أسرة منبر الدفاع الإفريقي
كشفت تقارير جديدة أن الدبلوماسيين الكوريين الشماليين المتمركزين في جنوب إفريقيا يهرِّبون كميات كبيرة من قرون وحيد القرن خارج المنطقة إلى مشتريها في الصين ودول أخرى؛ فتستفيد كوريا الشمالية من عائدات بملايين الدولارات، تعينها على التحايل على العقوبات الدولية وتمويل برنامجها للأسلحة النووية.
ليست التجارة غير المشروعة في أجزاء الحياة البرية سوى جزء من شبكة أكبر من الأنشطة الإجرامية وغير الشرعية التي تقوم بها كوريا الشمالية، فلطالما استغلت دبلوماسييها لإخفاء عمليات غسل الأموال وتهريب الكحول والمخدرات والذهب والعاج والتبغ، وذكر الخبراء أن هذه الأموال تتدفق إلى أيدي نخبها وتمول الكثير من عملياتها.
كتب الباحثان ماثيو ريدهيد وساشا إرسكين في تقرير للمعهد الملكي للخدمات المتحدة بالمملكة المتحدة، يقولان: ”تنم الممارسات العامة للدولة في كوريا الشمالية عن أن معظم، إن لم يكن كل، المبالغ المستمدة [من قرون وحيد القرن] ستصل إلى خزائن الدولة؛ ولكن من المستبعد أن تكون الإيرادات بنفس حجم الإيرادات التي تجنيها العصابات الإجرامية مثل تهريب المخدرات والجرائم السيبرانية.“
وتقدِّر لجنة خبراء الأمم المتحدة المعنية بالإشراف على العقوبات المفروضة على كوريا الشمالية أن عمليات تهريب الحياة البرية في إفريقيا درت 65 مليون دولار أمريكي بين عامي 2022 و2023، وذكر ريدهيد أن هذا المبلغ يعادل”كميات ضخمة من العاج.“
وقال لموقع «إن كيه نيوز» المعني بأخبار كوريا الشمالية إن هذه الإيرادات تدل على أن الكوريين الشماليين لا يقومون بتهريب قرون وحيد القرن قطعاً قطعاً في الأمتعة الشخصية أو الحقائب الدبلوماسية.
ويقول: ”وهذا يدفعني للتساؤل عما إذا كان ما نراه هنا عبارة عن محاولة إلى «إضفاء الطابع الصناعي» على ما يقومون به من تهريب، وذلك باستخدام قنوات دأبوا على استخدامها في التحايل على العقوبات.“
ومن بين الكوريين الشماليين الذين تبيَّن للجميع أنهم ذو صلة بتهريب الحياة البرية، يي كانغ داي، وهو مسؤول استخبارات من كوريا الشمالية مقيم في جنوب إفريقيا كشفته صحيفة «ويك إند بوست» البوتسوانية، وهان تاي سونغ، سفير كوريا الشمالية السابق لدى الأمم المتحدة وهو مقيم في سويسرا.
عاد اسم هان للظهور في نهاية عام 2023 بعد التحقيق في ضلوعه في تهريب الحياة البرية وهو يعمل في سفارة كوريا الشمالية في زيمبابوي منذ ثلاثة عقود، وطردته زيمبابوي في عام 1992 بتهمة تهريب الحياة البرية.
وأفادت «ويك إند بوست» أنه موَّل عمليتَي تهريب بين عامي 2022 و2023، نقلتا ما لا يقل عن 18 قرناً من قرون وحيد القرن و19 ناب فيل من بوتسوانا إلى موزمبيق عبر جنوب إفريقيا وزيمبابوي، وشُحنت من موزمبيق إلى الصين.
ويُعد هان عنصراً في جهد يقوم به المسؤولون الكوريون الشماليون منذ عشرات السنين، إذ يستغلون علاقاتهم مع البلدان الإفريقية بالتجارة في العاج وسائر أجزاء الحياة البرية غير القانونية لدعم النظام ودعم عملياتهم الدبلوماسية عندما ينفد التمويل الرسمي.
وقال ريدهيد لموقع «إن كيه نيوز»: ” اتسم بعض المسؤولين المحليين بميلهم إلى غض الطرف عن أنشطة كوريا الشمالية بالنظر إلى الروابط التاريخية بينها وبين الكثير من هذه البلدان، والامتنان للدعم السابق، والتساهل في التجارة الدولية بالحياة البرية.“
وأضاف: ”سوف تشكو الحكومات المحلية في نهاية المطاف من أبشع أفعال كوريا الشمالية وأشنعها، لكنها لم تبذل جهداً ممنهجاً لوقفه، حتى الآن.“
ومن المحتمل أن يتغير ضلوع كوريا الشمالية في الاتجار غير المشروع بالحياة البرية بينما تغلق سفاراتها في دول كثيرة في العالم، إذ أغلقت ست سفارات في إفريقيا منذ نهاية 2023، ومنها معاقلها الدبلوماسية القديمة في أنغولا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وغينيا وليبيا والسنغال وأوغندا.
وقال ريدهيد للموقع: ”سيصعب استخدام هذه القناة إذ تتراجع كوريا الشمالية على الصعيد الدبلوماسي؛ وأظن أننا سنرى كوريين شماليين يعملون كأنهم من رعايا دول أخرى (صينيون أو فيتناميون مثلاً)، ويضطلعون بدور أكبر في توفير هذه الأشياء ونقلها.“