فيسبوك تويتر لينكدإن بينتيريست البريد الإلكتروني تتكاتف الدولة مع الدول المجاورة والمنظمات الدولية للقضاء على المتطرفين ووقف تجنيدهم الملازم أول محمد كيتا/ قيادة المدارس للدرك الوطني صور من وكالة الأنباء الفرنسية/ صور غيتي الملازم المالي محمد كيتا حاصل على درجة بكالوريوس العلوم الاجتماعية من جامعة رينيه ديكارت الفرنسية ودرجة الماجستير في الدراسات الاستراتيجية والسياسات الدفاعية من الكلية الفرنسية للدراسات العليا الدولية. خدم في القوات المسلحة المالية في منصب خفير درك منذ عام 2013، ثم عُين في عام 2014 كمدرب دائم ومدير للدراسات في قيادة المدراس للدرك الوطني في باماكو. يبدو أن الحد من التطرف العنيف في مالي هو أمر شائك على المستويين التقني والتكتيكي، نظرًا لتعقيد السياسات الإقليمية. التي اتسمت بتزايد عدد الجهات المشاركة وأصحاب المصلحة الذين تتنافس مصالحهم في كثير من الأحيان أكثر من انحيازهم للوضع. زاد عدد الجماعات المسلحة في مالي منذ عام 2012، وانتشر العنف الطائفي مما أدى إلى تعريض اتفاقية المصالحة والسلام الشامل (CPRA) التي عُقدت في الجزائر للخطر. انتشرت الخلايا الإرهابية في جميع أنحاء البلاد، إذ انتقلت بؤرة التهديد من الشمال إلى وسط وجنوب مالي، وقامت بهجمات متقطعة في مناطق موبتي وكوليكورو وسيكاسو. تستهدف هذه الهجمات النقاط الأمنية والمرافق الإدارية المحلية. ولم تكن العاصمة باماكو بعيدة عن هذه الهجمات. يتنقل الإرهابيون في جميع أنحاء منطقة الساحل، ولا تزال الحدود الوطنية لمالي بها ثغرات على الرغم من الوجود الدولي منذ عام 2013، لا سيما عبر بعثة الأمم المتحدة المتكاملة المتعددة الأبعاد لإحلال الاستقرار في مالي (MINUSMA). وينتشر أيضًا أفراد من الجيش الفرنسي، الذين شاركوا في العملية باركاني ومن الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة. إن معرفة العدو في مثل هذه البيئة المتقلبة أمر ضروري لكنه غير كاف. لكن ما هو أشد أهمية هو تحديد كيفية التعاون مع الحلفاء والتنسيق بين جداول الأعمال. إن أفضل طريقة يمكن أن تستخدمها الحكومة المالية للتنسيق بين جميع المبادرات الإقليمية والدولية في منطقة الساحل هي وضع إستراتيجية وطنية شاملة لمكافحة الإرهاب والتطرف العنيف. أما التحدي الأمني الأكبر أمام الحكومة المالية هو تحقيق السلام وتعزيزه مع حركة أزواد الانفصالية السابقة الواقعة بالشمال من خلال اتفاقية المصالحة والسلام الشامل. وهذا أمر ملح من أجل الحفاظ على سلامة أراضي الدولة، وحماية القيم الدستورية الأساسية، واستعادة السلطة الكاملة للدولة. أما ثاني أهم تحدي أمام الحكومة هو الإرهاب وعنف المتطرفين. لكي يمكننا الوقوف على نطاق الإرهاب وعنف المتطرفين في مالي، من المهم أولا التعرف على طبيعة وأبعاد كل منهما. فالإرهاب في مالي يعتمد على التفسير العنيف للقرآن والدعوة إلى الجهاد ضد “المشركين” وحلفائهم. في الواقع، يهدف الإرهابيون في الساحل ومالي إلى مكافحة القيم الغربية و”الحكومات الصورية” الأفريقية بغرض إقامة دولة إسلامية أو خلافة تحكمها الشريعة الإسلامية. الإرهاب في مالي محلي كما أنه عابر لحدود الدولة. والجماعات الإرهابية الثلاثة الكبرى العابرة للحدود الوطنية في مالي هي القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي (AQIM) وحركة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا (MUJAO) وتنظيم المرابطين الذي أنشأه مختار بالمختار. في عام 2016، كان التنظيم الأخير أكثر نشاطًا من الجماعتين الأوليتين حيث أعلن مسؤوليته عن الهجمات في موبتي وميناكا وجاو ضد بعثة الأمم المتحدة المتكاملة المتعددة الأبعاد لإحلال الاستقرار في مالي والقوات المسلحة المالية والعملية باركاني الفرنسية. كما هاجم التنظيم أيضًا فندق راديسون بلو في باماكو في تشرين الثاني/ نوفمبر 2015، وفندق نورد سود في آذار/ مارس 2015، موقع المقر الرئيسي لبعثة الاتحاد الأوروبي التدريبية في مالي. يتجسد النموذج الرئيسي للإرهاب المحلي في جماعة أنصار الدين، التي ينتمي أغلب مقاتليها إلى الطوارق. تركز الأجندات السياسية والأيدولوجية لجماعة أنصار الدين، بقيادة إياد أغ غالي، على المشاكل التي تتعرض لها مالي وليست القضايا العالمية. فهو يتبع إستراتيجية لإفشال عملية السلام المستمرة، والتي تتعارض مع مصالح التنظيم ورغبته في نشر الفكر المتطرف إلى بقية البلاد. تحقيقًا لهذا الغرض، أنشأ إياد أغ غالي خليتين تابعتين في عام 2015 هما: كتيبة أنصار الدين ماكينا وكتيبة خالد بن الوليد (أنصار الدين بالجنوب). جنود فرنسيون وماليون يتجولون بجوار مسجد دجينجاريبر في تمبكتو كجزء من عملية مكافحة الإرهاب. يقود كتيبة أنصار الدين ماكينا حمدون كوفة، أحد الدعاة المتطرفين السابقين في منطقة موبتي. تتألف الجماعة، التي تعمل في وسط المدينة، بشكل أساسي من مقاتلي حركة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا والمتعاطفين معهم. الخلية الأخرى يقودها سليمان كيتا، وهو عضو سابق بالشرطة الإسلامية في تمبكتو التي أنشأتها كل من القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وأنصار الدين أثناء حصار 2012. في حزيران/ يونيو 2015، أعلنت الجماعة مسؤوليتها عن الهجمات التي شنتها على الجيش المالي والمرافق الإداري في فاكولا وميسني، وهما قريتان بمنطقة سيكاسو تقعان بالقرب من الحدود مع كوت ديفوار. ألقي القبض على كيتا في آذار/ مارس 2016. أعادت المنظمات الإرهابية المحلية والعابرة للحدود تنظيم صفوفها بعد هزيمتها من قِبل القوات الفرنسية والأفريقية في كانون الثاني/ يناير 2013. بل وصارت أكثر خطوة منذ كانون الثاني/ يناير 2015، إذا زادت الأعمال التخريبية ضد قوات الدفاع والأمن المالية وأيضًا الشركاء الدوليين المنتشرين لدعم مالي في جهودها لتحقيق الاستقرار. وقد أفاد تقرير الأمم المتحدة أن هذه الهجمات كانت متطورة، وتجمع بين العبوات الناسفة المرتجلة (IED) وطلقات الهاون ونصب الكمائن. نهج الحكومة تجاه التطرف يعتمد نهج الحكومة المالية لمواجهة الإرهاب وعنف المتطرفين على الوقاية وحفظ الأمن بشكل تعاوني. إذ تعمل الحكومة حاليًا على تنفيذ إستراتيجية وقائية مدتها خمس سنوات تعرف باسم برنامج الإجراءات الحكومية من 2013 إلى 2018. ويهدف هذا البرنامج إلى علاج الأسباب الجذرية لأزمة عام 2012، بما في ذلك انعدام الأمان في شمال مالي، وتفكك المؤسسات العامة، والفساد المستشري، وتدهور ظروف المعيشة، وضياع القيم الأخلاقية داخل المجتمع. يتكون البرنامج من ستة مفاهيم إستراتيجية هي: إنشاء مؤسسات قوية ذات ثقة. استعادة الأمن في جميع أنحاء البلاد. تنفيذ سياسة المصالحة الوطنية. إعادة بناء نظام المدارس في مالي، بما في ذلك مراجعة المناهج الدراسية وتشييد بنية تحتية حديثة. تشكيل اقتصاد أقوى. تطبيق سياسة فعالة للتنمية الاجتماعية. لمواجهة الراديكالية والتطرف العنيف مواجهة فعالة، تأسست وزارة الشؤون الدينية والعبادة في عام 2012. وهي تمثل الجهة المسؤولة عن تدريب الأئمة وصياغة الخطب. من الإنجازات الكبرى التي حققتها في عام 2013 توقيع اتفاقية التعاون الإسلامي مع وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في المغرب. إن الهدف من هذه “الدبلوماسية الإسلامية” هو الترويج لأسلوب مستنير لممارسة الشعائر الإسلامية بناءً على التسامح. ونتيجة لذلك، يُتوقع أن يخضع 500 إمام مالي للتدريب في المغرب. وبالفعل بدءًا من أواخر 2016، أنهى 200 إمام التدريب الذي استمر لعامين على ممارسات الإسلام المعتدل. كما تعاونت الوزارة الجديدة أيضًا مع المجلس الأعلى الإسلامي ورابطة الأئمة في مالي لإطلاق حملة الخطاب المضاد تحت اسم “Mali Kuma Kan” أو “صوت مالي”. وتهدف هذه الحملة إلى إضعاف فرص تجنيد الإرهابيين، وخصوصًا بين الشباب. يتم بث مقاطع فيديو مدتها دقيقة واحدة بلهجات محلية على التلفزيون و YouTube وFacebook. تبدأ هذه المقاطع بصور صادمة لإرهابيين يروعون المدنيين. ثم تعرض الزعماء الدينيين في مالي وهم يشرحون مدى انتهاك هذه الأفعال لشريعة القرآن. وتنتهي ببث رسالة جوهرية، مثل “في الإسلام، من قتل نفسًا فكأنما قتل الناس جميعًا”. التأمين على المستويين المحلي والإقليمي يعتمد النهج الذي تتبعه مالي اعتمادًا رئيسيًا على حفظ الأمن بشكل تعاوني، والذي يتمثل في وكالات إنفاذ القانون، أي الشرطة وقوات/ خدمات الدرك، التي تعمل معًا وتتعاون مع الوحدات/ الشركاء/ المؤسسات الأخرى الحليفة، مثل الحرس الوطني أو الجيش. وقد يتم هذا التعاون على المستوى الوطني أو الإقليمي. تركز هذه الجهود بشكل أساسي على بناء الثقة مع المجتمع لمكافحة الجريمة وتعزيز الإيمان. تسمح الشرطة المجتمعية، في أفضل حالاتها، للمجتمعات أن تستفيد من خدمة الشرطة المُحسنة وفقًا لمدى الاستجابة والاستشارات والتعبئة الفعالة وحل المشكلات. تبنت وزارة الأمن والحماية المدنية (MSCP) في كانون الأول/ ديسمبر 2015 بروتوكولا لاستخدام وحدات التدخل الخاصة المكونة من الشرطة والدرك والحرس الوطني والحماية المدنية، وجاء هذا كرد فعل لضعف القيادة والتنسيق الواضح بين وحدات التدخل الأمني الخاصة في وقت الأزمات. وبفضل هذا البروتوكول، تتحرك القيادة بحسب الظروف الواقعة، ويصبح توزيع المسؤوليات بين هذه الوحدات أكثر وضوحًا عندما تندلع أزمة كبيرة. من التدابير الأخرى المبتكرة إنشاء مركز للعمليات تابع لوزارة الأمن والحماية المدنية ليكون مركزًا أساسيًا لإدارة الأزمات. ويكون هذا المركز مسؤولاً عن تعيين وحدة استجابة ملائمة وتوجيهها إلى المنطقة المتضررة. يتضمن البروتكول أيضًا خطة لتأمين باماكو للتخفيف من آثار الهجمات الإرهابية. إذ تم اتخاذ التدابير الوقائية، بما في ذلك تحديد البنية التحتية الحيوية، وتخصيص وحدات لحماية منشآت معينة، وتركيب كاميرات مراقبة في المناطق الحساسة. شاركت مالي في المبادرات الإقليمية لحل مشكلة الإرهاب والتطرف العنيف في منطقة الساحل. ففي أذار/ مارس 2013، شرع الاتحاد الأفريقي في تنفيذ إستراتيجية لمنطقة الساحل عُرفت باسم “عملية نواكشوط”، لتقوية التعاون الإقليمي لتحقيق الأمن عبر مشاركة الاستخبارات والمراقبة المشتركة. تشارك في هذه العملية إحدى عشرة دولة. تعمل بعثة الأمم المتحدة في مالي والساحل، تلك المبادرة السياسية التي يقودها رئيس بوروندي السابق بيير بويويا، على حشد الدول لتنفيذ عملية نواكشوط والمساعدة في تنسيق الجهود. جندي من بعثة الأمم المتحدة في مالي يحرس مركبة تابعة للأمم المتحدة بعد أن حطت فوق قنبلة في شمال مالي. من المبادرات الإقليمية الجديدة أيضًا إنشاء مجموعة الساحل جي5، وهي منظمة تتكون من بوركينا فاسو وتشاد ومالي وموريتانيا والنيجر. تساعد هذه المنظمة، التي تأسست في شباط/ فبراير 2014 للحد من الفقر والجريمة، أعضاءها على تنسيق التنمية والسياسات الأمنية بينها بشكل أفضل. كما أنها تشجع أيضًا على التعاون بين الدول فيما يتعلق بمشاركة الاستخبارات والدوريات الحدودية المشتركة والتدريب العسكري المشترك. تبنت دول مجموعة الساحل جي5 إطار عمل استراتيجي لمكافحة الراديكالية والتطرف العنيف في منطقة الساحل من خلال عدد من التدابير، منها تمكين الزعماء الدينيين بحيث يمكنهم مكافحة التطرف، والترويج لدور المرأة والمجتمع المدني في الوقاية من التطرف العنيف ومكافحته. وقد اتُخذت خطوة مهمة في 9 أيار/ مايو 2013، عندما صوّتت الجمعية الوطنية لإنشاء القطب القضائي الخاص لمواجهة الإرهاب والجرائم التي تتخطى الحدود داخل محكمة المنطقة السادسة في باماكو. يتسم هيكل هذا القطب بأنه عملياتي ويتكون من مدعٍ خاص ومجلس تحقيق خاص ولواءات تحقيق خاصة مؤلفة من أفراد درك وضباط شرطة متفرغين لمكافحة الإرهاب. يؤكد الهيكل القضائي على دور إنفاذ القانون في مكافحة الإرهاب ويساعد على تركيز الملاحقات القضائية وتنسيقها. لتؤدي الحكومة المالية أعمالها بكفاءة أثناء مكافحتها للإرهاب والتطرف العنيف، يجب أن تفي بالشروط الثلاثة التالية: يجب تنفيذ جميع الترتيبات السياسية والأمنية والاجتماعية المنصوص عليها بموجب اتفاقية المصالحة والسلام الشامل بشكل سريع للحفاظ على الالتزام الشديد من جانب الحركات الانفصالية السابقة للحفاظ على سلامة الأراضي في مالي. وهذا من شأنه أن يكون جبهة وطنية ضد الإرهاب والتطرف العنيف وأي شكل آخر من أشكال الجريمة، وبشكل خاص في منطقة الشمال. يجب أن تتسم الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الإرهاب بالمرونة والجاهزية لتهيئة أهدافها ومفاهيمها الاستراتيجية وأدوات القوة الوطنية وفقًا للتغيرات العالمية والمحلية. يجب أن يتوصل جميع أصحاب المصالح، الذين يحاربون الإرهاب والتطرف العنيف في منطقة تجمع الساحل والصحراء، إلى سبل التعاون والتنسيق على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية.