فيسبوك تويتر لينكدإن بينتيريست البريد الإلكتروني حوار مع العميد ديفيد بابورام الرئيس السابق لدعم بعثة الاتحاد الأفريقي أسرة أيه دي إف العميد ديفيد بابورام عمل العميد المتقاعد ديفيد بابورام في قوات الدفاع الكينية لمدة 36 عاماً. وكان أثناء عمله قائداً لفيلق العتاد، وقائداً لمستشفى عسكري، وقام بالتدريس في كلية الأركان الدفاعية. أمضى أربع سنوات في الاتحاد الأفريقي كرئيس لوحدة دعم البعثة، التي توفر اللوجستيات لبعثات الاتحاد الأفريقي لحفظ السلام. تحدث إلى مجلة أيه دي إف هاتفياً من منزله في نيروبي. وتم اختصار تصريحاته لتلائم المجلة. أيه دي إف: إن توفير الدعم اللوجستي هو دائماً واحد من أكبر التحديات التي تواجه بعثة حفظ السلام في بدايتها وطوال عملها، وينطبق هذا بوجه خاص على أفريقيا. وكثيراً ما تتأخر الاستجابة ببساطة بسبب صعوبة نقل القوات والإمدادات إلى مناطق نائية تقع فيها الأزمة. هل صادفت هذا التحدي أثناء عملك؟ بابورام: تمثل المسافة مجرد واحد من التحديات في توصيل الدعم اللوجستي في السياق الأفريقي. وتتمثل أدق التحديات في تعبئة الموارد. الاتحاد الأفريقي يعتمد اعتماداً كلياً على الدعم من الجهات المانحة، 98 بالمائة تقريباً. وإذا نظرتم إلى بعثة كتلك الموجودة في الصومال، فإن إسهام الاتحاد الأفريقي في التكلفة لا يتجاوز حتى 2 بالمائة، لأنه لا يملك حقاً إمكانيات لمثل هذا النوع من التمويل. فمن المفترض أن يأتي معظم التمويل لدعم عمليات السلام من صندوق السلام التابع للاتحاد الأفريقي، ولكن إذا نظرتم إلى المفهوم الكلي وراء صندوق السلام، فإنه غير مخصص لدعم بعثة كبيرة كهذه تتضمن نفقات باهظة. فالحد الأقصى لمستوى صندوق السلام هو نحو 5 ملايين دولار، وهو مبلغ يكاد لا يُذكر في الواقع من حيث تمكين الاتحاد الأفريقي من تمويل بعثته الخاصة بأي شكل من الأشكال. فهذه قضية تعبئة موارد؛ وهي تجعل الاتحاد الأفريقي غير سبّاق في معظم محاولاته للقيام بعمليات دعم سلام. أما الحديث عن قضايا جغرافية مثل المسافة، المواقع – فأفريقيا على ما هي عليه بطبيعة الحال، فمعظم بنيتنا التحتية – الموانئ، المطارات، الطرق – غير كافية. وهذا يمثل تحدياً أمام نقل القوات والعتاد، ويسبب كابوساً لوجستياً. رأينا هذا في جمهورية أفريقيا الوسطى ومالي، حيث كانت بعض مناطق العمليات على مسافة بعيدة من منطقة الدعم. وشكّل هذا تحدياً هائلاً لأنه لا يمكن نقل القوات إلى المناطق النائية إلا بالطائرات، ولكن هذه الطائرات لم تكن متوفرة على الإطلاق. لذلك يكون لديك عجز في الإمكانيات، وتزيد التضاريس المشكلة تفاقماً. أيه دي إف: وكيف تتغلب على هذا العجز في قدرات النقل الجوي؟ بابورام: بُذلت جهود في التعامل مع هذه المسألة. ففي الآونة الأخيرة، تم إنشاء مركز تنسيق النقل القاري في الاتحاد الأفريقي لتنسيق متطلبات النقل الجوي والبحري، ولكنها مجرد خلية صغيرة داخل شعبة عمليات دعم السلام في الإتحاد الأفريقي. ومن أهم الجهود التي بُذلت، محاولة إقامة قاعدة بيانات للقدرات الجوية مثلاً. ويتضح مما تم تجميعه حتى الآن، أن هناك قدرة محدودة للغاية من حيث الإمكانيات في القارة. فالجزائر، وجنوب أفريقيا وأنغولا لديها موارد جيدة، ولكن معظم الدول الأعضاء لا تملك أي قدرات ذات معنى من حيث النقل الجوي. أما قدرات النقل البحري، فغير موجود بالقارة على الإطلاق. لذلك فإن المصدر الوحيد للنقل البحري يجب أن يكون عن طريق التعاقد مع سفن مدنية. والنقل الجوي عنصر بالغ الأهمية لأنه لكي تنشر قوات في نطاق الإطار الزمني للبعثة، يجب نقل العناصر القيادية، وهي نحو كتيبتين، بطريق الجو. ويمثل ذلك في الواقع تحدياً يمكن أن يؤخر الانتشار السريع. أيه دي إف: هل يكمن الحل في أن يكون لديك قاعدة بيانات للمعلومات وتحصل على التزامات أم أن تشتري من غنية الموارد؟ بابورام: لا يمكنك أن توقّع مذكرة تفاهم معها. والواقع أن هذا نوع يعمل على أساس طوعي من تلك الدول. وهي لا يمكنها أن تعرض إلا عندما تنشأ الحاجة. ولكن لا تستطيع الاعتماد عليها تماماً لأنه لا توجد مذكرة تفاهم تلزمها بتوفير تلك الإمكانيات، ولن تشأ أي منها في الدخول في ذلك النوع من الترتيب. وحتى قدرتها، فهي محدودة حسب المعايير الدولية. لذلك فإن هذه العروض سوف تأتي حين تسمح الظروف، ولكن لا يمكنك أن تعمل حسابها عند التخطيط. لا يسعك أن تقول، مثلاً، إن الجزائر سوف توفر طائرة نقل سي-130. قاعدة البيانات ستكون في الواقع لتحديد الثغرات والتماس الدعم من جيوش متقدمة. أيه دي إف: مع استكمال التدريب الناجح أماني أفريقيا 2 في الآونة الأخيرة في جنوب أفريقيا، أصبحت القوة الاحتياطية الأفريقية الآن جاهزة للتشغيل تقريباً. بالنظر إلى التاريخ الفريد للقارة، بما في ذلك الإبادة الجماعية المفجعة في رواندا عام 1994، فإن واحداً من الجوانب المهمة لهذه القوة هو أنها يجب أن تكون جاهزة للانتشار بسرعة كبيرة، في أقل من 14 يوماً في حالات الإبادة الجماعية. هل هذه السرعة ممكنة من الناحية اللوجستية؟ بابورام: تمثل المسألة اللوجستية بحد ذاتها نوعاً من علامات الاستفهام من حيث إمكانية تنفيذها في غضون 14 يوماً. فالأمر الأساسي هو سياسي، اتخاذ القرار. إذ يجب التخويل بعملية النشر طبقاً للمادتين 4(h) و (j) من ميثاق الاتحاد الأفريقي. ولكي يتم تفعيل المادة 4(h)، فإنها تقتضي عقد اجتماع لرؤساء الدول. ولكي تجمع 52 رئيس دولة في أديس أبابا في غضون 14 يوماً أمر غير ممكن. لذلك فإن القضية السياسية من حيث اتخاذ القرار تمثل أول عقبة يجب إزالتها. وفيما يتعلق بالدعم اللوجستي، سيكون من الصعوبة البالغة بمكان نشر اللوجستيات على نحو ينسجم مع المفهوم الحالي لدعم القوة الاحتياطية الأفريقية. ويقول ذلك المفهوم إن الدول المساهمة بقوات سوف تنشر قواتها على أساس أن تكتفي ذاتياً لمدة 30 يوماً، عندئذ يتولى نظام الاتحاد الأفريقي عملية الدعم. ولكن تجميع نظام الاتحاد الأفريقي سوف يستغرق ستة أشهر تقريباً من حيث تعبئة الموارد. لقد ذكرت آنفاً أن الاتحاد الأفريقي يعتمد اعتماداً كلياً على دعم الجهات المانحة، وتمثل مهلة التوريد [تحدياً] وقاعدة اللوجستيات القارية لن تكون جاهزة بعد. قد تكون جاهزة للعمل في المستقبل القريب، ربما بعد سنتين أو ثلاث سنوات على الطريق من الآن، ولكنها غير جاهزة الآن. لذلك، واعتباراً من الآن وحسب الطريقة التي تم بها اختبارها في التدريب أماني أفريقيا 2، فإنها مجرد مسألة نظرية. أيه دي إف: وما هو الحل إذن.؟ بابورام: إن السبيل الوحيد للالتفاف حولها هو مراجعة سياسة الاكتفاء الذاتي للدول المساهمة بقوات وتكليف تلك الدول بمسؤولية أكبر للاكتفاء الذاتي. ربما لمدة 90 يوماً مع تعهد من الاتحاد الأفريقي بأن يسدد لها تكاليف أي نفقات تكبدتها. ربما يمكن تكليف الدول الأعضاء بصورة ثنائية بتوفير مثل هذه القدرة على الاكتفاء الذاتي. ذلك هو السبيل الوحيد للالتفاف حول شرط نشر القوة الاحتياطية في غضون 14 يوماً. لدينا مبادرة تُسمى القدرة الأفريقية على الاستجابة السريعة للأزمة، وسوف تبنى في نهاية المطاف على تلك المفاهيم التي تتحمل فيها الدول الأعضاء مسؤولية توفير الاكتفاء الذاتي لوحداتها لمدة 90 يوماً. ويمكن أن يمتد ذلك إلى مفهوم القوة الاحتياطية الأفريقية لأنه السبيل الواقعي الوحيد للانتشار في غضون 14 يوماً. ويمكن اختيار واحدة من بين تلك الدول التي تتطوع بقوات وموارد لبعثة محددة، لتكون الدولة الرئيسية أو الرائدة في الشؤون اللوجستية. ويمكن أن تكون الدولة التي تتمتع بخبرات أوسع، وقدرات أكبر وموارد أفضل أن تكون الرائدة في توفير بعض المسائل اللوجستية المشتركة وبناء إطار عمل يمكن أن تحشد فيه الدول الأخرى مواردها اللوجستية. أيه دي إف: تطلعاً للمستقبل، أين تأمل في أن تركز الجيوش الأفريقية مساعيها؟ رجل يمشي في البهو الرئيسي لمقر الاتحاد الافريقي في أديس أبابا في اثيوبيا. يطمح الاتحاد الافريقي في الحصول على مصدر دعم مالي دائم من أجل دعم مهمة القوة الافريقية الجاهزة للتدخل لحل الازمات في القارة. بابورام: أعتقد أن معظم القدرات اللوجستية سوف تعتمد على قدرة أفريقيا على توفير متطلبات مواردها الخاصة دون الاعتماد بدرجة كبيرة على الجهات المانحة. وهذا يؤثر على التخطيط. إذ لا يسعك أن تخطط على أساس موارد ليست في متناول يديك. وإذا كان عليك أن تذهب إلى الاتحاد الأوروبي أو الولايات المتحدة طلباً لدعم بعثتك، فهذا عندئذ سيقوض تخطيطك وقدرتك على الانتشار بسرعة، ومعالجة المشاكل الأفريقية. فما يُعتبر حلاً لمشكلة ما في أفريقيا قد لا تعتبره كذلك منظمة خارجية مثل الأمم المتحدة. وهذا هو السبب في أن هذا التدخل في بوروندي، حتى وإن كان بتفويض من الاتحاد الأفريقي، لم يتحقق على الإطلاق. وليست هذه هي الحالة الوحيدة؛ فقد حدثت عدة حالات في الماضي عندما فوّض الاتحاد الأفريقي ببعثة ما ولم تر ضوء النهار. وعندما يبحث في أسباب ذلك، يعود كل شيء إلى قدرة الاتحاد الأفريقي على توفير الموارد لبعثته الخاصة. يجب أن يكون النظام مدعوماً باستراتيجية لتعبئة الموارد. هذا هو العنصر الأساسي الذي يتعين على الاتحاد الأفريقي أن يتغلب عليه في المستقبل. ونحن بحاجة أيضاً إلى تجميع ما يكفي من تمويل في إطار صندوق الاتحاد الأفريقي للسلام لدعم مهمة ما لمدة 90 يوماً على الأقل، وسيكون ذلك في حدود 50 مليون دولار. وهذا أمر قابل للتحقيق. وفيما يتعلق بالتعامل مع المستقبل، فإنه يستحدث أيضاً قدرات أكبر للاكتفاء الذاتي بين الدول الأعضاء حتى يمكن لدولة واحدة على الأقل أن تتقدم وتدعم قواتها لمدة 90 يوماً إلى أن يتولى نظام الاتحاد الأفريقي المهمة عنها. وهذا أمر ممكن. قد تدعو الحاجة إلى إجراء تحليل أو تقييم للدول الأعضاء لنرى المجالات التي يمكن إجراء تحسينات فيها. أيه دي إف: هناك أمثلة كثيرة أبدت فيها جيوش أفريقية قدرتها على التفوق لوجستياً. وأنا أفكر في قدرات جيوش مثل الجيش التشادي لنشر قوات في بيئات بالغة القسوة ويحقق نجاحاً رغم إمكانياته المحدودة. بابورام: أتفق مع ذلك. وهذا يثير مسألة محاولة تبسيط الأمور. فمشاكل اللوجستيات في الجيوش الأفريقية يجب ألا تخرج عن حجمها الحقيقي. هناك طرق يمكن أن تبسّط بها الأمور وتجعلها أقل كلفة بمعالجة خصوصية المتطلبات الأفريقية. المطبخ، على سبيل المثال. فالمطبخ الميداني الذي توفره الأمم المتحدة معقد، ومكلف للغاية ولا يفي أحياناً بمتطلبات القوات فعلاً. وينطبق الأمر نفسه على بعض المتطلبات الأخرى. لذلك، نحن في حاجة إلى حلول بسيطة للمشاكل. نحن في حاجة إلى توفير قدرات لها لإطعام أنفسها وصيانة بعض المعدات الأساسية، لأن الصيانة تمثل مشكلة نوعاً ما. فالمعدات ترد، وبسبب النقص في تدريب القائمين على تشغيلها، تصبح غير صالحة للاستعمال بسرعة كبيرة. وينخفض العمر الافتراضي للمعدات بدرجة كبيرة. وفي غضون ستة أشهر تجد أن نحو 50 بالمائة من المعدات غير صالحة بسبب نقص الصيانة الأساسية. يجب معالجة هذه المشاكل باستحداث قدرات للصيانة وبناء كفاءة القائمين على تشغيل المعدات. في العالم الغربي لا تمثل الصيانة أي مشكلة، ولكن في الجيوش الأفريقية إذا لم تحل تلك المسائل، فمن شأن ذلك أن يساهم في إستفحالها. أيه دي إف: هل ينبغي أن يحتل الدعم اللوجستي أولوية أعلى؟ بابورام: تُعد الأولوية التي يوليها القادة وواضعو السياسة للدعم اللوجستي مسألة أساسية. وكثيراً ما تفكر في اللوجستيات في وقت لاحق، وليس في وقت سابق. وهذا يمكن أن يقوّض التخطيط العملياتي بأكمله، لأنه لا يسعك أن تخطط دون مراعاة لما لديك من مواد لوجستية. أعرف أنهم يقولون عادة إن العمليات هي التي تحفز اللوجستيات، ولكن أعتقد أن اللوجستيات في أفريقيا هي التي تحفز العمليات، لأن العمليات يجب أن تكون مبنية على اللوجستيات المتاحة. لا يمكن أن تدفع بقوات إلى الموقع “أ” أو “ب” إذا لم يكن لديك وسيلة للنقل الجوي لنقلها إلى هناك. ولا يمكن أن تُبقي القوات في منطقة عمليات لثلاثة أشهر إذا لم تستطع إطعامها أو تزويدها بالمياه أو توفير الذخيرة الكافية لها. لذلك فإن التخطيط عنصر أساسي.