فيسبوك تويتر لينكدإن بينتيريست البريد الإلكتروني في مؤتمر قمة القوات البرية الأفريقية، يتبادل فيه القادة خبراتهم ويعقدوا الشراكات في اليوم الثاني من قمة القوات البرية الإفريقية (ALFS) المنعقدة في أبوجا بنيجيريا، طالبت مديرة المناقشة الدكتورة موند ميوانجا من قادة الجيش الحاضرين أن يفسحوا لها المجال قليلًا، حين أرادت أن تحكي قصة فتاة عمرها 11 سنة نشأت في زامبيا، وقفت الفتاة على جانب أحد الطرق تراقب الشاحنات الممتلئة بجثث ضحايا الحرب. شاهدت الفتاة خالتها تمسك برفات أطفالها بعد قصف منزل العائلة. لقد قضت تلك الفتاة مدة كبيرة من بقية حياتها تخاف من القوات المسلحة. تلك الفتاة هي موند ميوانجا. وقالت للحضور: “لقد ظللت هناك لمدة 20 عامًا عاجزة عن نسيان ذلك، والتعامل بأي وجه من الوجوه مع الجيش”. “لم أكن أحب التعامل مع الجيش”. الفريق يوسف توكور بوراتي، رئيس أركان الجيش النيجيري وقد حظيت قصتها بأهمية خاصة لدى القادة المجتمعين من 40 دولة إفريقية. ففيها تذكرة بأن أولى واجبات القوات المسلحة هي حماية المدنيين. كما أنها تذكر بحاجة جيوش العالم إلى أن تحسن أدائها في هذا الأمر. وقالت ميوانجا: “وبعد هذه الأضرار، يتطلب اكتساب ثقة الشعب الكثير من العمل من طرفكم، نعم نحن نسلم بأهمية الدور الذي تؤدونه، وندرك أنكم كنتم تستخدمون أدوات العنف باسم الدولة لحماية المدنيين، وفي رأيي أن مسألة حماية المدنيين هي أصل مهمتكم”. لقد شغلت هذه الحوارات الصريحة والواضحة جدول القمة الذي استغرق أربعة أيام، في أكبر تجمع سنوي لكبار القادة العسكريين في القارة الإفريقية، برعاية مشتركة بين الجيش الأميركي بقارة إفريقيا والجيش النيجيري، وكان موضوع القمة “الوحدة أساس القوة”، وقد أتاحت القمة مكانًا نادرًا يستطيع القادة العسكريين التحدث فيه بحرية عن النجاحات والتحديات وأوجه القصور. لقد أتاحت القمة مكانًا لعقد تحالفات جديدة ولتعزيز التحالفات القديمة. وصرح الفريق توكور يوسف بوراتاي، رئيس أركان الجيش النيجيري والمشارك في استضافة هذه القمة، لزملائه من الضباط أن التعاون في الغرف المغلقة “ستنال آثاره أنحاء العالم”. وأضاف بوراتاي: “أريد أن أؤكد على أن العمل الجماعي والتقاعس الجماعي عن العمل سيكون لها تأثير وأي تأثير”. وقد أخذ المتحدثون هذا الأمر على محمل الجد. فلخص الفريق روبرت كيبوتشي، قائد الجيش الكيني، الطرق التي تسلكها بعثة الاتحاد الإفريقي في الصومال للفوز بثقة المدنيين عبر تأمين المساعدات الإنسانية وتوفير ممرات آمنة للفارين من الصراع، والتواصل مع زعماء العشائر التقليديون. كما تعلم بعثة الاتحاد الإفريقي في الصومال الأفراد ممارسات تثقيفية وتدريبية مختصة بأمور مثل مدونة قواعد السلوك. وأضاف كيبوتشي: “إن النجاح الشامل لأي بعثة مثل هذه يجب أن يرتكز على السكان، ولا بد من عزل السكان عن المتمردين”. وعرض بوراتاي آخر المستجدات بخصوص جهود نيجيريا في دحر تمرد بوكو حرام في شمال شرق البلاد. واعترف بأن الجيش قد تعرقل في بداية مسيرته حين وجهت له اتهامات باستخدام تكتيكات باطشة واستعمال العنف ضد المدنيين. وأبرز عمل نيجيريا لتصحيح هذا الوضع عبر عمليات مدنية وعسكرية، وإنشاء مكتب لحقوق الإنسان، وإنشاء خط ساخن برقم 193، حتى يستطيع المدنيون الاتصال للإبلاغ عن الشكاوى أو المخاوف. وأضاف أنه يجري التحقيق حاليًا في جميع مزاعم انتهاكات حقوق الإنسان، وإذا ثبتت صحتها سيقدم الجناة للمحاكمات العسكرية. وقال بوراتاي: “يعد المدنيون هم الأكثر تقبلًا وتقديرًا لجهود الجيش في شمال شرق البلاد، وتتوخى جهودنا التأكد من الامتثال لحقوق الإنسان، وهذا منصوص عليه في قواعد الاشتباك المختلفة التي نتبناها”. وشملت القمة استعراضًا عسكريًا استعرض فيه أفراد القوات الخاصة في نيجيريا مهاراتهم في معركتهم ضد بوكو حرام. وفي محاكاة لإحدى الهجمات، تمكن فريق التدخل المتنقل الذي يشمل مغاوير ينزلون بحبال من طائرات عمودية ويقودون دراجات نارية، من إنقاذ رهائن محتجزين داخل أحد المجمعات. العميد مامات او تشام، قائد الجيش الوطني الغامبي وقال باراتاي أن الجيش النيجيري قد وضع تكتيكات جديدة لمواجهة الأساليب غير النظامية التي تسلكها بوكو حرام. استحدث فريق التدخل المتنقل في عام 2017، بحيث يمكن نشره بسرعة لتقديم الدعم لأحد المواقع أو لتعقب إرهابيين فارين. واستطرد قائلًا: “خلاصة الأمر أن مفهوم الفرقة المتنقلة، التي استخدمت جنبًا إلى جنب مع عقائد الجيش النيجيري وتكتيكاته وتقنياته وإجراءاته، قد أسهم إسهامًا كبيرًا في النجاح الذي تحقق في عملياتنا التي كانت تستهدف مكافحة التمرد في شمال شرق البلاد”. وقبل كل شيء، كان الغرض من قمة القوات البرية الإفريقية هو تبادل الأفكار. وقد عقدت القمة جلسات جانبية تناول فيها القادة القضايا ذات الاهتمام المشترك، وتبادلوا أفضل الممارسات، وصرح العميد يوجين جي. لوبوف، قائد الجيش الأميركي بقارة إفريقيا، أثناء حديثه عن قوة المناقشات، فقال: “لقد بدأت النقاشات سريعاً ويبدو أنها اكتسبت زخمًا على مدار الأسبوع”. وفي الختام، أعرب عدد من المشاركين عن شعورهم بالوحدة والتفاؤل. وقال اللواء الأوغندي سام كافوما: “إن قارة إفريقيا ليست فقيرة، لكنها قارة تواجه الكثير من التحديات، فنحن نمتلك الموارد اللازمة لمواجهة هذه التحديات، ولا ينقصنا إلا توحيد جهد إيجاد الحلول”. غامبيا: عهد جديد كانت تلك أول فرصة للعميد مامات او تشام، قائد الجيش الوطني الغامبي، لحضور قمة القوات البرية الإفريقية منذ اختياره لشغل هذا المنصب في كانون الثاني/يناير 2017. وفي هذا العام، بعد انتخابات مثيرة للجدل، شهدت البلاد أول انتقال ديمقراطي للسلطة منذ أكثر من 22 عامًا. وأثناء الأزمة التي أعقبت الانتخابات، كان هناك قدر من الضغط على الجيش للتدخل، إلا أن الجيش، على حد تعبير تشام، ظل بعيدًا عن العملية السياسية. وباءت وسوسات الانقلاب بالفشل، وحدث انتقال السلطة بلا دماء. وفي هذا يقول تشان: “لقد اجتمع كبار القادة سويًا وأدركوا أنه لا يوجد سبب للقتال لإدامة نظام ديكتاتوري”. أفراد من القوات الخاصة النيجيرية يهبطون من طائرة هليكوبتر من طراز أجستاوستلاند 109 خلال استعراض في ثكنة اللواء أوي أندرو عزازي خارج أبوجا. أما الآن، فسيعمل الجيش الوطني الغامبي على إصلاح قطاع الأمن، في محاولة لخفض عدد أفراده وغرس الاحترافية في التدريب. واستغل تشام فرصة وجوده في قمة القوات البرية الإفريقية ليتحدث مع زملائه من البلدان التي مرت بفترات إعادة بناء مماثلة مثل ليبريا وسيراليون. وقال: “يمكن أن نتعلم من تجربتهم كيفية الانتقال من أزمة إلى بيئة ديمقراطية مع إجراء الإصلاحات المناسبة ووضع الهياكل القائمة لإيجاد قوة عسكرية احترافية”. كما فرح تشام في محادثاته مع زملائه من القادة حين علم أن الاحترافية هنا تعني البقاء في القارة. وأضاف قائلًا: “إن عهد الحكم العسكري في إفريقيا قد ولى، وعلى كل من ينضم للقوات المسلحة أن يأتي بعقلية خدمة الناس لا التسلط عليهم”. والأهم من كل شيء، أنه استلهم دروسًا من أمثلة من أفضل الجيوش التي تدرب أفرادها ابتداء من مرحلة الدراسة إلى أن يحصلوا على رتبة لواء على عقيدة أن الانتماء للقوات المسلحة أفضل بكثير من الانتماء للنفس. ويسعى تشام لغرس تلك الروح في غامبيا. فيقول: “لقد ظللنا في الساحة على مدى عام أو ما يقارب ذلك، وحاولنا أن نوصل رسالة للوطن، مفادها أن الحكم مهم للقوات المسلحة، التي تعمل للخدمة لا لاغتصاب السلطة”. ليبريا: من فصائل متحاربة إلى قوات حفظ سلام يرى اللواء الأمير جونسون الثالث من ليبيريا، أن مجرد وجود بلاده في القمة يعد حدثًا جدير بالاحتفاء. فبعد أكثر من عقد من الحرب الأهلية، أعيد بناء القوات المسلحة الليبيرية والتي تعمل في الوقت الحالي على تغيير صورتها في أعين الشعب. العميد مامات او تشام، قائد الجيش الوطني الغامبي وأضاف جونسون: “إذا نظرتم إلى ليبيريا التي جئناكم منها، بعد مرور 15 سنة على الحرب الأهلية، فقد تم حل الجيش الذي كان يعد من بين الفصائل المتحاربة، بسبب الدور الذي اضطلع به في الحرب الأهلية، ثم أنشأنا بعد ذلك جيشًا جديدًا يشرفني أن ينتمي محدثكم إليه، … فتواصلنا مع الناس حتى نبعد التصور القديم”. ومؤخرًا صار ينظر للجيش بمنظور جديد، بعد تولي مسؤوليات الأمن في البلاد من الأمم المتحدة، وقيام القوات المسلحة الليبيرية بتوفير الأمن خلال إجراء انتخابات حرة ونزيهة في عام 2017. كما أرسلت البلاد في السنوات الأخيرة قوات حفظ سلام إلى مالي، الأمر الذي لم يكن متصورًا أثناء الحرب الأهلية في ليبيريا. وقال جونسون: “فبعد أن كان الجيش من فصائل المتحاربة، صار الآن يمثل قوة حفظ سلام، وهذا يدعو للشعور بالفخر”. وقال جونسون في قمة القوات البرية الإفريقية، أن أكثر ما كان يشغله هو التحدث مع قادة آخرين حول مفهوم أمن الإنسان، ودراسة ماهية الدور الذي ينبغي أن يؤديه الجيش في توفير الضروريات الأساسية مثل المياه والرعاية الصحية للسكان، لا سيما للذين يعيشون في المناطق الريفية. وأثناء تفشي فيروس إيبولا في البلاد، عملت كتيبة المهندسين التابعة للقوات المسلحة الليبيرية مع شركاء أجانب على بناء 17 مركزًا للعلاج الطبي. وقال جونسون: “إن أبناء شعبنا ينظرون إلينا حاليًا باعتبارنا قوة خير، قوة تعمل على توفير هذه الضروريات الأساسية”. بوركينا فاسو: تعزيز إقامة تحالف واعد يحظى أمر إقامة التحالفات في الساحل بأولوية ملحة، إذ تواجه المنطقة تهديدًا من جماعات متطرفة متعددة، منها أنصار الإسلام ومقاتلي داعش المتطرفين العائدين من الشرق الأوسط. العقيد ليون تراوري، رئيس أركان الجيش، بوركينا فاسو وقد أدى العقيد ليون تراوري، رئيس أركان الجيش في بوركينا فاسو، دورًا كبيرًا في التخطيط لتحالف القوات المشتركة لبلدان المجموعة الخماسية لمنطقتي الساحل التي تضم خمسة بلدان ساحلية. وعلى الرغم من أن قوة هذا التحالف لا تعمل بكامل طاقتها، إلا أن قوات بوركينا فاسو تنتشر في الوقت الحالي على طول الحدود مع مالي والنيجر وتعمل عن كثب مع هذين البلدين. وصرح تراوري بخصوص هذا التحالف قائلًا: “يجب أن لا يحل هذا التحالف محل جهودنا الوطنية – لكن يكون مكملًا لجهودنا الوطنية، ومن هذا المنطلق، أظن أنه سيتيح لجميع بلدان منطقة الساحل الخمسة أن تعزز التعاون فيما بينها – لنرى ما يمكن أن تحسنه كل دولة وحدها، وما يمكننا أن نحسنه مجتمعين في تحسين قدرتنا على الاستجابة”. وعلى الرغم من حضوره للاجتماعات الرسمية لرؤساء هيئات الدفاع الإقليمية، إلا أن قمة القوات البرية الإفريقية أتاحت لتراوري أجواء أفضل لإقامة علاقات مع الدول المجاورة لدولته. وقال تراوري: “لقد التقيت برؤساء أركان جيوش بنين ومالي والنيجر، ورغم أننا دول متجاورة، إلا أنه لا تتاح لنا في كثير من الأحيان فرصة الالتقاء”. “وهذا الملتقى يعد فرصة ليرى بعضنا بعضًا، ولنتحدث حديثًا مباشرًا حول الأمور التي تشغلنا على نحو أوسع، ولننصت ونستخلص الدروس من تجارب الدول الأخرى”. وقال تراوري أنه يقدر إتاحة الفرصة له لاستماع ضباط عسكريين من بلدان أخرى، والاستفادة من كيفية مكافحتهم للتطرف. وأضاف: “إننا نقدر الاستماع إلى تجربة نيجيريا في الحرب ضد بوكو حرام، لأن لدينا مجموعة في بلادنا ترتبط إلى حد ما ببوكو حرام”. “كما شاهدنا تجربة القرن الإفريقي في قتال حركة الشباب، وأنا على يقين أننا سوف سنستفيد شيئًا من هذا الاجتماع”.