فيسبوك تويتر لينكدإن بينتيريست البريد الإلكتروني الأمن المتمحور حول السكان ينظر إلى الدفاع بمنظور جديد أسرة أيه دي إف كان بناء سد ويجا في غانا واحداً من أنجح مشاريع الأشغال العمومية في العقود الأخيرة. فإلى الغرب مباشرة من العاصمة أكرا، يلتقط السد المياه من نهر دينسو الذي يتدفق 116 كيلومتراً من الجبال ليملأ الخزان، ويوفر مياه الشرب لـ 70 بالمائة من السكان في العاصمة. ومع ذلك، عندما يضرب المنطقة الجبلية موسم أمطار شديدة، كما حدث عام 2014، يمتلئ الخزان حتى حافته ومن ثم يتعين صرفه. وفيما ارتفعت مستويات المياه في حزيران/ يونيو 2014، نبّه كوفي بورتوفي، مدير المنظمة الوطنية لإدارة الكوارث، السكان المقيمين في منطقة مستجمعات المياه أسفل الخزان إلى ضرورة الإجلاء لأن الحكومة تستعد لفتح بوابات التسريب. وقال بورتوفي إنه تم تحذير الناس مراراً من ألا يبنوا بيوتاً هناك ولكنهم فعلوا ذلك بدون تصريح. ولتقليل الأضرار، قرر بورتوفي وفريقه حفر وتعميق القنوات المؤدية من الخزان إلى المحيط الأطلسي. كان عليهم أن يتصرفوا بسرعة لأن المياه كانت تهدد 5000 شخص و500 منزل. ضحايا يمرون أمام بنايات مدمرة بعد فيضان في أكرا بغانا عام 2010. تنظر الجيوش الإفريقية في سبل جديدة لمواجهة تهديدات “تتمحور حول السكان” مثل الفيضانات والنزاعات على حقوق الأراضي. فيكى ماكنوت-ديفي قال بورتوفى، “إن المياه لا تتدفق إلى المحيط معظم السنة. فهناك ترسبات من الرمال تعوق مجرى القناة. لذلك عندما تفيض المياه ولا يمكن صرفها في المحيط، فإنها تنتشر إلى مناطق أخرى وتزيح الكثير والكثير من الناس”. غير أنه، لدى وصول العمال لحفر القنوات، قاومهم السكان المحليون بغضب. وأمر الشيوخ أو القادة التقليديون أفراد جماعة غا العرقية بألا يسمحوا باستمرار العمل. قال بورتوفي، “قالوا إنها عادة؛ إنها منطقة تقليدية. لذلك جلبوا حراساً أهليين، وقالوا، ’لا، لا يمكنكم أن تفعلوا هذا الآن. امنحونا بعض الوقت، وسوف نبلغكم متى يمكن أن تأتوا وتفعلوا ذلك‘”. أصبح الصراع عنيفاً، وهاجم رجال الغا عمال المنظمة الوطنية لإدارة الكوارث، بل وحطموا نوافذ حفارة فيما حاولوا الوصول إلى السائق داخلها. وباتت أعمال الشغب وشيكة. سحب بورتوفي فريقه ودعا إلى اجتماع طارئ مع جميع المسؤولين عن الأمن، بمن فيهم أفراد القوات الجوية، والبحرية، والشرطة، وفوج هندسة الجيش 48. وفي الساعة الثانية من صباح اليوم التالي، تمكن فريق المنظمة الوطنية لإدارة الكوارث ومهندسو الجيش، وقد حلقت المروحيات فوقهم لمراقبة المنطقة وقام رجال شرطة مكافحة الشغب بتشكيل طوق وقائي، من استكمال المشروع، وسرعان ما أعيد توجيه المياه إلى المحيط. قال بورتوفي، “قمنا بالتجريف، وتدفقت المياه وانحسرت من المناطق المتضررة في غضون 48 ساعة”. الأمن الذي يضع الشعب أولاً توضح القصة في غانا بعض الحقائق عن الأمن في إفريقيا. فالتهديدات لسلامة المدنيين لا تأتي عادة على شكل جيوش أجنبية معادية، أو هجمات إرهابية أو قرصنة. فالناس الذين يعيشون في مناطق الفيضانات في غانا يتعرضون للخطر بسبب عوامل دنيوية أكثر. من بينها المشاكل البيئية، وحقوق الأراضي/ واستخدام الأراضي والاشتباك بين القادة التقليديين والمسؤولين الحكوميين المدنيين. ولا يُعد أي من هذه العوامل جزءاً من تدريب عسكري نموذجي، ولكنها جميعاً تحتاج إلى اهتمام الجيش في نهاية المطاف. لقد بدأت الجيوش، والشرطة والهيئات الحكومية في إفريقيا تدرك على نحو متزايد أن التركيز على التهديدات الأمنية التقليدية غير كاف. وبدلاً من ذلك، عليهم أن يركزوا على الاحتياجات الأوسع للناس، وهو مفهوم يعرف بـ” التحول الأمني المتمحور حول السكان”. وهو يشمل كل شيء من تفشي الأمراض إلى تغير المناخ إلى حقوق الأراضي، والأمن الغذائي، والتعاون مع الجهات الأمنية غير الحكومية والزعماء التقليديين. قال إيبنزر أوكليتي تاي لاربي، نائب وزير دفاع غانا، “إن حقيقة الأمر أن الأمن الإنساني لا يقتصر فقط على التوسع في تعريف الأمن، وإنما على تعميق الفكرة. علينا أن نفكر بشكل نقدي في تحويل قطاعنا الأمني حتى يصبح وثيق الصلة بالسياق الذي يعمل فيه اليوم”. كان الأمن المتمحور حول السكان موضوع ندوة أكاديمية عُقدت في الفترة من 26-23 حزيران/ يونيو 2014، تحت رعاية القيادة الأمريكية لقارة إفريقيا بشراكة مع مركز كوفي عنان الدولي للتدريب على عمليات حفظ السلام في أكرا. وقد افتتح السفير فيليب كارتر الثالث، نائب قائد الإدارة المدنية – العسكرية في القيادة الأمريكية لقارة إفريقيا، الندوة بأن طلب من الحضور إعادة توجيه تركيزهم على الشواغل اليومية للناس الذين تعهدوا بحمايتهم. قال كارتر، “إن أغلبية ساحقة من الأفارقة يستشهدون بنضالهم اليومي بصفته شاغلهم الأمني الرئيسي. فعندما يعاني شخص ما في هدوء، من مصلحتنا جميعاً أن نحاول تقديم يد المساعدة. فأشكال هذا النضال اليومي تلحق ضرراً أكثر من كل النزاعات الحركية النشطة بدرجات كبيرة من التفاوت”. في الصفحات التالية، ترد أربعة مواضيع لم تكن تاريخياً جزءاً من التدريب الأمني، ولكنها مركزية بالنسبة للأمن المتمحور حول السكان. ومن الأرجح أن تزداد أهمية في السنوات المقبلة. ضابط حفظ سلام رواندي يصافح طفلاً أثناء دورية في غاو بمالي، كجزء من بعثة الأمم المتحدة المتكاملة المتعددة الأبعاد في مالي. بعثة الأمم المتحدة المتكاملة المتعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي الصحة رغم أن متوسط العمر المتوقع يتحسن عبر القارة ويجري القضاء على الأمراض الفتاكة، لا يزال هناك شوط طويل ينبغي قطعه. فلا تزال إفريقيا المنطقة الوحيدة في العالم التي تسبب فيها الأمراض المعدية والسريعة الانتشار أغلبية الوفيات. واندلاع فيروس إيبولا في غرب إفريقيا هو بمثابة تذكرة واقعية بأن السلالات القاتلة من الأمراض يمكن أن تظهر في أي لحظة. ولطالما أبدت القوات المسلحة اهتماماً كبيراً بمسائل الصحة العامة لأن تفشي الأمراض في صفوفها يؤثر على درجة استعدادها. كما تلعب القوات المسلحة دوراً حيوياً في الحفاظ على الحجر الصحي والنظام أثناء تفشي المرض. والواقع، أنه في الكثير من المخافر المعزولة، تكون العيادات الطبية العسكرية هي الوحيدة التي توفر الخدمات الطبية على طول مئات الكيلومترات. وفي أماكن عدة بالقارة، تلعب الجيوش الإفريقية أدواراً مبتكرة في تلبية الشواغل الصحية لمواطنيها. ففي زامبيا، اشتهر الجيش بدوره الرائد أثناء أزمة تفشي مرض نقص المناعة البشرية/ الإيدز في تسعينات القرن العشرين. وفي عام 1994، كانت زامبيا الأولى في القارة التي تطلق وحدة خاصة للإيدز أقامت ورش توعية للجنود والترويج لاستخدام الواقي الذكري، بمن فيهم المجندون والطلبة الجدد. وكانت النتيجة انخفاضاً مطرداً في معدل العدوى. وبمجرد توفر العقاقير المضادة للفيروس، ضربت قوة الدفاع الزامبية، مثلاً قوياً يُحتذى بإعادة الجنود المصابين بالفيروس إلى عملهم. وبيّن هذا لسائر الأمة أن الإصابة بالفيروس لا يعني حكماً بالإعدام. قالت العميد المتقاعدة جويس نغوانى بوتا من قوة الدفاع الزامبية، “في البداية، كان الجميع يفكر في أن هذه مسألة مدنية، وأنها تتعلق بالمنظمات غير الحكومية، ولا تتعلق بالقوات المسلحة، ولكن لم يمض وقت طويل قبل أن نشاهد الكثير من القوات وهي تفقد أفرادها. يمكن أن تكون لديك كتيبة، ولكن ربما كان ثلثها لا يصلح للقتال لأنهم إما في بيوتهم أو في المستشفى أو قادمون، ولكن لا يزالون لا يصلحون للعمل. ذلك عندما أفاق الكثير من القادة وبدأوا يعالجون القضية”. توسع الجيش في دوره. فأثناء تفشي الكوليرا، طُلب من قوة الدفاع الزامبية تطبيق الحجر الصحي ونقل الأدوية. وتعطي الحكومة الأدوية الأساسية لعيادات قوة الدفاع الزامبية العاملة في المناطق النائية، كما قامت القوة بقيادة حملات تطعيم في المناطق الريفية، وتهبط أحياناً بمروحيات لتطعيم مئات الأطفال في يوم واحد. قال بوتا، “يجب على كل قائد في القوة العسكرية أن يكون يقظاً واستراتيجياً. وأن يجري تحليلاً للتهديد. ولا يركز تحليل التهديد هذا على غزو مسلح وحسب، وإنما يجب أن يشمل البيئة كلها التي تجعل مكاناً ما آمناً ومأموناً”. جنود من قوة الدفاع الوطني لجنوب إفريقيا تم نشرهم في المستشفيات العمومية عام 2010 عندما أدى إضراب إلى نقص في عدد القائمين على تقديم الرعاية الصحية. الوكالة الأمريكية لحماية البيئة البيئة يعد خبراء الأمن في أنحاء العالم العُدة لتغير المناخ والنزاعات التي يمكن أن تترتب على ذلك. ومن المستحيل القول ما إذا كانت كارثة طبيعية معينة في بلد معين تتعلق ببيئة الاحترار، ولكن الناس الذين يدرسون الاتجاهات المناخية يجمعون على أن الفيضانات، والجفاف وحرائق الغابات باتت أكثر تواتراً وأكثر حدة. قال جيف أندروز، رئيس شعبة الأمن البيئي بالقيادة الأمريكية لقارة إفريقيا، إنه حتى التوقعات المعتدلة تشير إلى زيادة 1,3 درجة مئوية في الحرارة بحلول عام 2040، وإلى تأثير ندرة المياه على 1,7 مليار شخص حول العالم، وإلى هجرات جماعية للناس بعيداً عن المناطق الجافة، وإلى مزيد من الكوارث الطبيعية. ويتوقع البنك الدولي أن من المرجح أن تكون إفريقيا أول المناطق تأثراً بتغير المناخ وأكثرها تضرراً. قال أندروز، “إن تغير المناخ هو تهديد مضاعف. فلدينا بالفعل كل هذه القضايا، ولكن تغير المناخ لديه القدرة على جعل كل هذه القضايا أسوأ كثيراً”. وقد وصلت بالفعل الدلائل المبكرة للصراع بسبب التغير البيئي. ففي شرق إفريقيا، أثارت خطة إثيوبيا بناء سد النهضة على نهر النيل انتقادات حامية وتهديدات بالحرب من مصر، التي تتخوف من فقدان مصدرها الرئيسي للمياه. وفي وسط إفريقيا، بدأت المياه تتقلص منذ سنوات من بحيرة تشاد، مما أدى إلى هجرة الناس إلى المدن بعيداً عن القرى المجاورة للبحيرة. وقد تفضي هذه الهجرة إلى زيادة معدل الجريمة بل وتدفع الجماعات المتطرفة إلى تجنيد الشباب. وفي الأجزاء شبه القاحلة من الساحل، بدأ الرعاة يتحركون إلى مسافات أبعد بحثاً عن المراعي ويدخلون في صراع مع المزارعين. قال اندروز، “ستكون هناك نزاعات أكثر على المحاصيل، والأرض والموارد. وأكثر الناس عرضة للضرر هم أولئك الأكثر عرضة للخطر”. العميد المتقاعدة جويس نجوانى بوتا من قوة الدفاع الزامبية، الرئيسة السابقة للوحدة العسكرية الخاصة بمرض نقص المناعة البشرية/ الإيدز في زامبيا. أسرة أيه دي إف وسوف يُطلب من الجيوش الإفريقية أن تلعب دوراً. والعمل جار في مشاريع مثل الجدار الأخضر العظيم، الحاجز النباتي الذي يمر عبر القارة لمنع زحف الصحراء باتجاه الجنوب. وسوف يتطلب المشروع ملايين الساعات وملايين الأيدي، وسوف يُطلب من الجيوش تقديم يد المساعدة. وتلعب القوات المسلحة أيضاً أدواراً نشطة في إدارة الكوارث والاستجابة للكوارث. وهي توفر الموظفين لمراكز عمليات إدارة الطوارئ ذات التقنية العالية، ويُطلب من الكتائب الهندسية المساعدة في تحصين آليات الوقاية من الفيضانات وغيرها من الحواجز ضد غضب الطبيعة. حقوق الأراضي على مدى السنوات الـ 35 القادمة، يُتوقع أن يتضاعف سكان إفريقيا نتيجة زيادة سنوية 2 بالمائة في النمو السكاني وارتفاع متوسط عمر الفرد. وسوف يضغط النمو على الموارد الطبيعية المحدودة وتوفر الأراضي. وهذه الظاهرة جارية بالفعل فيما يهاجر الناس من المناطق الريفية إلى المراكز الحضرية. وأولئك الذين لا يستطيعون العثور على عمل غالباً ما يقطنون في الأحياء الفقيرة أو المساكن العشوائية مثل تلك السابق وصفها بمنطقة الفيضانات في غانا. كان الاتحاد الإفريقي قد أعلن أن هذا التوجه سوف يستمر على الأرجح. وكتب الاتحاد يقول في تقرير حول الهجرة، “إن التحضر في إفريقيا سوف يظل يتسم بالتطورات العشوائية حيث يعيش حالياً أكثر من 60 بالمائة من سكان الحضر. وهذه ظاهرة سوف تستمر في تفاقم عدم المساواة في الوصول إلى موارد التنمية في هذه المناطق؛ وهو عامل له بدوره تأثير مباشر على الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي”. قال الدكتور كيم أهورسو، الأستاذ بمركز ليجون للشؤون الدولية والدبلوماسية بجامعة غانا، إن العديد من الصراعات العنيفة في القارة التي يُنظر إليها من الخارج على أنها صراعات عرقية أو دينية، هي في الواقع نزاعات على الأراضي. وقال، “إنه يكون من الدنس على وجه الاطلاق التنازل عن الممتلكات العائلية في إفريقيا للغير. وكل شخص له جذوره؛ وكل شخص لديه موطن أصلي لأجداده”. ورغم أن حماية حقوق الأراضي ستظل حكراً على الدولة والنظام القضائي، فإن للجيش دوراً يلعبه في حماية الموارد الطبيعية. وهذا يشمل منع التعدين غير المشروع، وقطع الأشجار غير المشروع وسرقة النفط. كما تضمن الجيوش الإفريقية عدم إبادة الحيوانات عن طريق الصيد الجائر والصيد البحري غير المشروع”. رجل يستخلص أثاثاً من بيت دمره الفيضان في الخرطوم بالسودان في تموز/ يوليو 2014. تدعو عملية تحويل القطاع الأمني المتمحور حول السكان القوات المسلحة إلى لعب دور نشط في الاستعداد للكوارث والاستجابة لها. رويترز يعتقد أهورسو أنه فيما تصبح النزاعات على حقوق الأراضي أكثر شيوعاً، سيكون على قطاع الأمن والهيئات الحكومية أن تلعب دوراً على نفس القدر من الأهمية، ولكنه دور غير مألوف: الوسطاء. قال أهورسو إنه سيكون من الحكمة إشراك القادة العسكريين في أنظمة الإنذار المبكر التي ترصد دلائل الاضطرابات ليتواصلوا مع المجتمعات المحلية للحيلولة دون نشوب اشتباكات بين الطوائف قبل أن تتحول إلى العنف. كما يمكن أن يلعب القادة العسكريون دوراً في تحذير الدولة عندما تترك المستوطنات العشوائية السكان عرضة للكوارث الطبيعية. وأضاف، “أعتقد أن ما يستطيع الجيش أن يفعله هو أن يكون لديه قطاع أمني بشري، يُعفى من الواجبات العسكرية التقليدية ويتفرغ للتواصل مع المجتمعات المحلية”. الدولة التقليدية مقابل الدولة العصرية كما هو موضع في فيضانات غانا، لا يزال الزعماء التقليديون يتمتعون بتأثير كبير على تصرفات الناس في أجزاء كثيرة من إفريقيا. رجل يقيم في مجمع ماو فورست على بعد 200 كيلومتر جنوب غربي نيروبي بكينيا، يستعرض حجة ملكية لعقاره. اجتاحت المنطقة المستوطنات العشوائية وعمليات قطع الأشجار غير المشروعة. وتنذر النزاعات على حقوق الأراضي بأن تصبح مصدر توتر عبر إفريقيا لسنوات قادمة. رويترز قال الدكتور توماس جاي، نائب مدير الأبحاث في مركز كوفي عنان الدولي للتدريب على عمليات حفظ السلام، إن الزعماء التقليديين يمكن أن يكونوا حلفاء رئيسيين لقوات الأمن أو عقبات في طريق الأمن إذا لم يتم إشراكهم بشكل صحيح في عملية صنع القرار. فهؤلاء الشيوخ والحكماء يمثلون أنظمة الحكم التي سبقت الدول العصرية ولا يزال لهم أهمية حيوية في التوسط على نزاعات الأراضي، وتسوية القضايا الجنائية، والفصل في حقوق الميراث وغيرها من القضايا. قال جاي، “كلما بعدت عن العاصمة في معظم الدول الإفريقية، كلما تدرك أن أشياء مثل الأمن يجري التعامل معها أكثر وأكثر من قبل السلطات التقليدية”. وجدت دراسة أجريت عام 2008 على 40000 شخص في 15 دولة إفريقيا أن الزعماء التقليديين يلعبون دوراً “بارزاً” في تسوية النزاعات في أماكن نشاطهم. كما وجدت الدراسة، التي نشرتها منظمة أفرو بارومتر البحثية، أن الزعماء التقليديين يحظون بالاحترام أكثر من الزعماء المنتخبين، في رأي أولئك الذين شملهم الاستطلاع. مع أخذ ذلك في الاعتبار، حسب قول جاي، فمن من الأهمية القصوى بمكان أن تتواصل قوات الجيش والشرطة مع هذه الشخصيات. قال، “إن الدول تواجه تحديات أمنية معقدة، وسيكون على المؤسسات الأمنية في الدولة أن تبني شراكة مع هذه الشخصيات المحلية الفاعلة. واليوم يتحدث الجميع عن الشرطة التي تقودها الاستخبارات. لذلك، كيف يمكن تفعيل ذلك؟ تقوم ببناء شراكات على مختلف مستويات المجتمع. ويمكن أن يكون ذلك فعالاً للغاية، لأن هؤلاء الناس على المستويات المحلية، وكثير من الأشياء التي نتحدث عنها مثل الجريمة العابرة للحدود تحدث على المستوى المحلي”.