أسرة منبر الدفاع الإفريقي
ارتفعت أسعار المواد الغذائية وغيرها من السلع في شتى بقاع العالم على إثر غزو روسيا لأوكرانيا في شباط/فبراير. وقد أوردت هذه الحرب بعض البلدان الإفريقية موارد الهلاك، إذ تتفاقم بها أزمة انعدام الأمن الغذائي بالفعل بسبب فيروس كورونا (كوفيد-19) والجفاف الشديد.
فما كان من الحكومة الأمريكية إلَّا أنها تعهدت في أيَّار/مايو بتوفير مساعدات طارئة بقيمة 215 مليون دولار أمريكي إضافية لكلٍ من الجزائر وبوركينا فاسو والكاميرون وكينيا وموريتانيا ونيجيريا ورواندا وتنزانيا وأوغندا وزيمبابوي.
تعتمد عدة بلدان إفريقية على روسيا وأوكرانيا لاستيراد القمح والأسمدة والزيوت النباتية، بيد أنَّ الحرب عطلت الأسواق وسلاسل التوريد العالمية، مما تسبب في ارتفاع أسعار المواد الغذائية.
أفادت مؤسسة «أوكسفام» ومنظمة «أنقذوا الأطفال» في منتصف أيَّار/مايو أنَّ إنساناً من المحتمل أن يموت من الجوع كل 48 ثانية في شرق إفريقيا.
وقالت السيدة لينا سيميت، الباحثة الأولى في مجال الفقر وعدم المساواة بمنظمة «هيومن رايتس ووتش»، في بيان: ”كانت عدة بلدان إفريقية تعاني بالفعل من أزمة غذائية؛ ويتسبب ارتفاع الأسعار في تفاقم محنة ملايين البشر الذين ألقت بهم جائحة كورونا في براثن الفقر، مما يقتضي من الحكومات والمجتمع الدولي اتخاذ إجراءات عاجلة.“
ذكرت «هيومن رايتس ووتش» أنَّ نيجيريا تعد رابع أكبر مستورد للقمح على مستوى العالم، وتحصل على ربع وارداتها من روسيا وأوكرانيا، في حين تستورد الكاميرون والسودان وتنزانيا وأوغندا أكثر من 40٪ من وارداتها من القمح من طرفي الحرب.
كما يشتري برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة نصف كميات القمح التي يوزعها على مستوى العالم من أوكرانيا، بيد أنَّ الغزو الروسي أوقف الإمدادات مع ارتفاع أسعار عدة منتجات، كأسعار الوقود المستخدم لتوصيل الطعام في ربوع العالم.
وذكرت مؤسسة «أوكسفام» يوم 17 أيَّار/مايو أنَّ ما يقرب من 500,000 مواطن في إثيوبيا والصومال يعانون من ظروف أشبه بالمجاعة، في حين يعاني 3,5 مليون كيني من الجوع الشديد.
وقالت السيدة جين مريواس، مديرة «صندوق سامبورو للمرأة» بكينيا، في تقرير على الموقع الإلكتروني لمؤسسة «أوكسفام»:”الوضع كارثي؛ فالبشر والدواب معرَّضون لخطر الموت، ويُبلغ بالفعل عن وفاة أطفال وأمهات حوامل وكبار سن في نواحٍ من مقاطعتي مارسابيت وسامبورو في كينيا، بل لعلنا نرى الموت يتزايد أمام أعيننا في حال غياب التدخل العاجل الآن.“
اعترف السيد موسى فقي محمد، رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، بأنَّ الغزو الروسي لأوكرانيا تسبب في تفاقم أزمة الأمن الغذائي في القارة خلال كلمة ألقاها في اجتماع المجلس التنفيذي للاتحاد الإفريقي يوم 25 أيَّار/مايو.
فقال: ”أضحت إفريقيا الضحية الجانبية لصراع دائر على مبعدة منها؛ أي الصراع بين روسيا وأوكرانيا. كما تسبب كذلك في فضح الهشاشة البنيوية لاقتصاداتنا من خلال الإخلال بالتوازن الجيوسياسي والجيواستراتيجي العالمي الهش في جذوره. وخير شاهد على هذه الهشاشات هي أزمة الغذاء على إثر الاضطرابات المناخية، والأزمة الصحية الناجمة عن كورونا، وتضخمت اليوم جرَّاء الصراع الدائر في أوكرانيا.“
وحرصاً منها على التخفيف من حدة أزمة الغذاء، دعمت الحكومات الإفريقية والمؤسسات الدولية «تسهيل إنتاج المواد الغذائية الطارئة» التابع لمجموعة البنك الإفريقي للتنمية، إذ تبلغ ميزانية هذا التسهيل 1.5 مليار دولار، ويهدف إلى زيادة إنتاج الحبوب الأساسية.
وخلال اجتماع افتراضي حول هذا التسهيل، ذكر السيد كين أوفوري عطا، وزير المالية الغاني، أنَّ القارة تتعرض لأسوأ تضخم وأزمة غذائية منذ عقدين، وأهاب بزملائه إلى التحلي بعقلية جديدة للتصدي لهاتين القضيتين.
وقال في تقرير لموقع «بيزنس بوست» الإخباري النيجيري:”علينا الإسراع بالتحرك لإنقاذ شعوبنا من هذا الجوع وهذا الغلاء.“