أسرة منبر الدفاع الإفريقي
كبَّدت الهجمات السيبرانية الحكومات والشركات الإفريقية والمواطنين الأفارقة خسائر تُقدَّر بنحو 2.5 مليار دولار أمريكي في عام 2020. ومن المحتمل أن يرتفع هذا الرقم إلى 3.7 مليار دولار خلال السنوات القليلة القادمة، ويرجع ذلك جزئياً إلى غياب الاستثمار المنسق على مستوى القارة في مجال الأمن السيبراني.
تنتشر خدمات الإنترنت بسرعة في ربوع إفريقيا، فقد انتشر الإنترنت بنسبة 28٪ على مستوى القارة، لكنه يتجاوز 50٪ في نيجيريا و85٪ في كينيا، وهما من أكثر دول القارة التي تستهدفها الهجمات السيبرانية.
ويتصل ما يقرب من 72٪ من سكان جنوب إفريقيا بالإنترنت، وتنفق الدولة على الأمن السيبراني ما يفوق أي دولة إفريقية أخرى، ولكن كشفت شركة «كيرني»، وهي شركة إدارة عالمية لها مكتب في جوهانسبرج، أن مواطنيها لا يزالون عرضة لهجمات محترفي الاحتيال والمجرمين وغيرهم من مجرمي الإنترنت.
وكتب محللو كيرني في تقرير موجز منشور مؤخراً يقولون:”باتت المنطقة هدفاً رئيسياً للهجمات السيبرانية بسبب تزايد أهميتها الاستراتيجية نظراً لتنميتها الاقتصادية وتطور المشهد الرقمي. وغياب الإطار الموحد، حتى بين الدول الأكثر استعداداً، يجعل الجهود الإقليمية جهوداً طوعية إلى حد بعيد، وهذا يؤدي إلى التقليل من القيمة المعرضة للخطر وتراجع الاستثمار بشدة.“
ويرون أن الحل يكمن في مضاعفة الإنفاق لإنشاء مركز قاري لتطوير دفاعات الأمن السيبراني.
ويقولون: ”لا تستطيع دولة ولا شركة ولا فرد التغلب على تحديات الأمن السيبراني بمفرده؛ فلا بدَّ للبلدان الإفريقية من النهوض بقدرات الكوادر الإفريقية في مجال الأمن السيبراني.“
تنفق جنوب إفريقيا نسبة 0.19٪ من ناتجها المحلي الإجمالي، أو نحو 800 مليون دولار، على الأمن السيبراني؛ وهذه النسبة تعادل ثلاثة أضعاف متوسط الـ 0.06٪ من الناتج المحلي الإجمالي الذي تنفقه دول شمال إفريقيا ونحو ستة أضعاف متوسط الـ 0.03٪ من الناتج المحلي الإجمالي الذي تنفقه سائر دول إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.
كما أنها أقل بكثير من الـ 22 مليار دولار التي توصي كيرني بإنفاقها على الأمن السيبراني على مستوى القارة.
ويقول معدو التقرير: ”في المقام الأول، سيتطلب الأمر عقلية دفاعية نشطة غايتها تحقيق التعاون بين الدول للدفاع عن موارد إفريقيا والاستفادة منها.“
أنشأت جنوب إفريقيا مركزها الوطني للأمن السيبراني، المعروف باسم الفريق الوطني للاستجابة لحوادث أمن الكمبيوتر، في عام 2012. وصرَّحت حكومة جنوب إفريقيا أن الفريق مكلف بإنشاء بيئة آمنة لاستخدام الإنترنت للتواصل والتآلف والعمل.
وقالت وزارة الاتصالات وخدمات البريد بجنوب إفريقيا:”يعتبر مرجعاً في مسائل الأمن السيبراني، ويتولى تنسيق أنشطة الاستجابة للأمن السيبراني وتيسير تبادل المعلومات والتكنولوجيا.“
ومع ذلك، كشفت كيرني أن جهود جنوب إفريقيا لا تزال تحتاج إلى التحسين، إذ تُصنف ضمن أفضل خمس دول في القارة تتصدى لمشكلات الأمن السيبراني، لكنها لا تزال متخلفة عن الركب فيما يتعلق بجهود الحكومة لتنظيم الأمن السيبراني وبناء الوعي العام بالمخاطر التي يشكلها المهاجمون الإلكترونيون.
وذكرت كيرني أن قطاع الأمن السيبراني المتنامي في المنطقة يعاني من ضعف القدرات والخبرات المحلية، ولذلك لا يقدم أحد هذه النوعية من المنتجات والحلول الشاملة التي يمكنها المساعدة في حماية مستخدمي الإنترنت في القارة التي يتزايد ترابطها ببعضها البعض.
فحتى عهد قريب، اقتصرت تجربة الكثير من البلدان الإفريقية مع الهجمات السيبرانية الموسعة على الأساليب البدائية والجماعات الإجرامية، ولكن تتغير الأمور بسرعة؛ إذ تتزايد هجمات برامج الفدية في ربوع القارة، فيقوم فيها المهاجمون بإغلاق نظام الكمبيوتر لحين دفع الفدية المطلوبة مقابل إعادة فتحه.
ولا شك أن أي جهد لإنشاء مركز قاري للأمن السيبراني لن يسلم من تحديات شتى، من بينها الفكرة السائدة بين بعض القيادات الحكومية بأن الأمن السيبراني يعتبر مشكلة تجارية من الأفضل تركها للقطاع الخاص لحلها.
وثمة عائق آخر أمام إنشاء نظام قاري للأمن السيبراني يتمثل في غياب التعاون عبر الحدود بسبب عدم الثقة بين الحكومات.
وكلما طال الأمد لحل هذه التحديات، ازدادت صعوبتها مع تطور التكنولوجيا وإقبال المزيد من أبناء إفريقيا على العالم الرقمي.
فيقول محللو كيرني: ”يجب أن تكون الاستجابة لتحديات الأمن السيبراني شاملة وتعاونية، فلا تستطيع البلدان الإفريقية عزل نفسها، ويتفاقم التهديد على إثر الترابط بين الأنظمة.“