فيسبوك تويتر لينكدإن بينتيريست البريد الإلكتروني عندما رأت بوكو حرام أن مكاسبها الإقليمية انحسرت أمام العمليات العسكرية، بدأت الجماعة الإسلامية المتمردة في التحول إلى التكتيكات غير المتماثلة، وهي استخدام التفجيرات الانتحارية. وهذا في حد ذاته ليس أمراً غير عادي على وجه الخصوص بالنسبة للإرهابيين. لكن استخدام النساء والأطفال هو الأمر غير الاعتيادي. جاسون وارنر وهيلاري ماتفيس من مركز مكافحة الإرهاب في ويست بوينت كتبا دراسة عن هذا التكتيك في “تفجير القوالب النمطية: الخصائص التشغيلية والديمغرافية غير المتوقعة للمهاجمين الانتحاريين من بوكو حرام”. وتظهر دراستهم أن بوكو حرام أرسلت خلال الفترة من 11 أبريل 2011 إلى 30 يونيو 2017 عدد 434 انتحارياً إلى 247 هدفاً في 238 هجوماً منفصلاً. كانت نسبة 56 في انتحاريين من النساء، ووجد أن 81 على الأقل منهم كانوا من المراهقات أو الأطفال. يقول وارنر وماتفيس، “لم تستخدم بوكو حرام فقط الإناث في هجماتها الانتحارية أكثر من أي مجموعة إرهابية أخرى في التاريخ، وإنما كانت نسبة الانتحاريات من الإناث من اجمالي عدد التفجيرات الانتحارية التي قامت بها أكبر بشكل عام من أي مجموعة إرهابية أخرى”. إن نسبة تفضيل الجماعة استخدام الفتيات مقارنة الفتيان هو تقريباً 4 إلى 1. ووفقاً للدراسة، كان هناك 23 فتاة و 42 يافعة في سن المراهقة من بين إجمالي الانتحاريين من الأطفال أو المراهقين الذين تسببوا في 81 تفجيراً، وذلك بالمقارنة باستخدام خمسة صبية و 11 صبياً في سن المراهقة. وقد أجرت صحيفة نيويورك تايمز حواراً مع 18 فتاة في تقرير صدر في أكتوبر 2017 حول استخدام الفتيات الصغيرات كانتحاريات. وتحدثت الفتيات عن كيفية قيام المقاتلون بتثبيت القنابل على أجسامهن وإخراجهن نحو الحشود في الأسواق ومحطات الحافلات والمخيمات وغيرها من الأهداف السهلة. ولا يمكن المبالغة عند الحديث عن الدافع من هذا التكتيك الخبيث. ويشير”تفجير القوالب النمطية” إلى أن بوكو حرام رائدة في استخدام الأطفال كانتحاريين، وخاصة الفتيات، فقد كانوا “أدوات فعالة بشكل غير متوقع، وفاقوا نظرائهم من الانتحاريين البالغين في معدل الضحايا التي تسببوا فيها”. وبدأت بوكو حرام في استخدام الانتحاريين من الإناث في عام 2014، بعد ثلاث سنوات من أول تفجير انتحاري لها. واستخدمت 244 امرأة حتى النصف الأول من عام 2017 ، أي استخدموا الانتحاريات من الإناث أكثر من أي مجموعة متمردة أخرى في التاريخ. ويقول وارنر وماتفيس أن أعلى رقم سابق كان 44 انتحارية استخدمتهن حركة نمور تحرير التاميل في سريلانكا على مدى أكثر من 10 أعوام. ويشير “تفجير القوالب النمطية” إلى أن اختطاف تلميذات تشيبوك، وما صاحب ذلك من سمعة عالمية سيئة بسبب عمليات الاختطاف، قد أظهر أن الانتحاريات يتمتعن “بمزايا متميزة على الذكور”. تشكل الإناث نسبة أعلى من إجمالي عدد الانتحاريين في بوكو حرام بنسبة تصل إلى 56.2 في المائة، ويبدو أن هذا العدد آخذ في الازدياد. ففي النصف الأول من عام 2017، كان ما يقرب من ثلثي الانتحاريين الذين تم التعرف على جنسهم من الإناث، وذلك وفقاً للدراسة. وكانت الإناث أيضا من يتم إرسالهن في الأرجح لاستهداف المدنيين. كما أن استخدام الأطفال والمراهقين يخدم عدداً من الأهداف. أولاً، من الصعب عادة اكتشاف صغار السن الذين يمكنهم أن يخترقوا المناطق الآمنة بسهولة أكبر. كما يشير التقرير أيضاً إلى أن استخدامهم كمفجرين انتحاريين يشكل إشارة إلى خطورة بوكو حرام ووحشيتها المحتملة. وشملت دراسة وارنر وماتفيس ثلاث انتحاريات من الأطفال الإناث في سن السابعة. فجرت اثنتين من الفتيات أنفسهن في سوق نيجيري في مايدوغوري في ديسمبر 2016، مما أسفر عن مقتل شخص واحد وإصابة ما لا يقل عن 17 آخرين، وفقا لصحيفة ايفنينغ ستاندرد. وفي وقت سابق، قتلت طفلة أخرى تبلغ من العمر 7 سنوات خمسة وأصابت 19 في بوتيسكوم، نيجيريا، في فبراير 2015، وفقاً لصحيفة ديلي ميل. ووجد التقرير أن الانتحاريين الشباب كانوا أكثر فعالية في إيقاع الضحايا من متوسط خسائر عمليات بوكو حرام، والذي يبلغ 9.4 ضحية عن كل هجوم. يفيد التقرير: “هم الأكثر فعالية عندما يتم نشرهم بشكل منفرد، حيث تبلغ نسبة الضحايا 11.3 إصابة لكل مفجر”.”ومع ذلك، فإن معدلات فشلهم مرتفعة أيضاً. ومع ذلك، يمكن للانتحاريين الشباب، عند إرسالهم معا، أن يكونوا أكثر فتكاً. ويرجع ذلك جزئيا إلى قدرتهم على تشجيع بعضهم البعض على التفجير”. ويظهر تقرير لرويترز صدر في ديسمبر 2016 الفتك الذي يمكن أن يسببه الانتحاريون الشباب. فقد قتلت تلميذتان 56 شخصاً وجرحن 57 في هجوم على سوق في مدينة مدغالي شمال شرق نيجيريا. ويعطي هذا المزيج من الهجمات المزدوجة، والانتحاريين الشباب والإناث، واستهداف الأماكن المدنية، بوكو حرام الفرصة كي تصبح أكثر فتكاً. يقول وارنر وماتفيس أن تفجيرات بوكو حرام قد تطورت عبر أربع مراحل، آخرها كانت الفترة التي بدأت في يناير 2016 واستمرت حتى مايو 2017. ففي ذلك الوقت، ارتفعت نسبة التفجيرات التي تشمل انتحاريات أو انتحاريين من الشباب من حوالي 60 في المئة إلى ما يقرب من 68 في المائة. يجب على قوات الأمن توقع قيام بوكو حرام بمواصلة تغيير التكتيكات المتبعة في التفجيرات الانتحارية بحسب البيئة التي تعمل فيها. ويقول التقرير أن الرسائل المضادة قد تساعد في التصدي للتفجيرات، بما في ذلك اعلام المجتمعات المحلية عن الخسائر من المدنيين -والمسلمين - الناتجة عن العمليات الانتحارية التى تحدث. كما يمكن للمسؤولين الأمنيين والمجتمعيين أن يوفروا “منفذا فورياً” لأولئك الذين تم تجنيدهم كانتحاريين ليبين لهم طريقاً للانشقاق عن الجماعة. ومن شأن القيام بذلك أن يساعد المجتمعات المحلية على التعرف على الانتحاريين المحتملين، وإعطاء خيارات لأولئك الذين قد انضموا إلى بوكو حرام لأسباب غير أيديولوجية.