأسف، فإن سوء حالة أسطح الطرق والتأخير في عمليات عبور الحدود تعيق الدعم اللوجستي الخاصة بأنشطة الاستجابة للكيانات الخاصة والعامة، بالإضافة إلى قوات الأمن. وعندما يكون الطلب على الدعم اللوجستي من جانب القوات العسكرية معتمدًا على دعمٍ بري غير موثوق، فسوف تكون حينها المواد التي يحتاجها قادة القوات معرضةً للخطر، وكذلك الأمر مع نجاح البعثة. لبدء مواجهة تلك التحديات وغيرها من التحديات، سأحدد هنا التوصيات التي يمكن أن تطبقها الجيوش الأفريقية على المدى القصير والمتوسط والطويل. إعطاء الأولوية للكفاءة: يجب أن تحرص الجيوش على أن يكون لديها إطار عمل لتجنيد اللوجستيين وعلى توفير فرصٍ دورية لتحسين ممتهني اللوجستيات من خلال التعليم والتدريب والتمرينات. كما يجب أيضًا مكافأة اللوجستيين على تدريبهم وعملهم الجاد. ولكن القدرات مهما كان قدرها لن تكفي وحدها لمواجهة التحديات اللوجستية في أفريقيا إذا لم يتم سداد رواتب الجيش بانتظام. وتُعدّ اللوجستيات من المهارات المطلوبة في أسواق العمل، وأي جندي مدرب لا يُسدَّد له راتبه سوف يرحل عن الجيش ويتجه لمكانٍ آخر. وتعاني الكثير من الجيوش من هذا الأمر. فأي ميكانيكي سيارات لا يتلقى أجره في أي جيش أفريقي لن يشعر بالجوع عندما يكون هناك طلبٌ تجاري على الميكانيكيين. جنود قوات الدفاع الكيني يصلون إلى نيروبي بعد الخدمة في إحدى بعثات الأمم المتحدة لحفظ السلام في جنوب السودان. رويترز كما يجب أن تضمن الجيوش الأفريقية توفير فرص التطوير المهني للنهوض باللوجستيين والارتقاء بهم إلى أعلى المستويات. وذلك يعني تعديل نظام القيمة لتحديد النجاح خارج وظائف المشاة أو المدفعية. فعلى سبيل المثال، تتوفر لدى الولايات المتحدة قادة عسكريون كبار ذوو أربع نجوم متمركزين في أماكن الدعم اللوجستيات ودعم الاستدامة. ويبرز ذلك أهمية اللوجستيات ويوفر مسارًا لنمو الضابط وتنمية قدراتهم. وفيما يتعلق بالتدريب المقدم من شركاء دوليين، فإن الكثير من الدول الأفريقية تنقصها القدرات المؤسسية لإتمام التدريب واستمراره بعد تقديمه. وينتج عن ذلك تآكل المعرفة المكتسبة وركود القدرات. وتعترف دول أفريقية مثل، مصر وغانا وكينيا ونيجيريا وجنوب أفريقيا بأهمية الحفاظ على المهارات وأنشأت مراكز لإضفاء الطابع المؤسسي على القدرات التدريبية. وعلى الرغم من ذلك، فإن الغالبية العظمى لا تعترف بذلك، مما يساهم في نقص القدرات اللوجستيات الأهلية. مشاركة موارد النقل الجوي: في عام 2014 اجتمع قادة لوجستيون عسكريون كبار من أفريقيا وأوروبا وأمريكا الشمالية كجزء من قمة القوات الأفريقية البرية، حيث اتفق المشاركون على أن هناك حاجة إلى إجراء ترتيبات جماعية لتنسيق موارد النقل الجوي ومشاركتها. وقد حققت تلك الأنواع من الترتيبات نجاحًا في مجالات أخرى. ومن الأمثلة على ذلك، مركز الخدمة الإقليمية التابع للأمم المتحدة في عنتيبي بأوغندا، ومركز تنسيق التحركات لأوروبا (MCCE) في هولندا. وإن مشاركة القدرات تتيح للدول المشاركة تعزيز خيارات النقل الموثوقة (الجوية والبرية والبحرية) وترشيد التكاليف مع وفائها بالمتطلبات التشغيلية والتدريبية والروتينية لقادة القوات لنقل القوات والمعدات إلى مناطق العمليات. يدرك الاتحاد الأفريقي قيمة تلك الهياكل التنسيقية ويعمل على إنشاء مركز لتنسيق الحركة القارية (CMCC) كجزء من مشروع أكبر، ألا وهو القوة الأفريقية الجاهزة (ASF). سوف يوفر مركز تنسيق الحركة القارية للمقرات الإستراتيجية للاتحاد الأفريقي القدرة على تخطيط قواتها بطريقة منسقة مع استغلال النقل الجوي القاري المتوفر، سواء عسكريًا أو تجاريًا. وتعمل دائرة العمل الخارجي التابعة للاتحاد الأوروبي بالفعل على إمداد مركز تنسيق الحركة القارية بالتمويل والتدريب. وبالرغم من أن بعض المعلقين قد شككوا في مدى استعداد الدول الأفريقية لمشاركة موارد النقل الجوي، فقد أثبت تمرين أماني أفريقيا 2، الذي تم في أكتوبر/تشرين الثاني من عام 2015 – والذي قامت فيه القوات الجوية الجزائرية والأنغولية بحمل قواتها إلى جنوب أفريقيا – أن الاستعداد السياسي موجودٌ بالفعل. إقامة التمرينات الميدانية اللوجستية متعددة الأطراف: تعد برامج التمرين والتدريب وسائلَ رائعة للحفاظ على الجاهزية والفعالية القتالية على مستوى الوحدة. فهذه البرامج داخل جميع الفروع العسكرية تضمن لكبار القادة أن الوحدات قادرةٌ على تلبية القدرات التشغيلية المحددة لها وتساعد في تحديد الثغرات وأوجه النقص التي يمكن معالجتها قبل نشر القوات. وسوف تجري عناصر الخدمة بالقيادة العسكرية الأمريكية لقارة افريقيا عددًا من التمرينات الميدانية مع الجيوش الشريكة من أجل “التشجيع على تطوير القدرات الأمنية للبلدان الشريكة وغرس الروح المهنية بين العناصر العسكرية الأفريقية.” تختلف هذه التمرينات الميدانية فيما بينها من حيث الشكل والتركيز والوظيفة، لكن الجيوش الأفريقية لم تصل حتى الآن إلى مرحلة التمرين المرتكز على اللوجستيات. ومن شأن التمرينات الميدانية اللوجستية متعددة الجنسيات في المنطقة الأفريقية أن تكون ذات قيمة خاصة؛ لأنها ستروج للمعايير والتكتيكات والآليات والإجراءات المتبادلة بين الدول المشاركة. كما أنها سوف تتيح تنمية المهارات اللوجستية الأساسية على المستويين التكتيكي والتشغيلي وجمع كبار القادة معًا لتقييم النتائج والدروس المستفادة ووضع إستراتيجيات مشتركة لمواجهة التحديات المشتركة. لا تزال القدرة على العمل المتبادل تمثل تحديًا. وقد نتج العدد الهائل للشركاء الذين يساعدون في بناء القدرات اللوجستية العسكرية في جميع أنحاء أفريقيا عن التبرع بأجزاء ومعدات متنوعة وتعليم مناهج مختلفة. وسوف يلبي التمرين الميداني اللوجستي رغبة القادة الأفارقة في وضع معايير عندما يتعلق الأمر بالتدريبات اللوجستية المقدمة من شركاء متعددين. وهذا هو الموضع الذي يمكن فيه تعزيز القدرات والطاقات والإمكانات للجيوش الأفريقية. جنود قوات الدفاع الوطني لجنوب أفريقيا يشاركون في تدريبٍ بمقاطعة ليمبوبو.وكالة فرانس برس/وكالة غيتي إيميجيز المخزون المقترح للدعم اللوجستي في الوقت المناسب: تدعو خارطة الطريق الخاصة القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) إلى استخدام المستودعات من أجل “تسهيل تخزين المواد والمعدات ومخزون المستخدم النهائي لضمان توافرها عند طلبها دون تقييدها بتأخيرات ناتجة عن مدة الإنجاز الطويلة لعملية الشراء والتوريد”. وإن وضعية الانتشار السريع للقوة الأفريقية الجاهزة – وهي قوة يمكنها الانتشار في غضون 14 يومًا في أي مكان في القارة للاستجابة للأزمات – تجعل الدعم اللوجستي “في الوقت المناسب” أمرًا إلزاميًا. وسوف يصبح مفهوم المستودع عنصر تعزيز أساسيًا لجاهزية القوات، وذلك من خلال الاحتفاظ باحتياطيات للمعدات والإمدادات الضرورية من أجل توفير قدرات تشغيلية أولية للقوات المنتشرة. وعلاوةً على ذلك، سوف تكون لدى القاعدة اللوجستية القارية (CLB) الموجودة في دوالا بالكاميرون ترتيبات تعاقدية مسبقة من شأنها أن تتيح لمخططي دعم القوات الاستفادة من سلسلة الإمدادات. ويمكن أن تحدث إعادة إمداد القوات المنتشرة – بعد تلبية المتطلبات الأولية الخاصة بالدعم اللوجستي الذاتي – باستخدام الترتيبات التعاقدية نفسها. برغم أن المتشككين في القاعدة اللوجستية القارية قد يجادلون بأن هذا يعدّ إهدارًا للمال، فإن هذا المفهوم – مع إجراء بعض عمليات إعادة تجهيز الكفاءات والمساعدة الذاتية من حكومة الكاميرون والاتحاد الأفريقي – يمكن أن يؤدي إلى توفير مركزٍ لوجستي متميز، يجهز الأفراد والمعدات لدعم قادة القوات. كما أن ذلك المفهوم من المحتمل أن ينمو ويتغلغل داخل جميع المؤسسات اللوجستية التي يمكن للدول الأفريقية الاحتذاء بها ووضع مفاهيم دعم خاصة بها. جنود يحرسون طائرة هليكوبتر حكومية في بواكي في كوت ديفوار.رويترز الحفاظ على مقاييس الجاهزية للمهمات والمكافأة على الأداء: يجب أن تعمل الجيوش الأفريقية غير المشتركة في عمليات السلام باستمرار على الاستعداد للمهمات المكلفة بها. ويشمل ذلك إبقاء المعدات على مستوى الجاهزية الذي يرى الجيش أنه ضروريًا لتحقيق أهدافه. ومثال على ذلك، الالتزام بمعيار الاتحاد الأفريقي الذي يقضي بضرورة التمتع بقدرات نشر القوات في أي مكان بالقارة في غضون 14 يومًا. ونظرًا لأن الدول المساهمة بالقوات تتلقى المساعدة من الولايات المتحدة أو الاتحاد الأفريقي أو الأمم المتحدة أو غيرها من الشركاء الأجانب، فيمكن تطبيق هذا المعيار لحث الجيوش الشريكة على تلبية تلك القدرات على المستوى اللوجستي. وعلى وجه الخصوص، لاسيما إذا كان الشريك يلبي هذا الهدف ويظل مداومًا عليه، فسوف يتلقى المزيد من المساعدة لتعزيز القدرة على مستوى أعلى من القيادة. على سبيل المثال، إذا أظهرت شركة لوجستيات تابعة للجيش قدرتها على الانتشار سريعًا في غضون 14 يومًا، فيمكنها تلقي المزيد من الاستثمارات في مجال تنمية القدرات للقوات المناظرة للألوية العسكرية. علاوةً على ذلك، يمكن وضع مقاييس أخرى بشكل مشترك مع تحديد هدف بأن يكون دعم التدريبات والمعدات مرهونًا بتحقيق مستوى الاستعداد المتفق عليه والمداومة عليه. ويكون تقديم تقارير عن هذه النواحي مطلوبًا من البلدان المتعهدة فعليًا بالإسهام بقواتٍ إلى لواء عسكري احتياطي إقليمي. لقد حان الوقت الآن: الأفكار المطروحة هنا ليست جديدة. فقد دعا قادة عسكريون ومدنيون وعلماء ومسؤولون تابعون للاتحاد الأفريقي لسنواتٍ إلى اتباع مناهج مشابهة من أجل تعزيز الاستجابة السريعة للأزمات. ولكن مؤخرًا، زاد الزخم وبرزت الفرص الرائعة. ويُعدّ قيام الاتحاد الأفريقي بإنشاء القوة الأفريقية للاستجابة الفورية للأزمات (ACIRC) والتعاون المتزايد بصورة منتظمة بين البلاد الأفريقية للتصدي للتحديات الأمنية علاماتٍ إيجابية على ذلك. ولقد حان الوقت أخيرًا لتطبيق هذه التوصيات، وهي تستحق انتباه وتركيز جديدين من واضعي السياسات الذين ربما قد تجاهلوها واستبعدوها في وقتٍ سابق نظرًا لعدم صلاحية عملها أو للارتفاع الشديد في تكلفتها أو عدم واقعيتها. وبرغم أن هذه التوصيات سوف تساعد في إنتاج زخمٍ إضافي وسوف تثمر عن مكاسب قصيرة الأجل، لكن تطوير القدرات اللوجستية يستلزم حقًا إجراء إصلاحات أكثر عمقًا، وهو الأمر الذي يجب دفعه والإبقاء عليه من جانب الأفارقة أنفسهم. نبذة عن المؤلف: العقيد بالقوات الجوية الأمريكية أودوك أودوكا هو مسؤول لوجستي أول خدم في أدوار لوجستية في السلاح الجوي الأمريكي في مراتب Wing وNumbered Air Force وMajor Command وHeadquarters Air Force وGeographic Combatant Command بالإضافة إلى العمل كمخطط للطوارئ في عملية تحرير العراق. وتتضمن سيرته المهنية مهامًا في مجال البحث والتطوير، وإدارة الاقتناء، وفرقة عمل تابع لقائد عسكري رفيع ذي أربع نجوم، وعمليات نشر قوات لدعم عملية الحرية الدائمة، وعمليات حفظ السلام في غرب أفريقيا، والأنشطة التعاونية للأمن السياسي العسكري. تم اقتباس هذا المقال من ورقة كتبها هو بصفته أحد كبار الأعضاء بسلاح القوات الجوية في مركز جورج سي مارشال الأوروبي للدراسات الأمنية، في غارميش بارتنكيشن، بألمانيا.
التعليقات مغلقة.