أسرة منبر الدفاع الإفريقي
حين ظهرت تقارير حديثة عن هجمات سيبرانية موسعة شنها مخترقون صينيون على الحكومة الكينية لسنوات، سارعت الصين بنفي ذلك نفياً نمطياً لا يخفى على أحد. ولكن يقول الخبراء إنه يصعب على المخترقين تغطية أثار جرائمهم في البيئة الرقمية في عالم اليوم أكثر من ذي قبل.
ففي مقاله لمعهد «تشاتام هاوس»، تحدث الدكتور جيمس شايرز، الزميل الباحث الأول ببرنامج الأمن الدولي، عن تطور الاستراتيجيات المستخدمة في العمليات السرية.
فكتب يقول: ”خلق العصر الرقمي الكثير من الفرص الجديدة للعمليات السرية، ولكنه زاد أيضاً من صعوبة إخفاء الاستراتيجيات التقليدية. ومنها ”استخدام التشتيت والتضليل وإخفاء الحقائق المحرجة أو الحساسة وسط سيل من الادعاءات المضادة الكاذبة.“
ولروسيا والصين تاريخ حافل بالعمليات السرية وحملات التضليل في القارة، ودرس شايرز أنشطة إيران نموذجاً.
فيقول: ”استخدمت إيران شركة الطيران الحكومية وقوارب صغيرة لإمداد روسيا بالطائرات المسيَّرة خلال حربها في أوكرانيا، فضلاً عن دعمها المستمر للعناصر المؤثرة في الكثير من الصراعات الإقليمية المزعزعة للاستقرار، وتسبب ذلك في تسليط الضوء على قضية العمليات السرية.“
وكشفت تقارير أن إيران أجرت عمليات سيبرانية لبسط نفوذها في شتى بقاع العالم. وعلى الصعيد الداخلي، ضيقت حرية استخدام الإنترنت وفرضت رقابتها لقمع المعارضة. ولكن نمت الأدلة الرقمية على العمليات السرية وباتت وسيلة لمواجهتها.
قال خبير الأمن السيبراني جون هولتكويست لمجلة «إم آي تي تكنولوجي ريفيو»: ”ثمة آثار تميز الفاعل أو من يرعاه، إذ سيترك أثراً بسبب كثرة العمليات أياً كان مستوى الخداع.“
وأضاف قائلاً: ”وما أن تربطها بحوادث أخرى، يفقد الخداع فعاليته، فما أصعب إخفاء الخداع عبر عمليات متعددة.“
واستشهد بمثال حديث تشير فيه الأدلة العابرة إلى تحميل إيران مسؤولية تنفيذ هجوم سيبراني، إذ استخدم المخترقون أدوات من دأب الإيرانيين استخدامها وكانوا يكتبون باللغة الفارسية.
إلا أن التعمق في التحقيق وجمع المعلومات من قضايا تجسس إلكترونية في الشرق الأوسط كشف أن العملية لم تكن عملية إيرانية ولكن أجراها عملاء صينيون متنكرون في ثوب مخترقين من طهران.
ويهيب شايرز بالبلدان لابتكار أدوات واستراتيجيات لمواجهة هذه العمليات السرية.
وقال إن العناصر الحكومية وغير الحكومية الهدامة تتوقع الكشف عن عملياتها، ولديها بالفعل خطط لنشر حالة من الارتباك مع نفي ضلوعها وتشتيت ضحاياها.
ويقول: ”يتطلب التصدي لهذه الاستراتيجيات المتغيرة التحلي بالشفافية والمثابرة والتعاون الدولي.“
وأردف قائلاً: ”بينما لن تسلم روايات تحديد الفاعل من الطعن فيها، لا سيما في عالم إلكتروني مليء بالمعلومات المضللة وحملات التضليل، فلا ينبغي التقليل من الأهمية المتزايدة لهذه التقارير.“