أسرة منبر الدفاع الإفريقي
تمتد غابات ميومبو في أجزاء من ثمانية بلدان إفريقية، من بوروندي إلى أنغولا إلى جنوبي موزمبيق، إلا أن معظم الأشجار التي تُقطع فيها تعود بالنفع على دولة واحدة: الصين.
على النقيض من الغابات المطيرة الواقعة شمالها، توصف غابات ميومبو بأنها أراضٍ عشبية استوائية جافة، وتغطي 10% من مساحة اليابسة في إفريقيا، وتقوم عليها حياة أكثر من 150 مليون إفريقي. وتنمو بها مجموعة متنوعة من أنواع الأشجار، يتميَّز الكثير منها بخشب أحمر اللون يحظى بشعبية بين صناع الأثاث الصينيين والطبقات الراقية التي تشتري منتجاتهم. وبعض الأشجار من الأنواع المعروفة بخشب الورد، وبعضها، مثل خشب النمر، يحظى أيضاً بشعبية بين قاطعي الأخشاب الصينيين.
إن ابتغاء ما تجود به غابات ميومبو يشجع شبكة من قطع الأشجار غير القانوني والفساد، يفضي عملها إلى وصول أخشاب بملايين الدولارات إلى شواطئ الصين كل عام، وكشف تقرير أعدته هيئة الإذاعة البريطانية أن أخشاباً من ميومبو تتجاوز قيمتها 18 مليون دولار أمريكي وصلت إلى الصين من موزمبيق في الفترة من تشرين الأول/أكتوبر 2023 وآذار/مارس 2024، وانتقلت في أكثر من 300 حاوية شحن من ميناء بيرا.
ولا تتوقف شحنات الأشجار المقطوعة بطرق غير قانونية من البلدان الإفريقية مع أن الصين حظرت استيراد أخشاب الأنواع المهددة بالانقراض مثل خشب الورد، ولكن تمهد الرشاوى الطريق لمثل هذه الشحنات، وأفادت هيئة الإذاعة البريطانية أن الأموال التي تخرج من قطع الأشجار غير القانوني تمول الأنشطة الإرهابية.
ولا يزال قطع الأشجار وشحنها ينتهكان إعلان مابوتو، المعروف أيضاً بمبادرة ميومبو، ويهدف إلى وقف قطع الأشجار غير القانوني والتصدي لما يهدد النظام البيئي.
ووقعت تسع دول على الاتفاقية: أنغولا وبوتسوانا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وملاوي وموزمبيق وجنوب إفريقيا وتنزانيا وزامبيا وزيمبابوي. أما جنوب إفريقيا، فهي لا تقع داخل غابات ميومبو، لكنها مدرجة بسبب خبرتها في إدارة الغابات.
وذكر مراقبون أن شركات قطع الأشجار الصينية العاملة في غابات ميومبو عبارة عن شركات خاصة ولا تؤول ملكيتها للدولة، ومن أكبرها شركة «فوديكو»، وهي شركة ليس لها خبرة في مجال قطع الأشجار الصناعي، وحصلت على امتياز ضخم لقطع الأشجار في جمهورية الكونغو الديمقراطية في عام 2015. وكان لديها آنذاك واحداً من 18 تصريحاً من هذا القبيل مُنحت في انتهاك للحظر الذي تفرضه الكونغو منذ 22 عاماً على إصدار تصاريح جديدة لقطع الأشجار.
وقد وُقعت مبادرة ميومبو في عاصمة موزمبيق، وقد أمست تلك العاصمة مثالاً على ما تقوم به الشركات الصينية من استغلال غابات ميومبو.
وما تخسره موزمبيق من غابات ميومبو كل عام يعادل 1,000 ملعب كرة قدم، وكشفت وكالة التحقيقات البيئية أن أكثر من 89% من صادرات الأخشاب غير قانونية، والكثير منها عبارة عن أشجار خشب الورد النادرة والمهددة بالانقراض.
وصدَّرت موزمبيق نحو 3.7 مليون طن من الأخشاب إلى الصين بين عامي 2017 و2023، الكثير منها عبارة عن خشب الورد، وبعضها يأتي من مناطق يسيطر عليها الإرهابيون داخل موزمبيق، فيمولون عملياتهم منها.
وأوضح باحثون في شبكة ميومبو ومقرها ملاوي أن الدول التي تشترك في غابات ميومبو لا يوجد بها عموماً خطط الإدارة والقوانين اللازمة لكيلا يؤثر قطع الأشجار على بقاء الغابة.
وذكر باحثون في موقع «غلوبال فويسز» أن تلك الشركات تعمل في موزمبيق، أكبر دولة تُصدر الأخشاب في جنوب القارة، على نقل جذوع الأشجار التي تُقطع بطرق غير قانونية من الحقول إلى مصانع الأثاث مقابل رشوة مسؤولين حكوميين بما لا تتجاوز 500 دولار.
ويقول الباحثون في مقال لهم مؤخراً: ”يسهّل هؤلاء المسؤولون الحكوميون التواصل وتأمين المرور في نقاط التفتيش، وهذا شكلٌ آخر من أشكال التواطؤ لانتهاك حظر قطع الأشجار.“
وصرَّح السيد فيليب نيوسي، رئيس موزمبيق، في مؤتمر مخصص للحفاظ على غابات ميومبو أن الدول الواقعة داخلها يجب أن تتعاون على حمايتها.
وقال: ”التعاون سبيل النجاح.“
إن استغلال الصين لغابات ميومبو في الوقت الراهن يتجاوز قدرتها على التجدد.
ويقول باحثو شبكة ميومبو في دراسة أجروها في عام 2018: ”قطع الأشجار في غابات ميومبو غير مستدام، ولئن كانت بها بعض الأمثلة على القطع المستدام، وترتب على ذلك أن معظم أنواع الأخشاب أمست منقرضة للاستغلال الاقتصادي.“