أسرة منبر الدفاع الإفريق | الصور بعدسة وكالة الأنباء الفرنسية/صور غيتي
الأعمال الوحشية الجماعية والتهجير القسري والإعدام العلني: الإرهاب. طالما كانت تلك حقيقة من حقائق الحياة في بقاع من منطقة الساحل الإفريقية منذ نجاح المتطرفين في الحصول على موطئ قدم لهم في مالي في عام 2012 ثمَّ بسط نفوذهم خارج حدودها.
على الرغم من الجهود التي تبذلها قوات الأمن الإقليمية والشركاء الدوليين، فلا تتجلَّى أي بوادر على توقف أعمال العنف؛ إذ كشف مشروع بيانات مواقع وأحداث النزاعات المسلحة المعني بتوثيق أعمال العنف في ربوع العالم أنَّ أحداث العنف زادت بنسبة 18٪ وانخفض عدد القتلى بنسبة 14٪ بنهاية عام 2021 مقارنة بأعمال العنف القياسية التي شهدتها منطقة الساحل خلال عام 2020.
يُنسب قدر كبير من أعمال العنف إلى جماعة نصرة الإسلام والمسلمين الموالية لتنظيم القاعدة، وهي عبارة عن تحالف من الجماعات الإسلامية المسلحة، ومنها جبهة تحرير ماسينا التي نشأت في وسط مالي. كما ينشط تنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى في المنطقة.
كان من المتوقع أن يرتفع عدد القتلى على أيدي جماعة نصرة الإسلام والمسلمين خلال عام 2021 عن عام 2020. فقد كان عدد القتلى المسجلين بنهاية حزيران/يونيو 2021 الذين لاقوا حتفهم على أيدي جبهة تحرير ماسينا على إثر الاشتباك مع قوات الأمن والجماعات المسلحة الأخرى قد تجاوز بالفعل عدد القتلى المسجلين خلال عام 2020 وكان في طريقه إلى الضعف.
وأجبر ضغط القوات المسلحة في بوركينا فاسو ومالي والنيجر كلاً من تنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى وجماعة نصرة الإسلام والمسلمين على الخروج من بعض المناطق، بيد أنَّ الجماعتين لم تتوقفا عن ارتكاب الأعمال الوحشية في المواقع النائية، وكانتا تنتقلان إلى دول الجوار حيناً وتقاتلان بعضها البعض حيناً آخر.
ومن أمثلة الجماعات الإرهابية الأخرى النشطة في منطقة الساحل: جماعة أنصار الدين، التي أسسها إياد آغ غالي، العقل المدبر لتمرد عام 1990 في مالي، في عام 2011؛ وجماعة أنصار الإسلام التي تعتبر أول جماعة إرهابية إسلامية في بوركينا فاسو.
ويفيد مشروع بيانات مواقع وأحداث النزاعات المسلحة أنَّ عدد المسلحين الذين لاقوا حتفهم في بوركينا فاسو ومالي والنيجر خلال العمليات العسكرية الهجومية خلال الفترة من مطلع عام 2020 وحتى منتصف حزيران/يونيو 2021 يُقدَّر بأكثر من 1,400 مسلحاً.
مالي ما تزال هشَّة
كثيراً ما تزدهر حركات التمرد في المناطق التي تعتريها اضطرابات سياسية؛ وكانت تلك هي الحال في مالي، حيث شهدت الدولة في حزيران/يونيو 2021 ثاني انقلاب عسكري خلال تسعة أشهر. كما أنَّ الهجمات المتكررة التي شنتها جماعة نصرة الإسلام والمسلمين وتنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى على القوات المالية خلال النصف الأول من العام ما تسببت إلَّا في زيادة تفاقم الوضع الأمني في الدولة.
شهد النصف الأول من عام 2021 مصرع الكثير من القوات المالية، إذ قتلت جماعة نصرة الإسلام والمسلمين 10 من عناصر الجيش في شباط/ فبراير خلال كمين في بلدة بوني الواقعة جنوب وسط البلاد، وهاجم تنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى قافلة في بلدة تيسيت الواقعة شرقي البلاد في آذار/مارس، ممَّا أسفر عن مقتل 33 من عناصر الجيش على الأقل.
يفيد مجلس العلاقات الخارجية أنَّ جهداً أوروبياً يُسمَّى «فرقة العمل تاكوبا» وصل إلى شمال مالي في كانون الأول/ديسمبر 2020 مع قدوم القوات الأولى من فرنسا وإستونيا؛ وسرعان ما وصلت قوات تشيكية وسويدية على إثرها.
وأعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في تموز/يوليو 2021 أنه يعتزم إنهاء عملية «برخان»، التي بدأت عقب شروع فرنسا في التدخل العسكري في عام 2013، كما أغلق ثلاث قواعد عسكرية في مالي وقلَّص عدد القوات الفرنسية في الساحل بمقدار النصف.
تشمل العمليات الأمنية الدولية الأخرى في مالي منذ عام 2013 بعثة الأمم المتحدة المتكاملة المتعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي (المينوسما)، التي عملت على دعم العمليات السياسية وتأدية واجبات تتعلق بالأمن، وبعثة الاتحاد الأوروبي التدريبية في مالي، التي تعمل على رفع كفاءة القوات المسلحة المالية.
كما وردت أنباء بحلول تشرين الأول/أكتوبر 2021 تفيد أنَّ مالي كانت على وشك إبرام اتفاق من شأنه نشر 1,000 عنصر من عناصر مجموعة ڤاغنر الروسية في البلاد لمكافحة الإرهاب وغياب الأمن، فهؤلاء المرتزقة المشهورون بالوحشية يعملون في عدة بلدان في القارة وتاريخهم حافل بانتهاكات حقوق الإنسان والتربح.
تنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى في النيجر
ظلت منطقة تيلابيري في النيجر بؤرة من البؤر التي لم تسلم من هجمات تنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى وجماعة نصرة الإسلام والمسلمين وقطَّاع الطرق المسلحين.
ففي كانون الثاني/يناير 2021، قتل مسلحون متشددون 100 شخص في قريتي تشوما بانجو وزرومداريا، وتقع هاتان القريتان على مسيرة نحو 120 كيلومتراً شمالي العاصمة النيجرية نيامي في منطقة تيلابيري المتاخمة لمالي وبوركينا فاسو.
وفي اجتماع عام للقيادات الاتحادية والإقليمية والمحلية في بلدة أولام، صرَّح الفريق أول محمد أبو تركا أنَّ حدود تيلابيري مع مالي تكاد تسمح للمتطرفين بحرية دخول المنطقة والخروج منها.
وقال تاركا الذي يشغل منصب رئيس الهيئة العليا لتوطيد السلام في النيجر: “تنجم صعوبات تحقيق السلام في منطقة كشمال تيلابيري من أنها منطقة حدودية مفتوحة من جهة مالي، حيث اختفت الحكومة للأسف، وعلينا ملاحقتهم لإخراجهم، وملاحقهم بلا هوادة في قاعدتهم في مالي، وإبادتهم، وحرمانهم من وجودهم على الأرض.”
وذكر أنَّ الانتصار في هذه المعركة ضد التطرف يقتضي من الجيش والقيادات المحلية والمواطنين العمل يداً بيد.
فيقول: “تحتاج القوات المسلحة إلى المعلومات التي تعرفها الإدارة عن المجتمعات، ويجب أن يتصف التشاور بين الجيش وحاكم المنطقة، وبين الجيش ورؤساء المقاطعات، بصفة الديمومة.”
يعد تنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى إلى حد بعيد أنشط جماعة إرهابية في النيجر؛ فقد ذكر مشروع بيانات مواقع وأحداث النزاعات المسلحة أنَّ القتلى الذين سفك التنظيم دماءهم خلال النصف الأول من عام 2021 يشكلون نسبة 66٪ من إجمالي قتلى أعمال العنف السياسي المنظم ونحو 79٪ من إجمالي قتلى أعمال العنف التي استهدفت المدنيين.
الوحشية في بوركينا فاسو
كما خلَّف تنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى سلسلة من الخراب والدمار في بوركينا فاسو، حيث يشتهر الإرهابيون بقطع يد السارق المشتبه به والإعدام العلني وتجنيد الأطفال. وتشهد الدولة منذ عام 2018 زيادة حادة في الهجمات التي تستهدف قوات الأمن والمدنيين.
وفي يوم 4 حزيران/يونيو 2021، أغار مسلحون، معظمهم من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم من 12 إلى 14 عاماً، على قرية صلحان شمال شرقي بوركينا فاسو، وقتلوا أكثر من 160 شخصاً من أهلها وأحرقوا منازلها.
وقد تسبب القتال بين تنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى وجماعة نصرة الإسلام والمسلمين، فضلاً عن الجهود التي تبذلها قوات الأمن الفرنسية والقوة المشتركة للمجموعة الخماسية لمنطقة الساحل، في إضعاف تنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى في منطقة الساحل ومنطقة وسط الشمال والمنطقة الشرقية ببوركينا فاسو. وحوَّل التنظيم عملياته إلى محافظة سينو الواقعة جنوبي بوركينا فاسو ومحافظة أودلان شرقي البلاد.
ويفيد مشروع بيانات مواقع وأحداث النزاعات المسلحة أنَّ جماعة نصرة الإسلام والمسلمين تحاول الحفاظ على الالتزام بالدين وتنظيم سلوك المجتمع من خلال وسائل أقل بطشاً، كالترهيب من خلال التهديد والضرب والاختطاف في المناطق الخاضعة لسيطرتها.
لكنها ردَّت في تشرين الثاني/نوفمبر 2020 على نشر قوات الجيش في بلدة مانسيلا الواقعة شمال شرقي البلاد من خلال فرض حظر على البلدة وزرع عبوَّات ناسفة محلية الصنع على طول الطرق المحيطة بها.
وخلال النصف الأول من عام 2021، قتلت الجماعات المتطرفة 66 من رجال الميليشيات المتطوعين، وأسفر هجوم وقع في تشرين الثاني/نوفمبر على مقربة من منجم ذهب في منطقة إناتا عن مقتل 49 من عناصر الشرطة العسكرية.
وكشفت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية أنَّ أكثر من 1.1 مليون مدني بوركينابي باتوا نازحين حتى أيَّار/مايو 2021، مقارنة بعدد 560,000 في مطلع عام 2020.
فروع داعش تتضاعف
داعش ينتشر في القارة الإفريقية بعد سنوات من خسارة الأراضي التي سيطر عليها في الشرق الأوسط
أسرة منبر الدفاع الإفريق
يشرف تنظيم الدولة الإسلامية [داعش] الآن على شبكة من الولايات التابعة له مع تفاوت أحجامها في ربوع إفريقيا، بعدما كان يبسط سيطرته على نحو ثلث الأراضي السورية وأكثر منها في العراق.
نشأت الولايات الداعشية في مناطق شتى، يتفاوت تاريخها وتتباين مظالمها، ودخلت الجماعات التي تستغل هذه المظالم من خلال الابتزاز والعنف تحت مظلة اسم داعش المعروف حول العالم، وينضم المجتمع الدولي الآن إلى البلدان الإفريقية في البحث عن سبل لمكافحة انتشاره.
يفيد تقرير لقناة «سكاي نيوز» في عام 2021 أنَّ نفوذ داعش في إفريقيا ينمو سنوياً منذ عام 2014، وشهدت 22 دولة إفريقية على الأقل بحلول عام 2019 أنشطة مشتبه في ارتباطها بداعش، ولئن لم توجد أي ولاية داعشية بها. وشهدت ثمانية بلدان بحلول عام 2020 تصاعد في مثل أعمال العنف هذه، وتمثل هذه البلدان الثمانية منطقة الساحل في غرب إفريقيا، وهي البؤرة الحالية لأعمال العنف على أيدي داعش في القارة، والكونغو الديمقراطية وموزمبيق.
ويقول مراقبون إنَّ الولايات الداعشية توفر مزايا للجماعات المسلحة المتمركزة في إفريقيا وللتنظيم الجامع، فقد كتب الدكتور جاكوب زين، الباحث بمؤسسة جيمستاون، والدكتور كولين كليرك، الباحث بمجموعة صوفان، مقالاً لمجلة «فورين بوليسي» جاء فيه أنَّ الجماعات المتشددة المحلية تكتسب المكانة التي يضفيها “اسم داعش بالإضافة إلى الموارد المصاحبة لذلك، كالتمويل والتدريب ومنصة دعاية عالمية على وسائل الإعلام الاجتماعي.” ويمكن لداعش في المقابل أن يشير إلى النجاحات المحرزة في إفريقيا فيما يسعى جاهداً للتعافي من الهزائم التي مُني بها في الشرق الأوسط.
كما ذكر زين وكليرك أنَّ الولايات الداعشية الإفريقية تظهر الآن على الصفحة الأولى لصحيفة «النبأ» الأسبوعية التي يصدرها داعش أكثر من الجماعات الأساسية المتمركزة في العراق وسوريا (تنظيم داعش الأساسي).
ثمة جماعات ست تابعة لداعش في إفريقيا؛ بدأت الثلاث الأولى منها في عام 2014 في ليبيا التي مزقتها الحرب والجزائر ومنطقة سيناء المضطربة في مصر، ثمَّ تشكلت ولاية تنظيم الدولة الإسلامية في غرب إفريقيا بعد ذلك بعام، ولها فروع في حوض بحيرة تشاد ومنطقة الساحل، وخرجت إحداها من رحم جماعة بوكو حرام النيجيرية، وخرجت أخرى من رحم الجماعات المسلحة النشطة شمال مالي.
وبايعت جماعة صغيرة في الصومال داعش في 2018، ثمَّ تشكلت بعد عام ولاية تنظيم الدولة الإسلامية في وسط إفريقيا، ولداعش فروع في التمرد المتمركز في محافظة كابو ديلجادو بموزمبيق وفي فصيل تابع لجماعة «تحالف القوى الديمقراطية» المسلحة بالكونغو الديمقراطية.
وكتب الباحثان تريشيا بيكون وجيسون ورنر العاملان في مركز مكافحة الإرهاب بأكاديمية «ويست بوينت» العسكرية يقولان: “في تأكيد على أهمية إفريقيا كمنطقة عمليات لداعش، فإنَّ ما يُقدَّر بنحو 41 بالمئة من جميع القتلى الذين سقطوا على مستوى العالم على أيدي مقاتلي داعش في عام 2019 كانوا في إفريقيا.”
تتباين الجماعات الإفريقية من حيث تاريخها وحجمها ودافعها، وخلص الخبراء إلى أنَّ التعرف على العلاقات الحقيقية بينها وبين تنظيم داعش الأساسي يمكن أنَّ يكون بعيد المنال، وعلى داعش في نهاية المطاف تصنيف الجماعة ضمن ولاياتها حتى تعتبرها تابعة لها.
ذكر الباحثان هارورو إنجرام ولورينزو ڤيدينو في مقال منشور في أيَّار/مايو 2021 على مدونة «لوفير» التابعة لمعهد «لوفير» أنَّ داعش يمد الولايات الداعشية بالعقيدة والمنهج لتأسيس دولة إسلامية، ويمدها باسم لتعزيز دعايتها.
وكتبا يقولان: “وخلاصة القول أنَّ ولايات داعش من المتوقع أنَّ تتبنى فكره واستراتيجيته السياسية والعسكرية وتطبقها في ركنها من العالم.”
ومثال ذلك في الكونغو الديمقراطية أنَّ فصيل سيكا موسى بالوكو التابع لجماعة «القوى الديمقراطية المتحالفة» المسلحة تتبنى أساليب الدعاية ونقاط الحوار الخاصة بتنظيم داعش الأساسي، وذكر إنجرام وڤيدينو أنَّ داعش اعترف في المقابل بعمليات مقاتلي الكونغو الديمقراطية وأعلن نجاحها، ولا يبدو أنَّ تنظيم داعش الأساسي يفعل الكثير في مسألة القيادة والسيطرة، ولكن ثمة أدلة على تمويل متجه إلى جماعة الكونغو الديمقراطية.
وذكر بيكون وورنر أنَّ من الموضوعات التي تجمع الولايات الداعشية “الالتزام المتبادل بالمثل العليا، على الأقل ظاهرياً، للخلافة العالمية.”
وفي سبيل مساعدة الجماعة الليبية، حرص تنظيم داعش الأساسي على إرسال مبعوثين من العراق، وإعادة مقاتلين أجانب لتعزيز القوات المحلية، وتوفير المال، وإسداء النصح بشأن الحكم والعمليات التكتيكية والاستراتيجية.
كما أرسل أموالاً إلى فصيل بحيرة تشاد التابع لولاية تنظيم الدولة الإسلامية في غرب إفريقيا وإلى جماعات في الصومال، وذكر بيكون وورنر أنَّ جماعة سيناء تلقت أموالاً وأسلحة، ومع ذلك كانت المساعدة المقدمة للولايات “عند الضرورة وعابرة.”
ويقول زين وكليرك إنَّ الولايات الليبية، التي تكاد تكون قد بادت الآن، تمثل علاقة من الدرجة الأولى لأنها تعهَّدت بالولاء، واستقبلت مقاتلين من سوريا لتأسيس نفسها، كما أنها “حافظت على اتصالات متكررة ومباشرة مع الجماعة الرئيسية.” كما حصلت على التمويل والتدريب والمشورة إلى أن نجحت القوات الدولية والليبية في طردها.
وقد تمثل ولاية تنظيم الدولة الإسلامية في غرب إفريقيا علاقة من الدرجة الثانية، إذ تعهَّدت بالولاء لكنها لم تكد تنخرط مع المقاتلين والمدرِّبين التابعين لتنظيم داعش الأساسي، إلَّا أنَّ داعش يشجع هجماتها ويتشاور مع قيادييها.
يلاحظ العالم نمو تنظيم داعش في إفريقيا، فقد اجتمع قادة التحالف الدولي لهزيمة داعش المكون من 83 دولة في روما في نهاية حزيران/يونيو 2021، ووافقوا على تشكيل فريق عمل للتصدِّي لانتشار هذه الجماعة المتشددة في إفريقيا.
ولم يذكر السيد لويجي دي مايو، وزير الخارجية الإيطالي، تفاصيلاً حول كيفية عمل فريق العمل، لكنه تحدث عن ضرورة وجود “نهج شامل” للقضاء على الفقر والدوافع الأخرى للتطرف.
وأعلن التحالف أنَّ كلاً من إفريقيا الوسطى والكونغو الديمقراطية وموريتانيا أمست من بين أحدث أعضائه، وحضرت كلٌ من بوركينا فاسو وغانا وموزمبيق بصفة مراقب.
وقالت السيدة إميلي إستيل، الزميلة الباحثة في معهد المشروع الأمريكي، لإذاعة «صوت أمريكا»: “مع أنَّ حديث التحالف عن إفريقيا وإشراك البلدان المعنية في النقاش لأمر طيب، فيبدو أنَّ أي تنسيق ما يزال في مراحله الأولى، في حين تتدهور الأوضاع على الأرض بسرعة كبيرة.”
واستدركت قائلة: “ينبغي لفريق العمل المقترح تركيز طاقته على دعم النجاح العسكري بنجاح الحكم؛ فهذه هي الفجوة التي تسمح لداعش والجماعات الأخرى بمواصلة العودة بعد خسائرها العسكرية.”
الجهود العسكرية الدولية
بعثة الأمم المتحدة المتكاملة المتعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي (المينوسما)
تشكلت بعثة المينوسما في عام 2013، ويبلغ قوامها 13,289 من عناصر الجيش و1,920 من عناصر الشرطة، وتنتشر قواتها في خمسة قطاعات، وينطوي تكليفها على توفير الدعم اللازم لتنفيذ اتفاق السلام في مالي ومساعدة الأطراف المعنية المالية على وضع استراتيجية لحماية المدنيين والحد من أعمال العنف. وكانت خلال فترة طويلة من وجودها أخطر بعثة من بعثات حفظ السلام في العالم، بمقتل 260 من قواتها حتى تشرين الثاني/نوفمبر 2021.
القوة المشتركة للمجموعة الخماسية لمنطقة الساحل
شكلت السلطات القوة المشتركة للمجموعة الخماسية لمنطقة الساحل في عام 2017 لتكون بمثابة تحالف عسكري بين كلٍ من بوركينا فاسو وتشاد ومالي وموريتانيا والنيجر. وصدر لها تكليف من الاتحاد الإفريقي ومقر الأمم المتحدة في العاصمة المالية باماكو عند إنشائها، وتضم ما يصل إلى 5,000 من عناصر الجيش والشرطة والدرك. وتعمل على التصدِّي للإرهاب وتهريب المخدرات والاتِّجار بالبشر في منطقة الساحل مع إيلاء تركيزها للمناطق الحدودية بين الدول الأعضاء.
قوة العمل المشتركة متعددة الجنسيات
شكَّل المسؤولون قوة العمل المشتركة متعددة الجنسيات في نيجيريا في عام 1994 بهدف التصدِّي لقطَّاع الطرق المسلحين في حوض بحيرة تشاد. وأصبحت قوة متعددة الجنسيات بمعنى الكلمة في عام 1994 بانضمام تشاد والنيجر اللتين كانتا تواجهان تحديات أمنية مماثلة. وفي عام 2015، وفيما كانت جماعة بوكو حرام المتطرفة تنتشر في ربوع المنطقة، صرَّح الاتحاد الإفريقي بنشر نحو 10,000 جندي لحل الأزمة الأمنية. وتضم القوة الآن خمس دول أعضاء: بنين والكاميرون وتشاد والنيجر ونيجيريا؛ وتشرف على أربعة قطاعات توجد مقراتها في مورا بالكاميرون، وباجا سولا بتشاد، وباجا بنيجيريا، وديفا بالنيجر.
بعثة الاتحاد الأوروبي التدريبية في مالي
تشكلت البعثة في عام 2013، وتتكون من أكثر من 800 من عناصر الجيش من 22 عضواً من أعضاء الاتحاد الأوروبي وخمس دول غير أعضاء. وتعمل البعثة على تدريب عناصر الجيش المالي وتقديم المشورة لهم، وتحسين منظومة التعليم العسكري، وتقديم المشورة للعاملين في مقر قيادة القوة المشتركة للمجموعة الخماسية لمنطقة الساحل. وقد بدأت تكليفها الخامس في عام 2020، ونجحت حتى منتصف عام 2021 في تدريب أكثر من 15,000 دارس من صفوف القوات المسلحة المالية على باقة من المهارات كالإسعافات الأولية وتفكيك العبوَّات الناسفة محلية الصنع وقانون حقوق الإنسان.
عملية «برخان»
جاء هذا التدخل العسكري بقيادة فرنسا عقب عملية «سيرڤال» في آب/أغسطس 2014. وعلى النقيض من عملية «سيرڤال» التي اقتصرت على مالي، فإنَّ غاية عملية «برخان» للتصدِّي للمسلحين المنتشرين في منطقة الساحل مع التركيز على المنطقة الحدودية المشتركة بين بوركينا فاسو ومالي والنيجر. وتضم العملية ما يصل إلى 4,500 من عناصر الجيش منتشرين في بوركينا فاسو وتشاد ومالي والنيجر، ويوجد مقرها في العاصمة التشادية نجامينا. وأعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في تموز/يوليو 2021 أنه سينهي العملية مع مواصلة الدعم الفرنسي لبلدان المنطقة التي تحارب التطرف.
فرقة العمل تاكوبا
يفيد مجلس العلاقات الخارجية أنَّ جهداً أوروبياً يُسمَّى «فرقة العمل تاكوبا» وصل إلى شمال مالي في كانون الأول/ديسمبر 2020 مع قدوم القوات الأولى من فرنسا وإستونيا؛ وسرعان ما وصلت قوات تشيكية وسويدية على إثرها. وجمعت فرقة العمل في عام 2021 قوات خاصة من سبعة بلدان أوروبية لمكافحة الإرهاب في منطقة الساحل، وتضم القوة 600 من عناصر القوات المسلحة، نصفهم من الجيش الفرنسي.
الجماعات المسلحة
جماعة نصرة الإسلام والمسلمين
تشكلت جماعة نصرة الإسلام والمسلمين في آذار/مارس 2017 من خلال تحالف أربع جماعات جهادية في منطقة الساحل: جماعة أنصار الدين، وجبهة تحرير ماسينا، والمرابطون، وفرع تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي في الصحراء الكبرى. وقد نجحت منذ ذلك الحين في توسيع منطقة عملياتها في غرب إفريقيا مع ارتكاب أعمال عنف بحق المدنيين وقوات الأمن المحلية والجيوش الدولية وقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة.
جماعة أنصار الدين
جماعة أنصار الدين عبارة عن جماعة إسلامية من الطوارق تأسست في كانون الأول/ديسمبر 2011. وقد حاولت فرض أحكام الشريعة في ربوع مالي، وكثيراً ما تستهدف المدنيين الغربيين وقوات حفظ السلام، وكان لها دور كبير في الانقلاب الذي وقع في مالي في عام 2012. وتحالفت رسمياً مع جبهة تحرير ماسينا والمرابطين وفرع تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي في الصحراء الكبرى لتشكيل جماعة نصرة الإسلام والمسلمين في عام 2017.
جبهة تحرير ماسينا
تعتبر جبهة تحرير ماسينا واحدة من الحركات التابعة لجماعة أنصار الدين، وقد تشكلت في كانون الثاني/يناير 2015 بهدف الاستيلاء على منطقة شاسعة في وسط مالي والاستغناء بنفسها عن الدولة المالية. وقد أسسها القيادي أمادو كوفا، وهو واعظ متشدد من قبائل الفولاني من منطقة موبتي. وهاجمت الجبهة في مستهلها القوات المالية لكنها سرعان ما بدأت في استهداف المدنيين، وشن غارات صغيرة على مراكز الشرطة، واغتيال مسؤولين محليين. وتفيد الأنباء أنها استخدمت عبوَّات ناسفة محلية الصنع وسيارات مفخخة وهجمات انتحارية خلال هجوم على مقر قيادة القوة المشتركة للمجموعة الخماسية لمنطقة الساحل في عام 2018.
تنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى
يعمل تنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى في منطقة ليبتاكو غورما بالساحل على طول الحدود المشتركة بين بوركينا فاسو ومالي والنيجر، وغايتها إقامة حكم سلفي متشدد. ويشتهر بالتناحر مع الجماعات الإرهابية الأخرى، وارتكاب أعمال عنف بحق المدنيين، ومهاجمة قوات الأمن المحلية والدولية. ونجحت القوات الفرنسية في أيلول/سبتمبر 2021 في قتل القيادي عدنان أبو وليد الصحراوي، أمير التنظيم، الذي كان مطلوباً على خلفية ارتكاب هجمات قاتلة على جنود أمريكيين وأطقم المساعدات الدولية.
جماعة أنصار الإسلام
أسس القيادي إبراهيم مالام ديكو، وهو إمام وواعظ من قبائل الفولاني، جماعة أنصار الإسلام في عام 2016، وتعتبر أول جماعة إسلامية متشددة محلية في بوركينا فاسو. وانقسمت بعد مقتل ديكو في غارة بقيادة فرنسا على معسكره في عام 2017. ونُسب أكثر من نصف أحداث العنف التي وقعت على أيدي الإسلاميين المتشددين في بوركينا فاسو بين عامي 2016 و2018 إلى جماعة أنصار الإسلام، لكن أنشطتها تراجعت تراجعاً حاداً خلال السنوات التالية.