فيسبوك تويتر لينكدإن بينتيريست البريد الإلكتروني تموين البعثات المعقدة لحفظ السلام يتعقد بسبب العزلة وقصور البنية التحتية من شأن أي بعثة دولية لحفظ السلام أن تطرح قائمة طويلة من التحديات اللوجستية. ومن المحتم إرساء إعدادات المهمة في مناطق لا تزال تتعافى من نزاع حديث، غالباً ما تعود جذوره إلى صراعات عرقية أو سياسية قديمة. ودائماً ما تكون قوات الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي المستجيبة مؤلفة من وحدات دولية. وأحياناً تتدفق عشرات الدول من مختلف أنحاء العالم على المنطقة، وتجلب كل منها مئات الجنود، وضباط الشرطة، والإمدادات، والأسلحة والمركبات. العميد كوكو إيسين من الجيش النيجيري. صورة مجلة أيه دي إف PHOTO ADF ومتى وصلت القوات إلى مسرح العمليات، يتعين عليها أن تقطع مسافات طويلة، وتقيم معسكرات عديدة وتبنى مستشفيات ميدانية. وتتطلب سلاسل الإمدادات الموثوق بها السرعة، والكفاءة والأمن. من هنا يمكن أن تحدث أخطاء كثيرة على طول الطريق: فكثيراً ما تتأخر عمليات الانتشار، ويتقلب الطقس، ويندلع العنف، وتقف التضاريس حائلاً عنيداً لا يتحرك، مما يجبر القادة على إجراء تعديلات وعمليات التفاف. يصبح كل كيلومتر في السلسلة عبئاً إضافياً صغيراً- حيث تحتاج مشكلة ما إلى حل، وظرف ما إلى التغلب عليه. وليس أدل على ذلك وضوحاً مما هو الحال في مالي. فقد بدأت بعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام مهامها هناك عام 2013 عندما تسلمت بعثة الأمم المتحدة المتكاملة المتعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي المهمة من بعثة الدعم الدولي في مالي التي يقودها الاتحاد الأفريقي. فُوّضت بعثة الأمم المتحدة بـ 12680 من الجنود ورجال الشرطة الرسميين وكل ما يرافق مثل هذه القوة من دعم. وفي حزيران/ يونيو 2013، أعد تدريب الاتفاق الغربي في أكرا، بغانا القادة للبعثة من خلال سلسلة سيناريوهات مواقع القيادة في مركز كوفي عنان للتدريب على عمليات حفظ السلام الدولية. بل كان واضحاً في ذلك الحين بالنسبة لأحد المشاركين في التدريب أن مالي ستمثل تحديات هائلة. فقد وضع العميد النيجيري كوكو إيسين، الذي يتمتع بخبرة طويلة في بعثات حفظ السلام في بوروندي، وسيراليون ويوغوسلافيا السابقة، جغرافية مالي في الاعتبار. كان تقييمه لمجلة أيه دي إف آنذاك مقتضباً ومحدداً: “سيكون هناك كابوس لوجيستي في مالي”. طول الطريق إلى تمبكتو كانت تمبكتو في وقت من الأوقات محوراً تجارياً هاماً ومستودعاً للفكر والعلوم الإسلامية. ظلت مدينة الذهب القديمة فترة طويلة مرادفة للعزلة. ويعبر اسمها، باللغة الدارجة، عن أبعد أطراف الكرة الأرضية. ولكن بالنسبة للقوات العاملة في بعثة الأمم المتحدة، فإن عزلة المدينة تأخذ معنى حرفياً. مثلها مثل بعض جيرانها- لا سيما الجزائر، وموريتانيا والنيجر- فإن مالي لها عاصمة، باماكو، تقع على أحد طرفي الرقعة الأرضية الشاسعة التي تتركز فيها البنية التحتية، والموارد والوجود الحكومي. ويستغرق انتقال مقر قيادة بعثة الأمم المتحدة من باماكو إلى تمبكتو وغاو، إلى القطاع الغربي والقطاع الشرقي على التوالي، وقتاً طويلاً وشاقاً، رغم أن المسافات تزيد قليلاً عن 1000 كيلو متر. وتقع كلتا المدينتين في منتصف الطريق تقريباً بين العاصمة وأقصى الحدود الشمالية للدولة التي تبلغ مساحتها 2,1 مليون كيلومتر مربع. وتنتشر رمال الصحراء في الشمال، وتغطي التلال وتشكيلات الصخور الجرانيتية الشمال الشرقي، بينما تنتشر السهول القاحلة في الجنوب. ويقطع نهر النيجر وغيره من الممرات المائية أضيق نقطة من وسط البلاد، مما يشكل طبقة أخرى من التحديات اللوجستية. كان إيسين قائداً للقطاع الغربي في تمبكتو من آب/ أغسطس 2013 إلى آب/ أغسطس 2014. وقبل مغادرته بوقت قصير، قاد قوة تدخل سريع مؤلفة من 450 فرداً وثلاث كتائب يتألف كل منها من 850 فرداً. وكان من المخطط وجود كتيبة أخرى من 850 فرداً ولكنها لم تصل بعد. قال لمجلة أيه دي لإف إنه بينما كان في تدريب الاتفاق الغربي، لم يكن يتخيل كم المشاكل اللوجستية التي ستصادف البعثة في مالي. قال إيسين، “بل كان تفكيري في ذلك الوقت في واقع الأمر، أفضل مما صادفته على الأرض. لأنه كان كابوساً لوجستياً إلى أبعد الحدود. كان أسوأ مما توقعته”. مالي: حكاية التضاريس تسرد “التغلب على المصاعب اللوجستية في عمليات سلام معقدة في المناطق المنعزلة”، وهي ورقة من2014 بحثية كتبتها الدكتورة كاثارينا بي. كولمان من جامعة بريتيش كولومبيا، بعض التحديات في بعثة مثل بعثة الأمم المتحدة المتكاملة المتعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي. تجسّد مالي، وهي بلد ليس له منافذ على البحر، مشاكل “البعد النائي الخارجي” و “البعد النائي الداخلي”. وحتى قبل أن تطأ أول أقدام عسكرية الأرض في البلاد، يجب على المنظمين التعامل مع مسألة كيفية نقل الناس، والإمدادات والمعدات دون ميزة توفر ميناء أو عدد أكبر من المطارات ذات التجهيز الجيد. كتبت كولمان تقول إن هذا البعد النائي الخارجي يستهلك الوقت وباهظ التكاليف، ويمكن أن يخضع للأهواء السياسية والبيروقراطية للدول المحيطة عند التفاوض على السماح بالمرور عبرها والتحليق في أجوائها. شركة نقل من ساحل العاج، جزء من بعثة الأمم المتحدة المتكاملة المتعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي، تقوم بتوصيل المياه إلى قوات حفظ السلام التي تحرس المطار في غاو في أيار/ مايو 2014.الأمم المتحدة/ ماركو دورمينو أوضح إيسين أن مطار باماكو- سينو الدولي الوحيد في العاصمة قادر على قبول طائرات تجارية نفاثة كبيرة. وهذا يعني أن أي شحنة تُنقل جواً إلى مالي يجب تفريغها في باماكو وإعادة شحنها في شاحنات أو طائرات نقل عسكرية أصغر، مثل سي-130، لتحملها إلى القواعد الشمالية في تمبكتو وغاو. ولكن هذه هي العقبة الأولى فقط في التعامل مع البعد النائي الداخلي. عند هذه النقطة، تكون بعض أكبر التحديات في بدايتها فقط. الانتقال من النقطة “أ” إلى النقطة “ب” في مالي يشير البعد النائي الداخلي إلى صعوبة الوصول إلى مناطق العمليات الأساسية داخل البلد المضيف للبعثة. كتبت كولمان، الأستاذة المساعدة في العلوم السياسية، تقول، “غالباً ما تكون المناطق النائية داخلياً متخلفة وتفتقر إلى البنية التحتية الوطنية، لذلك قد تكون وسائل النقل، والاتصالات والبنية التحتية الطبية شحيحة. ومن ثم فإن البعد النائي الداخلي يزيد حاجة العملية لإمكانيات النقل الجوي، ووحدات هندسية (بما في ذلك مهندسون لبناء الطرق والمطارات)، وشركات نقل ثقيل، وكلها تحاول الأمم المتحدة الحصول عليها من الدول (لا سيما في الوقت المناسب) والتي هي غالية الثمن إذا تم توريدها من المتعهدين”. بعض هذه القضايا نفسها هي التي أفسدت عمل قوات إيسين في تمبكتو. كان النقل الجوي شحيحاً؛ قامت بعض الدول الغربية بتوفير طائرات سي-130، ولكن الكثير من عمليات النقل اعتمد على قوافل الشاحنات المسافرة من باماكو إلى تمبكتو، وغاو وغيرهما. تقطع قوافل من 50 إلى 60 شاحنة الطريق شمالاً، وفي نحو منتصف المسافة إلى وجهتها، تبدأ الطرق في الاختفاء، ولا يبقى أمامها سوى الصحراء. وفيما تغمر الأتربة والرمال الطرق، كثيراً ما تتعثر الشاحنات المعبأة بحاويات كبيرة. وأحياناً، وخلال الفترات المطيرة، تُغمر الطرق بالمياه. وتضطر الشاحنات إلى الانتظار إلى أن تنحسر المياه. وأحياناً، كما قال إيسين، تفسد الأغذية التي تحملها الشاحنات بعد أن تتعطل لعدة أيام وهي في انتظار الأوناش العسكرية الشحيحة لجرها، وانتشالها ورفعها. وفيما تصبح القوافل على بعد 20 كيلومتراً من تمبكتو، تظل هناك عقبة رئيسية واحدة: عبور نهر النيجر. وهي عملية تحتاج إلى عبّارات، وكل عبّارة يمكن أن تحمل شاحنتين إلى ثلاث شاحنات في المرة الواحدة. ومع وجود نحو 50 شاحنة في القافلة الواحدة، يمكن أن تستغرق هذه المرحلة خمسة أيام. قال إيسين، “نظراً لأن هذه ليست نقاط إنزال متطورة جداً، فإن تحميل ثلاث شاحنات في العبّارة يستغرق وقتاً طويلاً. كما أن تفريغها على الجانب الآخر يستغرق وقتا طويلاً. لذلك، كانت العملية بمثابة فوضى مطلقة”. يبرز وجود شبكة طرق من عدمه، والمشاكل المرتبطة بالنقل الجوي وعبور النهر، مشكلة البنية التحتية في مالي، وأفريقيا ككل. فمن بين 22000 كيلومتر من الطرق في مالي ربعها فقط طرق ممهدة. وقال إيسين، “وصلتنا شاحنات في غضون خمسة إلى ستة أيام قبل مغادرة باماكو. ووصلتنا شاحنات بعد ثلاثة أسابيع من مغادرة باماكو”. الالتفاف حول المشاكل اكتشف إيسين ورجاله بعض الطرق الكفيلة بالتغلب على العقبات اللوجستية، رغم مشاكل البنية التحتية. أحدها العمل مع السكان المحليين والاعتماد على مشورتهم بالنسبة للطرق التي تسلكها الشاحنات خلال الأحوال الجوية السيئة. أضافت توجيهاتهم بعداً قيّماً إلى الأجهزة التقليدية لتحديد المواقع عالمياً. اتفقت كولمان على أن مثل هذه الإدارة المدنية يمكن أن تكون مفيدة، ولكنها قالت إن مثل هذا الاتصال يجب تشجيعه بعناية. قالت لمجلة أيه دي إف، “هناك بالتأكيد، حسب اعتقادي، حجة بيّنة بأن العلاقات مع السكان المحليين في الدول المضيفة بالغة الأهمية للكيفية التي يمكن أن تتصرف بها عملية السلام على الأرض. الملاحظة التحذيرية التي أسوقها هنا ببساطة، كما أعتقد، هي ألا ينتهي المطاف بأفراد حفظ السلام- دون أن يشعروا أنفسهم- بالدخول في علاقات قد يُنظر إليها على أنها إما غير شفافة أو متحيزة”. علاوة على ذلك، يجب على أفراد حفظ السلام أن يتوخوا الحرص في الكيفية التي يشترون بها أشياء من الباعة المحليين، مرة أخرى ليتحاشوا التحيز ويضمنوا ألا يأخذوا موارد من السكان المحليين. مثال ذلك أن تشتري قوة عسكرية كبيرة المياه أو مواد أخرى محلياً على نحو يؤدي إلى نقصها لدى السكان. كان إيسين قادراً أيضاً على الاستفادة من المزايا التي توفرها بعض الدول المساهمة بقوات في بعثة الأمم المتحدة. فقد قدمت بوركينا فاسو، التي تقع على الحدود الجنوبية الشرقية مع مالي، واحدة من الكتائب في تمبكتو. قال إيسين إن الطرق الخارجة من بوركينا فاسو إلى تمبكتو ليست على درجة كبيرة من السوء مثل تلك الخارجة من باماكو، لذلك فإن النقل من ذلك الاتجاه كان أكثر سلاسة. كان لنيجيريا مستشفى من المستوى الثاني في تمبكتو، بينما أسهمت غانا بسرية هندسية هناك. أعضاء من سرية نقل تابعة لساحل العاج من بعثة الأمم المتحدة المتكاملة المتعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي، تقوم بتوصيل شحنة إلى قوات حفظ السلام التي تحرس المطار في غاو في أيار/ مايو 2014.الأمم المتحدة/ ماركو دورمينو قال، “إنهم اتبعوا نفس الطرق، وجلبوا أشياءهم دون أن يُضطروا إلى الذهاب بالبحر إلى ساحل العاج ونقلها بالشاحنات عبر باماكو. فعلى سبيل المثال، عندما كان النيجيريون يقيمون مستشفى من المستوى الثاني، حصلوا على تصريح أمني من جميع الدول الواقعة بين نيجيريا ومالي، أي بوركينا فاسو والنيجر، ومتى حصلوا على التصاريح وضعوا الشاحنات على الطرق…وجاءوا برياً قاطعين كل الطريق من نيجيريا إلى تمبكتو”. وكان أول تحد رئيسي لهم هو عبور نهر النيجر. وبالمثل، كما قال إيسين، فإن كتيبة توغو نقلت عتادها عبر توغو إلى النيجر، عبر بوركينا فاسو وحتى تمبكتو. وفيما يتعلق بقضية البنية التحتية، كثيراً ما تواجه البعثات العسكرية الكبيرة تحدياً ذا وجهين. الأول، تضطر إلى الالتفاف حول شبكات النقل الضعيفة أو المنعدمة، مثل الموانئ، والمطارات والطرق البرية. عندئذ، حتى عندما توجد الطرق، فإن الشاحنات الثقيلة، والأوناش وحاملات الجنود المدرعة تتلفها أحياناً. وكانت سرية الهندسة العسكرية الغانية قادرة على أداء بعض الإصلاحات الطفيفة في الطريق حتى تواصل المركبات السير في المنطقة. عمل إيسين كنائب رئيس التخطيط العسكري في مقر الأمم المتحدة بنيويورك لأربع سنوات. قال إن بعثات حفظ سلام أخرى، كتلك الموجودة في السودان وجمهورية الكونغو الديمقراطية، وبعثات أصغر كتلك الموجودة في بوروندي، وساحل العاج، وليبيريا وسيراليون، كانت إدارتها أسهل من الناحية اللوجستية لأن معظم تلك الدول لديها موانئ وليس في معظمها صحاري كبرى مثل مالي. ”أعتقد أن مالي شكلت أمام الأمم المتحدة تحدياً لوجستياً ربما كان غير مسبوق”. لقطة: بعثة الأمم المتحدة المتكاملة المتعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي أسرة أيه دي إف بدأت بعثة الأمم المتحدة المتكاملة المتعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي، في صيف 2013. سقطت حكومة مالي الديمقراطية في انقلاب وقع في آذار/ مارس 2012 في أعقاب تمرد للطوارق في الشمال. وبعد ذلك بوقت قصير، بدأت عدة فصائل، من بينها الحركة الوطنية للطوارق لتحرير أزواد، وأنصار الدين والقاعدة في المغرب الإسلامي، تشعل الفوضى، وتستولى على مدن، وتهدد بالتقدم جنوباً باتجاه العاصمة باماكو. تدخلت القوات الفرنسية والتشادية في كانون الثاني/ يناير 2013 بالعملية سيرفال، مستعيدة مدينتي تمبكتو وغاو. بدأ الفرنسيون يسحبون قواتهم في نيسان/ إبريل 2013، وبدأت القوات العاملة في بعثة الدعم الدولية بقيادة أفريقية في مالي، والتي كانت قد دخلت مالي في شباط/ فبراير، تدعم القوات المالية. القوة الرسمية 12680 إجمالي الأفراد العسكريين 11240 فرد عسكري، من بينهم 40 مراقباً عسكرياً 1440 شرطة (من بينهم وحدات تشكيلية) القوة اعتبارا من 20 حزيران/يونيو 2015 10207 إجمالي الأفراد العسكريين 9149 فرد عسكري 1058 الشرطة (بما في ذلك الوحدات المشكلة) الدول المساهمة بأفراد عسكريين بنغلاديش، بنين، بوتان، البوسنة والهرسك، بوركينا فاسو، كمبوديا، الكاميرون، تشاد، الصين، ساحل العاج، الدنمارك، جيبوتي، جمهورية الكونغو الديمقراطية، مصر، السلفادور، إستونيا، فنلندا، فرنسا، غامبيا، ألمانيا، غانا، غينيا، غينيا- بيساو، إندونيسيا، إيطاليا، الأردن، كينيا، ليبيريا، مدغشقر، موريتانيا، نيبال، هولندا، النيجر، نيجيريا، النرويج، البرتغال، رومانيا، رواندا، السنغال، سيراليون، السويد، سويسرا، توغو، تونس، تركيا، المملكة المتحدة، الولايات المتحدة واليمن. الدول المساهمة بأفراد شرطة بنين، بوروندي، الكاميرون، تشاد، ساحل العاج، جيبوتي، جمهورية الكونغو الديمقراطية، فرنسا، ألمانيا، غانا، غينيا، الأردن، مدغشقر، هولندا، النيجر، نيجيريا، رومانيا، رواندا، السنغال، السويد، توغو، تونس، تركيا واليمن.