Africa Defense Forum
Africa Defense Forum

مركز جديد للعنف

انتقل‭ ‬التطرف‭ ‬في‭ ‬مالي‭ ‬إلى‭ ‬المنطقة‭ ‬الوسطى،حيث‭ ‬تستفيد‭ ‬جماعة‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬التوترات‭ ‬العرقية‭ ‬والثقافية

أسرة‭ ‬إيه‭ ‬دي‭ ‬اف
كانت مالي‭ ‬مرجلاً‭ ‬للعنف‭ ‬منذ‭ ‬أوائل‭ ‬عام‭ ‬2012،‭ ‬عندما‭ ‬فرض‭ ‬تمرد‭ ‬الطوارق‭ ‬والانقلاب‭ ‬العسكري‭ ‬على‭ ‬الأمة‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الفوضى‭ ‬المستمرة‭. ‬وأدت‭ ‬الاضطرابات‭ ‬التي‭ ‬بدأت‭ ‬في‭ ‬الشمال‭ ‬إلى‭ ‬تدخل‭ ‬القوات‭ ‬الفرنسية‭ ‬والتشادية،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬عملية‭ ‬ضخمة‭ ‬لحفظ‭ ‬السلام‭ ‬تابعة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬مستمرة‭ ‬حتى‭ ‬اليوم‭. ‬وعكست‭ ‬هذه‭ ‬القوات‭ ‬أو‭ ‬أوقفت‭ ‬تقدم‭ ‬المتمردين‭ ‬نحو‭ ‬المدن‭ ‬الرئيسية‭ ‬ونحو‭ ‬العاصمة‭ ‬باماكو‭.‬
مع‭ ‬ذلك،‭ ‬ومنذ‭ ‬عام‭ ‬2015،‭ ‬اشتد‭ ‬العنف‭ ‬وانتقل‭ ‬مركز‭ ‬ثقله‭ ‬إلى‭ ‬وسط‭ ‬مالي،‭ ‬وبشكل‭ ‬رئيسي‭ ‬في‭ ‬منطقتي‭ ‬موبتي‭ ‬وسيغو‭. ‬وتؤكد‭ ‬ورقة‭ ‬بحثية‭ ‬كتبتها‭ ‬الباحثة‭ ‬بولين‭ ‬لو‭ ‬رو‭ ‬لمركز‭ ‬إفريقيا‭ ‬للدراسات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭ ‬“مواجهة‭ ‬التهديد‭ ‬المتطرف‭ ‬في‭ ‬وسط‭ ‬مالي”،‭ ‬أن‭ ‬وسط‭ ‬مالي‭ ‬أصبح‭ ‬الآن‭ ‬المنطقة‭ ‬الأكثر‭ ‬خطورة‭ ‬في‭ ‬البلاد‭. ‬الأرقام‭ ‬مذهلة‭: ‬
قتل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬500‭ ‬مدني‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2018‭.‬
تشرد‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬60‭ ‬ألف‭ ‬شخص‭ ‬بسبب‭ ‬العنف‭.‬
يحتاج‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬972‭ ‬ألف‭ ‬شخص‭ ‬إلى‭ ‬المساعدة‭ ‬الإنسانية‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬موبتي‭ ‬وحدها‭.‬
حوّل المهاجمون المنازل إلى رماد وأنقاض في قرية الدوغون
المسماة سوباني دا، مالي، في حزيران/يونيو 2019. رويترز
لا‭ ‬تزال‭ ‬عدة‭ ‬جماعات‭ ‬مسلحة‭ ‬نشطة‭ ‬في‭ ‬مالي‭ ‬حتى‭ ‬بعد‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬الجهود‭ ‬الأمنية‭. ‬ظهرت‭ ‬بعض‭ ‬الجماعات‭ ‬الجديدة،‭ ‬وتغيرت‭ ‬جماعات‭ ‬أخرى‭ ‬واندمجت‭ ‬مع‭ ‬بضعها‭ ‬البعض‭. ‬فعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬فإن‭ ‬جماعة‭ ‬نصرة‭ ‬الإسلام‭ ‬والمسلمين‭ ‬هي‭ ‬تحالف‭ ‬مكون‭ ‬من‭ ‬خمس‭ ‬جماعات،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬جماعة‭ ‬أنصار‭ ‬الدين‭ ‬والمرابطون‭. ‬ولكن‭ ‬يتميز‭ ‬أحد‭ ‬أعضاء‭ ‬هذا‭ ‬التحالف‭ ‬عن‭ ‬غيره،‭ ‬وهو‭ ‬لاعب‭ ‬جديد‭ ‬نسبياً‭ ‬في‭ ‬مالي‭. ‬فخلافا‭ ‬للجماعات‭ ‬المرتبطة‭ ‬بتنظيم‭ ‬القاعدة،‭ ‬استفادت‭ ‬هذه‭ ‬الجماعة‭ ‬من‭ ‬الصراعات‭ ‬المحلية‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬استغلال‭ ‬التوترات‭ ‬العرقية‭. 
جبهة‭ ‬تحرير‭ ‬ماسينا‭ ‬—‭ ‬المعروفة‭ ‬أيضا‭ ‬باسم‭ ‬كتيبة‭ ‬ماسينا‭ ‬—‭ ‬هي‭ ‬الآن‭ ‬الجماعة‭ ‬الأكثر‭ ‬فتكا‭ ‬ونشاطا‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭. ‬وتوضح‭ ‬ورقة‭ ‬لو‭ ‬رو‭ ‬أن‭ ‬جبهة‭ ‬تحرير‭ ‬ماسينا‭ ‬شاركت‭ ‬في‭ ‬حوالي‭ ‬ثلثي‭ ‬كافة‭ ‬حوادث‭ ‬العنف‭ ‬التي‭ ‬وقعت‭ ‬في‭ ‬وسط‭ ‬مالي،‭ ‬وفي‭ ‬ثلث‭ ‬أحداث‭ ‬العنف‭ ‬التي‭ ‬وقعت‭ ‬على‭ ‬الصعيد‭ ‬الوطني‭. ‬
وترجع‭ ‬جذور‭ ‬رسالة‭ ‬جبهة‭ ‬تحرير‭ ‬ماسينا‭ ‬إلى‭ ‬مزيج‭ ‬من‭ ‬تاريخ‭ ‬وسط‭ ‬مالي،‭ ‬والمشهد‭ ‬العنيف‭ ‬المعاصر‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬والتوترات‭ ‬العرقية‭ ‬الكامنة‭ ‬وراءها‭. ‬
نهوض‭ ‬جبهة‭ ‬تحرير‭ ‬ماسينا‭ ‬
نشأت‭ ‬حركة‭ ‬تحرير‭ ‬ماسينا‭ ‬في‭ ‬أوائل‭ ‬عام‭ ‬2015‭ ‬وادعت‭ ‬أنها‭ ‬تريد‭ ‬إعادة‭ ‬إقامة‭ ‬إمبراطورية‭ ‬ماسينا،‭ ‬وهي‭ ‬دولة‭ ‬دينية‭ ‬جامدة‭ ‬معظمها‭ ‬من‭ ‬الفولانيين‭ ‬حكمت‭ ‬المنطقة‭ ‬من‭ ‬سيغو‭ ‬في‭ ‬الجنوب‭ ‬إلى‭ ‬تمبكتو‭ ‬في‭ ‬الشمال‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬1818‭ ‬إلى‭ ‬1863‭. ‬وكتبت‭ ‬لو‭ ‬رو،‭ ‬“لقد‭ ‬اعتمدت‭ ‬جبهة‭ ‬تحرير‭ ‬ماسينا‭ ‬على‭ ‬روايات‭ ‬حول‭ ‬هذه‭ ‬الإمبراطورية‭ ‬التاريخية‭ ‬لكسب‭ ‬التأييد‭ ‬الشعبي،‭ ‬ولكن‭ ‬الهدف‭ ‬الشامل‭ ‬لها‭ ‬كان‭ ‬يتمثل‭ ‬في‭ ‬الاستيلاء‭ ‬على‭ ‬الأراضي‭ ‬في‭ ‬وسط‭ ‬مالي‭ ‬وتولي‭ ‬السلطة‭ ‬هناك‭ ‬بدل‭ ‬الدولة‭ ‬في‭ ‬مالي”‭.‬
كما‭ ‬يدل‭ ‬عليه‭ ‬اسمها،‭ ‬تركز‭ ‬جبهة‭ ‬تحرير‭ ‬ماسينا‭ ‬على‭ ‬تجنيد‭ ‬أفراد‭ ‬من‭ ‬السكان‭ ‬الرعويين‭ ‬من‭ ‬مجموعة‭ ‬الفولاني‭ ‬العرقية‭ ‬لكنها‭ ‬لا‭ ‬تقتصر‭ ‬عليها‭. ‬ومع‭ ‬بدء‭ ‬الجهود‭ ‬العسكرية‭ ‬الرامية‭ ‬إلى‭ ‬إخراج‭ ‬المتشددين‭ ‬من‭ ‬الشمال‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2013،‭ ‬انتقل‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬أفراد‭ ‬الجبهة‭ ‬إلى‭ ‬الجزء‭ ‬الأوسط‭ ‬من‭ ‬البلاد‭. ‬ومع‭ ‬تصاعد‭ ‬العنف‭ ‬هناك،‭ ‬تراجعت‭ ‬الدولة،‭ ‬مما‭ ‬سمح‭ ‬للجبهة‭ ‬بالنمو‭ ‬والتوسع،‭ ‬وفقًا‭ ‬لمقال‭ ‬نُشر‭ ‬في‭ ‬نيسان‭/‬أبريل‭ ‬2019‭ ‬على‭ ‬موقع‭ ‬بروكر‭ ‬للباحثين‭ ‬ناتاسيا‭ ‬روبسينغي‭ ‬ومورتن‭ ‬بوس‭.‬
عندما‭ ‬انشئت‭ ‬الجبهة،‭ ‬كانت‭ ‬متحالفة‭ ‬بشكل‭ ‬وثيق‭ ‬مع‭ ‬جماعة‭ ‬الطوارق‭ ‬أنصار‭ ‬الدين‭ ‬وزعيمها‭ ‬إياد‭ ‬أج‭ ‬غالي‭. ‬تزعم‭ ‬جبهة‭ ‬تحرير‭ ‬ماسينا،‭ ‬أمادو‭ ‬كوفا،‭ ‬الواعظ‭ ‬الفولاني‭ ‬من‭ ‬موبتي‭ ‬الذي‭ ‬بدأ‭ ‬حياته‭ ‬كعازف،‭ ‬أو‭ ‬شاعر‭ ‬تقليدي،‭ ‬ولكنه‭ ‬تحول‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬لاحق‭ ‬إلى‭ ‬التطرف‭. ‬في‭ ‬عام‭ ‬2012،‭ ‬انضم‭ ‬إلى‭ ‬جماعة‭ ‬أنصار‭ ‬الدين،‭ ‬وفي‭ ‬كانون‭ ‬الثاني‭/‬يناير‭ ‬2013‭ ‬قاد‭ ‬هجوماً‭ ‬على‭ ‬مدينة‭ ‬كونا‭ ‬شمل‭ ‬جماعة‭ ‬الطوارق‭ ‬وتنظيم‭ ‬القاعدة‭ ‬في‭ ‬بلاد‭ ‬المغرب‭ ‬الإسلامي‭ ‬وجماعة‭ ‬التوحيد‭ ‬والجهاد‭ ‬في‭ ‬غرب‭ ‬أفريقيا،‭ ‬وذلك‭ ‬بحسب‭ ‬ما‭ ‬كتبت‭ ‬لو‭ ‬رو‭. (‬يُعتقد‭ ‬أن‭ ‬كوفا‭ ‬قد‭ ‬قُتل‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬القوات‭ ‬الفرنسية‭ ‬في‭ ‬تشرين‭ ‬الثاني‭/‬نوفمبر‭ ‬2018‭.)‬
واصل‭ ‬كوفا‭ ‬العمل‭ ‬مع‭ ‬جماعات‭ ‬مسلحة‭ ‬أخرى‭ ‬مثل‭ ‬جماعة‭ ‬التوحيد‭ ‬والجهاد‭ ‬في‭ ‬غرب‭ ‬أفريقيا‭ ‬والمرابطون‭. ‬ولم‭ ‬تقم‭ ‬الجبهة‭ ‬بشن‭ ‬هجماتها‭ ‬الأولى‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬أوائل‭ ‬عام‭ ‬2015،‭ ‬والتي‭ ‬كانت‭ ‬ضد‭ ‬أهداف‭ ‬عسكرية‭ ‬في‭ ‬قرى‭ ‬بولكسي‭ ‬ونامبالا‭ ‬وتينينكو‭. ‬ووفقا‭ ‬لما‭ ‬أوردته‭ ‬الكاتبة‭ ‬لو‭ ‬رو،‭ ‬قامت‭ ‬جبهة‭ ‬تحرير‭ ‬ماسينا‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬بسلسلة‭ ‬من‭ ‬الهجمات‭ ‬البارزة‭:‬
في‭ ‬آب‭/‬أغسطس‭ ‬2015،‭ ‬هاجمت‭ ‬الجماعة‭ ‬فندق‭ ‬بيبلوس‭ ‬في‭ ‬سيفاري‭ ‬مما‭ ‬أسفر‭ ‬عن‭ ‬مقتل‭ ‬13‭ ‬شخصا‭. ‬وكان‭ ‬من‭ ‬بينهم‭ ‬أربعة‭ ‬جنود‭ ‬ماليين‭ ‬وخمسة‭ ‬متعاقدين‭ ‬تابعين‭ ‬لبعثة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لحفظ‭ ‬السلام‭ ‬في‭ ‬مالي‭.‬
وفي‭ ‬تشرين‭ ‬الثاني‭/‬نوفمبر‭ ‬2015،‭ ‬أعلنت‭ ‬جبهة‭ ‬تحرير‭ ‬ماسينا‭ ‬مسؤوليتها‭ ‬عن‭ ‬الهجوم‭ ‬الدموي‭ ‬على‭ ‬فندق‭ ‬راديسون‭ ‬بلو‭ ‬في‭ ‬باماكو‭ ‬الذي‭ ‬أودى‭ ‬بحياة‭ ‬22‭ ‬شخصا‭. ‬وأعلنت‭ ‬جماعة‭ ‬المرابطون‭ ‬أيضا‭ ‬مسؤليتها‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬الهجوم‭.‬
كما‭ ‬هاجمت‭ ‬المجموعة‭ ‬المتمردة‭ ‬مقر‭ ‬قيادة‭ ‬القوة‭ ‬المشتركة‭ ‬لبلدان‭ ‬المجموعة‭ ‬الخماسية‭ ‬لمنطقة‭ ‬الساحل‭ ‬في‭ ‬سيفاريه‭ ‬باستخدام‭ ‬مزيج‭ ‬من‭ ‬السيارات‭ ‬المفخخة‭ ‬والأجهزة‭ ‬المتفجرة‭ ‬المرتجلة‭ ‬والهجمات‭ ‬الانتحارية‭ ‬في‭ ‬حزيران‭/‬يونيه‭ ‬2018‭. ‬ودفع‭ ‬الهجوم‭ ‬بالسلطات‭ ‬إلى‭ ‬نقل‭ ‬مقر‭ ‬القوة‭ ‬إلى‭ ‬عاصمة‭ ‬مالي،‭ ‬باماكو‭.‬
وكتبت‭ ‬لو‭ ‬رو،‭ ‬“بشكل‭ ‬إجمالي،‭ ‬من‭ ‬المرجح‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬جبهة‭ ‬تحرير‭ ‬ماسينا‭ ‬مسؤولة‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬عن‭ ‬وفاة‭ ‬المئات‭ ‬من‭ ‬الأفراد‭ ‬العسكريين‭ ‬الماليين”‭. ‬ويمكن‭ ‬أن‭ ‬يتراوح‭ ‬عدد‭ ‬أفرادها‭ ‬بين‭ ‬عدة‭ ‬مئات‭ ‬وعدة‭ ‬آلاف‭ ‬من،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬العدد‭ ‬يشمل‭ ‬المخبرين‭ ‬ومن‭ ‬يقدمون‭ ‬دعما‭ ‬آخر‭ ‬للجبهة‭. ‬وتسيطر‭ ‬الجماعة‭ ‬على‭ ‬عدة‭ ‬قرى‭ ‬في‭ ‬وسط‭ ‬مالي‭.‬
“غادر‭ ‬أو‭ ‬مت”
قامت‭ ‬جماعة‭ ‬كوفا‭ ‬ببناء‭ ‬قاعدة‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬القرى‭ ‬التي‭ ‬تسيطر‭ ‬عليها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الإكراه‭ ‬والخوف‭. ‬يوضح‭ ‬تقرير‭ ‬صادر‭ ‬في‭ ‬تشرين‭ ‬الثاني‭/‬نوفمبر‭ ‬2018‭ ‬عن‭ ‬الاتحاد‭ ‬الدولي‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬ورابطة‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬مالي‭ ‬أن‭ ‬جبهة‭ ‬تحرير‭ ‬ماسينا‭ ‬ليست‭ ‬مثل‭ ‬معظم‭ ‬الجماعات‭ ‬المتمردة‭ ‬المسلحة‭. ‬ويقول‭ ‬التقرير،‭ ‬“إنها‭ ‬ثورة‭ ‬اجتماعية‭ ‬في‭ ‬المقام‭ ‬الأول‭ ‬تتكون‭ ‬بشكل‭ ‬خاص‭ ‬من‭ ‬رعاة‭ ‬الفلاني‭ ‬الرحل،‭ ‬أو‭ ‬تريد‭ ‬أن‭ ‬نسقط‭ ‬نظاماً‭ ‬مفترساً‭ ‬راسخاً،‭ ‬ويحفزها‭ ‬واعظ‭ ‬مؤُثر‭ ‬من‭ ‬المنطقة”‭.‬
بدءًا‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬2015،‭ ‬قامت‭ ‬جبهة‭ ‬تحرير‭ ‬ماسينا‭ ‬بإعدام‭ ‬واختطاف‭ ‬مسؤولي‭ ‬الدولة،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬مسؤولي‭ ‬الدفاع،‭ ‬وموظفي‭ ‬المياه‭ ‬والغابات،‭ ‬ومسؤولي‭ ‬البلديات،‭ ‬والقضاة،‭ ‬والمعلمين‭ ‬وأي‭ ‬شخص‭ ‬يعتبر‭ ‬متعاونًا‭ ‬مع‭ ‬الحكومة‭. ‬والغرض‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬العمليات‭ ‬هو‭ ‬انسحاب‭ ‬موظفي‭ ‬الدولة‭ ‬كي‭ ‬تتمكن‭ ‬الجبهة‭ ‬من‭ ‬تولي‭ ‬المهام‭ ‬الأمنية‭ ‬والقضائية‭ ‬والتعليمية‭ ‬والاقتصادية‭. ‬بحلول‭ ‬نهاية‭ ‬العام‭ ‬الدراسي‭ ‬2018،‭ ‬كان‭ ‬قد‭ ‬تم‭ ‬إغلاق‭ ‬478‭ ‬مدرسة‭ ‬في‭ ‬موبتي‭ ‬وسيغو،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ثلثي‭ ‬جميع‭ ‬مدارس‭ ‬موبتي‭.‬
ومع‭ ‬خروج‭ ‬السلطات‭ ‬العسكرية‭ ‬والحكومية‭ ‬من‭ ‬القرى‭ ‬الواقعة‭ ‬في‭ ‬وسط‭ ‬مالي،‭ ‬فإن‭ ‬جبهة‭ ‬تحرير‭ ‬ماسينا‭ ‬تظل‭ ‬بلا‭ ‬معارض‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بقدرتها‭ ‬على‭ ‬تطبيق‭ ‬الشريعة‭ ‬الإسلامية،‭ ‬وتسوية‭ ‬النزاعات‭ ‬على‭ ‬الأراضي،‭ ‬ومعالجة‭ ‬النزاعات‭ ‬الجنائية‭ ‬والاجتماعية،‭ ‬وإدارة‭ ‬الموارد،‭ ‬وفرض‭ ‬الضرائب‭ ‬التي‭ ‬تسمى‭ ‬الزكاة‭. ‬ويفيد‭ ‬التقرير‭ ‬بأن‭ ‬المجموعة‭ ‬تسن‭ ‬قوانين‭ ‬دينية‭ ‬صارمة‭ ‬وتعطي‭ ‬من‭ ‬يعارضونها‭ ‬خياراً‭ ‬بسيطاً‭: ‬“غادر‭ ‬أو‭ ‬مت”
وقال‭ ‬أحد‭ ‬الشهود‭ ‬للمحققين،‭ ‬“يصلون‭ ‬إلى‭ ‬قرية‭ ‬ما‭ ‬ثم‭ ‬يجمعون‭ ‬الجميع‭ ‬في‭ ‬المسجد‭ ‬ويقولون‭ ‬لهم‭ ‬ما‭ ‬سيفعلونه”‭. ‬“يمهلون‭ ‬القرية‭ ‬إسبوعا‭ ‬لإتباع‭ ‬أوامرهم‭. ‬يمكن‭ ‬لأولئك‭ ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬يريدون‭ ‬اتباع‭ ‬أوامرهم‭ ‬المغادرة‭. ‬لكن‭ ‬يتم‭ ‬إعدام‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬يمتثلون‭ ‬لأوامرهم‭. ‬لقد‭ ‬قتلوا‭ ‬ثلاثة‭ ‬رجال‭ ‬في‭ ‬قريتي‭ ‬كانوا‭ ‬يتعاونون‭ ‬مع‭ ‬السلطات‭ ‬وفعلوا‭ ‬الشيء‭ ‬نفسه‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬القرى‭ ‬الأخرى‭ ‬في‭ ‬المنطقة”‭.‬
الصراعات‭ ‬العرقية‭ ‬تؤجج‭ ‬القتال
أدت‭ ‬تشكيلة‭ ‬أعضاء‭ ‬جبهة‭ ‬تحرير‭ ‬ماسينا‭ ‬التي‭ ‬يغلب‭ ‬عليها‭ ‬الفولانيون‭ ‬إلى‭ ‬اندلاع‭ ‬أعمال‭ ‬عنف‭ ‬طائفي‭ ‬في‭ ‬وسط‭ ‬مالي،‭ ‬مما‭ ‬عقّد‭ ‬المشهد‭ ‬الخطير‭ ‬أصلا‭. ‬وقد‭ ‬جندت‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬جبهة‭ ‬تحرير‭ ‬ماسينا‭ ‬وجماعة‭ ‬نصرة‭ ‬الاسلام‭ ‬والمسلمين‭ ‬عددا‭ ‬كبيرا‭ ‬من‭ ‬الرعاة‭ ‬من‭ ‬الفولانيين‭. ‬للكثير‭ ‬من‭ ‬العنف‭ ‬حاليا‭ ‬نكهة‭ ‬عرقية‭ ‬وثقافية‭ ‬تقاتل‭ ‬فيها‭ ‬مجموعة‭ ‬الفولانيين‭ ‬العرقية‭ ‬ضد‭ ‬مجموعتي‭ ‬بامبارا‭ ‬ودوغون‭ ‬العرقيتين،‭ ‬وكلاهما‭ ‬يتألف‭ ‬في‭ ‬الغالب‭ ‬من‭ ‬المزارعين‭. ‬
منذ‭ ‬عام‭ ‬2017،‭ ‬قتلت‭ ‬ميليشيات‭ ‬بامبارا‭ ‬ودوغون،‭ ‬التي‭ ‬تدعي‭ ‬أن‭ ‬أهدافها‭ ‬هي‭ ‬مقاتلة‭ ‬الجهاديين،‭ ‬المئات‭ ‬من‭ ‬الفولانيين،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬النساء‭ ‬والأطفال،‭ ‬مما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬عمليات‭ ‬قتل‭ ‬انتقامية‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الفولانيين،‭ ‬وفقًا‭ ‬لمقال‭ ‬نُشر‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬الإيكونوميست‭ ‬في‭ ‬3‭ ‬تموز‭/‬يوليو‭ ‬2019‭. ‬زكان‭ ‬ينطر‭ ‬إلى‭ ‬الجيش‭ ‬المالي‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬جيش‭ ‬يحابي‭ ‬شعبي‭ ‬دوغون‭ ‬وبامبارا،‭ ‬وهو‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬تأجيج‭ ‬الصراع‭. ‬
التعقيدات‭ ‬التي‭ ‬تنطوي‭ ‬عليها‭ ‬التحديات‭ ‬الأمنية‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬وسط‭ ‬مالي‭ ‬ترجع‭ ‬إلى‭ ‬عدة‭ ‬سنوات،‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬إلى‭ ‬فترة‭ ‬أطول‭. ‬تسبب‭ ‬التمرد‭ ‬الشمالي‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2012‭ ‬في‭ ‬قيام‭ ‬السلطات‭ ‬الوطنية‭ ‬بالتركيز‭ ‬على‭ ‬الشمال،‭ ‬مما‭ ‬ترك‭ ‬وسط‭ ‬البلاد‭ ‬عرضة‭ ‬للتوترات‭ ‬العرقية‭ ‬المتأججة‭. ‬انضم‭ ‬بعض‭ ‬الفولانيين‭ ‬إلى‭ ‬جماعات‭ ‬مثل‭ ‬أنصار‭ ‬الدين،‭ ‬وعندما‭ ‬بدأوا‭ ‬في‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬ديارهم‭ ‬بعد‭ ‬تدخل‭ ‬الفرنسيين‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2013،‭ ‬تبعهم‭ ‬الجيش‭ ‬وقام‭ ‬باضطهادهم،‭ ‬وفقًا‭ ‬لتقرير‭ ‬الجزيرة‭ ‬الصادر‭ ‬في‭ ‬حزيران‭/‬يونيو‭ ‬2019‭. ‬وفي‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬نال‭ ‬إنشاء‭ ‬جبهة‭ ‬تحرير‭ ‬ماسينا‭ ‬استحسان‭ ‬الفولانيين‭ ‬الذين‭ ‬شجبوا‭ ‬ما‭ ‬اعتبروه‭ ‬اضطهادا‭ ‬وفسادا‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الحكومة‭. ‬وأفادت‭ ‬مجلة‭ ‬الإيكونوميست‭ ‬أن‭ ‬القوات‭ ‬الحكومية‭ ‬انضمت‭ ‬إلى‭ ‬ميليشيات‭ ‬دوغون‭ ‬وبامبارا‭ ‬في‭ ‬دوريات‭ ‬ومنحتها‭ ‬معاملة‭ ‬خاصة‭ ‬عند‭ ‬نقاط‭ ‬التفتيش،‭ ‬وهي‭ ‬خطوة‭ ‬تزيد‭ ‬من‭ ‬تأجيج‭ ‬التوترات‭ ‬مع‭ ‬الفولانيين‭.‬
وكان‭ ‬هذا‭ ‬السخط‭ ‬سبباً‭ ‬في‭ ‬تغذية‭ ‬هجمات‭ ‬جبهة‭ ‬تحرير‭ ‬ماسينا‭ ‬على‭ ‬المواقع‭ ‬العسكرية‭ ‬والحكومية،‭ ‬وسردها‭ ‬الذي‭ ‬يدعو‭ ‬إلى‭ ‬إعادة‭ ‬ترسيخ‭ ‬الحكم‭ ‬الإسلامي‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬إمبراطورية‭ ‬ماسينا‭. ‬مع‭ ‬ذلك،‭ ‬رأت‭ ‬مجتمعات‭ ‬دوجون‭ ‬وبامبارا‭ ‬أن‭ ‬قيام‭ ‬الفولانيين‭ ‬بهذه‭ ‬الخطوة‭ ‬تشكل‭ ‬تهديدًا‭ ‬محتملًا‭ ‬وبدأوا‭ ‬في‭ ‬التحضير‭ ‬لحماية‭ ‬أنفسهم‭ ‬بأنفسهم،‭ ‬كما‭ ‬ذكرت‭ ‬الجزيرة‭. ‬وفي‭ ‬عام‭ ‬2016،‭ ‬شكل‭ ‬شعب‭ ‬دوغون‭ ‬مليشيا‭ ‬“دان‭ ‬نا‭ ‬أمباساجو”‭ ‬وهي‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬ميليشيات‭ ‬دوغون‭ ‬العرقية،‭ ‬لمكافحة‭ ‬التهديد‭ ‬المتصور‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الفولانيين،‭ ‬الذين‭ ‬ردوا‭ ‬بالمثل‭ ‬بميليشياتهم‭ ‬الخاصة‭.‬
أحرق المهاجمون المنازل وقتلوا الحيوانات، وقتلوا أكثر من 100 من الدوغون بتاريخ 9 حزيران /يونيو 2019، في الهجوم على قرية سوباني دا في وسط مالي. رويترز
وكتبت‭ ‬لو‭ ‬رو‭ ‬أن‭ ‬عدد‭ ‬الفولانيين‭ ‬من‭ ‬سكان‭ ‬مالي‭ ‬البالغ‭ ‬عددهم‭ ‬3‭ ‬ملايين‭ ‬الذين‭ ‬انضموا‭ ‬إلى‭ ‬جبهة‭ ‬تحرير‭ ‬ماسينا‭ ‬غير‭ ‬معروف‭. ‬ولكن‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬الجاذبية‭ ‬التي‭ ‬تتمتع‭ ‬بها‭ ‬الجماعة‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الفولانيين‭ ‬كانت‭ ‬سبباً‭ ‬في‭ ‬تأجيج‭ ‬التوترات‭ ‬التي‭ ‬طال‭ ‬أمدها‭ ‬بين‭ ‬مجتمعات‭ ‬الفولانيين‭ ‬والدوغون‭. ‬
في‭ ‬الآونة‭ ‬الأخيرة،‭ ‬تفجرت‭ ‬تلك‭ ‬التوترات‭ ‬وتحولت‭ ‬إلى‭ ‬هجمات‭ ‬كبيرة‭ ‬دمرت‭ ‬القرى‭ ‬وادت‭ ‬إلى‭ ‬مقتل‭ ‬المئات‭. ‬في‭ ‬9‭ ‬حزيران‭/‬يونيو‭ ‬2019،‭ ‬تم‭ ‬مهاجمة‭ ‬قرية‭ ‬سوباني‭ ‬دا،‭ ‬وهي‭ ‬قرية‭ ‬دوغون‭ ‬بالقرب‭ ‬من‭ ‬مدينة‭ ‬سانغا‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬موبتي،‭ ‬مما‭ ‬أسفر‭ ‬عن‭ ‬مقتل‭ ‬حوالي‭ ‬100‭ ‬شخص‭ ‬—‭ ‬ثلث‭ ‬سكان‭ ‬القرية،‭ ‬وفقا‭ ‬لهيئة‭ ‬الإذاعة‭ ‬البريطانية‭.‬
وقال‭ ‬احد‭ ‬الناجين،‭ ‬أمادو‭ ‬توغو،‭ ‬لوكالة‭ ‬الأنباء‭ ‬الفرنسية‭: ‬“وصل‭ ‬حوالي‭ ‬50‭ ‬رجلا‭ ‬مدججين‭ ‬بالسلاح‭ ‬على‭ ‬دراجات‭ ‬نارية‭ ‬وسيارات‭ ‬بيك‭ ‬آب”‭. ‬“قاموا‭ ‬اولاً‭ ‬بمحاصرة‭ ‬القرية‭ ‬ثم‭ ‬هاجموها،‭ ‬وقتل‭ ‬أي‭ ‬شخص‭ ‬حاول‭ ‬الهرب‭. ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬رحمة‭ ‬أحد،‭ ‬لا‭ ‬النساء‭ ‬ولا‭ ‬الأطفال‭ ‬ولا‭ ‬المسنين”‭.‬
لم‭ ‬تعلن‭ ‬أي‭ ‬مجموعة‭ ‬مسؤوليتها‭ ‬عن‭ ‬الهجوم‭ ‬على‭ ‬الفور،‭ ‬ولكنه‭ ‬جاء‭ ‬بعد‭ ‬هجوم‭ ‬تم‭ ‬في‭ ‬أذار‭/‬مارس‭ ‬2019‭ ‬قتل‭ ‬فيه‭ ‬مسلحون‭ ‬يرتدون‭ ‬ملابس‭ ‬دوغون‭ ‬التقليدية‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬130‭ ‬قروي‭ ‬فولاني‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬المنطقة،‭ ‬كما‭ ‬ذكرت‭ ‬هيئة‭ ‬الإذاعة‭ ‬البريطانية‭.‬
منذ‭ ‬صعود‭ ‬جبهة‭ ‬تحرير‭ ‬ماسينا‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2015،‭ ‬تم‭ ‬اتهام‭ ‬المجموعة‭ ‬باستهداف‭ ‬الدوغون،‭ ‬خاصة‭ ‬ردا‭ ‬على‭ ‬الهجمات‭ ‬على‭ ‬الفولانيين،‭ ‬كما‭ ‬كتبت‭ ‬لو‭ ‬رو‭.‬‭ ‬ربما‭ ‬عانى‭ ‬الفولانيون‭ ‬من‭ ‬أكبر‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الوفيات‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الهجمات‭.‬
في‭ ‬عام‭ ‬2017،‭ ‬بدأت‭ ‬مالي‭ ‬عملية‭ ‬دامبي‭ ‬لوقف‭ ‬الإرهاب،‭ ‬واستعادة‭ ‬السيطرة‭ ‬العسكرية‭ ‬والحكومية،‭ ‬والمساعدة‭ ‬في‭ ‬إعادة‭ ‬بناء‭ ‬الحياة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والاقتصادية‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬أفاد‭ ‬الاتحاد‭ ‬الدولي‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬أن‭ ‬الجيش‭ ‬أعدم‭ ‬67‭ ‬شخصًا‭ ‬خلال‭ ‬ست‭ ‬عمليات‭ ‬في‭ ‬ست‭ ‬قرى‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2018‭ ‬خلال‭ ‬عملية‭ ‬دامبي‭. ‬وأطلق‭ ‬عليها‭ ‬التقرير‭ ‬اسم“قافلة‭ ‬الموت”‭ ‬التي‭ ‬أسفرت‭ ‬عن‭ ‬ست‭ ‬مقابر‭ ‬جماعية‭. ‬وتعرض‭ ‬بعض‭ ‬المحتجزين‭ ‬للتعذيب‭ ‬ولكن‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬قتلهم‭.‬
وأسفرت‭ ‬هذه‭ ‬الأعمال‭ ‬عن‭ ‬وصم‭ ‬الفولانيين‭ ‬بالإرهاب،‭ ‬وفقدان‭ ‬شرعية‭ ‬الدولة،‭ ‬وفقدان‭ ‬ثقة‭ ‬السكان‭ ‬المحليين‭ ‬بالدولة‭. ‬ويقول‭ ‬التقرير،“من‭ ‬خلال‭ ‬مضاعفة‭ ‬الانتهاكات،‭ ‬دفعت‭ ‬عناصر‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة‭ ‬المالية‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬للانضمام‭ ‬إلى‭ ‬صفوف‭ ‬الجهاديين‭ ‬أو‭ ‬الميليشيات‭ ‬المجتمعية‭ ‬لضمان‭ ‬قدرتهم‭ ‬على‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬أنفسهم‭ ‬وأمنهم”‭.‬
سبل‭ ‬المضي‭ ‬قدماً
وبالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬جهود‭ ‬الحكومة‭ ‬لمكافحة‭ ‬الإرهاب‭ ‬مثل‭ ‬عملية‭ ‬دامبي‭ ‬وعمل‭ ‬بعثة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬المتكاملة‭ ‬المتعدة‭ ‬الأبعاد‭ ‬لتحقيق‭ ‬الاستقرار‭ ‬في‭ ‬مالي،‭ ‬والقوة‭ ‬المشتركة‭ ‬لبلدان‭ ‬المجموعة‭ ‬الخماسية‭ ‬لمنطقة‭ ‬الساحل،‭ ‬سيلزم‭ ‬عمل‭ ‬المزيد‭ ‬لإعادة‭ ‬السلام‭ ‬إلى‭ ‬وسط‭ ‬مالي‭.‬
في‭ ‬أواخر‭ ‬عام‭ ‬2018،‭ ‬أطلقت‭ ‬مالي‭ ‬خطة‭ ‬لنزع‭ ‬السلاح‭ ‬والتسريح‭ ‬وإعادة‭ ‬الإدماج‭ ‬للجماعات‭ ‬في‭ ‬وسط‭ ‬مالي‭ ‬التي‭ ‬تستهدف‭ ‬المقاتلين‭ ‬الشباب‭ ‬هناك‭. ‬كتبت‭ ‬لو‭ ‬رو‭ ‬أنه‭ ‬سيتعين‭ ‬على‭ ‬مالي‭ ‬زيادة‭ ‬الرقابة‭ ‬بشأن‭ ‬كيفية‭ ‬تفاعل‭ ‬الجيش‭ ‬مع‭ ‬السكان‭ ‬المحليين‭. ‬يجب‭ ‬التحقيق‭ ‬بشكل‭ ‬كامل‭ ‬في‭ ‬ادعاءات‭ ‬سوء‭ ‬المعاملة‭ ‬على‭ ‬أيدي‭ ‬قوات‭ ‬الأمن‭ ‬ومعالجتها‭ ‬علنًا‭ ‬لاستعادة‭ ‬ثقة‭ ‬الجمهور‭.‬
توفير‭ ‬الأمن‭ ‬وحده‭ ‬لا‭ ‬يكفي‭. ‬ويجب‭ ‬أيضاً‭ ‬إعطاء‭ ‬الأولوية‭ ‬لإعادة‭ ‬الخدمات‭ ‬العامة‭ ‬وتوفير‭ ‬التعليم‭ ‬للشباب‭. ‬وأخيراً،‭ ‬كتبت‭ ‬لو‭ ‬رو،‭ ‬بانه‭ ‬سيتعين‭ ‬على‭ ‬المسؤولين‭ ‬الرد‭ ‬على‭ ‬رسائل‭ ‬جبهة‭ ‬تحرير‭ ‬ماسينا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬القنوات‭ ‬الشخصية‭ ‬والإذاعية‭ ‬وقنوات‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭. ‬
ويتفق‭ ‬الباحثان‭ ‬روبسينغ‭ ‬وبوس‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬الطرح‭. ‬من‭ ‬“الأهمية‭ ‬بمكان‭ ‬استعادة‭ ‬الثقة‭ ‬بين‭ ‬المجتمعات‭ ‬المحلية‭ ‬والدولة‭ ‬في‭ ‬وسط‭ ‬مالي‭: ‬وهذا‭ ‬يعني‭ ‬تزويد‭ ‬جميع‭ ‬الفئات‭ ‬الضعيفة‭ ‬بالضمانات‭ ‬الأمنية،‭ ‬وحمايتهم‭ ‬من‭ ‬الهجمات،‭ ‬وضمان‭ ‬شفافية‭ ‬العدالة،‭ ‬ومساءلة‭ ‬الضحايا‭. ‬كما‭ ‬سيتعين‭ ‬أن‭ ‬تتضمن‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬تدابير‭ ‬لأجل‭ ‬أطول،‭ ‬مثل‭ ‬ضمان‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬الخدمات‭ ‬الأساسية،‭ ‬والعدالة‭ ‬المنصفة،‭ ‬والتنمية،‭ ‬والتعليم‭. ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬يحتل‭ ‬منع‭ ‬نشوب‭ ‬الصراعات‭ ‬مركز‭ ‬الصدارة”‭.   

التعليقات مغلقة.