أسرةايه دي اف
انضمت موزمبيق إلى القائمة المتنامية للبلدان الإفريقية الساعية إلى التخفيف من الديون الهائلة المستحقة عليها للجهات المقرضة الصينية – ولكن نادراً ما تحصل تلك البلدان على مبتغاها.
”نواصل العمل مع دائنينا الثنائيين، وننتظر قرارهم فحسب، وقال السيد أدريانو مالياني، وزير الاقتصاد والمالية في موزمبيق، خلال الاجتماع السنوي للبنك الدولي الذي انعقد افتراضياً في شهر تشرين الأول/أكتوبر: ولم نتلق حتى الآن أي ردود فعل رسمية من الدائنين، ونفترض أنهم يبذلون قصارى جهدهم.“
وتدين موزمبيق لدائنين أجانب بنحو 15 مليار دولار أمريكي، وهو ما يعادل نحو 100% من ناتجها المحلي الإجمالي، ويذهب ملياران على الأقل من هذا المبلغ إلى الصين التي تأتي على رأس البلدان الدائنة لموزمبيق، إذ ارتفعت ديون موزمبيق للصين على مدار العقد المنصرم بعد أن كانت 45 مليون دولار فحسب، وذهب جزء كبير من هذه القروض إلى مشروعات تطوير البنية التحتية.
وقد حصلت هذه المشروعات، مثل جسر مابوتو كاتمبي المعلق الضخم، على تمويل من مبادرة الحزام والطريق العالمية الصينية، وهي نفس البرنامج الذي أثقل كاهل عشرات البلدان الإفريقية بديون هائلة، ووضع الانكماش الاقتصادي العالمي جرَّاء جائحة فيروس كورونا (كوفيد-19) موزمبيق وبلدان أخرى أمام الاختيار الصعب بين رعاية مواطنيها أو سداد ديونها.
وعكف مركز النزاهة العامة على دراسة السبل التي أثرت من خلالها ديون موزمبيق للصين على استجابتها لفيروس كورونا، وخلص المركز إلى أنَّ الديون المستحقة للصين تشكل عقبة في طريق الدولة لمساعدة شعبها على مكافحة الجائحة.
وأشار التقرير إلى أنَّ ”خيارات الاستثمار التي جرى اتخاذها في الماضي من خلال الموارد الصينية، مع إسهامها في السابق في الناتج المحلي الإجمالي، لم تترك أثراً يُذكَر في الدولة؛ ولهذا السبب ما يزال الوضع يتطلب ضخ استثمارات اجتماعية ضخمة لمواجهة مختلف التحديات التي تفرضها الجائحة.“
ومع أنَّ المؤسسات العالمية مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي أصدرت قراراً شاملاً بإرجاء سداد الديون التي تدين بها موزمبيق وغيرها من البلدان الإفريقية، فإنَّ البنوك الصينية كانت أكثر مقاومة لتخفيف الديون، ثمَّ أصدرت الصين قراراً بموجب اتفاق بوساطة مجموعة العشرين بتعليق سداد بعض القروض الحكومية الصغيرة.
وكانت بنوك السياسة الصينية، التي تمول مشروعات البنية التحتية، والجهات المقرضة الخاصة أقل جوداً وكرماً، وعرضت البنوك الصينية في بعض الحالات سداد أصل الديون، وتركت البلدان المدينة مثقلة بسداد فوائدها.
وطلبت موزمبيق من دائنيها الصينيين، مثل بنك الصين للاستيراد والتصدير، تخفيف أعباء قروض بقيمة 1.3 مليار دولار، علماً بأنَّ هذا البنك يعتبر واحداً من بنوك السياسة الصينية.
وقال مالياني: ”لا يسعنا في هذه المرحلة إلَّا أن ننتظر الرد.“
وقد أمضت زامبيا، جارة موزمبيق، فترة طويلة من عام 2020 في المطالبة بتخفيف مماثل للديون الهائلة التي تدين بها للجهات المقرضة الصينية ولم يكن لديها ما تقدمه مقابل تلبية طلبها، وتخلفت زامبيا في تشرين الأول/أكتوبر عن سداد قسط دين بسندات خارجية وألمحت بأنها من المحتمل أن تتخلف عن سداد أقساط ديون أخرى.
ويفتح هذا المسار الباب أمام إمكانية مصادرة دائنيها الصينيين للبنية التحتية التي مولوها بتلك القروض ومنها شركة الكهرباء الوطنية «زيسكو».
وخفَّضت مؤسسة التصنيف الائتماني العالمية «موديز» التصنيف الائتماني لزامبيا بعد عجزها الجزئي عن سداد ديونها، وترى في موزمبيق المرشح الممكن التالي للتخلف عن السداد.
وكما هي الحال مع زامبيا، فلا يتضح على وجه التحديد حجم المبالغ التي تدين بها موزمبيق للجهات المقرضة الصينية التي يفرض بعضها بنوداً خاصة بالسرية، وتمخض ذلك عن خلق مجموعة من القروض المستترة التي يتم تجاهلها عند تقييم ديون موزمبيق الفعلية، وتشير تقديرات وكالة «رويترز» الصادرة عام 2019 إلى أنَّ ديون موزمبيق للصين تبلغ نحو 5 مليارات دولار – أي ما يعادل ثلث إجمالي ديونها.
ووصف مركز النزاهة العامة حجم ديون موزمبيق وافتقارها إلى الشفافية المالية بأنها ”مخيفة.“
وتجدر الإشارة إلى أنَّ موزمبيق تخلفت عن سداد أقساط ديونها عام 2016، الأمر الذي تسبب في خسارة عملتها 60% من قيمتها، وذكر مالياني أنَّ استمرار انخفاض قيمة العملة بسبب الضغوط الاقتصادية الناجمة عن فيروس كورونا كان سبباً ، بشكل جزئي، في صعوبة سداد ديونها.
وترغب موزمبيق في تجنب تكرار التخلف عن سداد ديونها مثلما تخلفت عام 2016 عن سداد ديونها المستحقة للمؤسسات الخاصة.
وقال مالياني خلال المنتدى الافتراضي للبنك الدولي:”نبذل كل ما وسعنا فعله لكسب ثقة دائنينا، فنحن بحاجة إلى دعم القطاع الخاص، ولا ينبغي لنا أن نخلق أي مخاوف بشأن المستقبل؛ وإلَّا فإنَّ تكاليف الاقتراض من القطاع الخاص ستكون باهظة.“