أسرة منبر الدفاع الإفريقي
تأتي «ضبابية الدماغ» ضمن السمات الرئيسية للحالة المعروفة بمصطلح «كورونا طويل الأمد»، وهي مشكلة مستمرة يعاني منها بعض المتعافين في تذكر المعلومات وتنظيم أفكارهم.
كشف بحث جديد أنَّ ضبابية الدماغ قد ترتبط باستجابة الجسم لفيروس كورونا (كوفيد-19)، إذ يمكن أن يتسبب في نوع من الانهيار في خلايا الدماغ يشيع لدى المرضى الذين يعانون من اضطرابات عصبية كالفصام [انفصام الشخصية] ومرض الزهايمر ومرض الشلل الرعاش [داء باركنسون].
يشكو ما يقرب من ربع المتعافين من كورونا من بعض الأعراض المصنفة ضمن أعراض كورونا طويل الأمد، ويبلغ عددها 200 عرَض، ويمكن أن تشمل هذه الأعراض كل شيء، بداية من الإجهاد ووصولاً إلى مشاكل الدورة الدموية وآلام العضلات.
تحتل ضبابية الدماغ مرتبة عالية في قائمة أعراض كورونا طويل الأمد التي يشكوا منها المتعافون، ويعتقد باحثون في معهد كارولينسكا بالسويد أنَّ السبب قد يكمن في أحد مكونات جهاز المناعة يُعرف بالخلايا الدبقية الصغيرة، فهذه الخلايا أشبه بالعمال المسؤولين عن تنظيف خلايا الجسم عن طريق التهام الخلايا الميتة على سبيل المثال.
وتعمل داخل الجهاز العصبي المركزي (الدماغ والحبل الشوكي) على تقليم أطراف الخلايا العصبية، فتزيل النقطة التي تتواصل فيها الخلايا العصبية عبر المشابك العصبية التي تفصل بينها، فتنفصل الخلايا المصابة عن الخلايا التي تجاروها.
وذكر الدكتور كارل سيلغرين، الباحث بمعهد كارولينسكا، في مقاله على موقع «كونفرسيشن»، أنَّ فقدان هذه الروابط يثير بواعث القلق من أنَّ المتعافين من كورونا يتزايد تعرضهم لخطر الإصابة بالخَرَف في المستقبل.
فيقول: ”إنَّ الإفراط في إزالة المشابك العصبية التي رأيناها في النماذج المصابة بكورونا يمكن أن يفسر سبب شكوى البعض من أعراض إدراكية خلال معاناتهم من كورونا طويل الأمد.“
اختبر الباحثون تأثير كورونا على خلايا المخ في المختبر عن طريق تكوين مجموعات صغيرة من خلايا المخ تعرف باسم «العضوانيات»؛ ولا يختلف أداؤها عن أداء نظيراتها الأكبر، خاصة عند تعرضها لكورونا.
وكشف بحث سيلغرين أنَّ عملية فقدان الروابط العصبية ظهرت في العضوانيات بعد تعرضها لكورونا أكثر من المتوقع في الظروف العادية بنحو ثلاثة أضعاف، وأخذت العضوانيات تفقد تلك الروابط بعد إصابتها بالفيروس بثلاثة أيام.
وكشفت الدراسات التي أُجريت على أدمغة مَن ماتوا بسبب كورونا في المستشفيات عن فقدان المادة الرمادية، وهي الخلايا التي تشكل الطبقة الخارجية للدماغ ووظائف التحكم كالتحكم في العضلات والإدراك الحسي واتخاذ القرار.
وتوصل باحثون آخرون إلى أنَّ كورونا يتسبب أيضاً في إتلاف المادة البيضاء في الدماغ؛ وهي الأجزاء الداخلية من الدماغ التي تنقل الإشارات بين أقسام المادة الرمادية.
ونوَّه سيلغرين إلى أنَّ بحث فريقه ”يكشف آلية جديدة محتملة تساهم في حدوث الإعاقات الإدراكية لدى المتعافين من كورونا.“
وقال إنَّ اكتشاف دور الخلايا الدبقية الصغيرة في كورونا طويل الأمد يمكن أن يكون سبيلاً لعلاج المرضى من الآثار العصبية المصاحبة للمرض. وقد قلل المضاد الحيوي «المينوسكلين» من تأثير تلك الخلايا في المختبر.
ويقول سيلغرين: ”ولذا نريد أن نرى ما إذا كان هذا العقار يمكن أن يساعد في نماذج الدماغ العضوانية بعد الإصابة بفيروس «سارس-كوف-2» (كورونا).“