فيسبوك تويتر لينكدإن بينتيريست البريد الإلكتروني التدريب والمؤسسات القوية تجني أعداداً أكبر كانت كينيا لا تزال تترنح من هجوم دموي على مركز التسوق وستغيت في نيروبي عام 2013 عندما شن متطرفو الشباب هجوماً علنيا آخر على البلاد. ففي 2 نيسان/ إبريل 2015، داهم المسلحون المتمركزون في الصومال حرم كلية جامعة غاريسا. قتلوا على الفور اثنين من حراس الأمن ثم بدأوا يغتالون الطلاب بدون تمييز. قال الطالب أوغستين ألانغا لهيئة الإذاعة البريطانية، “كان عملاً رهيباً؛ كان إطلاق النار في كل مكان”. وقال الطالب إيريك ويكيسا لوكالة رويترز إنه حبس نفسه في غرفته. وقال، “تمكنت من سماعهم يقولون، ’لقد جئنا لنقتل أو نُقتل‘. هذا ما قالوه”. أفادت هيئة الإذاعة البريطانية بأن أربعة مسلحين، توفوا بعد محاصرتهم في عنبر النوم، عندما فجّروا ستراتهم الانتحارية. وألقي القبض على مسلح خامس. وعند انتهاء إطلاق النار، كان 147 طالباً جامعياً قد قُتلوا، وتمكن أكثر من 500 من الفرار. جُرح من بينهم 79. وخلال الأيام التي أعقبت مذبحة الجامعة، أعلن الرئيس الكيني أوهورو كينياتا أن الحكومة سوف تبادر بتجنيد 10000 ضابط شرطة جديد في دائرة الشرطة الوطنية لتعزيز الأمن في أنحاء البلاد. فيما بعد صرح المفتش العام للشرطة جوزيف بوينيت لصحيفة نجمة نيروبي بأنه سيجري تخفيض مدة التدريب من 15 شهراً إلى تسعة أشهر لتسهيل العملية. سوف يتألف الـ 10000 من المجندين الكينيين الجدد من 6000 ضابط جديد و 4000 إداري. بدأت الحشود المفعمة بالأمل في الوصول إلى 290 موقعاً عبر كينيا في نيسان/ إبريل 2015. قال راشد محمد، قائد الشرطة لمنطقة داجوريتي في نيروبي لصحيفة وورلد بوليتين، “إن الإقبال جيد حتى الآن. لقد تلقينا حتى الآن 1400 طلب”. قال محمد، “يأتي تجنيد هذا العام في الوقت المناسب. فبلادنا تحتاج إلى ضباط شرطة لتكون قادرة على التصدي لهجمات الشباب. نحن نواجه الآن نقصاً يبلغ حوالي 30000 ضابط شرطة”. إن رد كينيا على الهجمات أمر مفهوم. فالعدد الأكبر من ضباط الشرطة يمكن أن يغطي منطقة أكبر، ويكون في أماكن أكثر على الفور، ويستجيب بقوة أكبر حال وقوع كارثة. مع ذلك، فإن الحاجة إلى تحقيق توازن بين منع الأوضاع الخطيرة المتزايدة على الأرض بكفاءة فنية وتعليمية، مهمة دقيقة. دكتور ساييبو غاريبا تحديد أولويات الكفاءة المهنية ليست كينيا الدولة الأفريقية الوحيدة التي تواجه تهديدات من المتطرفين. فنيجيريا تتعرض لضغط متواصل من بوكو حرام، التي وسّعت نطاق عملها في أنحاء منطقة بحيرة تشاد إلى الكاميرون، وتشاد والنيجر. شن الإرهابيون هجمات في تونس. وتواصل ميليشيا الشباب شن هجمات عنيفة في بلدها الصومال. بسبب هذه التهديدات المتزايدة، والجريمة العادية ودوريات المرور، فإن الشرطة هي أكثر قوة أمنية احتمالاً للتفاعل مع الجمهور كل يوم. ومثل هذا التواصل سوف يزداد فيما تسعى دول مثل كينيا لتعزيز قواتها. وسيكون من الضروري ضمان تشكيل قوة مهنية تلتزم بسيادة القانون وتجعل حماية الجمهور في مقدمة أولوياتها. يوشك الدكتور ساييبو غاريبا، مساعد مفوض شرطة غانا، على إنهاء سبع سنوات قضاها في الاتحاد الأفريقي في أديس أبابا، بإثيوبيا، حيث عمل كقائد شرطة للتدريب في القوة الاحتياطية الأفريقية. من بين واجباته المراقبة ووضع برامج الدورات و”تصميم ، وتفعيل وتنسيق التدريب” لفاعليات مثل التدريب الميداني أماني أفريقيا 2 المقرر إجراؤه خلال شهري تشرين الأول/أكتوبر وتشرين الثاني/نوفمبر 2015 في جنوب أفريقيا. قال غاريبا لمجلة أيه دي إف، عندما يتعلق الأمر بالكفاءة المهنية للشرطة، حسب ينبغي التشديد على بضع نقاط: ينبغي أن يكون عمل الشرطة موجهاً دائماً نحو المهام الأساسية للسلامة والأمن؛ ويجب أن تكون الشرطة مسؤولة أمام الشعب والحكومة؛ ويجب أن يكون ضباط الشرطة مبدعين وخاضعين لتعليم عملي ومتواصل لأن “المعرفة غير جامدة على الإطلاق”. كذلك يجب على الضباط أن يعرفوا عمل الشرطة. فالمهنة لديها قائمة محددة من المعرفة تشمل التحقيقات، والدوريات، والتعامل مع الأسلحة، ومكافحة الإرهاب وأكثر من ذلك. قال غاريبا، “لا يسعك أن تستيقظ فقط يوماً ما وتقول، ’أنا ضابط شرطة‘. فهناك بعض القضايا، وهناك بعض المهارات التي يحتاجها المرء للفهم والتقدير قبل أن يصبح ضابط شرطة”. يحتاج ضباط الشرطة أيضاً إلى أن يكونوا قادرين على الاستجابة للديناميات الأمنية المتغيرة عن طريق تحديث مهاراتهم. وقال، “لذلك إذا كانت الشرطة تتمتع بالمهارات، والكفاءات التي تجعلها قادرة على أداء كل هذه المهام، في إطار من السلوك الأخلاقي، عندئذ يمكن أن نقول إن الشرطة مؤسسة مهنية، ولكن إن لم يكونوا قادرين على القيام بذلك، فأنا لا أعتقد أن هذه المؤسسة مهنية “. وأضاف غاريبا أنه من بين المشاكل في أفريقيا، أن السياسيين أحياناً ما يتلاعبون أو يتجاهلون المعايير اللازمة للانخراط في قوات الشرطة، لا سيما فيما يتعلق بالتعليم. فأحياناً يدخل المجند عملية التدريب بمستويات متدنية من التعليم؛ بل إن بعضهم أميون. وهذا يجعل من الصعب توفير التدريب المناسب. وهذه المشكلة ناجمة عن مؤسسات حكومية ضعيفة. قال غاريبا، “إن المؤسسة المهنية يجب أن يكون لديها مبادئ راسخة وواضحة لكل من يريد الالتحاق بالمهنة”. ومع ذلك، فإن المؤهلات ليست أهم شيء في نهاية المطاف ليصبح المرء ضابط شرطة. قال غاريبا، “إن أهم شيء هو الالتزام بالواجب. الالتزام بخدمة الناس. خدمتهم وتوفير السلامة والأمن لهم. وتزويدهم بالخدمات الشرطية بطريقة شفافة وخاضعة للمساءلة”. ”ولكن ما رأيته هو أن لدينا قضايا حيث يأتي الناس فعلاً من المستوى الأساسي، ليس لأنهم ملتزمون فعلاً بعملهم، ولكن أحد العوامل الرئيسية هو مجرد الحصول على وظيفة. وهذه واحدة من المشاكل التي لدينا. مثل هؤلاء الناس غير ملتزمين بالمهنة”. وأحياناً يمكن أن يدفع عدم الالتزام هذا الناس إلى داخل النظام لأنهم يؤمنون بأن باستطاعتهم إثراء أنفسهم من خلال الفساد. مثلاً، قال غاريبا إن بعض الضباط قد يسعون إلى تعيينهم في أقسام المرور حتى يتمكنوا من ابتزاز أموال من السائقين. ضباط شرطة جنوب أفريقيا يقومون بعمليات تفتيش وتحقق من الهوية في جوهانسبرغ في عام 2015. وكالة الأنباء الفرنسية/ صور غيتي فوائد الشرطة المحلية هناك نهج يتطلب التزاماً جدياً بالمُثل العليا للعمل الشرطي الفعّال يتمثل في الشرطة المحلية. إنها فلسفة وطريقة لتنظيم عمل الشرطة حيث يعمل الضباط والمجتمعات المحلية كفريق واحد لتوفير الأمن وحل الجرائم. في عام 2003، بدأت منظمة سيف وورلد التي تتخذ من لندن مركزاً لها، العمل مع بيس نت، وهي شبكة من المنظمات الكينية غير الحكومية، لتوفير شرطة محلية في منطقتين تجريبيتين: قرية ماكينا بمنطقة كابيرا المكتظة بالسكان في نيروبي، ومنطقة بولا- بيسا في إزيولي، بالمقاطعة الشرقية السابقة في كينيا. عملت سيف وورلد مع مؤسسات حكومية وتعليمية مختلفة لتطوير منهج دراسي لتدريب الشرطة المحلية. وطبقاً لتقريرها عام 2008، “تطبيق نظام الشرطة في المجتمعات المحلية في كينيا”، تقوم الشرطة المحلية على هذه المبادئ الأساسية: • يكون العمل الشرطي بالتراضي، لا بالإكراه. • يجب أن يكون ضباط الشرطة جزءاً من المجتمع، لا بعيداً عنه. • يعمل ضباط الشرطة مع المجتمع لتحديد احتياجاته. • تكون الشرطة شريكاً للجمهور والوكالات الأخرى. • تصميم العمل الشرطي ليناسب احتياجات المجتمع. • تحاسب الشرطة على ما تقدمه من خدمات. • يوفر الضباط خدمة عالية الجودة. اختلفت النشاطات في كل موقع تجريبي حسب الاحتياجات المحلية، ولكنها اشتملت على زيادة الوعي بين الشرطة والمجتمعات بشأن الشرطة المحلية، وإقامة مراكز محلية للسلامة والمعلومات، ودعم المشاريع، وصناديق معلومات مجهولة المصدر للتشجيع على تبادل المعلومات بشأن أمن المجتمع. وساعد هذا الجهد في بناء الثقة والحد من الجريمة. قال عضو في اللجنة التوجيهية للشرطة المحلية لمنظمة سيف وورلد، “قامت الشرطة بحملات توعية وحددت أياماً مفتوحة تفاعلنا خلالها معهم. وهذا يقلل من الرهبة من الشرطة ويتيح لنا ألا نتردد في الإبلاغ عن الأنشطة الإجرامية في كينيا”. في حالة واحدة على الأقل، انخفض معدل الجريمة بـ 40 بالمائة، وأعادت المتاجر والمدارس فتح أبوابها. وذكر التقرير، “أن هذا ارتكز على زيادة الثقة بين ضباط الشرطة والسكان، وزيادة مساءلة الشرطة من جانب المجتمعات المشاركة”. قال غاريبا إن الشرطة المحلية استخدمت في عدة أماكن عبر القارة، مثل غانا وفي العملية المتكاملة للاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة في دارفور. ورغم أنه يتفق مع الفلسفة وراء الشرطة المحلية، قال إن هذا النهج يمكن أن يمثل تحديات معينة. قال، “أنت تعرف أن في غانا لغة نطلق عليها ’أكان ‘، وهي لغة توي. هناك تعبير في هذه اللغة يصف الشرطي بكلمة ’أبان ‘ وهي تعني ’حكومة ‘بلغة التوي. إنه تصور الناس بأن الشرطة وراء الحكومة”. إذا أرادت الشرطة التغلب على هذا التصور وتشق طريقها لدى المجتمعات المحلية حيث الولاءات العشائرية والعلاقات قوية، سيكون عليها أن تعمل على أن يُنظر إليها على أنها جزء من المجتمع، وليست الحكومة فقط. شرطة مسلحة تقوم بدورية في شاطئ مرحبا في سوسه، بتونس، في حزيران/ يونيو 2015، بعد هجوم إرهابي هناك قتل 38 شخصاً. وكالة الأنباء الفرنسية/ صور غيتي المؤسسات القوية أمر حيوي خلال أكثر من 10 سنوات منذ بدأ برنامج الشرطة المحلية، تغير سياق عمل الشرطة في كينيا تغيراً ملموساً. فمع نهاية عام 2014، كانت الحكومة تنفق أكثر من 655 مليون دولار على الشرطة، مقارنة بـ 264 مليون دولار عام 2004، وذلك طبقاً لتقرير منظمة سيف وورلد. في ذلك الوقت، ارتفع عدد ضباط الشرطة من 44000 إلى 89000، وعدد مراكز الشرطة من 340 إلى 547. أجرى المسؤولون عدداً من الإصلاحات، من بينها تغييرات في الطريقة التي يتم بها تنظيم قوة الشرطة الوطنية والإشراف عليها. وطبقاً لسيف وورلد اندمجت قوات شرطة كينيا وقوات شرطة الإدارة لتكوّن دائرة الشرطة الوطنية تحت سلطة المفتش العام للشرطة. وأضاف هذا استقلالاً وتحرراً من التدخل السياسي في التوظيف. وعزز إنشاء هيئة رقابة مستقلة للشرطة المساءلة. ولتحسين الأمن، قد يكون على بعض الدول أن تزيد عدد الأفراد في قوة الشرطة. ولكن الأعداد ليست هي الحل دائماً. فالأرقام بدون تدريب مناسب لن تحل المشاكل الأمنية. وسيكون على الدول زيادة فعالية قوات شرطتها الحالية. ومن الأسئلة التي يجب طرحها: هل يمكن نشر الضباط بصورة أكثر فعالية؟ هل يمكن التوسع في مرافق التدريب؟ هل يمكن بناء المرافق الجديدة لتستوعب مجندين إضافيين؟ هل يمكن إضافة مكافحة الإرهاب ومهارات أخرى إلى المنهج الدراسي للتدريب؟ قال غاريبا إن الحل يكون أحياناً بسيطاً كبساطة قيام قادة على مستوى عال من التدريب بتوجيه ضباط الشرطة، لأن “القائد الجيد هو الشخص الذي يستخدم ما لديه من موارد لتحقيق الأهداف”. يستعين المواطنون في بعض المناطق الريفية بخدمات شرطية محلية غير رسمية لأن شرطة الدولة ليس لها وجود هناك. وهذا يمكن، كما قال غاريبا، أن يمثل مشكلة لأن المجرمين، وبارونات المخدرات وغيرهم من الأشرار يمكن أن ينتهي بهم بالأمر بالسيطرة على الأمن. وفي نهاية الأمر، فإن الشرطة الجيدة متجذرة، مع ذلك، في مؤسسات قوية. والمؤسسات القوية توجد عندما يكون لدى الساسة والزعماء الإرادة السياسية اللازمة لبنائها والمحافظة عليها. قال غاريبا، “إذا حسّنت الحكومات الأفريقية أداءها، ثم أدت وظيفتها على نحو جيد، ثم احترمت أيضاً تفويض الشعب لها بتوفير الخدمات، أعتقد أنها ستكون قادرة بالفعل على الانتشار والتغطية في كل مكان يحتاج إلى خدمات شرطية”.