أسرة منبر الدفاع الإفريقي
لا يسع أحد أن ينكر تنامي وجود تركيا في إفريقيا، وهي إنما تفعل ذلك عن قصد، إذ تتطلع إلى بسط نفوذها في القارة، فأكثرت من صولاتها وجولاتها فيها في السنوات الأخيرة.
وتنتعش تجارة تركيا، وتضاعفت صادراتها إلى إفريقيا تقريباً في أقل من عقد من الزمان، وارتفع عدد سفاراتها في القارة من 12 سفارة في عام 2005 إلى 44 سفارة اليوم.
وتقول السيدة تيريزا نوغيرا بينتو، خبيرة الشؤون الإفريقية في موقع خدمات الاستخبارات الجيوسياسية، إن استثمارات تركيا متعددة الأوجه تؤتي ثمارها، ولا سيما في قطاع الأمن.
وكتبت في تقرير نُشر يوم 9 نيسان/أبريل تقول: ”لأنقرة وجود مهم بالفعل في شمال إفريقيا والقرن الإفريقي، وأبرمت اتفاقيات دفاع مع دول في غرب وشرق إفريقيا، مثل إثيوبيا وغانا وكينيا ونيجيريا ورواندا.“
ومضت تقول: ”تتباين تفاصيل الصفقات، فتتراوح من الأمن والدعم الفني إلى التدريب العسكري، إلا أنها غالباً ما تتضمن بنوداً عن مبيعات الأسلحة.“
ومن المتوقع أن توافق الحكومة التركية هذا العام على اتفاقية عسكرية لتدريب الجيش والقوات الخاصة الأوغندية واتفاقية أخرى مع موزمبيق لتبادل المعلومات الاستخبارية العسكرية.
ويُعد الصومال أهم شريك لتركيا في إفريقيا، وقد أُنشأت أكبر قاعدة عسكرية أجنبية لها في العاصمة مقديشو في عام 2017، وتقدم التدريب العسكري للقوات الصومالية منذ سنوات، إذ تخوض هذه القوات صراعاً ضارياً مع حركة الشباب الإرهابية التابعة لتنظيم القاعدة.
وبعد أن أبرمت إثيوبيا اتفاقاً مع منطقة أرض الصومال الانفصالية لتحصل على منفذ بحري، تشجعت الصومال على توسيع شراكتها الدفاعية مع تركيا في شباط/فبراير، فرست البارجة التركية «كيناليادا إف 514» في ميناء مقديشو يوم 23 نيسان/أبريل، وأرسلت بذلك رسالة واضحة لمناوئيها.
وقال السيد ألبير أكتاس، سفير تركيا، في حفل أُقيم في ذلك اليوم: ”أمن الصومال من أمن تركيا، ولم نفصل قط استقرار الصومال عن استقرار وطننا.“
وبذل رجب طيب أردوغان، رئيس تركيا، جهوداً متضافرة لوضع بلاده في مصاف القوى العالمية.
وتقدم تركيا نفسها في إفريقيا على أنها تغني عن روسيا والصين، بل بلغ الأمر من أردوغان أن وصف تركيا بأنها دولة ”أفرو-أوراسية.“
وقال الدكتور أحمد قاسم هان، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة بيكوز، لهيئة الإذاعة البريطانية: ”إن إدارة أردوغان حريصة أشد الحرص على استغلال الفرص التي تسنح بفضل موقف تركيا، وباتت تركيا مرشحة تلقائياً لتكون من الوسطاء.“
وأضاف: ”تتنافس الصين وروسيا على النفوذ الجيوسياسي في المنطقة، وتعتقد حكومة تركيا أن وجودها في إفريقيا سيسهم في تعضيد نفوذها في السياسة العالمية.“
ولكن لا تسلم صولات تركيا في إفريقيا من ألسنة المنتقدين وأقلامهم.
فقد تدخل الجيش التركي في عام 2020 لدعم الحكومة الليبية التي تعترف بها الأمم المتحدة وشارك في إخراج الجيش الوطني الليبي من العاصمة طرابلس. ورأى البعض أن تركيا إنما تفعل ما تفعل لتستغل الموارد والحدود البحرية في منطقة البحر المتوسط ومواجهة نفوذ مصر والإمارات.
وأمست الطائرات المسيَّرة التركية من الأسلحة التي يكثر شيوعها في الصراعات الإفريقية، والدليل على ذلك أن صادرات تركيا الدولية في مجال الدفاع والفضاء ارتفعت بنسبة 27% في عام 2023، لتصل إلى مستوىً قياسي بلغ 5.5 مليار دولار أمريكي.
وتقول بينتو: ”للمنتجات الدفاعية التركية مزايا كثيرة للدول الإفريقية؛ فهي ميسورة التكلفة ويُعتمد عليها، واُختُبرت في ليبيا وسوريا، وفي أوكرانيا مؤخراً.“
ومضت تقول: ”أما الدول التي تواجه حركات تمرد، وتعاني جيوشها من نقص الموارد وحدود يسهل اختراقها، مثل توغو والنيجر ونيجيريا والصومال، فإن مسيَّرات تركيا وخبرتها في مكافحة الإرهاب عظيمة النفع.“