فيسبوك تويتر لينكدإن بينتيريست البريد الإلكتروني الرعاة والمزارعون الأفارقة في صراع.بوكو حرام تبحث عن فرصة. أسرة عمل أيه دي إف على مدار أجيال، كان رعاة قبيلة الفولاني يجوبون شمال أفريقيا ويرعون حيواناتهم. وفي فترة الـ 60 عامًا من أفريقيا ما بعد الاستعمار، أصبحت حياة الرعاة – المعروفين أيضًا باسم مربي الماشية – أكثر صعوبة، حيث إنهم يتنافسون مع المزارعين على الأراضي الخصبة، وغالبًا ما يلجؤون إلى العنف. ومنذ عام 2000، توفي عشرات الآلاف من الأفراد في أعمال العنف ذات صلة بالرعاة في نيجيريا وحدها. أما الآن، فإن المتطرفين – منهم جماعة بوكو حرام الإرهابية – يهاجمون الرعاة وماشيتهم، وكل ذلك في الوقت الذي يشجعونهم على التمرد ضد المزارعين والانضمام إلى دعم قضايا المتطرفين. إن الفولانيين – الذين أغلبهم من المسلمين – ليسوا هم وحدهم المستهدفين من المتطرفين. حيث تمتد أيادي الجماعات المتطرفة المختلفة إلى منطقة الساحل الأفريقي وحوض بحيرة تشاد والقرن الأفريقي. رعاة يرعون قطيعًا من الماشية في منطقة قاحلة. غالبًا ما يكون بين المزارعين والرعاة نزاعات حول المياه في المناطق الصحراوية في أفريقيا. آي ستوك يقول الخبراء إن معظم المزارعين والرعاة يتعايشون سلميًا. وعندما تتدهور العلاقات وتتحول إلى العنف، فعادةً ما يكون ذلك بسبب النزاعات المحلية التي لا تزال دون حل، جنبًا إلى جنب مع المنافسة على الأراضي والموارد التي تزداد ندرتها بمرور الوقت. وفي هذا الصدد، قالت فاندا فلباب براون من معهد بروكينغز: “إن الكثير من الصراع….بين المسيحيين والمسلمين يتعلق بالأرض والوصول إلى المياه. لكن بوكو حرام تستغل تلك المشاعر وتؤججها”. يتراوح عدد السكان من قبيلة الفولاني ما بين 20 و25 مليون نسمة، مع تواجد عدد كبير من السكان في بوركينافاسو والكاميرون وغينيا ومالي وموريتانيا والنيجر ونيجيريا والسنغال. يتكون حوالي ثلثهم من الرعاة، مما يجعلهم أكبر ثقافة تقوم على رعي الماشية من هذا النوع في العالم. وأسلوب حياتهم يستلزم التنقل، مع تجول الرعاة لتلبية الاحتياجات الغذائية والمائية واحتياجات الحماية من المناخ الخاصة بماشيتهم. يضطر الرعاة من قبيلة الفولاني إلى التنافس مع المزارعين على الأراضي الخصبة، بسبب النمو السكاني والاحتباس الحراري والجفاف. إن الصحراء في اتساع وبحيرة تشاد تتقلص. وقد دعا بعض الحكام في شمال نيجيريا إلى تدخل الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا لوقف الاشتباكات المستمرة بين الرعاة والمجتمعات الزراعية المحلية في عدة ولايات داخل نيجيريا. وقد ذكرت صحيفة بريميوم تايمز النيجيرية في أبريل/نيسان 2017 أن البلاد تحاول إقامة طريقٍ للماشية يبلغ طوله 6000 كيلومتر لمنع الرعاة من عبور الأراضي الزراعية. ولأن رعاة قبيلة الفولاني نادرًا ما يستقرون في مكان، فهم لا يتمتعون بقوة سياسية تذكر. وهذا يجعلهم عرضةً للاستقطاب من جانب المتطرفين. وفي مايو/أيار من عام 2013، خلص المسؤولون الذين حضروا مؤتمرًا في تشاد إلى أنه إذا كان الرعاة قد تلقوا دعمًا حكوميًا أكبر، فلربما شكلوا خطًا دفاعيًا منظمًا ضد المتطرفين. وكان في الإمكان – حسب قول هؤلاء المسؤولين – تشجيع الرعاة على السيطرة والإشراف على مناطق المراعي التي لا يمكن أن تصل إليها قبل قوات الأمن الوطني بسهولة. ويقول الباحث أنور بوخارس في مقالٍ كتبه لمجلةWorld Politics Review :”إن الفولانيين الرحالة الساخطين يشكلون عنصرًا بارزًا في العنف الإرهابي الذي يُشن في غرب أفريقيا، وهذا الأمر في ازدياد”. وأضاف: “لقد أصبح اتجاه انضمام مجتمعات الرعاة البدويين الساخطين إلى الجماعات المتطرفة العنيفة واضحًا في وقت مبكر من عام 2012”. في تلك السنة، بدأ الرعاة الرُحَّل الشباب في وسط مالي يطالبون المتطرفين بالتدريب العسكري والحماية من العصابات التي تجوب البلاد والتي كانت تسرق قطعانهم. إن شكاوى الفولانيين تستحق وضعها بعين الاعتبار. فهناك قوانين في جميع أنحاء أفريقيا تمنح معاملةً تفضيلية وحقوقًا في الأراضي للسكان القاطنين والمستوطنين بها، لا سيما أولئك الذين ترجع أصولهم إلى منطقة معينة. وحتى عندما تقوم الحكومات بإنشاء مجموعات وآليات لتسوية نزاعات الأراضي بشكل نزيه ومنصف، فإنها تفضل عمومًا المزارعين الذين لديهم بالفعل سلطات إقليمية محددة تحديدًا جيدًا. وقد حمل الرعاة السلاح ضد المزارعين الذين وصفوهم بأنهم لصوص متجولون. ووصفهم المزارعون أيضًا بأنهم متطرفون يتنكرون في زي رعاة. ولكن لا يزال هناك حالة من الشك بشأن مدى تعاون الرعاة مع الجماعات المتطرفة. يقول معهد الفكر الدولي تشاتام هاوس في مايو/أيار 2016 “إن العنف قد أزهق بالتأكيد حياة مئات من الرعاة والمستوطنين هذا العام وحده، ولكن المعلومات الدقيقة نادرة”. ويضيف: “ولا يزال من المبهم ما إذا كان هذا نتاج التوترات طويلة الأمد بين الطوائف، والتي تفاقمت بفعل تغير المناخ واستيلاء السياسيين على الأراضي أو اللصوصية البحتة أو النزوح السكاني الناتج عن أزمة بوكو حرام — أو مزيج معقد من كل هذه العوامل”. التجنيد في مالي شكل المتطرفون الماليون في عام 2015 جبهة تحرير ماسينا (Front de libération du Macina أو FLM) التي هاجمت المدنيين وقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة والقوات الفرنسية وقوات الأمن المالية في أجزاءٍ من وسط وجنوب البلاد. وتحاول جبهة تحرير ماسينا تحديدًا تجنيد الرعاة البدو الفولانيين للدفاع عن قضيتها. وقد ذكرت دراسة أجراها المركز الأفريقي للدراسات الإستراتيجية في عام 2017 أن “إستراتيجية جبهة تحرير ماسينا من المحتمل أن تزعزع الاستقرار إلى حد كبير لأنها تهدد بدمج التطرف الإسلامي الموجود في منطقة الساحل الأفريقي مع العنف المجتمعي ومظالم الرعويين”. وإذا تمكنت جبهة تحرير ماسينا من اجتذاب أعداد أكبر من الفولانيين، فإن ذلك “سوف يعطي الإرهابيين قوة بين المجتمعات عميقة الجذور التى تغطي مساحات واسعة من الأراضي”. رعي الماشية في محمية كينية للحياة البرية أثناء فترة الجفاف في أوائل عام 2017.وكالة فرانس برس/وكالة غيتي إيميجيز أضافت الدراسة: “وإن ذلك بالتالي سيمنح الإرهاب في أفريقية شراسة جديدة ومثابرة ووصولاً أكبر”. إن جبهة تحرير ماسينا ليست هي الجماعة المتطرفة الوحيدة النشطة في مالي. حيث تشير دراسة أجرتها وزارة الخارجية الأمريكية في مارس/آذار من عام 2017 إلى أن مالي تُعدّ مثالاً على التأثير الذي يمكن أن يمارسه المتطرفون الإسلاميون على الرعاة. كما أشارت الدراسة إلى أن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي (AQIM) “أدمج نفسه بنجاح في مجتمع الفولانيين المتركز في موبتي وسيجو في مالي من خلال مشاركتهم الزائفة في الدفاع عن المظالم المحلية للفولانيين وإقامة شبكة ماكرة”. ونوهت الدراسة إلى أن “تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي ادعى على الملأ أنه سوف يستمر في تمديد شبكة الفولانيين التي لديه وذلك لأغراض التجنيد والتوسع”. وأضافت أن المتطرفين في مالي يضعون “المجتمعات المحلية” في بوركينا فاسو وكوت ديفوار في خطرٍ أيضًا. أشار بوخارس إلى أن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي حقق نجاحًا جزئيًا لأنه يستهدف الأشخاص الذين يشعرون بالفعل بالحرمان من حقوقهم. وجاء في كتابات بوخارس: “إن التوسع في الهجمات الإرهابية الناجحة وتنفيذها يساعد الجماعات التي يقودها تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي على إعادة بناء مواردها وتوسيع قاعدة تجنيدها والوصول إلى المناطق التي يعصف بها انعدام الثقة الطائفي الطويل والصراعات المحلية المتفاقمة وعدم الثقة في مؤسسات الدولة، لا سيما في المجتمعات الريفية والمناطق المهمشة. وقد رسخت الجماعة وجودها داخل المناطق المحلية التي تعصف بها التوترات العرقية العنصرية وكذلك المنافسة الشرسة على الموارد الشحيحة، مما يؤدي تدريجيًا إلى إقامة وتوسيع شبكة من الروابط الأسرية، والدعم الاجتماعي، والعلاقات السياسية والتبادل الاقتصادي”. في كثير من الحالات، تقوم الجماعات المتطرفة بسرقة الفولانيين وغيرهم من الرعاة وقتلهم، بدلاً من محاولة تجنيدهم. ففي نيجيريا، كانت بوكو حرام ولا تزال تقوم بالسرقة والقتل والخطف منذ سنوات عديدة. ومنذ عام 2013، استهدفت الرعاة أيضًا وقتلتهم واستولت على ماشيتهم. وتشير دراسةُ في 2016 أجراها باحثون في جامعة ولاية أوهايو إلى أنه: “من المرجح أن تكون الماشية مصدرًا رئيسيًا للدخل لجماعة بوكو حرام، وليس العاج كما أشيع”. وأشارت الدراسة إلى أن الهجمات على الرعاة هي جرائم لم يبلغ عنها إلى حد كبير، على عكس الهجمات على القرى. غالبًا ما تكون الهجمات على الرعاة واسعة النطاق. ففي سبتمبر/أيلول من عام 2016، اعتقل الجيش النيجيري ثلاثة من أعضاء بوكو حرام المشتبه بهم في سوق مايدوغوري للماشية. وكان الرجال الثلاثة يحاولون بيع 200 بقرة مسروقة. وقد أُجبِر المسؤولون النيجيريون في وقت سابق من العام على حظر مبيعات الماشية في السوق لأن عددًا كبيرًا من مقاتلي بوكو حرام أصبحوا تجارًا كبارًا للماشية. وأنهى المسؤولون حظر البيع عندما تعهد بائعو الماشية الشرعيون بتحديد تجار الماشية المزيفين. وقال اعترف الرجال الثلاثة المعتقلين للمسؤولين بأنه كان “جزءًا من العناصر اللوجستية التابعة لجماعة بوكو حرام الإرهابية، وكانت هذه العناصر تساعد في بيع الأبقار لصالح المتمردين”. جوالات علف متكدسة في سوق الماشية في مايدوغوري في نيجيريا.رويترز لتجنب الجماعات المتطرفة، خاصةً جماعة بوكو حرام، انتقل الرعاة إلى بلدان جديدة أو غيروا أنماط ترحالهم السنوي بشكل كبير، مما أحدث اضطرابًا في حياة المزارعين في هذه العملية. ففي شمال شرق نيجيريا، فر الرعاة من البلاد طلبًا للجوء إلى الكاميرون. وقد عانى هؤلاء اللاجؤون من مصاعب لا توصف في هذه العملية، وأدى التدفق الواسع لماشيتهم إلى إلحاق الضرر بالأسواق وبقيمة الماشية المحلية. نتيجة لخوف بعض الرعاة الكائنين في منطقة الساحل الأفريقية من جماعة بوكو حرام، فقد هجروا مناطق رعيهم التقليدية في موسم الجفاف الموجودة في نيجيريا، وانتقلوا إلى غانا بدلاً من ذلك، وهم غير مرحب بهم هناك. ويقول مزارعون هناك إن الرعاة وماشيتهم يطغون على موارد المنطقة. ذكر إيمانويل تي أوبنغ مدير وكالة حماية البيئة في غانا لمؤسسة طومسون رويترز قائلاً “إن بلادي تتحمل الآن عبئًا أكبر”. وأضاف: “ولأنهم يأتون مع ماشيتهم، فهم يحرقون الغطاء النباتي في غانا من أجل حصولهم على عشبٍ طازجٍ لأبقارهم. لقد كان ولا يزال هناك صراعات كثيرة مع شعبنا حول الموارد الطبيعية، منها المياه والأرض”. خلصت بعض الدراسات إلى أن الأسوأ لم يأتِ بعد بالنسبة للرعاة. فقد خلصت دراسة مسندة إلى مركز الأبحاث “أدلفي” وصدرت في أبريل/نيسان من عام 2017 إلى أن تغير المناخ سيكون عاملاً مهمًا في التجنيد من قِبل الجماعات المتطرفة. قال الباحث لوكاس روتينغر في كتاباته: “مع تأثير تغير المناخ على الأمن الغذائي وعلى توافر المياه والأراضي، فإن الأشخاص المتضررين سيصبحون أكثر عرضةً ليس فقط لتأثيرات المناخ السلبية فحسب، بل أيضًا للتجنيد والاستقطاب من الجماعات الإرهابية التي توفر سبل عيش بديلة وحوافز اقتصادية”. وأضاف: “إن الجماعات الإرهابية تستخدم بشكل متزايد الموارد الطبيعية – مثل المياه – كسلاح حرب وتتحكم في الوصول إليها وتزيد من تفاقم ندرة الموارد وقلتها”. ليسوا هم الأعداء يستحق الرعاة الحماية من الجماعات المتطرفة، سواء من أجل بقائهم على قيد الحياة أو منع تجنيدهم من الجماعات المتطرفة. ولمساعدة الرعاة وتحقيق الاستقرار في المناطق التي يقطنونها، يجب على البلدان المتضررة إجراء تغييرات من الداخل. رجال إثيوبيون يرعون قطيعًا من الماشية على جانب طريق ريفي.ي ستوك يقول باحثون إن الدروس المستفادة في أعقاب الحرب الأهلية في كوت ديفوار يمكن تطبيقها على البلدان التي تتعامل مع الرعاة الساخطين. ولتحسين الحياة في هذه البلدان، فقد أوصينا بالأولويات التالية: توفير فرص عمل للشباب المحرومين من حقوقهم. تشجيع الحكومات على إعداد عمليات لنزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج وتنفيذ هذه العمليات على الرعاة والمزارعين في المناطق الريفية. وضع خطط مصالحة للجماعات العرقية والدينية. تحسين تنظيم ملكية الأراضي والإدارة الإقليمية. وهذا يشمل التقاسم النزيه والعادل للأراضي والموارد الطبيعية. ودعا قادة الرعاة إلى الاحتفاظ بمراعٍ محمية جانبًا لاستخدامهم الحصري. تحسين عملية توفير الخدمات التي تقدمها الحكومة إلى المناطق الريفية. توفير تمثيل سياسي وجغرافي عادل للجميع، بما فيهم الرعاة الرّحَّل. خلص مركز الأبحاث RUSI في تقرير صدر في أبريل/نيسان من عام 2017 إلى أن “تحسين إستراتيجيات إدارة المياه والأراضي، وزيادة الفرص الاقتصادية، واتباع نهج أكثر منطقية تجاه مكافحة التمرد يمكن أن يحقق الكثير في سبيل منع إقصاء الفئات السكانية الضعيفة بالفعل”. وتقول منظمة Conciliation Resources غير الحكومية أن تنمية الريف، بما في ذلك فرص العمل والتعليم، تمثل عنصرًا رئيسًا في أي خطة للمصالحة. ويجب على البلدان أن توقن بأن تنويع سبل العيش بعيدًا عن الرعي هو خيار ممكن التطبيق. قالت المنظمة في دراسة أجرتها عام 2017: “لهذا الأمر تداعيات أمنية هامة أيضًا، نظرًا لارتفاع عدد الشبان الذين يتجهون إلى أعمال اللصوصية والجريمة المنظمة داخل المجتمعات الرعوية. وإن إعادة بناء نظام تعليم البدو الرُّحَّل والتعليم عمومًا في المناطق الريفية يُعدّ أمرًا رئيسيًا في هذا الشأن”.