فيسبوك تويتر لينكدإن بينتيريست البريد الإلكتروني بسط السلام في “قوس عدم الاستقرار” في إفريقيا سوف يتطلب تحركاً في القطاع الأمني وأروقة الحكومة المقالة لأسرة أيه دي إف والصور من رويترز سوف تمر رحلة الـ 7000 كيلومتر عبر القارة والتي تبدأ في القرن الإفريقي وتمتد عبر منطقة الساحل في غرب إفريقيا خلال عديد من مناطق الصراع. يعج هذا الشريط من الأرض بالفقر، والاتجار غير المشروع، والحرب، والإرهاب والاضطرابات العرقية. ويتقاسم هذا الممر خصائص مشتركة بات يعرّفه البعض بـ “قوس عدم الاستقرار”. ففي الصومال، استغل مقاتلو حركة الشباب سنوات من انعدام القانون في نشر أعمال القتل في الداخل والخارج. والجماعات المتمردة تتمتع بنفوذ في أجزاء من جنوب السودان، وفي أقصى الشمال، تواصل الفصائل الاشتباك في دارفور. وفي ليبيا، تتدفق الأسلحة عبر الحدود إلى البلدان المجاورة. وفي مالي، ألقى مزيج معقد من الجماعات العرقية والأيديولوجية المنطقة الشمالية من البلاد في أتون الفوضى. إن قوس عدم الاستقرار هو محاولة لوصف مجموعة متباينة من البلدان التي قد تتشارك فيما هو أكثر من المناخ والمساحات المكشوفة الشاسعة، التي غالباً ما يغيب عنها حكم القانون. وكثيراً ما تختلف اللغة، والثقافة والدين، أحياناً داخل أمة واحدة. وإذا تُرك هذا القوس لحاله، “قد يحوّل القارة إلى أرض خصبة للمتطرفين ومنصة انطلاق لهجمات إرهابية واسعة النطاق في جميع أنحاء العالم”. حسبما تم إبلاغ مجلس الأمن الدولي في أيار/ مايو 2013. أصول القوس من الصعوبة بمكان وصف شيء غير متبلور كقوس عدم الاستقرار بل ومن الصعب علاجه. وأصوله على نفس القدر من التعقيد. وعادة ما تتقاسم البلدان على طول القوس بعض الخصائص العامة. مناخ قاحل وقاس. وفقاً لتقرير برنامج الأمم المتحدة للبيئة، أطلق على منطقة الساحل اسم ” ‘ نقطة الصفر’ لتغير المناخ بسبب ظروفها المناخية القاسية والسكان المعرضين بشدة للتأثر بهذه الظروف”. إذ يواجه سكانها الذين يزدادون عدداً الفقر، وانعدام الأمن الغذائي وعدم الاستقرار. ومن شأن هذا أن يؤدي إلى الهجرة الجماعية، التي يمكن أن تزيد من زعزعة استقرار تلك المناطق. كما يؤدي التنافس على المياه الشحيحة ومناطق الرعي إلى نشوب الصراع. مساحات يغيب عنها حكم القانون. تملك العديد من البلدان، بما في ذلك السودان، وتشاد، والنيجر ومالي، مساحات شاسعة من الأراضي البعيدة عن العواصم أو المدن الكبرى. ففي السودان، لايزال إقليم دارفور في أقصى غرب البلاد مسرحاً للعنف وعدم الاستقرار. وفي مالي، يواصل الشمال تحدي الحكومة في العاصمة باماكو، التي تبعد نحو 1500 كيلومتر عن كيدال، و 1200 كيلومتر عن غاو ونحو 1000 كيلومتر عن تيمباكتو. وكان على القوات الفرنسية والتشادية تحرير جميع المدن الشمالية الثلاث من المتطرفين عام 2013 خلال عملية أشابيل. جماعات متذمرة. بعض المناطق النائية في البلدان الواقعة على طول القوس هي موطن لجماعات عرقية تعتبر أن الحكومة المركزية قد أهملتها. مثال ذلك الطوارق، وقبائل الأمازيق وهم من البدو الرحّل، والرعاة الذين ينتشرون عبر العديد من دول الساحل وشمال إفريقيا. وكان عصيانهم في شمالي مالي في أوائل عام 2012 هو الأحدث من بين كثير من الاشتباكات مع الحكومة المركزية. جهات خارجية فاعلة. تترك المساحات غير المحكومة مجالاً لقوى خارجية مثل المهربين، وتجار المخدرات والجماعات المتطرفة للتحرك بحرية. وكثيراً ما تهبط شحنات مخدرات من أمريكا الجنوبية في غرب إفريقيا ويتم نقلها عبر الساحل وشمال إفريقيا في طريقها إلى أوروبا. وأحياناً تنقل هذه السلع المهربة والمحظورة عبر طريق القوافل القديمة في منطقتي الساحل والصحراء. قال رودولف عطا الله، الزميل الأقدم في المؤسسة البحثية مجلس الأطلسي، لمجلة أيه دي إف إن البلدان غير الساحلية في القوس مثل مالي، وبوركينا فاسو، والنيجر، وتشاد، وجنوب السودان وإثيوبيا مضطرة إلى الاعتماد على موانئ جيرانها في السلع والدعم. وإذا برزت مشكلة في بلد واحد، يمكن أن تصبح بسهولة مشكلة في عدة بلدان أخرى. قال عطا الله، “عندما وقع انقلاب في ساحل العاج عام 2002، قسّم البلاد حتى منتصفها. فالإمدادات الغذائية وغيرها التي كانت متجهة بالفعل إلى الدول غير الساحلية بوركينا فاسو، ومالي، والنيجر… تباطأت إلى حد كبير. واستغرق الأمر عدة سنوات قبل أن تتحول إلى غانا”. ومثل هذه الظروف يمكن أن تؤدي إلى تفاقم حالة الفقر السائدة. في نفس الوقت، انتشرت الجريمة المنظمة في المنطقة مع نمو التجارة غير المشروعة في تلك الدول غير الساحلية. في هذا الخضم حسب ماذكر عطا الله، دفع تحول التركيبة السكانية والفقر المدقع الناس نحو أيديولوجيات جديدة. فمختلف الجماعات الإرهابية والمتطرفة تزدهر في المناطق النائية التي لا تصلها المعونة وتكون فيها مؤسسات الحكومة في أضعف حالاتها. وأضاف، “لذلك فهذه منطقة حيث يشعر الناس بالسخط، وحيث الاقتصادات المحلية ضعيفة للغاية، ولم تتمكن الحكومة من الوصول إلى أولئك الناس المهمشين. وكثير منهم يحاول ببساطة أخذ زمام الأمور بأيديهم”. رجل ليبي يلوّح بعلم بلاده تمهيداً لمناسبة مرور العام الأول على الإطاحة بمعمّر القذافي. وبعد سقوط القذافي، بدأت الأسلحة تتدفق خارج ليبيا إلى منطقة الساحل. نشأت العديد من الصراعات على طول وبالقرب من القوس على مر السنين. فقد عصفت الحروب الأهلية بسيراليون، وليبيريا وساحل العاج جنوبي القوس. وشهدت تشاد عدة انقلابات. وتجتاح الفوضى الصومال منذ أوائل تسعينات القرن العشرين. وظل الخلاف قائماً بين السودان وجنوب السودان. وسقط الدكتاتور الليبي معمّر القذافي. وتدفقت العديد من الأسلحة من ليبيا إلى خارج البلاد ووقعت في أيدي جماعات أخرى. وكثير من تلك الجماعات موجودة في مالي، وهي بقعة ساخنة نشطة على طول القوس. تحدي مالي تقدم مالي مثالاً نموذجياً للكيفية التي يمكن أن تجمع بين هذه القوى المتنوعة لخلق عدم الاستقرار. فمالي التي تظهر الخصائص المشتركة لكثير من دول القوس، لديها مساحات محدودة من الأراضي القابلة للزراعة وموارد محدودة، ومنطقة شمالية شاسعة وقليلة السكان، وجماعات عرقية ساخطة، وجهات خارجية فاعلة على شكل متطرفين تابعين لتنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي، ومهربون وموالون سابقون للقذافي. انفجر هذا الخليط الملتهب في صراع عام 2012. فقد ثار الطوارق، الذين يعيشون في الصحراء الشمالية للبلاد، بعد سنوات من التذمر تجاه الحكومة. وفي كانون الثاني/ يناير 2012، هاجم الطوارق البلدات الشمالية، مما أدى إلى فرار السكان إلى موريتانيا، وفقاً لبرنامج هيئة الإذاعة البريطانية تايم لاين. وفي آذار/ مارس 2012، أطاح جيش مالي بالرئيس أمادو توماني تورى، متهماً إياه بالفشل في الرد بفعالية على تمرد الطوارق. وبحلول نيسان/ إبريل، كان الطوارق قد سيطروا على الشمال وأعلنوا استقلاله. إن وجود جماعات مثل أنصار الدين، وهي جماعة إسلامية متمردة، وتنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي يبين كيف يمكن لجماعات خارجية أن تتحرك بسهولة في المناطق غير الخاضعة لسيطرة الحكومة. وطبقاً لهيئة الإذاعة البريطانية، تتواجد كذلك في مالي حركة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا، التي اندمجت مع لواء الملثمين الإرهابي بزعامة مختار بلمختار. وبلمختار متهم بتنفيذ حصار قاتل في محطة غاز جزائرية في كانون الثاني/ يناير 2013. وطبقاً لمركز فيوجن المدني- العسكري، فإن حركة التوحيد والجهاد، وهي جماعة منشقة عن تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي، أكثر اهتماماً، من الناحية التاريخية، بالاستفادة من النشاط الإجرامي في المنطقة. ففي كانون الثاني/ يناير 2013، شنت القوات الفرنسية عملية أشابيل، ودخلت البلاد لاستعادة المنطقة الشمالية التي استولى عليها المتمردون. وفي الربيع، أفسحت القوات الفرنسية المجال أمام قوات أرسلتها المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، وهي عملية أطلق عليها اسم بعثة الدعم الدولي بقيادة إفريقية في مالي. والآن تتولى بعثة الأمم المتحدة المتكاملة المتعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي أعمال الدورية بالبلاد وتحاول حفظ النظام وسط هذه الظروف الهشة. لا توجد حلول سهلة إن وجود دول مختلفة في مناطق مختلفة، تواجه كل منها تحديات فريدة، يجعل العثور على حل شامل لقوس عدم الاستقرار شبه مستحيل. قال عطا الله إن المعونة النقدية لهذه الدول أمر ضروري، ولكن يجب أن تكون مصحوبة برقابة ومساءلة. وهذا نادراً ما يحدث. إن معالجة الفقر، وضمان حكومة قوية وأخلاقية – كلها أيضاً أمور بالغة الأهمية للمحافظة على الاستقرار. ولكن ماذا يمكن أن تفعله الجيوش وقوات الأمن من تلقاء نفسها للمساعدة في ضمان الاستقرار عبر القوس؟ سؤال لا توجد له إجابة سهلة. قالت الدكتورة دونا جيه. ستيوارت، كبيرة الباحثين في جامعة العمليات الخاصة المشتركة، لمجلة أيه دي إف، إن النشاطات العسكرية في المناطق غير المستقرة يجب ربطها في نهاية المطاف بالأهداف السياسية، والاقتصادية والتنموية. وذلك يتطلب تخطيطاً مكثفاً. وهو بالتأكيد خارج نطاق سيطرة الجنود وقوات الأمن. قالت ستيوارت، “إن من بين الأدوار الرئيسية للجيوش توفير الأمن للسماح بتحقيق أشكال أخرى من التنمية – السياسية، والاقتصادية، والتعليمية، والصحية. ولا يسعك أن تحقق تلك الأنواع من التنمية ما لم يكن لديك أمن”. وأضافت ستيوارت أن هذا يتحقق على أفضل وجه عندما تتم “موازنة دقيقة” للأمن مع أهداف سياسية في مكان مثل مالي، حيث تترسخ التوترات بين الشمال والجنوب. ويمكن لكل قائد وجنوده أن يحققوا هذا التوازن الدقيق بعمل عدة أشياء. أفراد حفظ سلام من بوركينا فاسو يقومون بدورية في تيمباكتو يوم الانتخابات في تموز/ يوليو 2013 كجزء من بعثة الأمم المتحدة المتكاملة المتعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي. قالت ستيوارت، “أولاً وقبل كل شيء، يجب أن يكون لديهم فهم جيد للسياق الاجتماعي – الثقافي الذي يعملون فيه”. فهذا مهم على نحو خاص في مكان مثل مالي. إذ يجب على الجنود الماليون من الجنوب أن يكونوا حساسين وعلى معرفة بثقافات الشمال الشاسع. إذ تتألف بعثة الأمم المتحدة المتكاملة المتعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي، التي تضم 12,640 فرداً، من 35 دولة من إفريقيا، وآسيا، وأوروبا وأمريكا الشمالية، مما يعظّم الحاجة إلى حساسية ثقافية. كما أن الانضباط أمر حاسم، ويسير جنباً إلى جنب مع الشواغل الثقافية. ويمكن للمبدأين أن يمكّنا الجنود من “استخدام القوة بحكمة عند اللزوم، ولكن أن تكون لديهم أيضاً المهارة لإيجاد حلول للمشاكل التي قد لا تحتاج بالضرورة إلى استخدام القوة”، حسب قول ستيوارت. ومن أمثلة ذلك العمل مع منظمات المعونة الإنسانية أو معالجة مشاكل البنية التحتية. والنجاح أيضاً يمكن أن يتوقف على الكيفية التي تنظر بها القوات لمكافحة الإرهاب. قالت ستيورات في العقد المنصرم عرفنا مكافحة الإرهاب “كــعملية عسكرية خاطفة ومحدودة ضد أهداف محددة”. وهذا التكتيك يمكن أن يكون بلا نهاية. وأضافت، “أن فهمنا ازداد وأدركنا أن بعض النشاطات الغير مباشرة ذات أهمية حاسمة لنتائج طويلة الأمد. وبالنسبة لهذا القوس بالذات، فمن الضروري القيام بنشاطات عديدة غير مباشرة لتنمية هذا المنحنى”.