Africa Defense Forum
Africa Defense Forum

داعش تستغل من عزلة المراهقين

تستغل‭ ‬الجماعة‭ ‬المتطرفة‭ ‬بمهارة‭ ‬الإنترنت‭ ‬وأدوات‭ ‬شبكة‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬لجذب‭ ‬الناس‭ ‬الذين‭ ‬يعيشون‭ ‬على‭ ‬هامش‭ ‬المجتمع‭.‬

يحدث هذا‭ ‬تقريباً‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭: ‬مراهقون‭ ‬يكذبون‭ ‬على‭ ‬آبائهم،‭ ‬يدخرون‭ ‬أموالاً‭ ‬سراً،‭ ‬يحصلون‭ ‬على‭ ‬جوازات‭ ‬سفر‭ ‬ويتسللون‭ ‬في‭ ‬ظلام‭ ‬الليل‭ ‬للانضمام‭ ‬إلى‭ ‬جماعة‭ ‬متطرفة‭.‬
غادر‭ ‬نحو‭ ‬20000‭ ‬من‭ ‬المقاتلين‭ ‬الأجانب‭ ‬ديارهم‭ ‬للانضمام‭ ‬إلى‭ ‬داعش‭. ‬بصرف‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬البلد‭ ‬الذي‭ ‬ينتمون‭ ‬إليه،‭ ‬هناك‭ ‬بعض‭ ‬الأنماط‭ ‬لعمليات‭ ‬التجنيد‭ ‬هذه‭:‬
عن‭ ‬طريق‭ ‬الإنترنت‭ ‬ووسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬تم‭ ‬تجنيد‭ ‬الشباب‭ ‬الذي‭ ‬يُطلق‭ ‬عليهم‭ ‬أحياناً‭ ‬اسم‭ “‬متطرفو‭ ‬غرف‭ ‬النوم‭”‬،‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬متعصبي‭ ‬داعش‭ ‬المهرة‭ ‬البارعين‭ ‬في‭ ‬التكنولوجيا‭. ‬وكثيراً‭ ‬ما‭ ‬يجهل‭ ‬المجندون‭ ‬ماذا‭ ‬يستطيعون‭ ‬أن‭ ‬يفعلوه‭ ‬لداعش‭ ‬بالضبط‭. ‬يقول‭ ‬بعضهم‭ ‬إنهم‭ ‬يريدون‭ ‬الخدمة‭ ‬بطريقة‭ ‬حميدة،‭ ‬مثل‭ ‬إيصال‭ ‬الأغذية‭ ‬والإمدادات‭. ‬ويتصور‭ ‬البعض‭ ‬الآخر‭ ‬أنفسهم‭ ‬في‭ ‬دور‭ ‬قتالي‭ ‬غامض،‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬الكثير‭ ‬منهم‭ ‬لم‭ ‬يمسكوا‭ ‬بندقية‭ ‬في‭ ‬حياتهم‭. ‬ويبحث‭ ‬كثيرون‭ ‬عن‭ ‬المغامرة‭. ‬هناك‭ ‬قناعة‭ ‬عامة‭ ‬واحدة‭ ‬تقريباً‭: ‬يريدون‭ “‬مساعدة‭ ‬المسلمين‭”.‬
هؤلاء‭ ‬الشباب‭ ‬المجندون‭ ‬بارعون‭ ‬في‭ ‬الكذب‭ ‬ويعيشون‭ ‬حياة‭ ‬مزدوجة‭. ‬يخفون‭ ‬آراءهم‭ ‬المتطرفة‭ ‬عن‭ ‬عائلاتهم‭ ‬مثلما‭ ‬يخفون‭ ‬نشاطهم‭ ‬على‭ ‬شبكة‭ ‬الإنترنت‭. ‬وإذا‭ ‬ما‭ ‬تفاعلوا‭ ‬مع‭ ‬المتطرفين‭ ‬في‭ ‬مجتمعاتهم،‭ ‬فإنهم‭ ‬يتسترون‭ ‬تحت‭ ‬عباءة‭ ‬مستحدثة‭ ‬من‭ ‬التقوى‭.‬
بدأ‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المجندين‭ ‬يعتقدون‭ ‬أنه‭ ‬بالنظر‭ ‬إلى‭ ‬إعلان‭ ‬داعش‭ ‬نفسها‭ ‬خلافة‭ ‬إسلامية،‭ ‬فإنه‭ ‬فريضة‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬المسلمين‭ ‬القادرين‭ ‬بدنياً‭ ‬أن‭ ‬يجندوا‭ ‬أنفسهم‭ ‬للقضية‭. ‬يتحدث‭ ‬المجندون‭ ‬عن‭ ‬المدينة‭ ‬الفاضلة‭ ‬التي‭ ‬يحظى‭ ‬فيها‭ ‬جميع‭ ‬المسلمين‭ ‬الأتقياء‭ ‬بالحماية‭. ‬ويتبنى‭ ‬المجندون‭ ‬الصغار‭ ‬عادة‭ ‬فلسفة‭ ‬التكفير،‭ ‬التي‭ ‬تقتضي‭ ‬قطع‭ ‬جميع‭ ‬الروابط‭ ‬مع‭ ‬الكفار،‭ ‬بمن‭ ‬فيهم‭ ‬الآباء‭.‬
يعتقد‭ ‬بعض‭ ‬المجندين،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬أولئك‭ ‬القادمين‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬غربية،‭ ‬يتعرضون‭ ‬للتمييز،‭ ‬وأن‭ ‬المسيحيين‭ ‬بالذات‭ ‬لا‭ ‬يثقون‭ ‬بهم‭. ‬ويقولون‭ ‬إنهم‭ ‬أصبحوا‭ ‬في‭ ‬بلدانهم‭ ‬الأصلية‭ ‬يخافون‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬معتقداتهم‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬الذهاب‭ ‬إلى‭ ‬الأماكن‭ ‬العامة‭ ‬وهم‭ ‬يرتدون‭ ‬ملابس‭ ‬تفصح‭ ‬عن‭ ‬ديانتهم‭. ‬ويستخدمون‭ ‬كلمة‭ “‬الشر‭” ‬مراراً‭ ‬وتكراراً‭ ‬في‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬الكفار‭ ‬–‭ ‬في‭ ‬دلالة‭ ‬على‭ ‬أنهم‭ ‬دُربوا‭ ‬على‭ ‬الإنترنت‭ ‬على‭ ‬أيدي‭ ‬فريق‭ ‬تجنيد‭ ‬يقرأ‭ ‬من‭ ‬نص‭ ‬معد‭ ‬سلفاً‭.‬
قال‭ ‬رشاد‭ ‬علي،‭ ‬الزميل‭ ‬في‭ ‬معهد‭ ‬الحوار‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬الذي‭ ‬يعمل‭ ‬على‭ ‬إصلاح‭ ‬الشباب‭ ‬الذين‭ ‬تطرفوا‭ ‬في‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة،‭ “‬إنهم‭ ‬يستشهدون‭ ‬بالآيات‭ ‬التي‭ ‬تقول‭ ‬إنه‭ ‬يتعين‭ ‬عليك‭ ‬ألا‭ ‬تعيش‭ ‬مع‭ ‬الكفار،‭ ‬ويقتبسون‭ ‬تعاليم‭ ‬دينية‭ ‬حول‭ ‬ضرورة‭ ‬الهجرة‭ ‬إلى‭ ‬أرض‭ ‬إسلامية،‭ ‬ويصفون‭ ‬أياً‭ ‬من‭ ‬الحكام‭ ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬يطبقون‭ ‬أحكام‭ ‬الشريعة‭ ‬بأنهم‭ ‬كفار‭ ‬ولا‭ ‬يمكنك‭ ‬العيش‭ ‬تحت‭ ‬سلطتهم‭. ‬ويقولون‭ ‬إن‭ ‬داعش‭ ‬هي‭ ‬الوحيدة‭ ‬التي‭ ‬تطبق‭ ‬الشريعة،‭ ‬وبالتالي‭ ‬لا‭ ‬يمكنك‭ ‬العيش‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬سلطتها‭ ‬السياسية‭”.‬
جثث مغطاة على الشاطئ في سوسة، بتونس. قتل متطرف مرتبط بداعش 38 شخصاً في حزيران/ يونيو 2015.
جثث مغطاة على الشاطئ في سوسة، بتونس. قتل متطرف مرتبط
بداعش 38 شخصاً في حزيران/ يونيو 2015.
إن‭ ‬ميل‭ ‬داعش‭ ‬إلى‭ ‬العنف‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يكاد‭ ‬يوصف‭ ‬–‭ ‬قطع‭ ‬الرؤوس،‭ ‬وحرق‭ ‬الناس‭ ‬أحياء‭ ‬–‭ ‬مقنع‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬غريب‭ ‬بالنسبة‭ ‬لصغار‭ ‬المجندين‭. ‬وتتميز‭ ‬فيديوهات‭ ‬داعش‭ ‬بقيمة‭ ‬انتاجية‭ ‬عالية‭ ‬وغير‭ ‬عادية،‭ ‬وتُصور‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬الدعايات‭ ‬القصيرة‭ ‬للأفلام‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬استخدام‭ ‬المؤثرات‭ ‬والتوقيت‭. ‬ورسالة‭ ‬الفيديوهات‭ ‬العنيفة‭ ‬واضحة‭: ‬كل‭ ‬خصوم‭ ‬داعش،‭ ‬بمن‭ ‬فيهم‭ ‬الإخوة‭ ‬المسلمون،‭ ‬كفرة‭ ‬ويجب‭ ‬معاقبتهم‭ ‬بأي‭ ‬وكل‭ ‬وسيلة‭ ‬ممكنة‭.‬
وكثيراً‭ ‬ما‭ ‬يحاول‭ ‬المجندون‭ ‬الجدد‭ ‬الغيورون‭ ‬إغراء‭ ‬إخوتهم‭ ‬وحمل‭ ‬آبائهم‭ ‬على‭ ‬اعتناق‭ ‬معتقداتهم‭ ‬على‭ ‬الأقل‭. ‬وإذا‭ ‬ما‭ ‬قُتل‭ ‬مجند‭ ‬ما،‭ ‬كثيراً‭ ‬ما‭ ‬يحاول‭ ‬القائمون‭ ‬على‭ ‬التجنيد‭ ‬تجنيد‭ ‬أفراد‭ ‬عائلته‭ (‬أو‭ ‬عائلتها‭) ‬الآخرين‭.‬
كيف‭ ‬تفعلها‭ ‬داعش
ليست‭ ‬داعش‭ ‬أول‭ ‬جماعة‭ ‬متطرفة‭ ‬تجند‭ ‬أتباعاً‭ ‬على‭ ‬الإنترنت‭. ‬فقد‭ ‬بثت‭ ‬القاعدة‭ ‬على‭ ‬الإنترنت‭ ‬فيديوهات‭ ‬تصور‭ ‬رجالاً‭ ‬غاضبين‭ ‬بلحاهم‭ ‬الطويلة‭ ‬وهم‭ ‬يقفون‭ ‬أمام‭ ‬راية‭ ‬سوداء‭. ‬وبثت‭ ‬القاعدة‭ ‬أيضاً‭ ‬خطباً‭ ‬طويلة‭ ‬ومملة‭. ‬غير‭ ‬أن‭ ‬داعش‭ ‬تنتج‭ ‬فيديوهات‭ ‬قصيرة،‭ ‬وقوية‭ ‬وعالية‭ ‬الطاقة‭. ‬كما‭ ‬تستخدم‭ ‬تويتر،‭ ‬وفيسبوك‭ ‬وواتساب،‭ ‬وهي‭ ‬تطبيق‭ ‬للرسائل‭ ‬النصية،‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬المجندين‭ ‬المحتملين‭.‬
تتفق‭ ‬السلطات‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬داعش‭ ‬أكثر‭ ‬تقدماً‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬خصومها‭ ‬في‭ ‬استخدام‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭. ‬لا‭ ‬تستطيع‭ ‬مراقبتها‭ ‬بصورة‭ ‬كافية،‭ ‬ولا‭ ‬نستطيع‭ ‬منافستها‭. ‬قالت‭ ‬مسؤولة‭ ‬في‭ ‬وزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكية‭ ‬إن‭ ‬وزارتها‭ ‬تطلع‭ ‬على‭ ‬90000‭ ‬تغريدة‭ ‬لداعش‭ ‬يومياً‭.‬
يُعتقد‭ ‬أن‭ ‬القائمين‭ ‬على‭ ‬التجنيد‭ ‬يباشرون‭ ‬عملياتهم‭ ‬من‭ ‬العراق،‭ ‬وسوريا‭ ‬وتركيا‭. ‬وتستخدم‭ ‬الجماعة‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬المناطق‭ ‬الخاضعة‭ ‬لسيطرة‭ ‬داعش‭ ‬لافتات‭ ‬ومنشورات‭ ‬توزع‭ ‬على‭ ‬المجندين‭. ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬تم‭ ‬تحديد‭ ‬هوية‭ ‬أولئك‭ ‬القائمين‭ ‬على‭ ‬التجنيد،‭ ‬سيكونون‭ ‬بعيداً‭ ‬عن‭ ‬متناول‭ ‬معظم‭ ‬الجهات‭ ‬الأمنية‭.‬
وكثيراً‭ ‬ما‭ ‬تفصّل‭ ‬داعش‭ ‬رسالتها‭ ‬لتلائم‭ ‬رغبات‭ ‬واحتياجات‭ ‬مجنديها‭ ‬الصغار‭ ‬المحتملين‭. ‬لا‭ ‬يريد‭ ‬البعض‭ ‬سوى‭ ‬أن‭ ‬يكونوا‭ ‬قادرين‭ ‬على‭ ‬إرسال‭ ‬صور‭ ‬إلى‭ ‬أصدقائهم‭ ‬وهم‭ ‬يحملون‭ ‬رشاشات‭ ‬الكلاشينكوف‭. ‬بينما‭ ‬يريد‭ ‬آخرون‭ ‬ممارسة‭ ‬الجنس،‭ ‬وروجت‭ ‬داعش‭ ‬لعقيدتها‭ ‬بشأن‭ ‬السبي،‭ ‬التي‭ ‬تقضي‭ ‬بأن‭ ‬اغتصاب‭ ‬الرقيق‭ ‬ليس‭ ‬خطيئة،‭ ‬مستشهدة‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬بالقرآن‭ ‬طالما‭ ‬يصلي‭ ‬الجندي‭ ‬قبل‭ ‬العملية‭ ‬وبعدها‭.‬
وبمجرد‭ ‬أن‭ ‬تقنع‭ ‬داعش‭ ‬المجندين‭ ‬بأنها‭ ‬السلطة‭ ‬الدينية‭ ‬الوحيدة‭ ‬وأنها‭ ‬وحدها‭ ‬تمثل‭ ‬المسلمين‭ ‬الحقيقيين،‭ ‬فإن‭ ‬المجندين‭ ‬يعتقدون‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬خيار‭ ‬أمامهم‭ ‬سوى‭ ‬الامتثال‭ ‬لتعليماتها‭.‬
قال‭ ‬علي،‭ “‬سيجادلون‭ ‬ضد‭ ‬أي‭ ‬أحد‭ ‬يمثل‭ ‬وجهة‭ ‬نظر‭ ‬بديلة‭. ‬إنها‭ ‬حفنة‭ ‬من‭ ‬المنطق‭ ‬لا‭ ‬معنى‭ ‬لها‭ ‬الذي‭ ‬يقول‭ ‬إن’هؤلاء‭ ‬هم‭ ‬الناس‭ ‬الحقيقيون‭ ‬الوحيدون‭ ‬الذين‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬أستمع‭ ‬لهم،‭ ‬ومن‭ ‬ثم،‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬أفعل‭ ‬ما‭ ‬يريدون‘‭”.‬
يشعر‭ ‬المجندون‭ ‬أحياناً‭ ‬بالقلق‭ ‬من‭ ‬وسائل‭ ‬الراحة‭. ‬وإذا‭ ‬تذمر‭ ‬المجندون‭ ‬من‭ ‬الأحوال‭ ‬المعيشية‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬داعش،‭ ‬فإنهم‭ ‬يوعدون‭ ‬بالسكن‭ ‬في‭ ‬منازل‭ ‬بإيجار‭ ‬مجاني،‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬وسائل‭ ‬الراحة‭ ‬التي‭ ‬اعتادوا‭ ‬عليها‭. ‬وتُبلّغ‭ ‬الشابات‭ ‬بأنهن‭ ‬سيحصلن‭ ‬على‭ ‬منتجات‭ ‬الزينة‭.‬
وفى‭ ‬محاولة‭ ‬لإغراء‭ ‬المراهقات‭ ‬الصغيرات،‭ ‬تستخدم‭ ‬داعش‭ ‬مساراً‭ ‬مختلفاً‭: ‬يتصل‭ ‬القائم‭ ‬على‭ ‬التجنيد‭ ‬بالفتاة،‭ ‬ويكسب‭ ‬ثقتها‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬عدة‭ ‬أشهر،‭ ‬ويقنع‭ ‬الفتاة‭ ‬بأن‭ ‬تخفي‭ ‬علاقتهما‭ ‬عن‭ ‬أسرتها‭. ‬وأخيراً،‭ ‬يحمل‭ ‬الفتاة‭ ‬على‭ ‬التسلل‭ ‬وترك‭ ‬عائلتها‭ ‬والانضمام‭ ‬إليه‭.‬
تقول‭ ‬بعض‭ ‬السلطات‭ ‬إنه‭ ‬برغم‭ ‬المهارة‭ ‬التي‭ ‬يتحلى‭ ‬بها‭ ‬القائمون‭ ‬على‭ ‬التجنيد‭ ‬لحساب‭ ‬داعش،‭ ‬فإنهم‭ ‬يقتاتون‭ ‬على‭ ‬جمهور‭ ‬سهل‭ ‬نسبياً‭. ‬ويؤكد‭ ‬المركز‭ ‬الدولي‭ ‬لدراسة‭ ‬التطرف‭ ‬والعنف‭ ‬السياسي‭ ‬أنه‭ “‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬دليل‭ ‬يُذكر‭ ‬يدعم‭ ‬حجة‭ ‬أن‭ ‬الإنترنت‭ ‬تلعب‭ ‬دوراً‭ ‬مهيمناً‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬التطرف‭”. ‬بعبارة‭ ‬أخرى،‭ ‬فإن‭ ‬الشباب‭ ‬كانوا‭ ‬بالفعل‭ ‬متعاطفين‭ ‬مع‭ ‬داعش؛‭ ‬وكان‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يحتاجونه‭ ‬بعض‭ ‬التشجيع‭ ‬على‭ ‬الإنترنت‭.‬
عوامل‭ ‬التنفير
إن‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الشباب‭ ‬الذين‭ ‬ينضمون‭ ‬إلى‭ ‬داعش‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الجماعات‭ ‬المتطرفة‭ ‬يعبرون‭ ‬عن‭ ‬شعورهم‭ ‬بالعزلة‭ ‬عن‭ ‬أسرهم‭ ‬ومجتمعاتهم‭. ‬يقول‭ ‬إيان‭ ‬روبرتسون،‭ ‬مؤلف‭ ‬الأثر‭ ‬الفائز‭: ‬كيف‭ ‬تؤثر‭ ‬القوة‭ ‬على‭ ‬عقلك،‭ ‬هناك‭ ‬سبعة‭ ‬عوامل‭ ‬لنفور‭ ‬الشباب‭ ‬ربما‭ ‬تكون‭ ‬فريدة‭ ‬من‭ ‬نوعها‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬القرن‭:‬
الشعور‭ ‬بالانتماء‭:‬‭ ‬يعرّف‭ ‬الناس‭ ‬أنفسهم‭ ‬بأنهم‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬جماعات‭ ‬متعددة،‭ ‬مثل‭ ‬الجنسية‭ ‬أو‭ ‬الديانة‭. ‬هذه‭ ‬الهويات‭ ‬المشتركة‭ ‬تخفف‭ ‬من‭ ‬حدة‭ ‬الكراهية‭ ‬بين‭ ‬الجماعات‭. ‬قال‭ ‬ربرتسون‭ ‬إنه‭ ‬حينما‭ ‬يقضي‭ ‬الشباب‭ ‬جميع‭ ‬أوقات‭ ‬فراغهم‭ ‬في‭ ‬التحديق‭ ‬في‭ ‬شاشة‭ ‬الكمبيوتر،‭ ‬فإنهم‭ ‬يميلون‭ ‬إلى‭ ‬العزلة‭ ‬ويفقدون‭ ‬الاحساس‭ ‬بالانتماء‭ ‬إلى‭ ‬مجتمعهم‭.‬
هم‭ ‬ونحن‭:‬‭ ‬كلما‭ ‬شعرت‭ ‬بالقوة‭ ‬لكونك‭ ‬عضواً‭ ‬في‭ ‬جماعة‭ ‬ثقافية،‭ ‬كلما‭ ‬قل‭ ‬شعورك‭ ‬بالارتباط‭ ‬بالناس‭ ‬خارج‭ ‬تلك‭ ‬الجماعة‭. ‬وقد‭ ‬عززت‭ ‬داعش‭ ‬عقلية‭ ‬أن‭ “‬العالم‭ ‬يلاحقنا‭” ‬بين‭ ‬المتحولين‭ ‬لديها‭.‬
تكنولوجيات‭ ‬التسويق‭ ‬بالجملة‭:‬‭ ‬يستغل‭ ‬مستخدمو‭ ‬أساليب‭ ‬الدعاية‭ ‬مثل‭ ‬داعش‭ ‬أحدث‭ ‬وسائل‭ ‬التسويق‭ ‬الرقمي‭ ‬للتلاعب‭ ‬بعواطف‭ ‬الشباب‭ ‬والشابات‭ ‬بهويات‭ ‬متصارعة‭.‬
الرفاق‭ ‬الجاهزون‭:‬‭ ‬كان‭ ‬الناس‭ ‬قبل‭ ‬نظم‭ ‬الاتصالات‭ ‬الحديثة‭ ‬يتواصلون‭ ‬وجهاً‭ ‬لوجه‭ ‬لتشكيل‭ ‬روابط‭ ‬والتوحد‭ ‬في‭ ‬قضية‭ ‬مشتركة‭. ‬واليوم،‭ ‬يمكنك‭ ‬أن‭ ‬تقابل‭ ‬الأشخاص‭ ‬الذين‭ ‬يشاطرون‭ ‬آراءك‭ ‬المحددة‭ ‬على‭ ‬الإنترنت‭ ‬بسهولة‭. ‬قال‭ ‬روبرتسون،‭ “‬إن‭ ‬مجموعات‭ ‬الرفاق‭ ‬هي‭ ‬الأعظم‭ ‬تأثيراً‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يفعله‭ ‬المراهقون‭ ‬ويفكرون‭ ‬فيه‭. ‬ويمكن‭ ‬أن‭ ‬تثبتهم‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬في‭ ‬خلايا‭ ‬متجانسة‭ ‬لا‭ ‬يسع‭ ‬أي‭ ‬وجهة‭ ‬نظر‭ ‬مخالفة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬أن‭ ‬تخترقهم‭”.‬
إخفاء‭ ‬الهوية‭ ‬على‭ ‬الإنترنت‭:‬‭ ‬إن‭ ‬كونك‭ ‬مقنعاً‭ ‬وبلا‭ ‬اسم‭ ‬على‭ ‬الإنترنت‭ ‬يجعل‭ ‬الناس‭ ‬يفعلون‭ ‬أشياء‭ ‬خارجة‭ ‬على‭ ‬طباعهم،‭ ‬مثل‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬الكراهية‭. ‬وهذا‭ ‬يثير‭ ‬ظاهرة‭ ‬تسمى‭ “‬التنافر‭ ‬المعرفي‭”‬،‭ ‬التي‭ ‬يحاول‭ ‬فيها‭ ‬العقل‭ ‬إيجاد‭ ‬تناسق‭ ‬بين‭ ‬ما‭ ‬يجري‭ ‬التعبير‭ ‬عنه‭ ‬وبين‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬معتقد‭ ‬في‭ ‬الواقع‭. ‬بعبارة‭ ‬أخرى،‭ ‬تبدأ‭ ‬في‭ ‬تصديق‭ ‬الأشياء‭ ‬التي‭ ‬تقولها‭.‬
التمرد‭:‬‭ ‬يتمرد‭ ‬المراهقون‭ ‬كوسيلة‭ ‬لمحاولة‭ ‬خلق‭ ‬هويات‭ ‬لأنفسهم‭. ‬والمراهقون‭ ‬المسلمون‭ ‬محرومون‭ ‬من‭ ‬منافذ‭ ‬التمرد‭ ‬المعتادة‭ ‬–‭ ‬المخدرات،‭ ‬الخمر،‭ ‬الجنس‭ ‬–‭ ‬لذلك‭ ‬يتطلعون‭ ‬لأشكال‭ “‬آمنة‭” ‬أكثر‭ ‬قبولاً‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬الثقافية،‭ ‬مثل‭ ‬بريق‭ ‬داعش‭. ‬يقول‭ ‬وليام‭ ‬مكانت،‭ ‬مؤلف‭ ‬قيامة‭ ‬داعش،‭ ‬إن‭ ‬الجماعة‭ ‬لديها‭ ‬جاذبية‭ ‬مضادة‭ ‬للثقافة‭ ‬مشابهة‭ ‬لنجوم‭ ‬الروك‭ ‬في‭ ‬العقود‭ ‬السابقة‭. ‬وأضاف،‭ “‬إذا‭ ‬كنت‭ ‬ستتمرد‭ ‬ضد‭ ‬والديك‭ ‬ومجتمعك،‭ ‬ماذا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬أكثر‭ ‬تمرداً‭ ‬من‭ ‬هذا؟‭”.‬
العنف‭ ‬الإباحي‭:‬‭ ‬إن‭ ‬التوزيع‭ ‬الواسع‭ ‬النطاق‭ ‬لفيديوهات‭ ‬كتلك‭ ‬التي‭ ‬يقطع‭ ‬فيها‭ ‬جنود‭ ‬داعش‭ ‬رؤوس‭ ‬ضحاياهم‭ ‬مصممة‭ ‬لدغدغة‭ ‬وتغييب‭ ‬وعي‭ ‬العقول‭ ‬الصغيرة‭ ‬في‭ ‬آن‭ ‬واحد‭. ‬يقول‭ ‬روبرتسون،‭ “‬إن‭ ‬عقل‭ ‬المراهق‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يكتمل‭ ‬نموه‭ ‬بعد‭ ‬يشعر‭ ‬بحساسية‭ ‬خاصة‭ ‬تجاه‭ ‬آثار‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الصور‭”.‬
يتفق‭ ‬الباحثون‭ ‬في‭ ‬الرأي‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬الاستعانة‭ ‬بالإنترنت‭ ‬ووسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬في‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬إغراء‭ ‬جماعات‭ ‬مثل‭ ‬داعش‭. ‬لكن‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬التدابير‭ ‬الرقمية‭ ‬الفعالة‭ ‬المضادة‭ ‬على‭ ‬نفس‭ ‬القدر‭ ‬من‭ ‬البراعة‭ ‬والصقل‭ ‬الذي‭ ‬تنتج‭ ‬به‭ ‬الجماعات‭ ‬المتطرفة‭ ‬فيديوهاتها‭ ‬وتبثها‭ ‬على‭ ‬موقعها‭ ‬على‭ ‬شبكة‭ ‬الإنترنت‭. ‬وإلا،‭ ‬فإن‭ ‬التدابير‭ ‬المضادة‭ ‬ستعتبر‭ ‬شيئاً‭ ‬آخر‭ ‬يستدعي‭ ‬التمرد‭ ‬ضده‭.‬
قال‭ ‬روبرتسون‭ ‬إنه‭ ‬يجب‭ ‬إعطاء‭ ‬المراهقين‭ ‬إحساساً‭ ‬بالوطنية،‭ ‬مثل‭ ‬التفاخر‭ ‬بكونهم‭ ‬تونسيين‭ ‬أو‭ ‬جزائريين،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬التباهي‭ ‬بتراثهم‭ ‬الإسلامي‭. ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬الإحساس‭ ‬بالعزة‭ ‬الوطنية‭ ‬حقيقياً،‭ ‬يشعر‭ ‬فيه‭ ‬المراهقون‭ ‬والشباب‭ ‬بأنهم‭ ‬يحظون‭ ‬باحترام‭ ‬بني‭ ‬وطنهم‭. ‬فالحملات‭ ‬الكلامية‭ ‬المعادية‭ ‬للمسلمين‭ ‬يستفيد‭ ‬منها‭ ‬المتطرفون‭ ‬استفادة‭ ‬مباشرة‭.‬
وقف‭ ‬التجنيد
قالت‭ ‬هميرا‭ ‬خان،‭ ‬المديرة‭ ‬التنفيذية‭ ‬لمؤسسة‭ ‬مافليهون‭ ‬للأبحاث‭ ‬التي‭ ‬تتخذ‭ ‬من‭ ‬واشنطن‭ ‬مقراً‭ ‬لها،‭ ‬إن‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬مجندي‭ ‬داعش‭ ‬عملية‭ ‬من‭ ‬أربع‭ ‬خطوات‭. ‬وقالت‭ ‬في‭ ‬مقالة‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬فورين‭ ‬أفييرز،‭ ‬إن‭ ‬الخطوات‭ ‬الأربع‭ ‬هي‭:‬
منع‭ ‬التطرف‭.‬
التدخل‭ ‬لصالح‭ ‬الأفراد‭ ‬الذين‭ ‬تحولوا‭ ‬إلى‭ ‬التطرف‭.‬
اعتراض‭ ‬أو‭ ‬العثور‭ ‬على‭ ‬الأفراد‭ ‬المتورطين‭ ‬في‭ ‬سلوك‭ ‬إجرامي‭ ‬ومقاضاتهم‭.‬
إعادة‭ ‬دمج‭ ‬المجرمين‭ ‬السجناء،‭ ‬الذين‭ ‬قضوا‭ ‬مدة‭ ‬عقوبتهم‭ ‬أو‭ ‬العائدين‭ ‬من‭ ‬مناطق‭ ‬الصراع‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭.‬
وأضافت،‭ “‬أنه‭ ‬في‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الدول،‭ ‬يركز‭ ‬الممارسون‭ ‬على‭ ‬تقوية‭ ‬المجتمعات‭ ‬المحلية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬تعرضها‭ ‬للتطرف‭. ‬ولكن‭ ‬هناك‭ ‬عدد‭ ‬قليل‭ ‬جداً‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬لديها‭ ‬برامج‭ ‬تتناول‭ ‬جميع‭ ‬الجوانب‭ ‬الأربعة‭ ‬–‭ ‬لاسيما‭ ‬التدخل‭ ‬وإعادة‭ ‬الدمج‭. ‬ونتيجة‭ ‬لهذه‭ ‬الفجوة،‭ ‬فإن‭ ‬الأفراد‭ ‬الذين‭ ‬بدأوا‭ ‬يتطرفون‭ ‬لا‭ ‬يردون‭ ‬على‭ ‬أعقابهم،‭ ‬وأولئك‭ ‬الذين‭ ‬تصرفوا‭ ‬بعنف‭ ‬لا‭ ‬يعاد‭ ‬تأهيلهم‭”.‬
لا‭ ‬يوجد‭ ‬نقص‭ ‬في‭ ‬الأفكار‭ ‬لإيقاف‭ ‬عمليات‭ ‬التجنيد‭. ‬فقد‭ ‬سنت‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬قوانين‭ ‬جديدة‭ ‬بشأن‭ ‬المراقبة‭ ‬الإلكترونية،‭ ‬تسمح‭ ‬برصد‭ ‬الاتصالات‭ ‬الخاصة‭ ‬التي‭ ‬تدعم‭ ‬الإرهاب‭.‬
قال‭ ‬المستشار‭ ‬دانييل‭ ‬كولر،‭ ‬المتخصص‭ ‬في‭ ‬التخلص‭ ‬من‭ ‬التطرف،‭ ‬إن‭ ‬هناك‭ ‬نوعين‭ ‬من‭ ‬الأشخاص‭ ‬البارعين‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬المتطرفين‭ ‬الشباب‭: ‬أمهاتهم‭ ‬والمتطرفون‭ ‬السابقون‭. ‬ولكن‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬العثور‭ ‬على‭ ‬المتطرفين‭ ‬السابقين،‭ ‬وحتى‭ ‬لو‭ ‬توفروا‭ ‬قد‭ ‬يصبح‭ ‬الوقت‭ ‬متأخراً‭ ‬جداً‭.‬
وللأمهات‭ ‬أهمية‭ ‬خاصة‭ ‬بالنسبة‭ ‬للشباب‭ ‬المسلمين‭ ‬المتطرفين،‭ ‬الذين‭ ‬كثيراً‭ ‬ما‭ ‬يحتاجون‭ ‬لموافقتهن‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يبدو،‭ ‬أو‭ ‬ليطلبوا‭ ‬منهن‭ ‬نوعاً‭ ‬من‭ ‬المغفرة،‭ ‬قبل‭ ‬مغادرتهم‭ ‬للانضمام‭ ‬إلى‭ ‬داعش‭. ‬وقال‭ ‬كولر‭ ‬إن‭ ‬من‭ ‬المألوف‭ ‬بالنسبة‭ ‬لمتطرف‭ ‬شاب‭ ‬أن‭ ‬يحاول‭ ‬مرة‭ ‬أخيرة‭ ‬تحويل‭ ‬معتقدات‭ ‬أمه‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يتوجه‭ ‬إلى‭ ‬داعش‭ ‬حتى‭ ‬يتسنى‭ ‬لهما‭ ‬اللقاء‭ ‬في‭ ‬الآخرة‭.‬
شرعت‭ ‬منظمة‭ ‬تسمي‭ “‬نساء‭ ‬بلا‭ ‬حدود‭”‬في‭ ‬إقامة‭ “‬مدارس‭ ‬الأمهات‭” ‬في‭ ‬البلدان‭ ‬المتضررة‭ ‬من‭ ‬التطرف‭ ‬الإسلامي‭ ‬لتعليم‭ ‬النساء‭ ‬كيفية‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬أطفالهن‭ ‬من‭ ‬التحول‭ ‬إلى‭ ‬التطرف‭. ‬وعندما‭ ‬اختطفت‭ ‬جماعة‭ ‬بوكو‭ ‬حرام‭ ‬مئات‭ ‬الفتيات‭ ‬الصغار‭ ‬في‭ ‬شمالي‭ ‬نيجيريا‭ ‬في‭ ‬نيسان‭/ ‬إبريل‭ ‬2014،‭ ‬عملت‭ ‬الشرطة‭ ‬كحراس‭ ‬لمسيرة‭ ‬احتجاجية‭ ‬نظمها‭ ‬الفرع‭ ‬المحلي‭ ‬للمنظمة‭. ‬قال‭ ‬منظم‭ ‬الفرع‭ ‬النيجيري،‭ “‬إن‭ ‬الجمع‭ ‬بين‭ ‬الشرطة‭ ‬النيجيرية‭ ‬والنساء‭ ‬في‭ ‬مكان‭ ‬واحد‭ ‬أمر‭ ‬غير‭ ‬مسبوق‭”. ‬وفى‭ ‬كينيا،‭ ‬نظمت‭ ‬النساء‭ ‬المرتبطات‭ ‬بالمنظمة‭ ‬نفسها‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬هاجم‭ ‬متطرفو‭ ‬حركة‭ ‬الشباب‭ ‬مركز‭ ‬وستغيت‭ ‬للتسوق‭ ‬في‭ ‬نيروبي‭ ‬عام‭ ‬2013‭.‬
يصارع‭ ‬الخبراء‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إيجاد‭ ‬سبل‭ ‬لمنع‭ ‬الشباب‭ ‬من‭ ‬الانضمام‭ ‬إلى‭ ‬المتطرفين‭. ‬فمن‭ ‬الصعوبة‭ ‬بمكان‭ ‬حمل‭ ‬الحكومات‭ ‬في‭ ‬معظم‭ ‬البلدان‭ ‬حول‭ ‬العالم،‭ ‬على‭ ‬التدخل،‭ ‬حتى‭ ‬عندما‭ ‬تقدم‭ ‬الأسر‭ ‬بلاغات‭ ‬عن‭ ‬تجنيد‭ ‬أبنائها‭. ‬فالسفر‭ ‬إلى‭ ‬سوريا‭ ‬ليس‭ ‬غير‭ ‬قانوني‭ ‬في‭ ‬معظم‭ ‬الدول‭. ‬وحتى‭ ‬حينما‭ ‬تكون‭ ‬السلطات‭ ‬على‭ ‬علم‭ ‬بمجند‭ ‬جديد،‭ ‬فإن‭ ‬الحدود‭ ‬المفتوحة‭ ‬للاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬تجعل‭ ‬من‭ ‬السهل‭ ‬نسبياً‭ ‬قيادة‭ ‬السيارة‭ ‬إلى‭ ‬تركيا‭ ‬عبر‭ ‬بلغاريا‭.‬
ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬هناك‭ ‬خطوات‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تتخذها‭ ‬الحكومات‭. ‬فالشباب‭ ‬الذين‭ ‬انشقوا‭ ‬عن‭ ‬داعش‭ ‬يمثلون‭ ‬مورداً‭ ‬قيّماً،‭ ‬وغالباً‭ ‬ما‭ ‬يكون‭ ‬لديهم‭ ‬روايات‭ ‬فريدة‭ ‬حول‭ ‬كيفية‭ ‬تجنيدهم‭ ‬والأسباب‭ ‬التي‭ ‬دفعتهم‭ ‬إلى‭ ‬اختيار‭ ‬الهروب‭. ‬يجب‭ ‬على‭ ‬السلطات‭ ‬أن‭ ‬تجري‭ ‬مقابلة‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬منشق‭ ‬عن‭ ‬داعش‭ ‬بتفصيل‭ ‬كبير‭. ‬وإذا‭ ‬أمكن،‭ ‬يجب‭ ‬استخدام‭ ‬المنشقين‭ ‬عن‭ ‬داعش‭ ‬في‭ ‬حملات‭ ‬دعائية‭ ‬مضادة‭ ‬لداعش‭ ‬وفى‭ ‬إعلانات‭ ‬الخدمة‭ ‬العامة‭.‬
أفادت‭ ‬صحيفة‭ ‬واشنطن‭ ‬بوست‭ ‬بأن‭ ‬بعض‭ ‬المدن‭ ‬الأوروبية‭ ‬تعرض‭ ‬حالياً‭ ‬حلقة‭ ‬تدريبية‭ ‬لضباط‭ ‬الشرطة،‭ ‬والمعلمين،‭ ‬والعاملين‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الصحة،‭ ‬والإخصائيين‭ ‬الاجتماعيين،‭ ‬ومسؤولي‭ ‬الإسكان‭ ‬وقادة‭ ‬المجتمعات‭ ‬المحلية‭ ‬حول‭ ‬كيفية‭ ‬التعرف‭ ‬على‭ ‬علامات‭ ‬التطرف‭. ‬ولكن‭ ‬هذه‭ ‬هي‭ ‬نقطة‭ ‬البداية‭ ‬فقط‭. ‬وبمجرد‭ ‬تحديد‭ ‬المتطرفين‭ ‬الشباب‭ ‬المحتملين،‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬آلية‭ ‬تسمح‭ ‬بالتحرك‭ ‬دون‭ ‬حبسهم،‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬الظروف‭ ‬غير‭ ‬العادية‭. ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬التوجيهات،‭ ‬والاستشارات‭ ‬والمراقبة‭ ‬جزءاً‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الآلية‭.‬
كتب‭ ‬الباحثان‭ ‬لورينزو‭ ‬فيدينو‭ ‬وسيموس‭ ‬هيوز‭ ‬للواشنطن‭ ‬بوست،‭ “‬إنه‭ ‬يُنظر‭ ‬للشباب‭ ‬الذين‭ ‬يمرون‭ ‬بعملية‭ ‬التطرف‭ ‬كأفراد‭ ‬ضعفاء‭ ‬يؤذون‭ ‬أنفسهم‭ ‬ويحتاجون‭ ‬للمساعدة‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬الأمر‭. ‬فالتطرف‭ ‬يُعرض‭ ‬كمشكلة‭ ‬مثله‭ ‬مثل‭ ‬التجنيد‭ ‬في‭ ‬العصابات‭ ‬أو‭ ‬المخدرات‭. ‬ومثلما‭ ‬يفعلون‭ ‬إذا‭ ‬اكتشفوا‭ ‬أن‭ ‬الشباب‭ ‬يقعون‭ ‬فريسة‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬العلل‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬تقع‭ ‬على‭ ‬قادة‭ ‬المجتمع‭ ‬مسؤولية‭ ‬الإبلاغ‭ ‬عن‭ ‬حالات‭ ‬التطرف‭”. ‬

التعليقات مغلقة.