فيسبوك تويتر لينكدإن بينتيريست البريد الإلكتروني قيم الجيل القادم من قادة القطاع الأمني الأفريقي د. كويسي أنينج ود. جوزيف سيجل لقد تغير دور المتخصصين في القطاع الأمني الأفريقي بشكل كبير في العقود الأخيرة. إذ يواجه القادة اليوم مجموعة مذهلة من التحديات تشمل المليشيات المسلحة، والمنظمات المتطرفة العنيفة، والإرهاب، والقرصنة، والتمرد، وعدم الاستقرار الناجم عن الأزمات السياسية، وذلك على سبيل المثال لا الحصر. وتشمل هذه التهديدات المسارح المحلية والإقليمية وعبر الوطنية -في بعض الأحيان في وقت واحد. وبالتالي، يتعين على المهنيين الأفارقة الحاليين المختصين بقطاع الأمن أن يكونوا متعددي الخبرات بشكل كبير. فعلى الرغم من إيلاء اهتمام كبير للتحديات الأمنية في أفريقيا، إلا أنه تم التفكير بقدر أقل نسبياً بالجهات الفاعلة في القطاع الأمني نفسها وكيفية تكيفها مع البيئة الأمنية سريعة التغير. جندي كيني يضبط علمًا قبل مراسم تنصيب الرئيس أوهورو كينياتا في نيروبي. رويترز لمعرفة المزيد حول هذا الموضوع، أجرى مركز كوفي عنان الدولي للتدريب على حفظ السلام ومركز أفريقيا للدراسات الاستراتيجية استبياناً رقميًا غير محدد للهوية في أبريل 2017 شمل 742 من المهنيين الحاليين والمتقاعدين في قطاع الأمن الإفريقي من 37 دولة. وقد قيم الاستبيان وجهات نظرهم حول مجموعة متنوعة من القضايا تتضمن الدوافع والقيم والخبرات التكوينية والتهديدات التي واجهوها. ومثل من شملهم الاستبيان عناصر من الجيش والشرطة والدرك من رتب تتراوح من رتبة رقيب إلى رتبة لواء. وبهدف التعرف على الاختلافات في وجهات النظر عبر الأجيال، قارن هذا البحث النتائج بين المستجيبين من أربع فئات عمرية تم تقسيمها بشكل متساو تتراوح بين 25 عاماً إلى 70 عاماً. وقد تم استكمال هذه النتائج عن طريق إجراء 35 مقابلة وجهاً لوجه للحصول على رؤى نوعية بشأن المواضيع ذات الاهتمام. التعليم أظهرت نتائج المسح أن أصغر العاملين في القطاع الأمني بدأوا خدمتهم بمستويات أعلى من التعليم مقارنة بنظرائهم الأكبر سنا. ومن بين المستجيبين في الفئة العمرية الأكبر سناً، حصل 47٪ على تعليم مدرسي ثانوي أو أقل عندما التحقوا، مقارنة بـ 26٪ بالنسبة للفئة الأصغر سناً. وعلى العكس من ذلك، التحق 41 في المائة من الفئة الأصغر سناً بالخدمة بدرجة البكالوريوس، مقارنة بنسبة 30 في المائة للفئة الأكبر سناً. وظهر أن أعلى مستويات التعليم كانت لأفراد الجيش. فقد بدأ 56 في المئة من الفئة الأصغر سناً من الأفراد العسكريين خدمتهم وهم يحملون درجة البكالوريوس مقارنة مع 26 في المئة بالنسبة للفئة العمرية الأكبر سناً، وهي زيادة قدرها 30 نقطة مئوية على مدى عدة عقود. وحاز مجندي الشرطة على أدنى المستويات التعليمية بين الأجهزة الأمنية، حيث بدأ ثلثهم الخدمة وهم يحملون درجة البكالوريوس وهو تقريبا نفس عدد من بدأوا خدمتهم ولديهم مستوى التعليم الثانوي. وفي ضوء الالتزام المتنامي من جانب الأجهزة الأمنية الإفريقية بالتطوير المهني، أشار 85 بالمائة من المستجيبين إلى أنه قد أتيحت لهم فرص لتطوير مؤهلاتهم التعليمية منذ التحاقهم بالخدمة. وهذا يشمل فرص الدراسة للحصول على شهادات مهنية أو فنية ودرجات البكالوريوس والماجستير. الدوافع يختار الناس العمل في مجال الأمن لمجموعة متنوعة من الأسباب: النزعة الوطنية، أو الرغبة في حماية الآخرين، أو كتقليد عائلي، أو كوسيلة للتقدم المهني والاقتصادي. والجواب عادة هو مزيج من أسباب كثيرة. ردا على أسئلة الاستبيان، ظهرت اختلافات كبيرة بين الأجيال فيما يتعلق بدوافع الانضمام إلى الخدمة. قادت أصغر الفئات العمرية جميع الفئات العمرية الاخرى في ذكر “الخدمة للبلاد” كدافع رئيسي لها. فقد أعطى 65 في المئة من هذه الفئة العمرية هذا السبب، مقارنة مع 57 في المئة بالنسبة للفئة العمرية الأكبر سناً. كان من المرجح أكثر بكثير أن يلتحق المستجيبين من الفئة العمرية الأكبر سناً بالخدمة لأن أحد أفراد عائلتهم كان يعمل في القطاع الأمني. ويشير هذا المزيج من مستويات التعليم العالي، والدافع لخدمة الجمهور، والعدد الأقل من الروابط العائلية كسبب للالتحاق بالخدمة إلى حدوث تحول في أسباب الانضمام إلى قطاع الأمن. يبدو أنه كان لدى الملتحقين من الشباب مهارات وخيارات توظيف أكثر، لكنهم مع ذلك كانوا يختارون الانضمام إلى قطاع الأمن كمهنة. يبين هذا التوجه آفاق وجود قوة متزايدة القدرة ولديها معايير محتملة أعلى للكفاءة المهنية والسيطرة المدنية على قطاع الأمن والعلاقات بين الدولة والمجتمع. القيم كما لوحظ وجود اختلافات مؤسسية هامة في مجال القيم. فقد أشارت أغلبية كبيرة من العسكريين الذين شملهم الاستبيان، تتراوح من 55 إلى 75 في المائة، إلى أن قيم مثل الواجب والمسؤولية والأمانة واحترام المواطنين والمهنية تميز خدمتهم. وعلى النقيض من ذلك، فإن أقلية فقط من الذين شملهم المسح من الشرطة أو الدرك، تتراوح بين 38 و44 في المائة، ادعت أن هذه القيم تعكس قيم مؤسساتها. لم يتردد صدى قيمتان هما “خدمة الجمهور” و “على أساس الجدارة” بقوة عبر كافة أجهزة القطاع الأمني. فقد شعرت أقلية من الذين شملهم الاستبيان من العسكريين (48 في المائة) والدرك (38 في المائة) والشرطة (25 في المائة) بأن هذه القيم تميز مؤسساتها. تثير هذه الانحرافات أسئلة مهمة حول الغاية المتوخاة من المؤسسات الأمنية وحول نزاهتها. وعلاوة على ذلك، هناك مكون عمري قوي لعملية تحديد القيمة. فقد كانت احتمالية اختيار هذه القيم من قبل الفئة العمرية الأصغر سناً أقل على الأرجح من احتمالية اختيارها من قبل الفئة العمرية الأكبر سنا. على سبيل المثال، اختار 32 في المائة فقط من الفئة العمرية الأصغر سناً قيمة “خدمة الجمهور”. وهذا جدير بالملاحظة بشكل خاص لأن هذه المجموعة كانت قد أشارت إلى أن الرغبة في تقديم “خدمة البلاد” هي العامل الأقوى الذي دفعها للالتحاق بالخدمة. كما وجدت أيضاً اختلافات قوية بشأن القيم حسب الجنس. فلم تنسب المستجيبات الإناث أي من هذه القيم إلى مؤسساتهن إلا بنسب تتراوح من 25 إلى 45 بالمائة فقط. وقد تعكس هذه الاختلافات العمرية والجنسانية تآكلًا للروح المؤسسية بين الأفراد الملتحقين بالخدمة من الفئة الأصغر سناً والنساء. وبالتناوب، فقد تكشف عن استعداد أكبر للنقد الذاتي البنّاء من قبل الأجيال الشابة والملتحقين بالخدمة من الإناث في سعيهم لإصلاح مجالات النقص الملحوظ في مؤسساتهم. نوع النظام السياسي يؤثر على التصورات كما أظهر الاستطلاع وجود اختلافات ملحوظة فيما يتعلق بتصورات المخاطر بناءً على نوع النظام السياسي. على وجه التحديد، كان احتمال قيام المهنيين الأمنين في الحكومات الأوتوقراطية بإدراج الاضطرابات المدنية، والأزمات السياسية أو المنظمات المتطرفة العنيفة باعتبارها تهديدات خطيرة أكثر بأربع مرات مقارنة بأقرانهم في الحكومات الديمقراطية. على سبيل المثال، اعتبر 11٪ فقط من المستجيبين من الدول الديمقراطية أن الأزمات السياسية تشكل تهديدًا أمنيًا خطيرًا في بلدانهم. وعلى النقيض من ذلك، فإن 41 في المائة من المستجيبين من الأوتوقراطيات شعروا بأن الأزمة السياسية تؤدي إلى خطر أمني جسيم. التدريب وتكوين الهوية كانت احدى أقوى النتائج التي توصل إليها هذا البحث هي الأهمية الكبيرة التي تُعزى إلى التدريب الدولي. فقد اعتبر 97٪ من المستجيبين أن التدريب الدولي أمر إيجابي. وعلاوة على ذلك، اختار المستجيبون التدريب الدولي كأهم تجربة تكوينية فيما يتعلق بتشكيل هوية خدمتهم. كان هذا الرأي قوياً بشكل خاص بين الفئات العمرية الثلاث الأكبر سناً. بالنسبة للفئة العمرية الأصغر سناً، كان التدريب المحلي هو العامل الأكثر تأثيراً، يليه التدريب الدولي. تميز العديد من المستجيبين العسكريين، بنسبة 2 إلى 1، في تأكيدهم على أهمية التدريب الدولي مقارنةً بالتدريب المحلي كتجربة مؤثرة في تشكيل خدمتهم. ومع ذلك، لا ينطبق هذا النمط على الشرطة والدرك الذين كان تقييمهم هو أن التدريبات المحلية والدولية مؤثرة على حد سواء. تم التحقق بقوة من قيمة التدريب الدولي كخبرة تكوينية أثناء المقابلات. وأشار الأفراد الملتحقون بالخدمة إلى توسيع الخبرة الفكرية والمهنية، والتعرف على عمل الأقران من البلدان الأخرى التي تواجه تحديات مماثلة، وتعزيز منظورات الأمن الإقليمي، وبناء علاقات دائمة، والتعرف على التكنولوجيات المختلفة باعتبارها بعض الفوائد الكبيرة التي اكتسبوها من هذه التجارب. من الجدير بالذكر أن عمليات حفظ السلام حظيت بتقدير كبير كخبرة تكوينية. وعلى الرغم من التوجه المحلي للشرطة، أفيد بأن المشاركة في قوات حفظ السلام كان أكبر تأثير منفرد على أفرادها. وقد يعكس هذا تواتر عمليات نشر افراد الشرطة كجزء من عمليات حفظ السلام -وتأثير هذه التجارب على الهوية الذاتية والكفاءة المهنية. بالنسبة لقوات الدرك، تم تصنيف خبرات حفظ السلام على قدم المساواة مع التدريب المحلي والدولي. بالنسبة للمشاركين العسكريين، جاءت خبرات حفظ السلام في المرتبة الثانية، بعد التدريب الدولي. التداعيات تصف نتائج هذا البحث قطاعًا أمنيًا أفريقيًا حاصل على تعليمً جيد، وملتزم بالخدمة، وحريص على تعزيز قدرته. وعلاوة على ذلك، أشار 92 بالمائة ممن شملهم الاستبيان إلى أنه يتم الوفاء بتوقعاتهم. وهذا يشير إلى نتيجة إيجابية شاملة لقوات الأمن في أفريقيا. من الواضح أن التزام الحكومات الإفريقية بدعم تقديم التعليم لأفراد الخدمة ساهم بشكل كبير في هذه النتيجة. وهذا يخلق قوة أمنية متزايدة التثقيف، مع استثناء جزئي لأفراد الشرطة، التي كان أفرادها متخلفين عن الملتحقين بالجيش والدرك فيما يتعلق بمستويات التعليم التي التحقوا بالخدمة وهم يتمتعون بها وتقدمهم اللاحق. جنود يشاركون في عرض عسكري في أبيدجان، كوت ديفوار. أفاد استطلاع جديد أن قطاع الأمن في أفريقيا يتلقى تعليمًا جيدًا وأنه متحمس لخدمة القيم المؤسسية. رويترز من الأهمية بمكان استمرار تقديم الدعم لفرص بناء القدرات من خلال التعليم والتدريب المحلي والتدريب الدولي للحفاظ على هذا التوجه الإيجابي. وبالنظر إلى الطلب بعيد المدى والفوائد المتأتية من التدريب الدولي، فإن هناك فائدة ستنتج عن مواصلة تعزيز مؤسسات التعليم العسكري المهنية في القارة. توفر فوارق العمر والجنس فيما يتعلق بالقيم المؤسسية المتصورة نقطة دخول محتملة هامة للإصلاح كجزء من نهج تعزيز المؤسسات. ويلزم إيلاء اهتمام خاص للقضايا المتعلقة بقيم “خدمة الجمهور” و “على أساس الجدارة” التي كانت نتيجتها ضعيفة لدى جميع الفئات العمرية والاجهزة الأمنية، وخاصة بين الأجيال الشابة والنساء. لماذا يشعر أعضاء الخدمة الامنية بأن مؤسساتهم تفتقر إلى هذه السمات؟ ما الذي يودون أن يتغير؟ وينبغي أن يكون التعمق في هذه الأسئلة والمبادرات العلاجية التي قد تنتج عنها أولوية بالنسبة لأولئك الذين يهدفون إلى تعزيز المؤسسات الأمنية في أفريقيا. كما تؤكد نتائج هذا البحث الأهمية المتزايدة التي تتسم بها عمليات حفظ السلام بالنسبة لهوية القطاعات الأمنية في أفريقيا وإضفاء الطابع المهني عليها. ويمثل احتمال إرسال الأفراد للمشاركة في عمليات حفظ السلام عاملاً محفزاً وهاماً للمجندين الشباب، ويشكل تجربة تكوينية مؤثرة بشكل متزايد لأعضاء الخدمة الأمنية ومؤسساتهم. وحيث أن عمليات حفظ السلام تضطلع بمسؤولية أكثر مركزية في مهمة قوات الأمن الأفريقية، فإن الافراد الذين شاركوا في هذه العمليات قد تبنوا هذا الدور وهم حريصون على تعزيز فعاليتهم والاستفادة من الدروس التي يمكنهم تعلمها من هذه التجارب. لذلك، هناك فائدة تترتب على استمرار الحكومات الأفريقية وشركائها الدوليين في تعزيز هذه القدرة. باختصار، يرسم الاستبيان صورة إيجابية بشكل عام. فالمهنيون في مجال الأمن في أفريقيا يتعلمون على نحو متزايد، ويكرسون أنفسهم لحياتهم المهنية، ويتعطشون للمزيد من المعلومات. إنهم يعتبرون أن مهنتهم هي رسالتهم، وهم حريصون على الارتقاء إلى أعلى قيمها. وسيكون التحدي الذي يواجه القادة العسكريين والمدنيين في القارة هو استغلال هذه الموهبة والطاقة لمواجهة التحديات الأمنية المعقدة في القرن الحادي والعشرين.