فيسبوك تويتر لينكدإن بينتيريست البريد الإلكتروني الكاميرون تتطور لإحباط التكتيكات المتغيرة لبوكو حرام. أسرة أيه دي إف الصور من القوات المسلحة الكاميرونية بعد ظهر يوم 15 تشرين الأول/ أكتوبر 2014، شنت بوكو حرام هجوماً جريئاً حيث. عبر نحو 1000 مقاتل الحدود القاحلة التي تفصل بين الكاميرون ونيجيريا وحاصروا بلدة أمشيدي. انطلقت الموجة الأولى من جانب جنود مشاة من الشباب المعروفين بالمنادين وهم يحملون بنادق رشاشة أيه كيه- 47 ويطلقون صرخاتهم المتعصبة. أتبعهم المقاتلون الأكبر سناً في شاحنات صغيرة مزودة بمدافع رشاشة. أخيراً جاءت ثلاث دبابات تسحق كل شيء في طريقها. اقتحم المسلحون مركزاً للشرطة ومخفراً للدرك وسيطروا على المدينة، وأخذوا ينفذون الإعدام في كل من لم يثبت أنه مسلم. واصل قطاع الطرق مسيرتهم إلى معسكر كتيبة التدخل السريع الكاميرونية التي تبعد 1,5 كيلومتر، حيث فجّروا سيارة مفخخة. إدراكاً منها أن المهاجمين يفوقونها عدداً، دافعت الكتيبة عن المعسكر وطلبت تعزيزات. وفي غضون ثلاث ساعات، استجاب نحو 1000 جندي من معسكرات أخرى في المنطقة وشنوا هجوماً مضاداً استغرق قرابة يومين. وبنهاية الحصار، كان الجيش الكاميروني قد استعاد مدينتين محتلتين وقتل 107 من مقاتلي بوكو حرام بينما فقد ثمانية جنود. قال الرائد ليوبولد نلاتي إيبالي، رئيس العمليات العسكرية في المنطقة، إنه كان هجوماً على “نطاق غير مسبوق” على الأراضي الكاميرونية. أزعج الهجوم المراقبين ليس بسبب جرأته وحسب، وإنما أيضاً لتطوره. ففي وقت سابق من النهار أرسلت بوكو حرام مبعوثاً إلى المعسكر يحمل معلومات كاذبة، على أمل تشتيت بعض القوى العاملة العسكرية. كما شنت الجماعة الإرهابية هجوماً ثانياً متزامنا في بلدة ليماني القريبة وحاولت تدمير جسر لعزل المنطقة. قال العقيد ديدييه بادجيك، رئيس قسم الاتصالات في الجيش الكاميروني لمجلة أيه دي إف، “لقد أصبحوا قوة مخيفة للغاية. الهجمات الأولى التي واجهناها فيما بين شهر أيار/ مايو وشهر تشرين الأول/ أكتوبر [2014] كانت هجمات أمامية، جيدة التنظيم، قامت بها قوة إرهابية مدججة بالدبابات. فهمنا أننا نواجه أكثر من مجرد إرهابيين؛ فقد كانوا يملكون أساليب عمليات جيش”. كان هناك سبب وجيه لذلك. فلمدة عام، نهبت بوكو حرام مخازن أسلحة ووحّدت قوتها في شمال شرقي نيجيريا. وفي الوقت الذي عبرت فيه إلى داخل الكاميرون، كانت قد جمّعت إمبراطورية مصغرة من بينها 14 منطقة حكومة محلية و30000 كيلومتر مربع، ومنطقة تعادل مساحة بلجيكا تقريباً. وأوضحت الهجمات أن أعضاء بوكو حرام لم يكتفوا بما في حوزتهم من أراضى. وأرادوا التوسع. وكان شمالي الكاميرون الخطوة الطبيعية التالية. فالمنطقة معزولة جغرافياً، واقتصادياً وثقافياً عن بقية البلاد. وهي منطقة متخلفة يبلغ معدل الفقر فيها 70 بالمائة، ويحتاج الكثير من شبابها لفرص عمل. قال غيباي غاتابا، ناشر صحيفة لو أويل دو ساحل ومن مواطني شمال الكاميرون، “بغض النظر عن المؤشر- فإن توفر الرعاية الصحية، وتوفر التعليم، وتوفر المياه النظيفة- يأتي في المرتبة الأخيرة في تلك المناطق. فعدد السكان ضخم، ولا توجد ببساطة أي فرص عمل”. يشاطر كثير من الناس في الشمال الروابط العرقية واللغوية مع سكان شمال نيجيريا. كانت المنطقة منذ فترة طويلة ملتقى طرق، أو ملتقى ثقافات، مع تنقل الناس بسهولة ذهاباً وإياباً بين الكاميرون، وتشاد ونيجيريا لبيع البضائع المشروعة وغير المشروعة. أضاف بادجيك، “أن الحدود، في الواقع، لم تكن موجودة فعلياً. يمكن أن تكون صحراء، أو مستنقعاً عندما تهطل الأمطار، ولكنك تتنقل من جانب إلى آخر دون أن تلحظ ذلك”. في عام 2014، بث زعيم بوكو حرام أبو بكر شيكاو رسالة فيديو أعلن فيها أنه أقام خلافة، وأن عاصمتها هي بلدة غوزا، التي تبعد أقل من 10 كيلومترات عن الحدود الكاميرونية. في ذلك الوقت فاقت قواته عدد القوات الكاميرونية في الشمال بثلاث مرات. تحول استراتيجي وبحلول منتصف 2014، بدأت الاستجابة للتهديد تتبلور. ففي شهر أيار/ مايو، أعلن رئيس الكاميرون بول بيا الحرب على بوكو حرام أثناء اجتماع مع رؤساء منطقة حوض بحيرة تشاد في قمة عُقدت في قصر الإليزيه بباريس. بعد هذا الإعلان، قام الجيش الكاميروني بإعادة هيكلة قواته وتقسيم المنطقة العسكرية الثالثة السابقة للجيش التي كانت تضم جزءاً كبيراً من الشمال، إلى منطقتين جديدتين لها قواعد على خطوط القتال الأمامية. وأصبح مقر قيادة المنطقة العسكرية الرابعة المستحدثة للجيش في ماروا، عصب هذا الجهد. قال بادجيك، إن “هذا قلل مدة الاستجابة وسمح لنا بوجود مقر قيادة إلى جانب منطقة العمليات مباشرة. وكان هذا قراراً في غاية الأهمية على المستوى السياسي الاستراتيجي”. جنود من كتيبة التدخل السريع يشاركون في العملية ألفا لتحديد مواقع قوات بوكو حرام والقضاء عليها في شمالي الكاميرون. بدأت الكاميرون كذلك في ترقية الضباط الأصغر سناً الذين يتمتعون بخبرة في الشمال ولديهم معرفة بتكتيكات بوكو حرام لقيادة وحدات على الخطوط الأمامية. وأعادت تمركز لواء المشاة الميكانيكية في كوسيري بالشمال، عبر النهر من نجامينا، بتشاد، وعززت وجود قوات الدرك، وأنشأت مخافر جديدة لتضييق الخناق على المهربين والأنشطة عبر الحدود. قال بادجيك، “لقد تحولنا من مرحلة احتواء التهديد إلى مرحلة اتخاذ زمام المبادرة”. أطلق الجيش بعثتين. إحداهما، العملية ألفا التي ضمت نخبة من لواء التدخل السريع، مما ضاعف من عدد القوات المتمركزة في المنطقة من تموز/ يوليو 2014 إلى 2000. والثانية، العملية ظهور، التي قادها الجيش. وبالتدريج، ارتفع الوجود العسكري الإجمالي في الشمال إلى قرابة 10000 جندي. شيء مهم آخر حدث. بدأت أفرع القوات المسلحة، التي انتقدت أحياناً بأنها لا تثق ببعضها البعض ومنعزلة عن بعضها البعض، في العمل معاً. حدثت هذه الظاهرة، التي يُطلق عليها “التسلح المشترك”، بناء على طلب من رئيس الجمهورية ووزير الدفاع، ولكنها كانت أيضاً نتيجة المتطلبات الفريدة للقتال. تطلبت العديد من المهام سرعة لواء التدخل السريع وقوة النيران الثقيلة لكتيبة الاستطلاع المدرعة وفوج المدفعية أرض-أرض. كما احتاجت مهام أخرى إلى الدعم الجوي القريب للمروحيات الهجومية إم آي- 17 أو زد- 9 التابعة للقوات الجوية. كما تطلبت بعض مهام تطهير جزر بحيرة تشاد خبرة مشاة البحرية. قال هانز دى ماري هوينغوب، وهو خبير أمن كاميروني ومحلل لدى المجموعة الدولية لمعالجة الأزمات، “لقد بدأت أرى تغيراً في الطريقة التي تتفاعل بها مختلف الوحدات. كان هناك تعاون بين قوات الدرك، وجنود من العملية ظهور 4، ولواء التدخل السريع من العملية ألفا”. جنى هذا التمركز الجديد ثماره. ففي كانون الأول/ ديسمبر 2014، غزا مقاتلو بوكو حرام واحتلوا بلدة أنشيغاتشيا الصغيرة على الجانب الكاميروني من الحدود. قامت القوات البرية بانسحاب تكتيكي من المنطقة واستدعت الدعم الجوي. وبتفويض مباشر من رئيس الجمهورية، قام طيارو ألفا بشن غارات جوية أدت إلى تحييد تهديد بوكو حرام. قضت هذه الاستجابة الكاسحة على محاولات بوكو حرام السيطرة على أراض داخل الكاميرون. قال بادجيك، “كانت هذه المرحلة الثانية من الصراع. وقد صاحبها الكثير من الصدمات، والكثير من الاحتكاكات، ولم يعد إرهابيو بوكو حرام قادرين مرة أخرى أبداً على احتلال أراض كاميرونية بنجاح”. المرحلة غير المتماثلة وفيما وجدت بوكو حرام نفسها عاجزة عن الاحتفاظ بأراض، لجأت إلى تكتيكات غير متماثلة. قال بادجيك إن الجماعة المتطرفة دأبت على زرع ألغام وعبوات ناسفة مرتجلة على طول الطرق. أصبحت بوكو حرام أكثر ميلاً ثلاث مرات لاستخدام القنابل في عام 2014 عما كانت عليه في عام 2013، وفقاً لبحث نُشر في مجلة النشرة العلمية. وفي هذه المرة زاد مرتين احتمال أن يكون الضحايا من المدنيين، وزاد استخدام الأطفال والنساء في الهجمات. قال بادجيك إن هذا كان دليلاً على تطور العدو وانحطاطه. وأضاف، “عليك أن تفهم أن بوكو حرام ليست غبية. فقد تدبروا الأمر وأدركوا أن نقطة قوة الجيش الكاميروني تكمن في مرونته وسرعة حركته، لذلك لكي تضرب مركز ثقل الجيش، كان عليهم أن يخلقوا مشكلة أمام قدرته على الحركة”. ورداً على ذلك، كما قال بادجيك، اعتمدت الوحدات الكاميرونية بشدة على التدريب الذي تلقته من فرنسا والولايات المتحدة على إزالة الألغام. وبدأت القيام بعمليات مراقبة مكثفة للطرق بمساعدة طائرات بدون طيار تحت قيادة وحدة درك تم إنشاؤها حديثاً وكُلّفت بالتمركز في الشمال. زادت قوات الدرك من السرب المعروف بإريغن4 عدد نقاط التفتيش على الطرق، واستخدمت المرايا، وأجهزة الكشف عن المعادن والماسحات الضوئية المحمولة باليد في التنقيب عن القنابل. قال هوينغوب، “استغرق الجيش ثلاثة إلى أربعة أشهر في التأقلم [على النزاع غير المتماثل]. وتطلب الأمر كذلك نوعاً من التحول بالنسبة لهم لتعديل خططهم. يقولون الآن بالنسبة لتهديد العبوات الناسفة المرتجلة، ’ربما ينبغي لنا ألا نذهب إلى كل مكان على الطرق كما اعتدنا‘. عليه أن يكون أكثر حرصاً”. في شباط/ فبراير 2015، ردت بوكو حرام مرة أخرى من خلال تغيير أهدافها من الطرق إلى مواقع مدنية مثل الأسواق وزيادة استخدام الانتحاريين. خلال ثلاثة أشهر في صيف عام 2015، قتل الانتحاريون 100 شخص وجرحوا 250 في شمالي الكاميرون. ومن بين 34 تفجير انتحاري سُجّل في الكاميرون حتى آذار/ مارس 2016، كان 80 بالمائة من مرتكبيها من النساء أو الفتيات. جهد إقليمي على الرغم من أن الكاميرون حققت تقدماً في مواجهة الهجمات غير المتماثلة، أدرك القادة أن عملياتهم كانت مجرد رد فعل على هذه المشكلة ولم يتصدوا لجذورها. إنهم بحاجة إلى تفكيك معسكرات التدريب والملاذات الآمنة داخل نيجيريا. واعتباراً من حزيران/ يونيو 2015، سُمح للكاميرون بممارسة غير مكتوبة لـ “حق المطاردة” عبر الحدود ومهاجمة أهداف بوكو حرام على الأراضي النيجيرية. وفي الوقت نفسه، قامت المنطقة بتفعيل قوة المهام المشتركة المتعددة الجنسيات تحت مظلة لجنة حوض بحيرة تشاد والاتحاد الأفريقي. وتضم هذه القوة، التي تتخذ من نجامينا مقراً لها، 8700 جندياً وتشمل أربعة مناطق عمليات في الكاميرون، وتشاد، والنيجر ونيجيريا. تحسن التعاون وتبادل الاستخبارات منذ هذه التطورات. قال هوينغوب، “إنه يتم جمع المزيد والمزيد من المعلومات الاستخباراتية عن طريق قوة المهام المشتركة المتعددة الجنسيات، بل وعلى المستوى الثنائي. وكثيراً ما يتصل الجيش النيجيري بالجيش الكاميروني لتنبيهه عن الموقف، والعكس بالعكس. حدث قدر كبير من التقدم في مجال تبادل المعلومات بل وتبادل الخطط العملياتية، وهو شيء لا نراه دائماً في الائتلاف”. تجلت الأدلة على هذه الشراكة خلال بعثتين في شباط/ فبراير 2016 في كومشى، بنيجيريا، ونغوشى، بنيجيريا. وهنا، عملت القوات الكاميرونية والنيجيرية يدا بيد لمهاجمة وتفكيك مصانع حرفية للأسلحة حيث كان يتم إنتاج الكثير من العبوات الناسفة المرتجلة، وتلقين الشباب وتدريبهم ليصبحوا مفجرين انتحاريين. وفي كومشى، تلقت القوات الكاميرونية الدعم من نظيرتها النيجيرية التي سدت الطرق ومنعت بوكو حرام من القيام بانسحاب تكتيكي. وفي نغوشى، اكتشفت القوات أربعة مصانع حرفية للقنابل تحتوي على مخزون كبير من البطاريات، والقدّاحات والأحزمة الناسفة الجاهزة للاستعمال. مروحية إم آي- 17 تابعة للقوات الجوية الكاميرونية تهبط في شمالي الكاميرون. قال بادجيك، “أدركنا أن الحاجة ماسة لتعاون أكبر مع نيجيريا، وقبلت نيجيريا ذلك تحت راية قوة المهام المشتركة المتعددة الجنسيات. وأثمر ذلك الكثير من النتائج، ولاحظنا أنه منذ بدأنا ضرب هذه القواعد، أنه لم تقع أي هجمات انتحارية. وذلك يعني أن عملياتنا التي خططنا لها كانت قوية”. ورغم التقدم، فإن المعركة لم تنته بعد. فخلال الـ 12 شهراً التي انتهت في آب/ أغسطس 2016، شنت بوكو حرام 200 هجوم في أقصى شمال الكاميرون، حسب ما أفادت مجلة جون أفريك. وكان العديد من هذه الهجمات غارات منخفضة المستوى قام خلالها أعضاء بوكو حرام بسرقة الماشية أو التنقيب عن مؤن أثناء الليل. استهدفت هجمات أخرى لجان الحراسة المدنية- وهي مجموعات أمن أهلية توفر الأمن للقرى. لقد نزح نحو 190000 من المدنيين الكاميرونيين داخلياً جرّاء أعمال العنف ويخشون العودة إلى ديارهم. إن القادة العسكريين في الكاميرون على ثقة من أنهم سوف يقضون على التهديد، ولكنهم يحذرون من أن هذا سوف يتطلب الصبر واليقظة لما قد تجلبه المرحلة التالية. قال الفريق رينيه كلود ميكا، رئيس هيئة أركان الجيش الكاميروني، “إن العدو يتأقلم بشكل منتظم. ومن وجهة نظرنا، فنحن نعتقد أننا نخوض معركة يمكن أن تمتد على فترة طويلة من الزمن. لأنه حتى وإن بدت القدرات العسكرية للعدو في حالة ضعف، فإن قدرته على إلحاق الضرر سوف تستمر لفترة طويلة”. لمحة عن قوة المهام المشتركة المتعددة الجنسيات تأسست قوة المهام المشتركة المتعددة الجنسيات عام 1998 للتعامل مع قطاع الطرق والجريمة العابرة للحدود الوطنية في الدول المطلة على بحيرة تشاد. وكانت الفكرة من ورائها هو تضافر القوات ومنع المجرمين من العثور على ملاذات آمنة أو عبور الحدود للتهرب من العدالة. لم تُستخدم هذه القوة التي شكلتها دول لجنة حوض بحيرة تشاد إلا نادراً حتى عام 2012 عندما أعادت تلك الدول إطلاقها للتعامل مع بوكو حرام. ثبتت صعوبة التمويل والاتفاق على خطة عملياتية وهيكل للقوات مما تسبب في تأخير إطلاقها. وفي تشرين الأول/ أكتوبر 2014، تعهدت الدول الأعضاء الكاميرون، وتشاد، والنيجر ونيجيريا بتوفير قوات لقوة المهام المشتركة المتعددة الجنسيات المخولة بضم 8700 جندي. كما تعهدت بنين، وهي ليست من بين دول لجنة حوض بحيرة تشاد، بالإسهام بقوات. يقع مقر قيادة القوة في نجامينا، بتشاد، ويقودها جنرال نيجيري، ونائب كاميروني ورئيس هيئة أركان تشادي. أصبحت القوة جاهزة للعمل بصورة جزئية في تشرين الثاني/ نوفمبر 2015 رغم أن جميع الدول في ذلك الوقت لم تف بتعهداتها بالإسهام بقوات. قال هانز دى ماري هوينغوب، وهو خبير أمن كاميروني ومحلل مع المجموعة الدولية لمعالجة الأزمات، إن قوة المهام المشتركة المتعددة الجنسيات تخطو خطوات ولكنها تعمل في معظم الأحيان كآلية بدلاً من كونها قوة حقيقية متكاملة. وعند التخطيط لمهمة ما، تدلي جميع الدول الأعضاء بآرائها عن طريق هذه الآلية ويمكن أن توفر قوات عند الحاجة وتمنح ترخيصا للعمل على أراضيها السيادية إذا طُلب منها ذلك. وأضاف هوينغوب، “لا يسعك أن تقول الآن إن القوة متكاملة كقوة حلف شمال الأطلسي. إنها للتنسيق فقط الآن؛ وليست قوة موحدة بعد. وكل من القوات المشاركة فيها تتمركز فوق أراضيها الخاصة”. على طريق المراقبة توفر مجموعات الحراسة الأهلية الأمن على المدى القصير، ولكن شمال الكاميرون في حاجة إلى تنمية على المدى الطويل. أسرة أيه دي إف عندما جاءت انتحارية إلى مورا، بالكاميرون، ورفضت التوقف عند نقطة تفتيش، بدا وكأن هجوماً شنيعاً آخر على وشك أن يحدث في منطقة اعتادت على المذابح. ثم حدث شيء غير عادي. أطلق مدني هو جزء من مجموعة الدفاع الذاتي في البلدة، سهماً بطرف مسموم على المهاجمة. قتل السهم المرأة بينما فجرت انتحارية أخرى سترتها الناسفة، ولكن الانفجار لم يقتل سوى الإرهابية. وهذا التصرف السريع من جانب المدني المسلح ربما أنقذ عشرات الأرواح. تنتشر المجموعات الأهلية للدفاع الذاتي في شمالي الكاميرون وشمالي نيجيريا فيما يبحث المدنيون عن وسائل للدفاع عن مجتمعاتهم ضد متمردي بوكو حرام وغيرها من التهديدات. يحصل بعضهم على أجر، ولكن معظمهم متطوعون. ويحصل بعضهم على تدريب عسكري أساسي، وتتراوح معداتهم من الأسلحة النصف آلية إلى الأقواس والسهام أو حتى الأدوات الزراعية. توزع الحكومة الكاميرونية على هذه المجموعات معدات من بينها بنادق، وكشافات ضوئية ونظارات رؤية ليلية. كما تعمل مع شيوخ القرى لضمان اختيار أفضل المرشحين للانضمام إلى هذه المجموعات. أيّد الرئيس الكاميروني بول بيا هذه الممارسة، ووصف المواطنين المسلحين بأنهم “نماذج تُحتذى بالنسبة للأمة”. قال الفريق رينيه كلود ميكا، رئيس هيئة أركان الجيش الكاميروني، إنهم جزء من تقليد كاميروني طويل “للدفاع الشعبي”. وأضاف، “أن الشعب الكاميروني نهض في الواقع كرجل واحد ضد الوحشية. وهذا أتاح لنا النتائج الإيجابية التي لدينا اليوم”. عضو في مجموعة الحراسة الأهلية، يصافح عضواً في الكتيبة الكاميرونية للتدخل السريع في بلدة كولوفاتا بشمالي الكاميرون. ويُعد حراس الأمن الأهليون مصدراً قيماً للقوات الأمنية التي تعتمد عليهم في تمرير المعلومات الاستخباراتية، بل إنهم، في الواقع، بمثابة عيون وآذان في الأجزاء النائية من البلاد. قال العقيد ديدييه بادجيك، رئيس قسم الاتصالات بالجيش الكاميروني، “إنهم يعملون مع الجيش ويزودونه بالمعلومات. سيقولون ’انتبهوا، هناك أجنبي لا نعرفه‘، وهذا يسمح لنا بأن نقلل إلى حد كبير من عواقب هذه الهجمات الانتحارية”. كما عرّضهم هذا العمل للخطر فيما بدأت بوكو حرام الانتقام منهم. ففي تموز/ يوليو 2016، تسلل أعضاء من بوكو حرام داخل قرية شريف موساري بالليل وذبحوا رئيس مجموعة الدفاع الذاتي بالقرية بعد ساعات فقط من تعيينه. إن العلاقة بين المجتمع المدني والأمن أعمق من مجرد قلة تتطوع للحراسة. يقول المراقبون إن الأمن الحقيقي سيتطلب تنمية إضافية في شمال الكاميرون وفرص عمل جديدة للشباب الذين يمثلون أهداف التجنيد الرئيسية لبوكو حرام. قال هانز دى مارى هويغوب، خبير ومحلل أمني كاميروني للمجموعة الدولية لحل الأزمات، “إن غالبية من تجندهم بوكو حرام، يتم تجنيدهم عن طريق حوافز اجتماعية- اقتصادية. يعرضون عليهم دراجات نارية أو قروضاً أو راتباً لمدة ثلاثة أو ستة أشهر”. وقال غوباي غاتابا، مؤسس صحيفة لو أويل دو ساحل التي تغطي القضايا الأمنية في المنطقة، إن الشمال، المنطقة الأكثر كثافة بالسكان في الكاميرون، قد تحتاج إلى مشروع مارشال خاص بها بعد سنوات من الاضطراب نتيجة تهديد بوكو حرام وضغوط أخرى. ويبلغ متوسط عمر أتباع بوكو حرام 23 سنة، مع انضمام الكثيرين منهم خلال مرحلة الطفولة حيث شبّوا داخل الجماعة. وأضاف، “لديك منطقة يسودها اليأس، منطقة مكتظة بالسكان المحرومين من التعليم، أو الأمل أو العمل. وهي فريسة سهلة لبوكو حرام”. لا يوجد حل بسيط لهذه المشكلة. اعتمدت الحكومة الكاميرونية 10 ملايين دولار لتمويل عمليات تنمية طارئة وخطة إنعاش للشمال. ومع ذلك، فإن التكلفة التقديرية لتلبية الاحتياجات الإقليمية، تقترب من مليار دولار، حسب قول هوينغوب. يقدم المهندسون العسكريون يد المساعدة في مشاريع شق الطرق المدنية وإنشاء الجسور، بما في ذلك مشروع طريق متوقع في ماروا من شأنه أن يساعد في النشاط التجاري. ويتفق الجميع على أن الاحتياجات ماسة بالنسبة لـ4 ملايين نسمة يعيشون في المنطقة، 70 بالمائة منهم في حالة فقر. في مقال نشرته المجلة العسكرية الكاميرونية أونير أى فيديليتى، يجادل فنسنت نتودا إيبودي من جامعة ياوندي 2 – ساو بأنه يتعين على الجهات الفاعلة في قوات الدفاع والمجتمع المدني أن تعمل سوياً لمحاربة نفوذ بوكو حرام على المدى الطويل. كتب إيبودي يقول، “إن الأمر لا يتعلق فقط بوضع نهاية للنزاع. وإنما يتعلق أكثر بإرساء سلام دائم. لهذا السبب يجب أن تكون هناك مبادرات مدنية إلى جانب المبادرات العسكرية. وعلاوة على ذلك، فإن المدنيين يقدمون الدعم الرئيسي والمتعدد الأشكال اللازم لتحقيق النصر النهائي”.