الثورة الالكترونية تجلب التغيير السريع للقارة، بطرق جيدة وأخرى سيئة
مركز دراسات د. إريك يونغ، جورج سي مارشال
بينما تجتاح الثورة الإلكترونية جميع أنحاء أفريقيا، يشكل الأمن السيبراني تحديا ناشئا رئيسيًا.
أفريقيا لديها أسرع إنتشار للإنترنت والنمو في الفضاء السيبراني من أي قارة وتمحو الفجوة الرقمية العالمية. الثورة الإلكترونية في أفريقيا تنمي الاقتصاد، وتغير الهياكل الاجتماعية وتقلب الأنظمة السياسية.
مُربُّو الماشية في ماساي في كينيا يمكنهم الآن التحقق من أسعار السوق لماشيتهم على الهواتف المحمولة. كابلات الألياف البصرية الجديدة تحت البحر في أفريقيا، والتي توفر الوصول إلى الإنترنت عالي السرعة، تقود طفرة في زيادة الأعمال في كينيا وغانا. رؤية رواندا لعام 2020 تركز على الاقتصاد القائم على المعرفة التي يقودها الشباب. وقد أطلقت الحكومة النيجيرية بوابة الإنترنت الواحدة للتجارة لتحسين التجارة وتوحيد الخدمات.

مع النمو الهائل والتغيير تأتي التحديات والتهديدات الأمنية، من جرائم الإنترنت وسرقة الملكية الفكرية إلى التجسس وغيرها من هجمات قراصنة الكمبيوتر. ولضمان أن أفريقيا تستفيد بالكامل من الثورة الإلكترونية، يتعين على الحكومات اتخاذ الأمن السيبراني على محمل الجد.
طبقات من الحلول بصدد البروز. أوروبا وآسيا والولايات المتحدة، وبالتأكيد جميع المتخصصين في مجال الأمن يمكن أن يتعلموا من نهج أفريقيا للأمن السيبراني.
في السنوات القليلة الماضية تم الانتهاء من أحدى عشر من أنظمة كابلات الألياف البصرية تحت البحر باستثمارات دولية ومحلية. جلبت هذه الكابلات ارتباطية واسعة النطاق أسرع وأرخص. النمو الاقتصادي، والتحضر، والنمو السكاني السريع للشباب قد تبع وخلق فرصًا اقتصادية جديدة. وقد فُتِحت مقاهي الإنترنت في الصومال التي مزقتها الحرب؛ المهندسون في كينيا ورواندا وجنوب أفريقيا يستحدثون برامج حاسوب جديدة للأسواق في جميع أنحاء العالم؛ ومن الجزائر إلى زيمبابوي، تقلع التجارة الإلكترونية.
أرقام مثيرة للإعجاب. ستة من أسرع 10 إقتصادات نموا في العالم هي في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، والتي خلقت ثاني أكبر سوق للهاتف المحمول في العالم.
يزيد بيع الهواتف الذكية على بيع أجهزة الكمبيوتر بنسبة 4 إلى 1 في أفريقيا، ويقدر أن يصل عدد الهواتف المحمولة في القارة إلى 1 مليار هاتف بحلول عام 2016. استخدام الإنترنت عبر الهاتف النقال في إفريقيا هو من بين أعلى معدلات الاستخدام في العالم. يتجاوز النمو السنوي في استخدام وسائل الاعلام الاجتماعية مثل الفيسبوك وتويتر بــ 150 في المئة. هناك أكثر من 90 مركزًا للتكنولوجيا، ومختبرات الابتكار والحاضنات الإلكترونية في أكثر من 20 بلد أفريقي.
كان الأثر السياسي عميقًا أيضا. منابر برمجيات أوشاهيدي نشأت من العنف بعد الانتخابات عام 2008 في كينيا، وتتيح للمستخدمين الاستجابة للأزمات بطريقة جماعية. وقد وفَّر @GhanaDecides التوعية للناخبين قبل انتخابات 2012، ولعبت صفحات التواصل الأجتماعي دورا في الربيع العربي في شمال أفريقيا عام 2010.
التحديات التي تواجه النمو
بالرغم من النمو القوي، واجهت أفريقيا تحديات عديدة:
• يظل الحصول على ارتباط واسع النطاق غير متكافئ ويتركز في معظمه على البلدان الناطقة بالانكليزية والمراكز الحضرية الساحلية.
• لا تزال أفريقيا “مكب الأنقاض” للأجهزة النقالة المستعملة والجيل الثاني من الأجهزة النقالة وأجهزة الكمبيوتر الشخصية. وهذه الأجهزة هي أكثر عرضة للهجمات السيبرانية.
• ما يقدر بنحو 80 في المئة من أجهزة الكمبيوتر الشخصية في أفريقيا ملوثة بالفيروسات والبرامج الضارة الأخرى.
• وقد إستخدمت بعض الهواتف النقالة للدعوة إلى العنف، وإستخدمت الدول سيطرتها على الوصول إلى الإنترنت للحد من حرية وحقوق الإنسان.
حتى الآن، بالتوازن، من الأمن الغذائي إلى الوصول للرعاية الصحية، ومن فرص العمل إلى الحريات الديمقراطية، فقد استفادت جميع جوانب الحياة في أفريقيا من الثورة الإلكترونية.
تهديدات الثورة الإلكترونية لأفريقيا
شهدت أفريقيا حتى الآن فترة شهر عسل مع الإنترنت. فقد كانت معظم الهجمات السيبرانية محدودة وغير متطورة. أصبحت الجريمة الإلكترونية محلية وعامة، وهي المعروفة في أوغندا بـ بافير [bafere] وفي غانا بـ سكاوا [sakawa]. وعادة ما يستخدم المجرمون البرمجيات الخبيثة المتاحة في الأسواق، والتصيد أو الاحتيال من خلال خدع الدفع المُسبَّق للرسوم المعتمِدة على البريد الإلكتروني والمعروف باسم الخدع النيجيرية 419 أو ياهو- ياهو بالعامية. و في الغالب، الجمهور هو الذي يسقط ضحية لهذه الهجمات. كان للهجمات تأثيرات اقتصادية كبرى في الآونة الأخيرة فقط.
نمت الجريمة السيبرانية بسبب رخص أجور الأشتراك في الأنترنت وارتفاع في التجارة الإلكترونية. وكان يرافق النمو في مجال الاتصالات الخليوية نموٌ في الهجمات الإلكترونية على الهواتف الذكية. في عام 2012، كانت جنوب أفريقيا التي تُعد سوق التجارة الإلكترونية الأكثر تقدما في القارة، في المرتبة الثانية الأكثر استهدافا لهجمات التصيد من بين دول العالم.
في أكتوبر/ تشرين الأول 2013، كلَّفالفايروس دكستر بنوك جنوب افريقيا الملايين من الدولارات عندما تم أدخاله في أجهزة نقاط البيع في سلسلة مطاعم الوجبات السريعة. في نيجيريا، من عام 2010 حتى 2012، كانت هناك زيادة 60 في المئة في الهجمات ضد المواقع الحكومية، والتي شملت هجمات ضد البنك المركزي النيجيري، ووزارة العلوم والتكنولوجيا، ولجنة الجرائم الاقتصادية والمالية. هذا ليس سوى عدد قليل من عشرات الحالات.
الملكية الفكرية، السرقة والتجسس وتكاليف الأمن السيبراني، والفرص والتكاليف المرتبطة بالسمعة والأنشطة الخبيثة عبر الإنترنت يصعب قياسها كميا. كما ذكرت شركة البرمجيات مكافي [McAfee] ومركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، فإن الأثر الاقتصادي لسرقة الملكية الفكرية هو على الارجح أكثر عدة مرات من تكلفة الجريمة السيبرانية.
مع تطور الثورة الإلكترونية، ستخرج ملكيات فكرية أكثر من أفريقيا، ومن المرجح أن تزيد سرقة الملكيات الفكرية والمعلومات التجارية الحساسة. وبالمثل، في حين أن أفريقيا — باستثناء جنوب أفريقيا — يُحتمل أن لا تكون هدفا هاما للتجسس عبر الإنترنت، إنما يظل التهديد حقيقيًّا.
لذلك، من المرجح أن تعمل بعض الدول على تطوير القدرات الهجومية، بتعزيز تركيز القدرات العسكرية بين الدول الغنية والفقيرة. لا توجد أية معلومات متاحة للعامة بأن دولة أفريقية أو فاعل غير دولي قد أجريا هجومًا سيبرانيًا بنجاح، صفحات التواصل الاعلام الاجتماعية ووجود الجماعات الإرهابية على الإنترنت، مثل حركة الشباب في الصومال، يدل على سهولة وفعالية التكاليف التي تمكن الفاعل الغير دولي من إستخدام الفضاء الإلكتروني بفعالية كبرى. وبما أن الجريمة السيبرانية هي قضية عابرة للبلدان، لا تزال البلدان الأفريقية ومواطنيها عرضة للهجمات من جميع أنحاء العالم.
طبقات من الحلول
وبالإضافة إلى التهديدات، تواجه أفريقيا العديد من التحديات السيبرانية. أحد الأسباب هو أن قدرات الحكومات الأفريقية على سن تشريعات وفرض تطبيقها محدود. ففي كينيا، على سبيل المثال، تؤدي أقل من 50 في المائة من الجرائم الإلكترونية إلى إدانة. وقد بدأت الحكومات في الآونة الأخيرة فقط تمويل الأمن السيبراني، كما أنها تفتقر إلى تكنولوجيا المعلومات ومهنيي الأمن السيبراني. والقوانين واللوائح التي تغطي الهواتف النقالة ومزودي خدمة الإنترنت لا تزال في مهدها، ويمكن أن يكون هناك تراخٍ في الإنفاذ. الفساد في كثير من الأحيان هو مرض مستوطن ويمتد إلى المجال السيبراني.
