أسرة منبر الدفاع الإفريقي
إن الصراع الذي يبدو مستعصياً بين حركة 23 آذار/مارس المتمردة وقوات الأمن في شرقي جمهورية الكونغو الديمقراطية دفع بعض المراقبين إلى الضغط لإيجاد حل بديل خشية نشوب حرب إقليمية في قلب إفريقيا.
كتب الدكتور أنطوني فان نيوكيرك، الأستاذ بكلية تابو إيمبيكي الإفريقية للشؤون العامة والدولية بجامعة جنوب إفريقيا، على موقع «كونفرسيشن» مؤخراً يقول: ”من الجلي أن الخيار العسكري غير كافٍ لرأب الصدع التاريخي والعرقي العميق والمرهون بالموارد في وسط إفريقيا، كما يحدث في الكونغو الديمقراطية. فعلى القادة الأفارقة اللجوء إلى الخيارات الدبلوماسية لزيادة تدابير نشر الاستقرار.“
ويتصدر قائمة الخيارات الدبلوماسية وقف إطلاق النار بين حركة 23 آذار/مارس والجيش الكونغولي وقوات حفظ السلام التي تضم الأمم المتحدة وبعثة مجموعة تنمية جنوب إفريقيا (السادك) بقيادة جنوب إفريقيا.
فحركة 23 آذار/مارس أبرز حركة وسط العشرات من الجماعات التي تتقاتل على الأراضي والموارد في شرقي الكونغو الديمقراطية الغني بالمعادن، وأهالي محافظات إيتوري وكيفو الشمالية وكيفو الجنوبية عالقون في المنتصف.
وقالت السيدة جويس مسويا، مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ونائبة منسق الإغاثة الطارئة، لمجلس الأمن في نيسان/أبريل: ”ما أروع صمود شعب الكونغو الديمقراطية! ولكن تدفعهم تحديات جسام إلى شفير الكارثة.“
صدر قرار بوقف إطلاق النار 15 يوماً يوم 5 تموز/يوليو، ولم يكد يمر أسبوع حتى انتُهك عندما قتلت مدفعية طفلين وأصابت آخرين في قرية بويريمانا، الواقعة على بُعد نحو 15 كيلومتراً غرب غوما، عاصمة محافظة كيفو الشمالية، وقال شهود عيان إن هذه المدفعية جاءت من مواقع الحركة.
وبعد الإعلان عن تمديد وقف إطلاق النار 15 يوماً في منتصف تموز/يوليو، أعلنت السلطات الأوغندية أنها ستستضيف محادثات رفيعة المستوى بين الكونغو والحركة؛ وأكدت الحركة صدق الخبر ونفاه المسؤولون الكونغوليون.
فكتب السيد باتريك مويايا، وزير الاتصالات والإعلام في الكونغو، منشوراً على موقع إكس يقول فيه: ”لم تكلف الحكومة أحداً لإجراء مثل هذه المناقشات مع الإرهابيين من قوات الدفاع الرواندية أو حركة 23 آذار/مارس في كمبالا.“
أدى الدعم الذي تحظى به الحركة من رواندا إلى إحداث شرخ بين قادة رواندا والكونغو، ويخشى المراقبون أن يتسبب هذا الشرخ في نشوب حريق أكبر. وقد أثار هذا الوضع ممثلي البلدين في الأمم المتحدة لأن يلقيا كلمات حادة مؤخراً، إذ اتهم ممثل الكونغو رواندا بإحباط جهود السلام طمعاً في إنشاء منطقة نفوذ لها في شرقي الكونغو.
ويدعو قادة القارة والعالم إلى تهدئة الصراع في شرقي الكونغو وإيجاد تسوية بالجلوس إلى مائدة المفاوضات لإنهاء القتال، ويرى فان نيوكيرك أن الحل لا بدَّ أن يبدأ بالقادة.
وكتب يقول: ”إحجام النخب الحاكمة في وسط إفريقيا عن تحمل المسؤولية عن الحرب يثير التساؤل عما يجب القيام به لنشر السلام والتنمية.“
ولتحقيق هذه الغاية، أوفد الاتحاد الإفريقي السيد جواو لورينسو، رئيس أنغولا، للتوسط بين زعيمَي الكونغو ورواندا، فالتقى بكل منهما على حِدة في لواندا، وجمعهما على هامش قمة الاتحاد الإفريقي في شباط/فبراير.
وأجمعت الكونغو ورواندا ودول جوارهما في المنطقة على الاعتراف بعمليتي السلام في لواندا ونيروبي اللتين وُضعتا في عام 2022 واتخاذهما مساراً لتأمين شرقي الكونغو. وتدعو العمليتان إلى وقف إطلاق النار تحت الإشراف والقضاء على القوات الديمقراطية لتحرير رواندا، إذ يريد قادتها الإطاحة بالحكومة الرواندية.
وفي الوقت ذاته، يدعو الخبراء إلى تعزيز بعثة السادك التي تعاني من تعثر مالي لتمكين الوسطاء من العمل. وستكون بعثة السادك قوة حفظ السلام الوحيدة الموجودة في المنطقة عندما تنسحب الأمم المتحدة في نهاية العام. وقد عانت البعثة منذ نشرها في المنطقة من مشاكل في العتاد وأسقطت حركة 23 آذار/مارس الكثير من القتلى في صفوفها.
وذكر المحلل أندرو مكريغور في مقال لمؤسسة جيمس تاون أنه حتى لو تمكن المفاوضون من التوصل إلى حل سلمي للصراع مع الحركة، فلن يحل ذلك سوى واحدة من مختلف القضايا التي تواجه شرقي الكونغو الديمقراطية.
فكتب يقول: ”كما هي الحال مع أغلب الصراعات التي يطول أمدها، فقد وجد الكثير من مختلف المشاركين في الصراع من أجل كيفو الشمالية سبلاً للاستفادة من استمراره، لا من حله، وهذا يئد أي تحسن متوقع في الوضع الأمني.“