فيسبوك تويتر لينكدإن بينتيريست البريد الإلكتروني تكشف الاشتباكات في كينيا عن الحاجة للسيطرة على الأسلحة غير المشروعة أسرة أيه دي إف إن سرقة المواشي ليست بالأمر الجديد على شمال غرب كينيا. فلأجيال كان هذا هو أسلوب الحياة في ذلك الجزء الوعر من العالم. فشباب قبيلتي توركانا وبوكيوت، الذين يعيشون جنبًا إلى جنب في المنطقة شبه القاحلة تعلموا أن حماية الماشية، وفي بعض الأحيان أخذها بالقوة من جيرانهم، أمر ضروري للعيش. ولكن في السنوات الأخيرة، أصبحت هذه الممارسة أشد فتكًا. وحلت الأسلحة النارية محل السهام والرماح التقليدين. والمياه، التي هي دومًا نادرة، جفت. وأصبح الرعاة يائسون. شهد العالم لمحة من هذا العنف في عام 2015. في فجر يوم 4 من شهر أيار/ مايو، أغار مئات من رجال قبيلة توركانا على القرية الصغيرة نادوم، وأطلقوا وابلاً من الرصاص على أكواخها الطينية. ويتذكر السكان قيام المعتدين بتشكيل حلقة حول مساكنهم لمنع الفرار وأطلقوا النيران بضراوة. وقال رجل يبلغ من العمر 36 عامًا لموقع ذا ستاندرد: “سمعت أول طلقة، ولكن قبل أن أتمكن من القيام بأي رد فعل، كان دوي قوة النيران الهائل يغمر منطقة مانياتا بالكامل، حيث أطلق المغيرين النيران بطريقة عشوائية. تراجعت بعض الشيء، وأصابتني الرصاصة في الجانب الأيسر من رأسي”. يعاين جوزيف ناكساري أمين عام مجلس الوزراء للشؤون الداخلية الأسلحة المصادرة والتي تم تجميعها لتدمر بالقرب من نيروبي. رويترز وفي النهاية استولى المغيرون على 3000 عنزة، ولكن ثمن ذلك النهب كان ثمنًا فادحًا. فقد قُتل أكثر من 60 شخصًا. وصف صحفي زار القرية رائحة الموت الكريهة والمشهد المفجع للأم المقتولة مع طفلها، الميت أيضًا، وهو مربوط بظهرها. وكتب المراسل فنسنت موباتوك “إنه مشهد يأتيك مباشرة من الجحيم”. وأفاد موقع ذا ستاندرد أن رجال قبيلة بوكوت توجهوا لمواجهة المعتدين وقتلوا عشرات آخرين سعيًا للانتقام. وردًا على هذا وعلى مذابح أخرى، أطلقت الحكومة الكينية مبادرة لمصادرة الأسلحة غير المشروعة في أربع مقاطعات شمالية شرقية. تكثُر الأسلحة النارية في البلد. في ضواحي نيروبي، يتم بيع المسدس غير المسجل مقابل 80 دولارًا أو أقل. وتباع الأسلحة مثل الكلاشنكوف AK 47 مقابل 140 دولارًا. ووجدت الباحثة مابجونا نجوروجي أن عادة ما يقايض الرعاة الماشية مقابل الأسلحة، وأن هناك إمداد أسلحة ثابت يتدفق من مناطق النزاع بالقرب من الصومال وجنوب السودان وأوغندا. قدّر تقرير الأمن العام لعام 2016 المقدم إلى البرلمان الكيني أنه يتم تداول ما بين 580000 و650000 من الأسلحة غير المسجلة في البلد، مما يشكل “مخاطر اجتماعية واقتصادية وسياسية وأمنية كبيرة”. وقد سلّمت السلطات أن مبادرات نزع السلاح وعدم الانتشار التي تقوم بها الحكومة “لم تسفر عن النتائج المرجوة”. لذلك، ما الذي يمكن عمله؟ يكمُن الجواب في السياسة الوطنية الكينية المتعلقة بالأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة وأفضل الممارسات الأخرى التي تم تبنيها عبر القارة. فالعديد من أفضل الممارسات التي ترد في بروتوكول نيروبي بشأن منع الأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة والرقابة عليها والحد منها والتي وقعها 11 بلدًا أفريقيًا في عام 2004. وعرضت الأمم المتحدة أيضًا الاستراتيجيات التي أثبتت جدواها في الرقابة على الأسلحة في برنامج عملها لوقف الإتجار غير المشروع بالأسلحة. تعتبر هذه الوثائق إطارًا لخطة وقف تدفق الأسلحة غير المسجلة. وذلك يتضمن عمومًا وسم وتعقب الأسلحة وتنظيم أنشطة سماسرة السلاح وتأمين مخزونات الحكومة وتعزيز أمن الحدود وإيقاف حرف الحدادة للذين يصنعون أسلحة جديدة أو يحدثون الأسلحة القديمة بشكل غير مشروع. تأمين المخزونات وعبر أفريقيا، هناك عدد هائل من الأسلحة بحوزة المجرمين والمتطرفين تم تسريبها من مخزونات رسمية. فعلى سبيل المثال في عام 2014، كشف الجيش النيجيري أن الجماعة الإرهابية بوكو حرام قد نهبت مستودعات الأسلحة واستخدمت أسلحة الجيش نفسه ضد جنوده. وتشير أفضل الممارسات إلى أن المخزونات يجب أن تبقى خلف أبواب خزانة وتحت المراقبة. وأن تُعطى المفاتيح لضباط إنفاذ القانون فقط الذين يحتاجون إلى وسيلة للوصول ويجب على الضباط إجراء تفتيش عشوائي بشكل منتظم. وينبغي أن تكون سجلات الأسلحة إلكترونية مزودة بخاصية إجراء مراجعات منتظمة لملاحظة المخالفات. وينبغي التخلص من الفائض من الأسلحة ،كإجراء احتياطي، ويجب تخزين المخزونات بعيدًا عن الأماكن المأهولة بالسكان للتقليل من الخسائر في الأرواح إذا ما حدث انفجار. كتبت أفوا لامبتي، التي درّست لمسؤولي الأمن إدارة الأسلحة في مركز كوفي عنان الدولي للتدريب على حفظ السلام في غانا، أن القارة بحاجة إلى تقديم المزيد من التدريب في إدارة المخزونات. وأشارت إلى أن تدريب فني الذخيرة يستغرق من ست إلى 10 سنوات، ومعظم الأشخاص الذين يتولون الإشراف على المخزونات ينقصهم ذلك التدريب. وكتبت “هناك فجوة كبيرة في تدريب الموظفين في المنطقة دون الإقليمية. ففرص التدريب للممارسين قليلة نسبًا، ويجب على معظم الموظفين الاعتماد على مواردهم وخبراتهم لمواجهة التحديات التي تقابلهم في الوظيفة”. وسم وتعقب طلب العديد من البلاد وسم السلاح بعلامة مميزة وقت صناعته أو استيراده. ويجب على الوسم أن يحمل اسم جهة الصنع والبلد ومكان الصنع والرقم التسلسلي. وفي حالة الاستيراد، يتطلب وجود شهادة المستخدم النهائي. تعتبر أفضل ممارسة لتعقب السلاح هي البدء في إنشاء قاعدة بيانات تتضمن صورة حديثة للمالك واسمه أو اسمها والعنوان وتاريخ الميلاد ونوع وطراز السلاح وما يتصل بذلك من علامات أخرى. ويجب أن تتضمن قاعدة البيانات أيضًا تفاصيل ترخيص الأسلحة بما في ذلك التجديدات والوقف ونسخ طلب الترخيص الأصلي. في عام 2014، بدأت اللجنة الوطنية المعنية بالأسلحة الصغيرة في غانا وسم أسلحة الدولة مستخدمة نقش من الأرقام التعريفية الفريدة. وتأمل اللجنة إتباع هذا بقاعدة بيانات على الصعيد الوطني. قبل المشروع، أقرّت غانا أن أكثر من نصف الأسلحة التي يتم تداولها كانت أسلحة غير مسجلة. وفي عام 2016، عقدت غانا برنامجًا للعفو المتعلق بحيازة الأسلحة، لتسمح لمالكي الأسلحة بتسجيل الأسلحة التي تتم حيازتها بطريقة غير مشروعة بدون عقوبة. وقال جونز أبليرا, الامين التنفيذي للجنة الوطنية الغانية المعنية بالأسلحة الصغيرة، “وسم الأسلحة على نحو شامل مقرون بالتحليلات سيُمكن أجهزة إنفاذ القانون وغيرها من الهيئات ذات الصلة من تحديد ومراقبة اتجاهات وأنماط إمداد الأسلحة غير المسجلة واستخدامها”. السماسرة إن كينيا واحدة من كثير من البلاد الأفريقية مطالبًة بتنظيم وترخيص سماسرة الأسلحة. وأوضح برتوكول نيروبي أنه يجب على الدولة إنشاء قاعدة بيانات لكل سماسرة السلاح تشمل معلومات جواز السفر والشركة. ويجب على السماسرة المسجلين الحصول على إذن قبل أي عملية لنقل الأسلحة. ينبغي على الدولة ألا تأذن بنقل محلي أو دولي لأسلحة يمكن أن تُستخدم في ارتكاب جرائم عنيفة أو انتهاكات للقانون الإنساني أو ضد عدم استقرار المنطقة. رعاة مثل هؤلاء الرجال في باراجوي في كينيا، كانوا في وسط أحداث العنف المتزايدة لنهب المواشي. رويترز يوضح التاريخ الحديث أن العديد من الأسلحة غير المشروعة يمكن تعقبها والوصول لعدد صغير من السماسرة عديمي الضمير من لهم علاقات دولية. في شهر كانون الثاني/ يناير عام 2017، تم العثور على مورد أثناء نقله 661 بندقية خرطوش غير مشروعة في ميناء أبابا بمدينة لاغوس بنيجيريا، وقد كانت مخبئة داخل أبواب معدنية. اعتقلت السلطات ثلاثة رجال وتعقبت الشحنة وصولاً إلى الصين وتركيا. بعد الضبط، طالب أحمد علي المراقب العام بالجمارك بشن حملة على سماسرة الأسلحة غير الشرعيين وطلب من العامة المساعدة في التعرف على الشحنات غير المشروعة. وقال للجارديان النيجيرية “يجب علينا جميعًا أن نتكاتف. يجب أن نتصدى جميعًا لمشكلة أمن هذا البلد، وحصتنا في هذه المساهمة يجب أن تكون التأكد من الإدلاء بالمعلومات الصحيحة. يجب علينا إبلاغ السلطات إذا ما رأينا مشكلة أو شيء أو حركة مشبوهة. هذه هي الوسيلة الوحيدة التي قد تمكننا من التأكد من القيام بعملنا. فبدون المعلومات، لا توجد وسيلة يمكننا بها كبح هذا الخطر”. التعاون ويميل مهربو الأسلحة إلى استغلال الضعف أينما وجد. قد يكون هذا الضعف متمثل في دولة فاشلة التي يشتري فيها الأطراف المتحاربة كميات كبيرة من الأسلحة أو حدود سهلة الاختراق حيث يمكن شحن الأسلحة بدون أن تُكتشف. حدد القادة الأمنيون في أفريقيا الحاجة لتبادل الموارد لتعزيز نقاط الضعف. في سياستها الوطنية المتعلقة بالسلاح، تطالب كينيا بالتعاون مع الدول المجاورة وتبادل المعلومات ذات الصلة بالحركات المسلحة وإقامة اتساق قانوني في المنطقة حتي يمكن محاكمة المهربين أينما تم الإمساك بهم. يمكن ملاحظة التقدم في منظمة التعاون لرؤساء الشرطة في شرق أفريقيا التي أعدت استراتيجيات موحدة لمواجهة التهديدات المشتركة في شرق أفريقيا ونشر معلومات متعلقة بالجريمة عبر الحدود بسرعة. عقدت المجموعة والمنظمة الشريكة في جنوب أفريقيا لها عمليات مشتركة لتضيق الخناق على الإتجار. ويتم دعمهم من الإنتربول، المنظمة الدولية للشرطة الجنائية. وفي اجتماع رؤساء الإنتربول الإقليمي في كيغالي عام 2016، قال مساعد مفوض الشرطة برواندا طوني كالامبا إن الشراكات وتبادل الاستخبارات هما الطريق للمستقبل في القارة. وقال كلامبا “إن تعميق التعاون وسرعة الاستجابة لطلبات بعضنا البعض هما الرسالة الوحيدة الموجهة للمجرمين بأنه لا يوجد أي مكان يمكنهم الاختباء فيه”. عوامل الطلب تُظهر الأبحاث أن الزيادة في طلب الأسلحة تحدث عندما يشعر المواطنون بنقص في الأمن. وذلك صحيح، بالأخص عندما يشعرون أن الدولة لا تستطيع أن تحميهم أو لن تحميهم. ففي أماكن مثل شمال غرب كينيا، من المهم التصدي لانعدام الأمن والأسباب التي تكمن وراء طلب الأسلحة. وكتبت نجوروجي أن الرعاة يعتقدون أن “القانون الوطني لا يُنفذ كما ينبغي من قبل الشرطة الكينية في مناطقهم المهمشة”. “والخيار الوحيد الذي لديهم هو تسليح أنفسهم لمتطلبات دفاعية شخصية ومجتمعية وقبلية أو متطلبات دفاعية أسرية أكبر. ويقومون بذلك كإجراء دفاعي لمواجهة قطاع الطرق والقبائل الأخرى، فضلاً عن استخدامها في مصالحهم الخاصة”. وقالت نجوروجي إن الحكومة ببساطة لا يمكنها جمع الأسلحة غير المشروعة في الأماكن غير الآمنة والافتراض أن السلام سيحل لاحقًا. وفي مناطق مثل ريف كينيا، تشدد المشاريع الرائدة على الحاجة إلى تسوية النزاعات التقليدية وبناء السلام والمبادرات الإنمائية التي تمنح كل الجماعات غاية مشتركة لتعطي الناس الثقة لاختيار التنمية بدلاً من الأسلحة. وواحدة من تلك المبادرات كانت “قافلة السلام” التي أُطلقت بعد وقت قصير من مذبحة نادوم. وفيها سافر 15 من السياسيين الإقليمين وشيوخ من المجتمعات الرعوية في أرجاء ثلاث من المقاطعات المتضررة لمناقشة استراتيجيات إنهاء عمليات القتل. واقترحت القافلة إنشاء وزارة للإشراف على المناطق الرعوية والاستثمار لبناء سلام دائم. وقال بنيامين تشيبوي حاكم مقاطعة بارينغو بكينيا “لقد ساهم نهب المواشي بشكل كبير في الفقر ونتج عنه عددًا أكبر من الأيتام والأرامل. يجب أن تكون المنطقة خالية من الأعيرة النارية. ويجب على من كانوا يبتاعون الأسلحة والرصاصات أن يوجهوا المال الآن نحو التعليم وقطاع الأعمال”.