فيسبوك تويتر لينكدإن بينتيريست البريد الإلكتروني بعد الانتكاسات التي حدثت في الصومال، يشن مقاتلو حركة الشباب هجمات كبيرة في دول مجاورة اسرة أيه دي إف عندما اقتحم إرهابيو حركة الشباب مركز وستغيت للتسوق في نيروبي، انبطحت فيث وامبوا وطفلاها على الأرض بلا حراك. تمددت الأم ووجهها مصوب نحو أرضية البلاط إلى جوار ابنتها ساي البالغة من العمر 9 سنوات، وابنها تاي البالغ من العمر 21 شهراً. تناولت وامبوا قطعة من الزجاج المكسور ولوحت بها لابنها، المفتون بالحشرات والتي يخافها قليلاً، قائلة:” ‘أنظر دودو’- وهي كلمة تعني حشرة باللغة السواحيلية: ’تاي، أنظر، الحشرة قادمة لتلدغك‘ حتى يظل صامتاً. وأخذنا نمارس هذه اللعبة لمدة ساعة تقريباً. ومن المدهش أنه ظل صامتاً”. تظاهرت وامبوا وطفلاها بالموت لأكثر من أربع ساعات على أمل الإفلات من المسلحين. وفي مرحلة ما، اقترب المسلحون منهم لدرجة أن وامبوا استطاعت أن تشم رائحة البارود وتسمع صليل فوارغ الطلقات وهي ترتطم بالأرضية. جندي كيني يقوم بعمليات تفتيش عبر مركز وستغيت للتسوق أثناء حصار عنيف لمقاتلي حركة الشباب في أيلول/ سبتمبر 2013. أدى الهجوم بالبنادق والقنابل اليدوية الذي استغرق 80 ساعة إلى قتل نحو سبعين شخصاً وجرح حوالي 175 آخرين. نُقلت الصورة من تلفزيون وكالة الأنباء الفرنسية. وكالة الأنباء الفرنسية/صور غيتي قالت وامبوا لهيئة الإذاعة البريطانية، “كانت هذه هي اللحظة التي بدأت فيها أترنم بأغنية عن القيامة لأنني ظنت أننا سنموت جميعاً”. عندئذ سمعت صوت رجل يناديها “ماما”، ولمس ابنتها برفق. عرّف نفسه بأنه شرطي، وقام هو وزملاؤه بمرافقة المرأة وطفليها بسلام خارج مركز التسوق. لم يكن كثيرون غيرهم محظوظين بنفس القدر. فبعد حصار استمر 80 ساعة في أيلول/ سبتمبر 2013، قتل الإرهابيون نحو 70 رجلاً، وأمرأة وطفلاً، وجرحوا نحو 175 في هجوم البنادق والقنابل اليدوية. وجّهت الجماعة المتطرفة الوحشية، التي أثارت الرعب سنوات في الصومال، ضربتها مرة أخرى خارج موطنها، فهاجمت هدفاً مدنياً في كينيا، التي شاركت في بعث الاتحاد الإفريقي في الصومال. اختلفت الآراء حول معنى الهجوم. فيراه البعض دليلاً على ضعف الجماعة الإرهابية باستهدافها هدفاً سهلاً. بينما يرى آخرون أن الجماعة تتأقلم باستخدام تكتيكات جديدة، ويعتقدون أن هذا ينذر بمزيد من الهجمات في المستقبل. فإن هناك شيء واحد مؤكد: أن رد فعل كينيا والدول الأخرى في شرق إفريقيا على التحول التكتيكي للشباب سيكون عنصراً هاماً لضمان زيادة عزل الجماعة الإرهابية وإضعافها. صعود حركة الشباب انبثقت حركة الشباب عن اتحاد المحاكم الإسلامية عام 2006 بعد سنوات من الحرب الأهلية والفوضى في ظل سلسلة من أمراء الحرب في تسعينات القرن العشرين. حاولت المحاكم إعادة النظام إلى الصومال، ولكنها انهارت تحت ضغط الحكومة الفيدرالية الانتقالية وغزو من جانب إثيوبيا. قضى الغزو الإثيوبي على مزيد من العناصر الأكثر اعتدالاً في اتحاد المحاكم الإسلامية، مخلّفا وراءه مقاتلين متطرفين أقوياء عازمين على فرض إقامة دولة إسلامية في الصومال. وظهرت حركة “الشباب”. قال فاندا فلباب- براون، وهو زميل كبير في معهد بروكينغز، “كانت حركة الشباب دائماً جناحاً متطرفاً أو عنصراً متطرفاً في صفوف اتحاد المحاكم الإسلامية”. وسرعان ما اكتشف متشددو الشباب أن الحكم أصعب من التمرد. قال فلباب- براون إن وحشيتهم وممارساتهم تتعارض مع الثقافة الصومالية. كذلك، وطبقاً لدراسة نشرها مركز مكافحة الإرهاب في وست بوينت، هناك ثلاثة عوامل اجتمعت في السنوات التالية أدت إلى إضعاف حركة الشباب: تشكيل بعثة الاتحاد الإفريقي للصومال، وسوء إدارة الجفاف الإقليمي عام 2011، والانقسامات العشائرية الداخلية. عضو من حركة الشباب يشارك في فعالية خارج مقديشو بالصومال. تسبب رفض الجماعة السماح بدخول المساعدات الغذائية الأجنبية إلى المناطق التي تسيطر عليها في عام 2011 في زيادة شدة المجاعة. المد يتحول في الصومال كانت بداية بعثة الاتحاد الإفريقي في الصومال، التي شكّلها الاتحاد الإفريقي عام 2007، بداية متعثرة. فقد كان الغزو الإثيوبي عام 2006 فعّالاً ضد ميليشيا اتحاد المحاكم الإسلامية ولكنه لم يحظ بشعبية لدى الشعب الصومالي. بدأت بعثة الاتحاد الإفريقي في الصومال بقوات أوغندية فقط، ولكن سرعان ما انضمت إليها بوروندي، وفيما بعد أرسلت جيبوتي، وسيراليون وكينيا قوات. وبحلول عام 2011، كانت العملية قد ثبتت أقدامها، وطردت قوات بعثة الاتحاد الإفريقي مقاتلي حركة الشباب من العاصمة مقديشو. وبعد حوالي عام، استعادت البعثة مدينة كسمايو الساحلية، ثالث أكبر مدينة في الصومال ومركز مالي هام للجماعة الإرهابية، التي كانت تستخدم الميناء في جمع الأموال من خلال تصدير الفحم. في وقت من الأوقات، كانت حركة الشباب تجني 500000 دولار كل شهر عن طريق تصدير الفحم إلى دول الخليج، وفقاً للمقدم جيفري كامبيري من قوة الدفاع الشعبي الأوغندية. كما جمعت الجماعة مبالغ كبيرة بفرض ضرائب على الواردات والصادرات في الميناء. وطبقاً لتقرير للأمم المتحدة، كانت حركة الشباب، في ذروتها، تجمع من 35 إلى 50 مليون دولار سنوياً كرسوم جمركية وضرائب تجارية في كسمايو ومينائين آخرين. أدت انقسامات القيادة الداخلية إلى وقوع انتكاسات عسكرية. ويُعتقد أن اندماج الجماعة مع تنظيم القاعدة أثار خلافاً بين مختار أبو الزبير، المعروف أيضاً باسم جودان، وحسن ظاهر عويس، الذي كان أقل التزاماً بالأهداف الجهادية العالمية. أطلق على جودان أيضاً اسم “أسامة بن لادن الشباب”. وذُكر أن عويس اعتقل في صيف 2013، بعد انشقاقه. كما ألقى الجفاف في شرق إفريقيا عام 2011 بعبء ثقيل على نفوذ حركة الشباب. وقالت دراسة مركز مكافحة الإرهاب، “على الرغم من أن الجفاف أثّر على المنطقة بأسرها، فإن المجاعة لم تصب سوى منطقتي باكول الجنوبية وشابيلي السفلى اللتين كانت تسيطر عليهما حركة الشباب. ووفقاً للأمم المتحدة، فإن حوالي ثلاثة ملايين شخص في مناطق الصومال الخاضعة لسيطرة حركة الشباب لم يكن لديهم ما يكفي من الغذاء. وكان هذا في جانب كبير منه بسبب رفض الميليشيا للمعونات الخارجية، التي كانت تعتبرها محاولة لتقويض سلطتها والمساعدة في نشر النفوذ الغربي”. بحلول هذا الوقت، كان ما تبقى من التأييد الشعبي لحركة الشباب قد بدأ في الانحسار. وفيما خسر المسلحون مواقعهم أمام بعثة الاتحاد الإفريقي في الصومال، تضاءلت أمامهم الفرص المالية. ولجأت الجماعة إلى الضرائب القبلية، وسرقة الماشية، والاختطاف مقابل الفدية والتواطؤ مع القراصنة. قال المشرّع الصومالي محمد عمر جدي لموقع Sabahi Online في تموز/ يوليو 2012، “إن هذا النوع من السلوك دليل دامغ على أن ممارسات المتطرفين لا علاقة لها بالإسلام لأن الإسلام يحرّم سرقة الماشية من الفقراء واستخدام الأموال في تمويل حروب جائرة ضد الشعب”. أحد جنود قوات الدفاع الكينية، وهي جزء من بعثة الاتحاد الإفريقي في الصومال، يصوّب سلاحة الثقيل في بلدة كسمايو الساحلية في تشرين الثاني/ نوفمبر 2013. تُعد قدرة البعثة على استعادة المدينة الجنوبية من حركة الشباب واحدة من أكبر نجاحاتها. حركة الشباب تصعّد هجماتها في أعقاب هذه النكسات، خرجت حركة الشباب من الصومال لتشن هجمات كبيرة. وجاءت مذبحة وستغيت في أيلول/ سبتمبر 2013، وبعدها بشهر، قُتل اثنان من أعضاء حركة الشباب عندما انفجرت خطأ القنبلة التي كانا يجهزانها في أديس أبابا بإثيوبيا. اعتقل المسؤولون عدة أشخاص آخرين فيما يُعتقد أنها كانت خطة لتفجير أستاد أديس أبابا أثناء مشاهدة الجماهير تصفيات كأس العالم في كرة القدم بين إثيوبيا ونيجيريا، حسب ما ذكرته صحيفة سودان تريبيون. رغم وحشية هجوم وستغيت، يرى البعض أنه يثبت صحة استراتيجية بعثة الاتحاد الإفريقي في الصومال. صرحت ليندا توماس- غرينفيلد، وهي دبلوماسية أمريكية كبيرة في إفريقيا، للصحفيين في تشرين الأول/ أكتوبر 2013 بأن الهجوم أظهر أن حركة الشباب تضرب “أهدافاً سهلة لأنه يجري تصعيب ملاحقتهم لأهداف أخرى”. وطبقاً لصحيفة ذا سيتزين أوف تنزانيا، أضافت توماس-غرينفيلد، “أن هذا بيّن لنا أننا ننتهج الاستراتيجية الصحيحة. ونحن في حاجة إلى تعزيز تلك الاستراتيجية”. قال كيتيل ترونفول، كبير المشاركين مع معهد القانون والسياسة الدولية في أوسلو بالنرويج، لمجلة أيه دي إف إنه ليس من شك في أن المكاسب العسكرية أعادت توجيه تركيز حركة الشباب في شرق إفريقيا من “أيديولوجية تنطلق من الصومال إلى أيدولوجية أكثر استناداً إلى الجهاد عبر الحدود”. وبسبب ذلك، كما قال، من المرجح أن تشن مزيداً من الهجمات. ويقول محللو استخبارات إن التراجع عن فرض الحكم الإسلامي ربما كان قد أسفر عن تحويل الجماعة لمواردها باتجاه مهاجمة الدول المشاركة بقوات في بعثة الاتحاد الإفريقي في الصومال. وفي عام 2013 أبلغ جيمس آر. كلابر مدير الاستخبارات الوطنية الأمريكية الكونغرس الأمريكي بأنه يتوقع للشباب “أن تستمر في التركيز على التحديات المحلية والإقليمية” و “تواصل تدبير هجمات هدفها إضعاف الخصوم الإقليميين، بما في ذلك استهداف المصالح الأمريكية والغربية في شرق إفريقيا”. إن كينيا، مثلها مثل العديد من الدول الأخرى في شرق إفريقيا، لديها عدد كبير من السكان الصوماليين. وتحدد بعض التقديرات عددهم الإجمالي بمليون شخص، يعيش كثير منهم في ضاحية إيستلى بنيروبي، المعروفة باسم “مقديشو الصغيرة”. وبعد أقل من شهرين من هجوم وستغيت، وقّعت كينيا، والصومال والأمم المتحدة اتفاقية عودة تحث العديد من الصوماليين على العودة إلى وطنهم، حسب ما أوردته صحيفة كريستشان ساينس مونيتور. كانت المشاعر المعادية للصوماليين شائعة في كينيا قبل وبعد الهجوم على مركز التسوق. قال فلباب- براون إن الكينيين دأبوا لفترة طويلة على النظر بريبة إلى الصوماليين. وهذا النوع من كبش الفداء ربما كان بالضبط ما تعتمد عليه حركة الشباب. تشكيل استجابة في شرق إفريقيا قال كين مينخاوس، أستاذ العلوم السياسية في كلية ديفيدسون بالولايات المتحدة والخبير في الشؤون الصومالية، إن هجوم وستغيت يشير إلى أن حركة الشباب تأمل في “رد فعل عنيف” ضد مئات الآلاف من ذوي الأصول الصومالية الذين يعيشون ويعملون في كينيا. كتب مينخاوس لموقع ThinkProgress يقول “إن هجوم وستغيت هو أحدث علامة على ضعف الجماعة. لقد كانت مقامرة يائسة وعالية المخاطر من جانبها لتغيير مستقبلها. فإذا نجح الهجوم المميت في دفع المواطنين الكينيين إلى الاقتصاص العنيف أو إلى ردود فعل خرقاء من جانب الحكومة ضد السكان الصوماليين، تكون هناك فرصة أمام حركة الشباب لتعيد صياغة نفسها على أنها ميليشيا الطليعة التي تحمي الصوماليين ضد الأعداء الخارجيين. إنها في أمس الحاجة إلى إعادة صياغة الصراع في الصومال بوصفه صراع الصوماليين ضد الأجانب، وليس الصوماليين الذين يسعون للسلام والعودة إلى الحياة الطبيعية مقابل حركة جهادية سامة”. يتفق ترونفول مع هذا الرأي. ويقول إنه يتعين على قوات شرق إفريقيا أن تحرص على عدم “وصم جميع الصوماليين بأنهم تهديدات محتملة وإرهابيون محتملون”. وقال، “إن هذا يمكن عندئذ أن يستثير نبوءة تتحقق ذاتياً، مما يدفع الناس أو ينفّرهم بعيداً عن الدولة، ويحملهم على الدخول في عمليات أخرى أكثر تطرفاً”. قالت ليان كيندى- بودالي، المتخصصة في مكافحة الإرهاب بإفريقيا لدى منظمة سيبر بوينت الدولية، إن اتباع أساليب الشرطة المجتمعية وممارسات التواصل هي وسيلة من وسائل المقاربة مع الجاليات الصومالية في شرق إفريقيا. ومن شأن عمل ذلك أن يسمح لقوات الأمن بالقيام بدوريات بأمان والبحث في الوقت نفسه عن شركاء في المجتمع يمكن أن يوفروا معلومات ومكافحة للعنف. وقالت، “من هنا يمكن أن تقيم أنواع العلاقات التي تستطيع قوات الأمن أن تحصل من خلالها على نصائح، ومعلومات، وتطوير شبكة معلومات، ومحاولة تحويل أعمالها بصورة أكثر نحو الوقاية أو الدوريات…بدلاً من مجرد الاستجابة عندما يكون مكروه قد وقع بالفعل”. صبي صومالي معوّق يحمل لافته أثناء تجمع جماهيري ضد حركة الشباب في مقديشو في شباط/ فبراير 2014. وكالة الأنباء الفرنسية/صور ”أعتقد أن عليك أن تبدأ بمجموعة من ضباط الأمن المحليين الذين يفهمون فائدة إنجاز الأشياء بشكل مختلف”. وإذا استطاعت قوات الأمن العثور على أفراد في هذه المجتمعات لهم مصلحة مشتركة في تقويض حركة الشباب، “تقوم عندئذ بتمكين أولئك الأفراد من النهوض بدور الأمن المحلي”. وقال ترونفول إنه يجب على السلطات أن تفهم أيضاً أنه فيما تخوض حركة الشباب تحولاً أيديولوجياً، يمكن للجماعة أن تستغل المظالم المحلية كوسيلة “للحصول على موطئ قدم في الدول المجاورة”. وأضاف أنه إذا كانت السلطات الكينية أو الإثيوبية، مثلاً، توصم السكان الصوماليين، فإن هذا يمكن أن يؤدي إلى استياء يمكن أن تستغله حركة الشباب في التجنيد. وسوف يتطلب التقليل من التهديد أن تعمل القوات الأمنية لشرق إفريقيا معاً. ويشكل تبادل الاستخبارات جانباً بالغ الأهمية. وهذا يحدث الآن إلى حد ما، ولكن يجب تعزيز هذه الجهود. وقال “إنني أعتقد أنهم بحاجة لتحديد بعض الهياكل الجديدة. فالهيئة الدولية للتنمية والجماعة الاقتصادية لدول شرق إفريقيا تعزز بالفعل التعاون في المنطقة، ولكن “لرفعه إلى مستوى أعلى، فإنك تحتاج إلى هيكل إقليمي فرعي جديد، وإلى آلية لتجميع معلومات كل من مصدري الاستخبارات”. كما تستطيع فرق العمل المشترك اقتفاء أثر شبكة تجنيد حركة الشباب في جميع أنحاء شرق إفريقيا. “أنت بحاجة إلى هيكل أكثر تجهيزاً للتصدي لهذه المشكلة الإقليمية الفرعية”. توافق فلباب- براون على أن التعاون الإقليمي ضروري. وقالت إن، “الشيء الوحيد المهم هو تجاوز هذا النوع من المنافسات ضيقة الأفق التي تميز أجهزة الاستخبارات والأمن في شرق إفريقيا وحمل تلك الأجهزة على الانخراط في تبادل المعلومات على نحو أفضل، وأكثر نزاهة، والتركيز على مكافحة الإرهاب”. وأضافت أن، “تبادل المعلومات داخل الأجهزة الوطنية سيكون، في نهاية المطاف، على نفس القدر من الأهمية كتبادل المعلومات الاستخباراتية الخارجية بين دول شرق إفريقيا”. q