حركة الشباب تحت المجهر بواسطة ADF آخر تحديث مايو 10, 2017 شارك تتبنى هذه الجماعة الإرهابية أيديولوجية الكراهية لكنها تؤدي أعمالها كما لو كانت مشروعًا تجاريًا. أسرة أيه دي إف | الصور من رويترز نشأ المزارعون، ورعاة الأغنام وأصحاب المتاجر في المناطق التي تسيطر عليها حركة الشباب المجاهدين في الصومال والفزع يطرق أبوابهم. وعادة ما يطل عليهم هذا الفزع في خلال عطلة عيد الفطر، عندما يطرق بابهم مجموعة من العدوانيين المدججين بالسلاح “لجمع الضرائب”. حيث يخبر هؤلاء رجال الأعمال أن دفع الزكاة فرض ديني عليهم، وهو نوع من الصدقات المخصصة لمساعدة الفقراء. فإذا كانت لديه الجرأة لإخبار هؤلاء المسلحين أنه ليس لديهم سلطة دينية لجمع الضرائب، فإنه إذن يخاطر بحياته. وفي جميع الأحوال، لن تُستخدم هذه الأموال لمساعدة الفقراء، وإنما لتمويل الإرهاب. ذكر إسحاق عثمان من بلدة بورحكب في عام 2012: “إذا أخبرناهم أننا دفعنا زكاتنا لمستحقيها مباشرةً، فإنهم لن يقبلوا بذلك. ولكنهم يفرضون علينا بدلاً من ذلك عقوبات شديدة ويضاعفون المبلغ تحت تهديد السلاح”. في عام 2011، عندما كانت جماعة الشباب هي الأقوى، استولت الجماعة على ما يقرب من نصف ممتلكات الصوماليين واستخدموا الأراضي كماكينة واقعية لكسب الأموال. كانت الجماعة تجمع من 70 إلى 100 مليون دولار أمريكي سنويًا عبر مجموعة متنوعة من المشروعات، وفقًا لما نشرته الأمم المتحدة. حمّالون يحملون أكياسًا من السكر والدقيق من سفينة شحن في ميناء مقديشو بالصومال. جماعة الشباب الإرهابية تهرب السكر إلى كينيا لتمويل هجماتها لكنها اليوم لا تسيطر إلا على نحو 10 بالمائة من البلاد، وصارت قدرتها على جني الأرباح محدودة. لكن هذه الجماعة لا تزال تمثل خطرًا، إذ إنها تعتمد الآن على مجموعة صغيرة من المقاتلين ولا تحتاج إلا إلى متفجرات رخيصة لإلحاق الضرر. حتى إن الهجوم القاتل على مركز التسوق ويستغيت في نيروبي تكلّف 100000 دولار أمريكي فقط لتنظيم الهجوم وتنفيذه. صرح توم كيتينج، مدير مركز الجرائم المالية والدراسات الأمنية بمعهد الخدمات المتحدة الملكية، لمجلة أيه دي إف قائلا: “لقد تقلصت مساحة الأراضي التي يسيطرون عليها، وبالتالي انخفضت تكاليف العمليات التي يقومون بها. وأعتقد أن أمورًا كهذه تصل إلى نقطة خطر حين يلاحظون أنه لا يمكنهم العمل بطريقة موسعة كما كانوا في السابق، وهكذا يبدأ نموذجهم في التطور من تشكيل شبه دولة إلى جماعة مسلحة خطيرة”. تستخدم الجماعة الإرهابية أربعة أساليب لتحقيق الدخل هي: فرض الضرائب و الابتزاز التجاري وتهريب البضائع ودعم أسر الشتات والتي تعرف باسم الحوالة ودعم خارجي آخر، وذلك وفقًا لدراسة أجراها كيتينج. تعمل قوات الحكومة الصومالية والاتحاد الأفريقي على تقييد وصول الجماعة إلى إيرادات الدخل من خلال استرداد الأراضي وإعاقة الوصول إلى الموانئ التي يمكن من خلالها تصدير البضائع. يؤدي المجتمع الدولي دوره من خلال إعاقة وصول التدفقات المالية غير المشروعة والقبض على أبرز المتبرعين وفرض حظر على الصادرات غير المشروعة. ومع ذلك، لا تزال الجماعة تثبت قدرتها على الصمود. فقد فاجأت جماعة الشباب السكان المحليين في تشرين الأول/ أكتوبر 2016 باستعادة سيطرتها بسرعة على ثلاث مدن صومالية بعد مغادرة الجنود الإثيوبيين. وفي وقت لاحق من الشهر فجروا سيارة مفخخة في قاعدة تابعة للاتحاد الأفريقي بمدينة بلدوين. قال ستيج هانسن، زميل بمركز بلفر في جامعة هارفرد ومؤلف كتاب حركة الشباب في الصومال: “إنها عصابة تقاتل بأقل الإمكانيات، ولديها الكفاءة التي تتيح لها الاستفادة بما لديها من وسائل، وهو ما يعني أن تمردها قد يستمر لأعوام. ولذلك فالحل الرئيسي يكمن في إرساء الأمن في القرى التي يتحصلون منها على الضرائب. وحتى يتم تنفيذ ذلك، يمكن أن يستمر نشاط جماعة الشباب.” فرض الضرائب والابتزاز تعيش الجماعات الإرهابية في العادة على جمع وسرقة الغذاء من الأراضي وطلب الأموال من المواطنين في المناطق المحتلة. إنما جماعة الشباب ذهبت لما هو أبعد من ذلك وحاولت أن تضفي طابعًا مؤسسيًا على هذه العملية. إذ أنشأت وزارة مالية تعرف باسم مكتبة المالية وسجلت بيانات موسعة حول النشاط الاقتصادي الجاري في الأراضي التي تقع تحت سيطرتها. وعادةً يرأس هذه الوزارة شخص صومالي حاصل على مستوى متقدم من التعليم أو شخص أمضى وقتًا خارج البلاد. كان إبراهيم أفغاني من الزعماء البارزين الذين سيطروا على الوزارة حتى انخفضت شعبيته وقُتل لاحقًا في عام 2013. من خلال الوزارة، فرضت جماعة الشباب ضريبة مبيعات على المعاملات التجارية وضريبة أراضي على المزارعين إلى جانب جمع الزكاة التي تبلغ 2,5 بالمائة بالقوة. وفي بعض الأماكن، تم إجبار أصحاب المتاجر على دفع “رسوم حماية” تجنبًا لسرقة بضائعهم. ففي سوق باكارا في مقديشو، على سبيل المثال، اضطر البائعون لدفع ضريبة نقل لنقل البضائع إلى الداخل أو الخارج وكانوا يدفعون من 50 إلى 250 دولار أمريكي شهريًا مقابل حمايتها. تجار يبيعون نبات القات في سوق بمقديشو في الصومال. يتم تهريب نبات الناركوتين من قِبل جماعة الشباب الإرهابية. ذكر الموقع الإلكتروني لجريدة الصومال: “إذا كانت جماعة الشباب قد فعلت شيئًا واحدًا صالحًا، فهو جمع الضرائب بالقوة والتخلص من كل دولار يعتمد عليه الاقتصاد الصومالي. من الواضح أن جماعة الشباب كانت أكثر اجتهادًا ونجاحًا في جمع الضرائب من [الحكومة الصومالية] على الإطلاق”. فرضت الجماعة ضريبة على البضائع الداخلة والخارجة من الميناء في مدينة كيسمايو الساحلية. فقد كانت القوارب تدفع 2000 دولار أمريكي والمراكب الشرعية 1000 دولار أمريكي للإرساء في الميناء. ولذا لسد هذا المصدر الذي يُدخل إيرادات لجماعة الشباب يجب استرداد الأراضي وتوفير الأمن الدائم بعد تحرير هذه الأراضي. استردت قوات بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال (AMISOM) سوق باكارا في عام 2011 وميناء كيسمايو في عام 2012. ومع ذلك، لا يزال فرض الضرائب مستمرًا. بعد أن فقدت جماعة الشباب سيطرتها على الميناء، احتفظت بنقاط التفتيش على الطريق المؤدي من كيسمايو شمالاً إلى مدينة تسمى جيبيل. وواصلوا عبر هذه النقاط تحصيل الضرائب من الشاحنات المتجهة إلى الميناء والعائدة منه. وبالمثل، كانوا ينتهزون المناطق التي لا تسيطر عليها الحكومة بشكل قوي وينصبون فيها نقاط تفتيش ويرهقون الفلاحين بدفع رسوم لحمايتهم. قال هانسن: “لا يمكنهم مواجهة بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال في معركة مفتوحة، لكن يمكنهم في الواقع إنشاء نقاط تفتيش وقضاء وقت ممتع حتى تصل بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال”. قال هانسن إن جماعة الشباب ستواصل إجبار الفلاحين ورجال الأعمال على دفع الضرائب بدافع الخوف على حياتهم حتى يكون لبعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال والجيش الوطني الصومالي تواجدًا مستمرًا في جميع المناطق بالبلاد. حيث قال: “يعلم أهل القرية أن جنود بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال سيتواجدون هنا يوم أو يومين في الأسبوع، لكن جماعة الشباب ستعود مجددًا عندما يغادرون، لذا من الأفضل أن يدفعوا الأموال لجماعة الشباب حتى ينجوا بحياتهم”. الحوالة يُقدر عدد الصوماليين الذين يعيشون خارج الصومال بنسبة 14 بالمائة، وتعتمد البلاد بشكل كبير على الحوالات المالية من أسر الشتات في أوروبا وأمريكا الشمالية لإدارة أعمالها. أظهرت دراسة أجرتها منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة أن الصوماليين الذين يعيشون خارج البلاد يرسلون ما لا يقل عن 1,2 مليار دولار أمريكي كل عام إلى الوطن. ويمثل هذا الرقم حوالي خُمس إجمالي الناتج المحلي للبلاد. وغالبًا ما يُعاد إرسال هذه المبالغ عبر شبكة غير رسمية تعرف باسم الحوالة. تعمل هذه الشبكة وفق نظام قائم على الثقة المتبادلة حيث يدفع المستخدمون لأحد الوكلاء محليًا ووكيل آخر يحول هذه الأموال للمستلم في الصومال وصرفه له مقابل رسوم. وتعد هذه طريقة موثوقة إلى حد كبير بالنسبة للصوماليين الذين يعيشون بالخارج لمساعدة أفراد العائلة الذين هم في أشد الحاجة إلى الأموال في وطنهم. وقد استمرت شبكة الحوالة في توفير خدمتها طوال الفترة الأسوأ في تاريخ الصومال والتي امتدت لأكثر من 20 عامًا من الحرب الأهلية. بعد أن أدرجت الولايات المتحدة جماعة الشباب كمنظمة إرهابية أجنبية في عام 2008، بدأت الولايات المتحدة بمحاكمة الأشخاص الذين أرسلوا الأموال إلى الجماعة. وخضعت شبكات الحوالة للفحص، وأغلقت بعض البنوك الحسابات المرتبطة بهذا النظام. واشتكى بعض الصوماليين أنه تم اتهامهم زورًا بإرسال الأموال إلى الإرهابيين. عاملون يخدمون العملاء في مكتب تحويل الأموال دهب شيل في مقديشو، بالصومال. استخدمت جماعة الشباب أنظمة تحويل الأموال الرسمية وغير الرسمية لتمويل هجماتها. وأصبح اليوم حصول جماعة الشباب على الأموال بشكل مباشر عبر نظام الحوالة أمر بالغ الصعوبة، لكن الجماعة وجدت طرقًا أخرى. فقد اشتهرت الجماعة باستخدامها الأفراد لتهريب الأموال بطريقة شخصية داخل البلاد وخارجها. وإذا كانوا يحملون أقل من 10000 دولار أمريكي، فلن يُبلغ عنهم في رحلات الطيران الدولية. علاوة على ذلك، لا يوجد ما يمنع الجماعة من فرض الضرائب على شبكات الحوالة والوكلاء الذين يعملون في المناطق التي تسيطر عليها في البلاد. قال كيتينج: “يمكن للأفراد إرسال الأموال إلى عائلاتهم بنوايا حسنة، لكن عندما تُنتزع من عائلاتهم لدى استلامها من وكيل التحويل، لن يكون بيدك الكثير لتقدمه حيال هذا الأمر”. المتبرعون الأثرياء تحالفت جماعة الشباب رسميًا مع القاعدة في عام 2012 ومنذ ذلك الحين وهي تتلقى الدعم عبر شبكة ممولي الإرهاب. تروج الجماعات الإرهابية لمفهوم يُعرف بتجهيز الغازي بين الأثرياء المتعاطفين مع قضيتهم. ووفقًا لكيتينج، يُعد هذا المفهوم شكلا من أشكال الرعاية “يسمح للأشخاص الذين لا يمكنهم أو لن ينضموا للجهاد جسديًا لأي سبب أن ينالوا الشرف والمكافأة السماوية للجهاد بالوكالة”. وقد ناصر أسامة بن لادن هذه الشبكة المكونة من المتبرعين الأغنياء، وأطلق عليها اسم “السلسلة الذهبية”. ويُزعم أن أحد رجال الأعمال القطريين، عمير النايومي، قد ضخ 250000 دولار أمريكي إلى الجماعة، وذلك وفقًا لوزارة المالية الأمريكية. في تشرين الأول/ أكتوبر 2016، تمت إدانة امرأتين في المحكمة الفيدرالية الأمريكية بتهمة أنهما عضوتان في “مجموعة الخمسة عشر”، وهم المتبرعون الدوليون الذين جمعوا الأموال عبر الإنترنت لدعم جماعة الشباب. لكن لم يعد الأثرياء يقدمون الدعم المالي لجماعة الشباب بأرقام كبيرة، بل فضلوا عليها منظمات إرهابية أخرى مثل داعش. صرح كيتينج في هذا الصدد قائلا: “في الواقع، من المرجح أن يتم توجيه أموال الجهاديين إلى سوريا في هذه المرحلة، كما أن هناك نوعًا من المنافسة لمنح الدولارات للجهاديين، ولست على يقين من أن جماعة الشباب ستكون أولى الاختيارات”. التهريب تعد الصومال من أشد البلدان جفافًا في العالم، ويقل بها الغطاء الشجري بشكل كبير. لكن جماعة الشباب استغلت لأعوام تقطيع شجر السنط في البلاد، وحرق الأخشاب لصناعة الفحم، ثم تصديره إلى دول الخليج، حيث ترتفع قيمته ويُباع بسعر يتراوح من 8 إلى 11 دولار أمريكي للجوال. وقدّرت الأمم المتحدة في عام 2012 أن جماعة الشباب ربحت 25 مليون دولار أمريكي سنويًا من تجارة الفحم. كانت الجماعة تصدر الفحم من كيسمايو كجزء من نظام مربح لفرض ضريبة إنتاج وضريبة نقل ورسوم التفتيش مختلفة، الأمر الذي يُربحها الأموال في كل خطوة في دورة الإنتاج. في الوقت الذي تحرر فيه ميناء كيسمايو، كانت جماعة الشباب تكدس 4 مليون جوال من الفحم بقيمة 60 دولارًا أمريكيًّا. صرح موقع أخبار يو إن ديسباتش في عام 2012 أن: “تجارة الفحم بالنسبة لجماعة الشباب مثل تجارة الخشخاش بالنسبة لطالبان، فهو أهم مصدر للدخل لهم”. تحقق الجماعة الأرباح من العديد من مشاريع التهريب بما في ذلك المركبات والسكر وأوراق القات المخدرة. عادةً ما يتم استيراد السكر من دول الخليج ثم تهريبه عبر الحدود لبيعه في كينيا. تجار صوماليون يجهزون الفحم لتصديره بالقرب من ميناء كيسمايو في عام 2013. نظرًا لأن بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال والجيش الوطني الصومالي جعلتا من الصعب تشغيل شبكات التهريب محليًا وحدّت من وصول جماعة الشباب إلى الموانئ، يقول الخبراء إنه يجب الضغط على دول الخليج للحد من طلبها لهذه البضائع. وقد فرضت الأمم المتحدة حظرًا على جميع الدول الأعضاء التي تستورد الفحم القادم من الصومال. لكن هذا الحظر لم ينجح في إيقاف التجارة، مما دعا مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إلى تمرير قرار يسمح للسفن البحرية في المياه قبالة سواحل الصومال بتفتيش جميع السفن التي يشتبه بأنها تنقل الفحم. قال كيتينج أن جماعة الشباب: “لا تزال تسيطر على عدد من الطرق الحيوية التي يتم من خلالها نقل نبات القات والفحم. وفي حين أنه لا يمكن الدفع نقدًا في الميناء، فإنهم يدفعون نقدًا على اليابسة. السؤال الآن هو إلى أي مدى لا تزال هذه التجارة مستمرة؟ وإلى أي مدى تضيق UAE [الإمارات العربية المتحدة] الخناق عليها؟ وبينما تقاتل الصومال لكي تطوي صفحة عقدين وأكثر من الحرب الأهلية والتمرد الوحشي، تؤدي الحكومة والقوات الأمنية المتزايدة دورها أيضًا. في شباط/ فبراير 2016، مررت الصومال قانونًا ضد تمويل الإرهاب يهدف إلى تقوية وتطهير القطاع المالي بالبلاد. في أيلول/ سبتمبر 2016، شرّعت الصومال التدابير التي ستضمن أن يتم الدفع للجنود في الموعد، وهي طريقة رئيسية للحد من الفساد الذي يصب في مصلحة جماعة الشباب. أخبر الرئيس حسن شيخ محمود لمجلة نيوزويك قائلاً: “نفت جماعة الشباب الإمدادات الخارجية المقدمة لها وحرية تنقل المقاتلين الأجانب الذين اعتادوا تدريب الجماعة وتعليمهم كيفية تصنيع المتفجرات. الأمر الذي يحمل نفس القدر من الأهمية هو أن جماعة الشباب خسرت المعركة من الناحية الأيدولوجية. فقتلهم العشوائي المستمر كشف عن سلوكهم غير الإسلامي المنحرف والملتوي. كما أن السكان الذين ظلوا تحت تهديداتهم وابتزازهم لم يبتعدوا عنهم فحسب، لكنهم تحرروا أيضًا من الشعور بالخوف منهم”.
التعليقات مغلقة.