أسرة منبر الدفاع الإفريقي
منذ ستينيات القرن العشرين والصين تشيد مدارس مخصصة لتدريب الأحزاب السياسية الإفريقية وتدعمها، لكنها غيرت منهاجها في القارة في السنوات الأخيرة لتدريب مسؤولي الأحزاب والحكومات بنفسها.
فقال شي جين بينغ زعيم الصين: ”يجدر بنا أن نتحرى السبل المتاحة لإقامة نوع جديد من العلاقات بين الأحزاب.“
يستخدم الحزب الشيوعي الصيني «مدرسة الحزب المركزية» لتدريب كبار قادة نظام الحزب الواحد الذي يحكم الصين.
وذكر السيد بول نانتوليا، الباحث بمركز إفريقيا للدراسات الاستراتيجية، أن الصين تشيد مدارس للأحزاب السياسية في إفريقيا وتستخدمها لتصدير نموذجها وفكرها الاستبدادي إلى القارة.
وكتب في تقرير صادر يوم 29 تموز/يوليو يقول: ”من أبرز ما يتردد على لسان الحكومة الصينية هو مبدأ عدم التدخل في البلدان الأخرى، وهذا يشمل قضايا الحكم حيث لطالما ادعت الصين أنها لا تصدِّر نموذجها ولا تشجع الدول الأجنبية على التأسي بها.“
واستطرد قائلاً: ”ولكن لا يلبث هذا أن يتغير فيما تفعل الصين في إفريقيا.“
فقد أنفق الحزب الشيوعي الصيني 40 مليون دولار أمريكي في عام 2022 لإنشاء «مدرسة مواليمو جوليوس نيريري للقيادة» في تنزانيا، وقد كانت المدرسة الأولى من نوعها في إفريقيا على غرار مدرسة الحزب المركزية الصينية.
تدرب مدرسة نيريري أعضاء الحزب الحاكم من تحالف حركات التحرير السابقة للجنوب الإفريقي: أنغولا وموزمبيق وناميبيا وجنوب إفريقيا وتنزانيا وزيمبابوي.
وقام الحزب الشيوعي الصيني في عام 2023 بتجديد «مدرسة هربرت شيتيبو للفكر» في زيمبابوي، وهي مدرسة التدريب على الفكر السياسي التي يعتمد عليها الاتحاد الوطني الإفريقي الزيمبابوي/الجبهة الوطنية.
وآخر حزب سياسي إفريقي يستفيد من القوة الناعمة الصينية هو التحالف الديمقراطي المتحد في كينيا، إذ أرسل مسؤولين إلى بكين في أيَّار/مايو وأبرم اتفاقاً مع الحزب الشيوعي الصيني لإنشاء مدرسة للقيادة في نيروبي.
ويمكن إنشاء مدارس أخرى في قابل الأيام والسنين.
ويقول نانتوليا: ”وتجدد اهتمام الصين بالمدارس الحزبية الإفريقية ضربٌ من ضروب التسويق، فبعد افتتاح مدستي نيريري وشيتيبو، أقبل كثيرون على الحزب الشيوعي الصيني لإنشاء مدارسهم وتعضيد بنيان حزبهم، مثل بوروندي وجمهورية الكونغو وغينيا الاستوائية والمغرب وأوغندا.“
وذكرت الدكتورة لينا بن عبد الله، الأستاذ المساعد في قسم السياسة والشؤون الدولية بجامعة ويك فورست بالولايات المتحدة، أن الصين إنما ترنو إلى إعداد قادة يؤمنون بفكر الحزب الشيوعي الصيني.
وقالت لجريدة جنوب الصين الصباحية في مقال لها في آب/أغسطس: ”كما أن مدارس القيادة هذه تشكل فرصة لنموذج الحكم الصيني ليغدو أكثر نفوذاً في الخارج بالمشاركة في إعداد المناهج الدراسية وتدريب هيئة التدريس وغير ذلك.“
ويحذر نانتوليا من أن التدريب الصيني على فكر الحزب والحكم قادرٌ على ترسيخ نماذج الحزب الواحد المهيمن في إفريقيا، لكنه يرى أيضاً أن القارة مليئة بالرافضين للاستبداد.
فيقول: ”ليس نموذج الصين السياسي، على الرغم من نموها الاقتصادي، مما يطمح إليه الكثير من أبناء إفريقيا، فما يقرب من 80% يرفضون حكم الحزب الواحد.“